التهراوي يعلن إطلاق الأشغال التحضيرية لتعميم المجموعات الصحية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    في آخر مباريات الدور الأول .. السودان يرصد فوزه الثاني تواليا وصراع إيفواري – كاميروني على الصدارة    وسائل الإعلام الهولندية تشيد بالتأهل المغربي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    الحوادث تحصد 15 قتيلا في أسبوع    كان المغرب 2025 : تشيكينيو كوندي يدعو إلى الهدوء والانضباط قبل مواجهة الكاميرون    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري تعلن افتتاح الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط    تخفيضات في أسعار المحروقات بالمغرب قبيل دخول السنة الميلادية الجديدة    الأطالس تجذب القر اء بتركيزها على جمالية الخرائط ومحتواها التعليمي    مدرب بوركينا فاسو: عازمون على خوض مواجهة السودان بروح جماعية عالية    الإمارات تنهي قوات متبقية باليمن    باحثون فلسطينيون ومغاربة يقاربون الأبعاد الروحية والإنسانية لأوقاف أهل المغرب في القدس    21 فنانا مغربيا يعرضون مشاعرهم وذاكرتهم في «ذبذبات داخلية» بالدار البيضاء    الكان 2025 .. الصحافة الإسبانية تشيد بالأداء الرفيع لأسود الأطلس    ميتا تستحوذ على أداة الذكاء الاصطناعي مانوس المطورة في الصين    المحكمة تقضي بالحبس 10 أشهر ضد الستريمر إلياس المالكي    من أشقاء إلى خصوم.. محطات رئيسية في العلاقات السعودية الإماراتية    تسجيل ما مجموعه 1770 مليون متر مكعب من الواردات المائية منذ فاتح شتنبر 2025    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية    أوغندا تتحدى نيجيريا في ملعب فاس    احتفالات بفوز المغرب على زامبيا تتحول إلى عنف في مدينة "ليل" الفرنسية    أثمان الصناعات التحويلية تزيد في نونبر        نقد أطروحة عبد الصمد بلكبير    النسوية: بدايات وتطورات وآفاق    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    تقرير للبنك الدولي: المغرب يتفوق على المعدلات العالمية في مناخ الأعمال    عليوي: الحركة الشعبية أصبحت "حزبا شخصيا" لأوزين.. والمجلس الوطني ك"سوق بلا أسوار"    إحداث أزيد من 35 ألف مقاولة بشكل رقمي    المعاملات الآسيوية تقلص خسائر الفضة    تأسيس المكتب المحلي للأطر المساعدة بمدينة سلا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن أفضل 20 دولة عالميا في مؤشر الحرية المالية    ثلاث نقابات بوزارة التجهيز ترفض "تجميد" النظام الأساسي بدعوى الأولويات    لجنة العدل تشرع في مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    ثلاثة قتلى.. حصيلة فيضانات جنوب إسبانيا    رسالة تهنئة من السفيرة الصينية يو جينسونغ إلى المغاربة بمناسبة عام 2026    "أجواء أكادير" تفرح الكرة المصرية    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات    حقيقة تعرض سجينة للتعذيب والاعتداء بسجن عين السبع 1    دفاع مستشار عمدة طنجة يطلب مهلة    أبو عبيدة.. رحيل ملثم أرّق إسرائيل طوال عقدين    ترامب يعلن إحراز "تقدم كبير" في سبيل إنهاء الحرب بأوكرانيا    الصين تطلق مناورات عسكرية وتايوان ترد بالمثل    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أُمّة شبح..
نشر في المساء يوم 13 - 07 - 2014

في كل رمضان أو كل عيد، أو في كل مناسبة، نتوقع أن تكون سعيدة، تنشب فجأة حرب بلا مقدمات، فتمتلئ شاشات التلفزيون بالدماء والنواح والجثث، ونمتلئ نحن غما وألما أو، ربما، لا نهتم.
هذه المرة.. ومرة أخرى.. حرب جديدة على غزة، وغزة تعني فلسطين، لكننا لم نعد نهتم كثيرا بما يجري هناك. لقد تعودنا على رؤية الدماء والجثث والمنازل المهدمة فوق رؤوس أصحابها، لذلك لا نفعل أكثر من إمساك جهاز «التيليكوموند» والبحث عن قناة أخرى قد نجد فيها تسلية أفضل ودماء أقل.
عادة ما تقع الحرب على غزة في رمضان، فنرى عناوين الأخبار في كل مكان تقول «غزة تحت النار»، بينما نحن لا نأبه لأننا نرزح تحت موائد الإفطار ونرتب موائد الرحمن.
في غزة يحدث الشيء نفسه تقريبا.. يموت إسرائيلي أو بضعة إسرائيليين ثم يموت فورا آلاف الفلسطينيين. العالم لا يأبه إطلاقا لهذا الاختلال الكبير في الميزان، فهناك قوانين من أجل البشرية جمعاء، وهناك قوانين أخرى تهم إسرائيل فقط.
تحرك إسرائيل طائراتها المجنونة فتقصف كل شيء في غزة، تقصف المستشفيات لأنها تضم جرحى المقاومة، وتقصف سيارات الإسعاف لأنها تنقل الأسلحة والمقاومين، وتقصف المساجد لأنها مخابئ للمقاومين، وتقصف الأحياء السكنية لأنها ملجأ المقاومة؛ ثم يقول مسؤولو إسرائيل إن حربهم انتقائية، ربما تكون انتقائية فعلا لأن إسرائيل تستثني المقابر من القصف لأن بها أمواتا فقط. في زمن بعيد، قالت غولدا مايير، أحد قادة إنشاء كيان إسرائيل، إن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت، وهذه سياسة لم تكن إسرائيل أول من طبقها، فقد طبقتها من قبل بلدان وأمم أخرى، وأفضل من طبقها الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرت أن الهندي الجيد هو الهندي الميت، لذلك أبادت ذلك الشعب عن بكرة أبيه.
لهذا السبب تجد إسرائيل أمريكا دائما إلى جانبها، فهذا البلد القوي جرب الإبادة ويعرف طرقها ووسائلها، لذلك ستبقى الولايات المتحدة حليفا أبديا ودائما وسرمديا لإسرائيل.. فالقتلة إما أن يكونوا معا أو لا يكونوا أبدا. في كل حرب جديدة على غزة، تعودنا على مشاهد تتكرر باستمرار. تعودنا أن نرى الأكفان الصغيرة أكثر بكثير من الأكفان الكبيرة.. فإسرائيل مهووسة بقتل الأطفال، إنها تخاف المستقبل أكثر مما تخاف الحاضر.. إنها تقتل اليوم أولئك الذين تتوقع أن يحاربوها غدا.. إنها تقتل براءة البشرية لأن إسرائيل ولدت من قلب مؤامرة ضد البشرية. هكذا نرى، يوميا، الآباء يحملون نعوش أطفالهم نحو قبورهم الصغيرة، بينما العالم لا يأبه.. لا يأبه على الإطلاق، فالأطفال أنواع، هناك أطفال الغرب المقدسين، وهناك أطفال فلسطين المكدسين على أبواب المدافن والمستباحة دماؤهم في كل وقت وحين.
في كل حرب على غزة، نرى الدماء والأشلاء في الجانب الفلسطيني، بينما لا نرى أكثر من صفارات الإنذار وشوارع فسيحة وأنيقة في الجانب الإسرائيلي، ومع ذلك فإن الفلسطينيين هم رعاة الإرهاب وسادة الرعب لأنهم عاندوا كثيرا ولا يريدون أن يفنوا سريعا.
في كل حرب على غزة، تقتل إسرائيل المئات من النساء والأطفال، فيغضب قادة العالم ويتصلون بقادة إسرائيل ويقولون لهم: حرام عليكم.. عدد القتلى قليل.. اُقتلوا المزيد ونحن دائما مع أمن إسرائيل.
في كل حرب على غزة، نرى دموع النساء اللواتي يبكين كل شيء.. يبكين دماء الأقارب المهدورة، ودماء الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، ودمار المنازل والأعشاش، لكنهن يبكين ما هو أكثر.. يبكين خذلان وهوان العرب، يبكين حمق العرب ومذلة العرب الأعراب الذين باعوا أنفسهم من زمان في أسواق النخاسة.
لكن الواقع المر هو أن أي كلام حول العرب والعروبة هو ثرثرة بلا معنى، فالعروبة حكاية انتهت من زمان، ولا يوجد أحمق يتوقع أن يقوم العرب ببادرة لحماية الفلسطينيين، بل كل ما نرجوه هو ألا يتواطأ العرب على الفلسطينيين أكثر وأكثر. العرب يعطون الأموال الكثيرة للولايات المتحدة الأمريكية، وأمريكا تحولها إلى إسرائيل، وإسرائيل تحولها إلى العرب.. على شكل بارود ساخن.
في كل حرب إسرائيلية على غزة، نرى النفاق العظيم في كل مكان.. نرى مئات الدعاة يزدحمون على الفضائيات وهم يطلقون الفتاوى من كل نوع، ولا أحد منهم يقول لحاكم عربي أنت مجرد رعديد جبان. نرى المئات من رجال الدين يتشاتمون ويتنابزون بالألقاب ولا أحد منهم يملك ربع رجولة لكي يقول لمسؤول عربي «أنت مجرد دمية في يد من صنعوك». نرى مئات الدعاة يكفرون بعضهم بعضا ولا أحد منهم وُلد رجلا لكي يقول لحاكمه ربع كلمة حق.
في كل حرب جديدة على غزة، نكتشف أن أمة العرب أكبر أمة شبح على وجه الأرض، ومع ذلك يقول البعض إن الأشباح مجرد خرافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.