كأس الكونفدرالية الإفريقية.. نهضة بركان يتأهل للنهائي بعد انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد 0-0    السيام 16 حطم روكور: كثر من مليون زائر    ماذا بعد استيراد أضاحي العيد؟!    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك للقفز على الحواجز    اتحاد العاصمة ما بغاوش يطلعو يديرو التسخينات قبل ماتش بركان.. واش ناويين ما يلعبوش    تعميم المنظومتين الإلكترونييتن الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني الموجهة لمغاربة العالم    الدرهم يتراجع مقابل الأورو ويستقر أمام الدولار    أشرف حكيمي بطلا للدوري الفرنسي رفقة باريس سان جيرمان    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    حماس تنفي خروج بعض قادتها من غزة ضمن "صفقة الهدنة"    الاستقلال يترك برلمانه مفتوحا حتى حسم أعضاء لجنته التنفيذية والفرفار: الرهان حارق (فيديو)    جمباز الجزائر يرفض التنافس في مراكش    احتجاج أبيض.. أطباء مغاربة يطالبون بحماية الأطقم الصحية في غزة    مقايس الامطار المسجلة بالحسيمة والناظور خلال 24 ساعة الماضية    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة واعتراض السبيل وحيازة أقراص مخدرة    لتخفيف الاكتظاظ.. نقل 100 قاصر مغربي من مركز سبتة    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    بيدرو سانشيز، لا ترحل..    محكمة لاهاي تستعد لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو وفقا لصحيفة اسرائيلية    "البيغ" ينتقد "الإنترنت": "غادي نظمو كأس العالم بهاد النيفو؟"    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار المظاهرات المنددة بحرب إسرائيل على غزة    بلوكاج اللجنة التنفيذية فمؤتمر الاستقلال.. لائحة مهددة بالرفض غاتحط لأعضاء المجلس الوطني        بيع ساعة جَيب لأغنى ركاب "تايتانيك" ب1,46 مليون دولار    نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية بسبب فلسطين    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    الدورة 27 من البطولة الاحترافية الأولى :الحسنية تشعل الصراع على اللقب والجيش الملكي يحتج على التحكيم    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من السلفية التقليدية إلى السلفية الجهادية
نشر في المساء يوم 29 - 10 - 2009

ظل الحضور السلفي الوهابي في المغرب، طيلة القرن العشرين، مختزلا في شخص الشيخ تقي الدين الهلالي الذي تمكن من تكوين مدرسة «وهابية مغربية» لازال الكثير من تلامذتها حاضرين بقوة، يدافعون عن منهج شيخها. عندما توفي تقي الدين الهلالي سنة 1987 بمدينة الدار البيضاء، انتقلت المشيخة الوهابية المغربية إلى الشيخ محمد بن عبد الرحمان المغراوي الذي كان قد تمكن من صياغة منهج خاص به منذ 1975، تاريخ تأسيسه لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة.
لم يتمكن الشيخ محمد بن عبد الرحمان المغراوي من تجميع شتات «الوهابيين» المغاربة، بل انشق عنه بعض أتباعه. وهكذا، كان المشهد الوهابي في المغرب خلال التسعينيات من القرن العشرين يتشكل من أربعة اتجاهات:
- يتمثل الاتجاه الأول في «المغراوي» الذي استطاع أن يقوي دعائم جمعيته وأن يشرف على تأسيس عدد كبير من «دور القرآن» بتمويل «سعودي» ومباركة من السلطات المغربية.
- يتجسد الاتجاه الثاني في أتباع محمد تقي الدين الهلالي الذين ظلوا أوفياء لإرث شيخهم ورفضوا الاعتراف بمشيخة «المغراوي»، وفي مقدمتهم «محمد بن صالح الغربي».
- يتجلى الاتجاه الثالث في مجموعة من أتباع الشيخ المغراوي الذين اختلفوا معه على مستوى «المنهج» وقرروا الانفصال عنه وأسسوا «جمعية الحافظ بن عبد البر»، التي ترأسها جمال سطيري.
- يتعلق الاتجاه الرابع ببعض أتباع المغراوي الذين اختلفوا معه على مستوى «التوجه»، حيث اتهموه بموالاة السلطة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، وهؤلاء هم الذين سيشكلون «نواة» الحالة السلفية الجهادية المغربية، وعلى رأسهم الشيخ محمد الفيزازي.
إن الحالة السلفية الوهابية بالمغرب لم تكن أبدا مستقلة بذاتها بل كانت تتأثر سلبا وإيجابا بما تعرفه المؤسسة الوهابية بالمملكة العربية السعودية من تحولات. وهكذا وبعد التصدع الذي طال هذه المؤسسة جراء تداعيات حرب الخليج الثانية ودخول القوات الغربية إلى بلاد الحرمين سنة 1991 من أجل تحرير الكويت، انعكس هذا التصدع على السلفية الوهابية المغربية، حيث حدث تمييز بين الاتجاه السلفي التقليدي، الذي ظل مواليا للسلطة الحاكمة في المملكة العربية السعودية وأغمض العين عن الوجود العسكري الأمريكي ولم يدع إلى الجهاد لإخراج «الكفار» من بلاد الحرمين، وبين الاتجاه السلفي الجهادي الذي كاد يخرج العائلة الحاكمة في الرياض من دائرة الإسلام ودعا إلى الجهاد لتطهير بلاد الحرمين من دنس الكفر.
عبرت السلفية الجهادية المغربية عن نفسها من خلال جيلين:
- يرتبط الجيل الأول بتداعيات حرب الخليج الثانية وما ترتب عنها من إعلان مواقف معادية للغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أولى، ومعادية للسلطة الحاكمة في الرياض من جهة ثانية. وقد جسد هذا الجيلَ شيوخٌ من أمثال «محمد الفيزازي» وعبد الكريم الشاذلي وعمر حدوشي.
- يتعلق الجيل الثاني بتداعيات أحداث 11 شتنبر 2001 وما تمخض عنها من تعاطف مع العمل الجهادي. وقد تمثل هذا الجيل في بعض الدعاة من أمثال أبي حفص وحسن الكتاني.
قبل أحداث 11 شتنبر 2001 وطيلة تسعينيات القرن العشرين، كانت مجموعة من الدعاة، الذين شكلوا النواة الأولى للسلفية الجهادية المغربية، يعبرون عن مواقفهم داخل المساجد المغربية ومن خلال كتبهم المطبوعة بشكل قانوني بتشجيع من السلطات المغربية، فهذه السلطات لم تكن قادرة على تحديد الاختلافات بين الاتجاه السلفي «التقليدي» والاتجاه السلفي «الجهادي»، وتعتقد أن الاتجاهين معا يخدمان مصالح الدولة المتمثلة أساسا في مواجهة التيار الإسلامي.
في ظل تساهل السلطات العمومية، نشأ جيل من السلفيين الجهاديين «الحركيين» الذين تشبعوا بأفكار شيوخ السلفية الجهادية المغربية. وهكذا، بادرت مجموعة من الشباب إلى تأسيس خلايا سلفية جهادية، حاولوا من خلالها تنزيل ما تشبعوا به من أفكار على أرض الواقع، مع التذكير بأن مؤسسي الخلايا الحركية لم تكن تربطهم بالشيوخ الدعاة أية رابطة تنظيمية. في هذا الإطار، تشكلت مجموعة من الخلايا، منها:
أولا؛ «جماعة الصراط المستقيم»، وهي جماعة أعلن عن وجودها في فبراير 2002 عقب مقتل أحد الشباب من قبل بعض عناصرها في أحد الأحياء الهامشية بمدينة الدار البيضاء. وقد اتهم أميرها، وهو زكريا الميلودي، بإصدار فتوى تجيز قتل ذلك الشاب المعروف بانحرافه. ورغم أن القضاء، في حكمه المتعلق بهذه القضية، قد نفى وجود جماعة تحمل هذا الاسم وبرأ زكرياء الميلودي من تهمة إصدار فتوى القتل، وحوكم الأخير بتهم أخرى حددت عقوبتها في سنة حبسا نافذا أكملها في أبريل 2003، فإن السلطات كان لها رأي آخر، حيث أصرت على وجود جماعة باسم «الصراط المستقيم» وأعيدت محاكمة زكريا الميلودي بتهمة المشاركة في الإعداد لاعتداءات 16 ماي 2003 التي استهدفت مدينة الدار البيضاء وقضي في حقه بالمؤبد. وبصرف النظر عن وجود «جماعة الصراط المستقيم» من عدمه، فمن المؤكد أن زكرياء الميلودي كانت له مجموعة من الأتباع وكان يعبر عن أحد جوانب الحالة السلفية الجهادية الحركية في المغرب، فهو كان يعتبر أن اللجوء إلى العنف ضد المرتدين واجب شرعي، كما كان يدرج الأحزاب والحكومة والديمقراطية ضمن «الكفريات».
ثانيا؛ «مجموعة يوسف فكري»، وهي مجموعة كشفت السلطات الأمنية عن وجودها صيف 2002. وقد عرف زعيمها «يوسف فكري»، إعلاميا، ب«أمير الدم»، حيث نفذ مجموعة من الأفعال الإجرامية منذ 1998 ضد بعض أقربائه وآخرين بتهمة الردة والكفر. ويوسف فكري هو من المتهمين القلائل الذين دافعوا، أثناء محاكمتهم وحتى من داخل السجن بعد ذلك، عن اقتناعهم بالخط السلفي الجهادي وأسسوا لجوءهم إلى العنف على مبررات شرعية.
ثالثا؛ «مجموعة عبد الوهاب الرباع»، وهي مجموعة كشف أمرها بعد اعتداءات 16 مايو 2003 التي استهدفت مدينة الدار البيضاء؛ وهي مجموعة -عكس «جماعة الصراط المستقيم» ومجموعة يوسف فكري اللتين نشطتا بمدينة الدار البيضاء أساسا- كانت تحدد مجال نشاطها بين مدينتي مكناس وفاس؛ كما أنها -على النقيض من الجماعتين السابقتين اللتين ركزتا على قتل «أشخاص عاديين بدعوى انحرافهم وجهرهم بالكفر- استهدفت «موظفين» داخل جهاز الدولة.
ويبدو أن جماعة عبد الوهاب الرباع كانت أخطر من مجموعة زكريا الميلودي ومجموعة يوسف فكري، وذلك لثلاثة أسباب:
- يتحدد السبب الأول في كون هذه الجماعة كانت أكثر «تسيسا» أو، بتعبير آخر، كانت تتحرك ضمن أفق سياسي واضح يستهدف رموز الدولة أكثر مما يستهدف الأشخاص العاديين.
- يكمن السبب الثاني في سعي هذه الجماعة إلى الحصول على السلاح؛ وقد نجحت في استقطاب أحد الجنود وأقنعته بسرقة الأسلحة من إحدى الثكنات العسكرية شرق المغرب، وتمكن بالفعل من سرقتها واعتقل قبل تسليمها إلى عبد الوهاب الرباع سنة 2004.
- يرتبط السبب الثالث بتعقد بنيتها تنظيميا، فرغم اعتقال عبد الوهاب الرباع الذي صدر في حقه حكم بالإعدام، واصلت الجماعة نشاطها تحت قيادة محسن بوعرفة وتوفيق الحنويشي اللذين اعتقلا بدوريهما بعد ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.