زعماء الأحزاب يشيدون بالمقاربة التشاركية لجلالة الملك في تحيين مبادرة الحكم الذاتي    الطالبي العلمي يجري مباحثات مع وزير الشؤون الخارجية السنغالي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    الفريق الاشتراكي: الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء ليس مجرد موقف شكلي بل تتويج لمسار دبلوماسي    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    مئات المغاربة يجوبون شوارع باريس احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعباني: إذكاء الإحساس بالظلم والحكرة تحكم في احتجاج المغاربة على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء
قال إن القدرة الشرائية للمغاربة بدأت تتهاوى بفعل الزيادات والنقابات تحاول استغلال ذلك لمآرب سياسية
نشر في المساء يوم 27 - 10 - 2014

في هذا الحوار يتوقف علي الشعباني، عالم الاجتماع، عند الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها الكثير من مناطق المغرب، بسبب ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، معتبرا أن الإحساس ب«الحكرة» كان وراء خروج المغاربة إلى الشارع، وهو الشعور الذي يتغذى، حسب الشعباني دائما، بتدني الخدمات الصحية وارتفاع تكاليف التمدرس وغلاء المواد الأساسية. ويؤكد الشعباني أنه بالرغم من أن الحركات الاحتجاجية الحالية تتسم بالعشوائية إلا أنها تحمل رسائل واضحة بأن «صبر المغاربة قد نفد»، وأن قدرتهم الشرائية بدأت تؤثر على ما وصفه ب«الحالة المستورة» كما هو متداول عند المغاربة.
- خرجت مؤخرا احتجاجات في أنحاء مختلفة من المغرب تنديدا بارتفاع فواتير الماء والكهرباء، هل يمكن الحديث عن ظهور بوادر لنهاية السلم الاجتماعي بالمغرب؟
بوادر نهاية السلم الاجتماعي بالمغرب بدأت تظهر منذ زمن وليست وليدة الآن، لكن الموضوع الذي أثرته نستطيع النظر إليه من زوايا متعددة يتداخل فيها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فصحيح أن المواطن المغربي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة ويمر بأزمات كثيرة لكنها ليست ظرفية تزامنت مع تولي الحكومة الحالية تدبير الشأن العام، إنما يتعلق الأمر بظروف بنيوية متوارثة من الحكومات السابقة ابتداء من بداية تطبيق سياسة التقويم الهيكلي سنة 1983، ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن نلقي المسؤولية على الحكومة الحالية بكونها هي من أدت إلى هذه الوضعية. لقد أصبح المواطن يحس بالظلم وبالحكرة بسبب السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد قدرته الشرائية، ومع توالي الأيام تنامت هاته العقدة، ولذلك فمن البديهي جدا أن يفضي هذا الشعور بالغبن إلى نشوء احتجاجات اجتماعية، ولا أدل على ذلك المظاهرات المتفرقة التي قادها مواطنون عاديون في مدن كثيرة من المغرب، بيد أنه لابد من أن نسجل أن الحركة النقابية تتعاطى مع الاحتجاجات الشعبية بخلفيات سياسية، إذ كانت هذه الحركة خامدة أثناء حكومة التناوب الأولى التي قادها عبد الرحمان اليوسفي، بينما تشهد في الوقت الراهن دينامية غير مسبوقة.
- بالنسبة للاحتجاجات المرتبطة بارتفاع الماء والكهرباء، كيف تقيم هذه الاحتجاجات؟ وهل أصبح المواطن المغربي غير قادر على تحمل الزيادات التي طالت الكثير من القطاعات؟
تعرفون جيدا أن المكتب الوطني للماء والكهرباء عرف اختلاسات واختلالات كبيرة جعلت الحكومة تتدخل لإنقاذه من وضعية الإفلاس، لكن الحكومة تريد أن تقوم بإصلاح المكتب على حساب جيوب المواطنين الذين أنهكتهم الزيادات المتتالية، وهذا تقدير خاطئ للإصلاح لأنه لم يأخذ في الحسبان الانعكاسات التي يمكن أن تنتج عنها وفي مقدمتها إذكاء الشعور بالحكرة والظلم.
- قلت إن الشعور بالحكرة لدى المواطن المغربي تنامى كثيرا، هل نفهم من كلامك أن الارتفاع الصاروخي لفواتير الماء والكهرباء ساهم في تغذية هذا الشعور؟
الشعور بالحكرة شعور يتغذى مع الأيام ويزداد حدة مع كل مس بالقدرة الشرائية للمواطنين، ويجب أن نؤكد في هذا الصدد أن نسبة الارتفاع لم تكن قليلة بل تضاعفت بشكل مهول، إذ سجلت زيادات بأربعة أضعاف من الفواتير السابقة، الأمر الذي بات يشكل خطرا حقيقيا على القدرة الشرائية للمواطن العادي. وأتصور أن هذه الاحتجاجات لن تتوقف في الأيام القليلة المقبلة، لأن الأمر يتعلق بزيادات تمس القدرة الشرائية للمواطن العادي. والإحساس بالظلم لدى المواطن المغربي نابع من عوامل عديدة منها تدني الخدمات الصحية وغلاء المواد الأساسية وارتفاع تكاليف تدريس الأبناء، وحينما تتضافر كل هذه العوامل ثم تنضاف زيادات أخرى تؤثر على القدرة الشرائية من الطبيعي جدا أن ينزل المواطنون إلى الشارع، ففي الوقت الذي كان يعيش فيه المواطن ما نسميه ب«الحالة المستورة»، أصبحت وضعيته الاقتصادية متضعضعة وبالتالي فإن ل«الصبر حدود»، وقطرة ماء تفيض الإناء.
-عودة تنسيقيات مناهضة الغلاء للاحتجاج على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء هل ستشكل مقدمة لسلسلة من الاحتجاجات الأخرى؟
في علم النفس الاجتماعي هناك قاعدة معروفة مؤداها أنه حينما يشرع فقط مشجعان في ملعب لكرة القدم بالتصفيق يتبعهما جميع المشجعين، وكما هو معروف، أيضا، فإن النار التي تحرق المدينة تنطلق من شرارة صغيرة، أي أن الاحتجاجات قد تمتد إلى قطاعات أخرى إذا عرفت أي زيادات جديدة. وأرى أن احتجاج المواطنين على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء يمثل إشارة قوية للمسؤولين عن تدبير الشأن العام لمراجعة سياستهم الاجتماعية والاقتصادية.
- هل يمكن الحديث عن تحول في مسار الحركات الاحتجاجية بالمغرب أمام موجة الغضب التي عبرت عنها فئات واسعة من الشعب المغربي؟
الحركة الاحتجاجية في المغرب تتسم بالعشوائية وعدم التنظيم، والنقابات تسعى، دائما، إلى استغلال هذه الحركات العشوائية من أجل تحقيق مآرب سياسية في غالب الأحيان لأنها تدرك مسبقا أنها ليس بمقدورها أن تؤثر في الطبقات الاجتماعية، ولذلك لا يبقى أمامها سوى استغلال هذه الحركات العشوائية لتركب عليها في الأخير. ونحن نعرف أن لهذه النقابات تاريخ في التواطؤ مع الحكومات المتعاقبة ضد المطالب الشعبية.
- رغم أن هذه الاحتجاجات مؤطرة من طرف تنسيقيات مناهضة الغلاء تبقى عشوائية في تقديرك؟
بطبيعة الحال، فالتأطير والتنظيم له شروطه، وأؤكد مرة أخرى أنه ليست هناك حركة احتجاجية في المغرب مؤطرة ومنظمة بالمفهوم الدقيق، ومهما كانت هذه الاحتجاجات فإنها لن تصل إلى ما وصلت إليه حركة عشرين فبراير. مع ذلك، أرى أن هذه الحركات الاحتجاجية التي بدأت تظهر الآن بسبب الزيادات التي طالت فواتير الماء والكهرباء تعطي الانطباع بأن المواطن المغربي لم يعد قادرا على التحمل أكثر وأن القدرة الشرائية للمغاربة بدأت تتهاوى، وعلى الجميع أن يلتقط هذه الإشارة القوية.
الشيكر: هذه الزيادات ستنعكس على الأسعار وتؤدي إلى توسيع القطاع غير المهيكل
المهدي السجاري
موجة جديدة من الزيادات في الأسعار تنتظر الشارع المغربي في حال موافقة المؤسسة التشريعية على مشروع قانون المالية 2015 في صيغته الحالية، والتي جاءت بزيادات في الضريبة على القيمة المضافة، في الوقت الذي اكتوت فيه الطبقتان الفقيرة والمتوسطة بالزيادات في أسعار الماء والكهرباء، وقرار المقايسة على المواد النفطية.
مشروع قانون المالية جاء بزيادات في القيمة المضافة ليبقي فقط على نسبتي 10 في المائة و20 في المائة. وهكذا يقترح المشروع الحكومي رفع الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للماء الصالح للشرب (من 7 إلى 10 في المائة)، والكهرباء (من 14 إلى 20 في المائة)، والشاي (من 10 إلى 20 في المائة)، والمعجنات (من 10 إلى 20 في المائة)، والأرز المصنع (من 10 إلى 20 في المائة)، الطرق السيارة (من 10 إلى 20 في المائة).
هذه الزيادات ينتظر أن تلهب أسعار المواد الأكثر استهلاكا بين المغاربة، وعلى رأسها الشاي، وإن كانت تحليلات عدد من الأصوات داخل الأغلبية تؤكد أن هذه الزيادات لن تتجاوز بضعة سنتيمات، وأن مكونات الأغلبية ستعمل على إدخال تعديلات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
ويبدو من خلال مشروع قانون المالية أن الحكومة مصممة على الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة، رغم الزوبعة التي أثيرت السنة الماضية بشأن موضوع الضريبة على القيمة المضافة، بعدما جاءت الحكومة بمقترح يستهدف زيادات بالنسبة للشاي والسكر والدهون الغذائية وعدد من المواد.
الزيادات في الضريبة على القيمة المضافة هذه السنة ستشمل أيضا العقار، حيث تقرر ضمن مشروع قانون المالية، التنصيص على 10 في المائة كضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للقروض الخاصة بالمنعشين العقاريين، وهو ما من شأنه أن ينهي الإعفاء في هذا المجال، خاصة أن القطاع يستحوذ على أكثر من 19 في المائة من الإعفاءات الضريبية، بما يشكل أكثر من 6 مليارات درهم.
ميزانية صندوق المقاصة ستشهد بدورها مزيدا من التقليص. المعطيات التي جاءت بها الحكومة تشير إلى أن اعتمادات المقاصة تبلغ ما يناهز 31.19 مليار درهم. وتشمل التكاليف المشتركة، التي تقدر ب30.39 مليار درهم، دعم الأسعار ب20.9 مليار درهم، بما فيها 4.79 دراهم كدعم مباشر للفيول لصالح مكتب الماء والكهرباء، والتدابير المصاحبة لنظام المقايسة ب2 مليار درهم، وتصفية متأخرات المقاصة ب7.49 مليارات درهم. أما الجزء الثاني فيتعلق بصندوق دعم أسعار بعض المواد الغذائية، وتقدر قيمته ب800 مليون درهم.
الخبير الاقتصادي، محمد الشيكر، أوضح في تصريح ل«المساء» أن الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة ستؤدي إلى توسيع القطاع غير المهيكل. وأضاف: «لنفرض أن الزيادة ستهم التجهيزات الإلكترونية، فعندما سيشتري الزبون تلفازا، فإن البائع سيخيره بين سعر 10 آلاف درهم مع الحصول على فاتورة، و8000 درهم بدون فاتورة، وهو ما سيدفع المواطن إلى الحصول عليه بسعر منخفض».
واعتبر الخبير الاقتصادي أن تواجد القطاع غير المهيكل يجعل السياسات الاقتصادية في غالب الأحيان غير فعالة، إذ أن محاولة تحسين أو رفع الضريبة على القيمة المضافة ستؤدي إلى انتشار هذا القطاع بشكل أكبر، وهو القطاع الذي لا يستعمل الفواتير، وبالتالي فستكون النتائج عكسية، وهو الأمر الذي سيطرح أيضا إشكالية التضخم.
وسجل الشيكر أن الزيادات في الأسعار ستحدث إذا كان هناك احترام للقانون، لكن بما أن هناك إمكانية للتحايل على القانون، فإن القطاع المهيكل سيتسع، في الوقت الذي تحاول الحكومة تقليصه.
واعتبر المتحدث ذاته أن الإشكال المرتبط بالأسعار يطرح سؤال طريقة احتساب التضخم، والتي تجعلنا نتصور أن معدلاته متحكم فيها، حيث سجل في هذا السياق أنه رغم الزيادات في المحروقات وغيرها إلا أن الحديث لازال مستمرا عن كون التضخم لا يتجاوز 2 في المائة. هذا الإشكال ربطه الشيكر بطريقة احتساب السلة المعتمدة في تحديد معدل التضخم، علما أن المواطن يحس بارتفاع الأسعار، ولو كانت سنتيما واحدا.
وأضاف: «بصفة عامة مثل هذه التوجهات يكون لها تأثير ليس فقط على ارتفاع الأسعار، ولكن أيضا في اتساع القطاع غير المهيكل. كما أن هذه الزيادة لم تأت في إطار الإصلاح الضريبي، على اعتبار أن الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة يجب أن ترفق مثلا بتخفيض الضريبة على الدخل، وهو ما سيحدث نوعا من التوازن».
وأكد في هذا الإطار أن «هناك غموضا وضبابية فيما يخص الإصلاح الضريبي، وهو الأمر الذي لا يساعد على الاستثمار»، مشيرا إلى أنه في حال اعتماد مشروع قانون المالية بشكله الحالي الذي يتضمن الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة، فإن ذلك سيكون له انعكاس على الأسعار واتساع القطاع غير المهيكل وضبابية الإصلاح الضريبي.
وينتظر أن يثير مشروع قانون المالية موجة انتقادات داخل المؤسسة التشريعية، خاصة في الجوانب المتعلقة بإثقال كاهل الفقراء والطبقة المتوسطة، بزيادات ضريبية ستؤدي لا محالة إلى ارتفاع الأسعار. فهل ستنقذ المعارضة والأغلبية جيوب المواطنين من أداء كلفة تحقيق التوازنات المالية والاقتصادية، على حساب التوازنات الاجتماعية وتجنب البلاد شر الاضطرابات الاجتماعية؟
الإضراب العام.. امتحان الحكومة العسيرفي ظل غليان الشارع
خديجة عليموسى
تواجه الحكومة امتحانا عسيرا خلال هذه الأيام يتعلق بمدى قدرتها على امتصاص غضب السكان، الذين خرجوا في عدد من المدن من أجل الاحتجاج على غلاء الأسعار وارتفاع فواتير الماء والكهرباء، كما تواجه تحدي احتواء نتائج الإضراب العام الذي دعت إليه النقابات يوم 29 من الشهر الحالي.
وتعتبر النقابات أن احتجاجاتها وبلاغاتها في مجملها لها علاقة بالزيادات الصاروخية التي تشهدها عدد من المواد، وفي هذا السياق أكد عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن غلاء الأسعار وارتفاعها كان دائما حاضرا في بيانات وبلاغات الهيئات النقابية، على اعتبار أن ذلك يمس القدرة الشرائية للمواطنين ومؤثر جدا لمساهمته في خلق الأزمة بالنسبة للمستوى المعيشي لعدد من الأسر، مضيفا، في تصريح ل«المساء» أن الهدف المركزي من الإضراب هو دعوة الحكومة إلى تنفيذ التزاماتها، سيما تلك المتعلقة باتفاق 26 أبريل، وبسبب إغلاق الحكومة لباب الحوار والمضي في إصلاح أنظمة التقاعد بطريقة انفرادية.
الإضراب الذي دعت إليه المركزيات النقابيات الثلاث (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل)، جاء «بسبب تعنت الحكومة وتهربها من تحمل مسؤولياتها السياسية والاجتماعية، وتنكرها لالتزاماتها ووعودها، وإجهازها على المكتسبات الاجتماعية والمادية للأجراء، وانتهاكها للحريات النقابية دون مراعاة للوضع الاجتماعي الهش لعموم المواطنين متمادية في سياستها غير واضحة الأفق المبنية على ضرب القدرة الشرائية عبر الزيادات المتتالية في الأسعار والضرائب وتجميد الأجور والتعويضات».
ومن بين ما يهدف إليه الإضراب العام، الذي سارعت مختلف النقابات للانضمام إليه باستثناء الاتحاد المغربي للشغل بالمغرب، الضغط على الحكومة لتلبية عدد من المطالب أهمها الزيادة العامة في الأجور وتطبيق السلم المتحرك والزيادة في معاشات المتقاعدين وتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2001 وتخفيض الضغط الضريبي على الأجور، وإصلاح شامل لمنظومة التقاعد، والتراجع عن الإصلاح المقياسي والمحاسباتي، وتعميم الحماية الاجتماعية، والسهر على إجبارية التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذا حماية الحريات والحقوق النقابية، وحماية القوانين الاجتماعية، وتطبيق مدونة الشغل، وفق البلاغ الصادر عن المركزيات الثلاث.
دعوة النقابات للإضراب العام أثار حفيظة الحكومة، التي سارعت إلى إعلان موقفها منه، عن طريق تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، الذي أكد أن الإضراب حق دستوري مكفول، غير أنه حمل النقابات الداعية له مسؤوليتها في ذلك، كما عبر عن رفض الحكومة لأي إرباك لحرية العمل أو إضرار بمصالح المواطنات والمواطنين.
واعتبرت الحكومة أن الإضراب يلحق الضرر بالسلم الاجتماعي الذي يتميز به المغرب في محيطه، كما قال الخلفي في تصريح سابق والذي أشار إلى أن «الإضرابات لن تحل أزمة منظومة التقاعد، والحكومة عازمة على تحمل مسؤوليتها في إنجاز هذا الإصلاح الحيوي والمتعثر منذ عشر سنوات، رغم ما ينتج عنه من كلفة مالية وسياسية، مستبعدة في هذا المجال الخيار السهل بتأجيل الإصلاح وترك مواجهة تفاقم الأزمة إلى الحكومات المقبلة، وذلك سيكون ضدا على مصلحة المتقاعدين وتهربا من تحمل المسؤولية».
كما ردت الحكومة على النقابات التي تعتبر أن الحوار الاجتماعي مجمد، عبر قولها «إن الإدعاء بأن الحوار الاجتماعي مجمد غير صحيح، ذلك أن الحكومة عقدت سبعة اجتماعات مع النقابات، فضلا عن الاجتماعات المتعلقة بالتقاعد».
رئيس الحكومة بدوره أكد خلال المجلس الحكومي الأخير أن « الحوار الاجتماعي غير مجمد وأن الحكومة منخرطة في تنفيذ الالتزامات المرتبطة به» بدءا من اتفاق 26 أبريل 2011 وما بعده من التزامات، وهو ما ظهر جليا في «إقرار الرفع من الحد الأدنى للأجر بالوظيفة العمومية بنسبة 10% كما تم الرفع من الحد الأدنى للمعاشات التي تصرف لمتقاعدي الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والمياومين رصدت الحكومة 8, 2 مليار درهم لتنفيذ الالتزامات المترتبة عن بعض الحوارات القطاعية، كما تم الرفع من الحصيص السنوي للترقية إلى %33 على مرحلتين»، حسب الحكومة، التي اعتبرت أن المحافظة على السلم الاجتماعي هي مسؤولية الجميع»، وفق تصريح الخلفي.
موقف الحكومة من الإضراب لم تستسغه النقابات الداعية له، حيث «اعتبرت تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة فيها نوع من التحدي، وغير مسؤولة ولا مبرر لها» وفق تصريح العزوزي، رغم أن الحكومة أقرت بحق النقابات في الإضراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.