الملك يعزي في وفاة جمال الدين بودشيش    البرتغال.. المحكمة الدستورية تمنع مشروع قانون يقيد الهجرة    شبهة رشوة تتسبب في توقيف ضابط أمن بمراكش    باريس تصدر مذكرة اعتقال دولية لدبلوماسي جزائري في قضية اختطاف مثيرة    قتلى بنيران إسرائيلية بين منتظري المساعدات، وبيان عربي يدين خطة "السيطرة الكاملة" على غزة    زيلينسكي يحذر من إقصاء أوكرانيا عن قمة ترامب وبوتين ويؤكد رفض التنازل عن أراضٍ لروسيا    ماذا قال طارق السكتيوي قبل مواجهة منتخب كينيا في "شان 2024″؟    حكيمي ينسحب من سباق الكرة الذهبية لصالح منافسه!    خبر سار للركراكي قبل نهائيات إفريقيا    فرقة مركز البيئة للدرك الملكي تحجز 12 كلغ من اللحوم مجهولة المصدر بموسم مولاي عبد الله أمغار    حادثة سير تحت جنحة الفرار تقود درك الجديدة الى تفكيك مخزن للوقود المهرب    الرصاص يلعلع بتطوان    توقعات السبت.. طقس حار وزخات رعدية في بعض المناطق    "لوموند": إيلون ماسك يستلهم تحركاته من شخصية روائية    الفنان المصري سيد صادق في ذمة الله    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    20 عاما سجنًا لرئيس وزراء تشاد السابق    ودائع البنوك تتجاوز 1300 مليار درهم    العالم يختنق بحرارة غير مسبوقة وما هو قادم أسوأ من الجحيم    إطلاق "GPT-5" يكشف فجوة بين طموحات "OpenAI" وتجربة المستخدمين    الوداد يعلن التعاقد رسميًا مع الصبار    ليفاندوفسكي ولامين جمال يتبادلان اللكمات في تدريب طريف (فيديو)    عمل جديد يعيد ثنائية الإدريسي وداداس    "نونييس" يكلّف الهلال 53 مليون يورو    سقوط شاب من قنطرة وسط طنجة أثناء تصوير فيديو على "تيك توك" (صور)    إسبانيا.. وفاة عاملة مغربية دهساً داخل مزرعة في حادث شغل مأساوي    الاحتجاجات على اختفاء مروان المقدم تنتقل إلى اسبانيا    جثمان شيخ الزاوية البودشيشية يصل إلى مداغ والجنازة الأحد    رشقة بارود على مستوى الرأس تودي بحياة فارس شاب بجرسيف    اجتماع بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية لبحث تتبع تنزيل اتفاقي دجنبر 2023        المغربي سعيد أوبايا يتوج بذهبية الكراطي في الألعاب العالمية بالصين    مواجهات الوداد وآسفي في كأس "كاف"    مشروع قانون المالية 2026 : المغرب يسرع التحول الاقتصادي بمشاريع كبرى    العودة الكبرى لنجوم مسرح الحي    حاخام إسرائيلي يهدد إيمانويل ماكرون بالقتل والنيابة العامة الفرنسية تفتح تحقيقا    الصخيرات تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من مهرجان "تيم آرتي" بحضور 16 فنانا بارزا    80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025    دول ترفض سيطرة إسرائيل على غزة            مستثمرون من مغاربة العالم: عراقيل إدارية تهدد مشاريعنا بالمغرب    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    مشروع قانون مالية 2026..الحكومة تتعهد بمواصلة سياسة الربط بين الأحواض ودعم مدارس "الريادة"    الملك محمد السادس يواصل رعايته السامية لمغاربة العالم عبر برامج تعزز الارتباط بالوطن وتواكب التحول الرقمي    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقراء حسموا الانتخابات الإيرانية
نشر في المساء يوم 18 - 06 - 2009


(1)
«كنت قد عزمت على السفر إلى طهران لمتابعة الانتخابات التي بدا أنها الأكثر سخونة وخشونة في تاريخ الثورة الإسلامية، حتى وصفها أحد المعلقين بكونها من قبيل صراع الأفيال الذي لا يستطيع فيه أي فيل أن يسقط الآخر بسهولة».
وحين شرعت في ترتيب أمر السفر، قال لي أكثر من «خبير» إن المعركة ليست سهلة، وإن أحدا لن يكسبها في الجولة الأولى، ولن تحسم إلا في الإعادة التي ستتم بعد أسبوع لاحق.
بسبب التزامات العمل، كان من الصعب عليّ أن أغيب مدة أسبوعين في متابعة الجولة الأولى والإعادة، ووجدت أنه من الأنسب أن أمرر جولة 12 يونيو الأولى، وأن أسافر بعدها إلى طهران لأشهد معركة الحسم في الإعادة يوم 19 يونيو.
شجعني على ذلك أن ما سمعته عن ترجيح الإعادة لم يكن رأيا لواحد أو اثنين، ولكنه تقدير اتفق عليه أربعة من «الخبراء»، ثلاثة منهم إيرانيون والرابع لبناني «مطلع».
واحد فقط غير رأيه قبل 48 ساعة من إجراء الجولة الأولى، هو الزميل محمود شمس الواعظين، رئيس التحرير السابق لصحيفة «كيان» التي حسبت على الإصلاحيين وأوقفت، ذلك أنه أخذ بمشهد المظاهرات العارمة التي انطلقت في طهران ملوحة بالرايات الخضراء، رمز المهندس موسوي، فاتصل بي هاتفيا من طهران قائلا إن الأمور تتجه إلى التغيير، وإن المعركة ستحسم في الجولة الأولى لصالح المهندس موسوي!
حينما دققت في الصورة لاحقا، أدركت أن الذين أكدوا الإعادة ومن رجحوا حسم المعركة لصالح موسوي من الجولة الأولى تحدثوا عن أجواء طهران وبنوا تقديراتهم على المواكب الحاشدة التي ملأت العاصمة ضجيجا وخطفت الأبصار في شارع «ولي عصر»، أكبر وأطول شوارع المدينة.
وحتى أكون أكثر دقة، فلعلي أقول إن تلك كانت أجواء شمال طهران، وهي المنطقة التي تتعدد فيها الأحياء الراقية ويسكنها القادرون الذين يملكون السيارات التي ظلت تجوب العاصمة طوال الليل.
أما جنوب طهران، حيث تنتشر الأحياء الفقيرة وتعيش الطبقات الشعبية، فلم يعرف هذه المواكب ولم يكن سكانه يسهرون إلى ما بعد منتصف الليل، أولا لأنهم لا يملكون سيارات، وثانيا لأن عليهم أن يستيقظوا في الصباح الباكر ليجري كل منهم وراء رزقه.
في كل الانتخابات التي شهدتها إيران كانت طهران هي القاطرة التي ما إن تتحرك في اتجاه حتى تجذب بقية المحافظات وراءها، لكن القاطرة تعطلت هذه المرة، ذلك أن الأصوات فيها سارت باتجاه موسوي، بينما اختارت الأغلبية الصامتة في بقية المحافظات أن تصوت لأحمدي نجاد، إذ طبقا لتقديرات الداخلية الإيرانية فإن موسوي تفوق على أحمدي نجاد في مدينتين فقط، هما طهران وأردبيل، وتساوى الاثنان تقريبا في أربع مدن أخرى، في حين حصل أحمدي نجاد على أكثر من ضعف أصوات موسوي في القرى والمناطق الريفية، وكان الاكتساح أوضح في محافظات الأطراف، خصوصا بين الأكراد والعرب.
(2)
معلوماتي أن أحمدي نجاد نفسه فوجئ بالنتيجة، وكذلك بعض استطلاعات الرأي التي لم تكن، خلال الأيام الأخيرة، مطمئنة له. لذلك فإنه التزم الصمت ولم ينطق بكلمة طوال عملية الفرز، في حين أن موسوي استبق الأمور وعقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه فوزه.
بعض المحيطين به قالوا إنه حين حل يوم الحسم، كان قد بح صوته من كثرة ما تحدث في الرد على ناقديه وخصومه، خصوصا أنه أدرك أن المرشحين الثلاثة الآخرين لا يتنافسون في ما بينهم بقدر ما أنهم اجتمعوا عليه، وهو ما بدا واضحا في خطابهم الإعلامي وفي المناظرات التي تمت بين كل واحد منهم وبينه.
وكانت تلك المناظرات في حقيقتها محاكمات علنية، ربما أشبعت رغبات المثقفين المعنيين بالشأنين السياسي والاقتصادي، لكنها كانت في صالحه من ناحية أخرى، إذ ثبتت في أذهان عامة الناس أن أحمدي نجاد واحد منهم وأنه أصدق تعبير عنهم، ذلك أنه قدم نفسه بمظهره البسيط وجسده النحيل ووجهه الذي لا تظهر عليه آثار النعمة، حتى بدا صورة طبق الأصل لأي حرفي أو عابر في الشارع.
عزز من تلك الصورة إدراك الناس لحقيقة أنه يعيش حياة بسيطة، لم ينس فيها أنه ابن حداد في قرية أرادان التي تسكنها 40 أسرة فقط، ولا مكان لها لا على الخريطة الجغرافية أو الاجتماعية في إيران.
ثم إنه كأي مواطن ريفي، شديد التدين والتواضع، ولم يعرف عنه تعلق بالوجاهة أو الثراء. ولأنه «واحد منهم»، فقد ظل طوال السنوات الأربع الماضية مشغولا بتحسين أوضاع الفقراء والضعفاء، ومتفننا في كيفية توفير الخدمات لهم والتخفيف من أوجاعهم، خصوصا من خلال رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة معاشات المتقاعدين.
ولأن الأمر كذلك، فلم يكن مستغربا أن يلتف حوله الفقراء، وألا تكف نخب المثقفين وسكان المدن عن توجيه النقد إليه والنفور منه.
المرشحون الذين كانوا يتحدَّونه في المناظرات كانت صورتهم مختلفة. عند الحد الأدنى، فجميعهم كانوا يطلون على الناخبين بوجوه تطفح بآثار الرخاء والنعمة.
مير حسين موسوي الأرستقراطي ابن تاجر الشاي المتكئ على رئيسين سابقين هما رفسنجاني وخاتمي، والأخيران من وجهاء السياسة، والأول من أهل الثراء.
والشيخ كروبي، رئيس مجلس الشورى السابق، الذي يرأس مؤسسة الشهيد، الأكثر ثراء في إيران. والثالث هو رضائي الذي قاد حرس الثورة طوال 16 عاما، ويحتل منصبا رفيعا في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
لأن الفقراء والبسطاء هم الأغلبية في إيران، ولأن أحمدي نجاد، منذ انتخابه قبل أربع سنوات، كان يقضي معهم أسبوعا كل شهر في محافظة مختلفة مصطحبا معه أعضاء حكومته لحل مشكلاتهم، فإن أغلبيتهم الساحقة صوتت لصالحه.
أما منافسه مير موسوي، فقد صوتت لصالحه أعداد معتبرة من سكان المدن، وهذا الانحياز يفسر حالة الغضب التي اعترت البعض في طهران مثلا، ودفعتهم إلى الخروج غاضبين إلى الشوارع. الأمر الذي أوقع التداعيات المؤسفة التي ترتبت عن ذلك، وأدت إلى إحراق بعض السيارات والاشتباك مع الشرطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.