عندما ترفض الزوجة العشيقة أن تشرب الخمر كما يقترح عليها عشيقها، يلجأ إلى حيلة تهديد لدفعها للشرب، فيقول لها إنه سيضطر لشرب القنينة كاملة دفعة واحدة لينتهي من هذا العذاب، يتحمس العشيق ويهدد، فتخضع لتهديده. فهي أيضا تعرف القاعدة وتعرف اللعبة جيدا، فترمي منديلها وتحمل القنينة لمنعه من ذلك، تحمل الكأس وتقول «حسب رغبتك» وتفرغه بجرعة واحدة، ولدفعها لشرب الكأس الثانية يكرر العشيق طقس جلوس على ركبته، ويردد «الله يطول في عمر سيدي»، فتملأ الكأس بالكحول مرة ثانية، ويكون مفعول الكحول والكيف الذي يضيفه اليهود إلى الخمر، قد بدأ يلعب برأسها، تقدم الخمر أيضا لعشيقها وتجعله من الذهب بنظرات عينيها كما يطلب، وهذه المرة دون أن يحتاج كي يطلب منها ذلك تبدأ في الشرب. ماذا يحدث لها بعدما يتذوق لسانها الخمر، تنسى كل شيء، تشتد بها نوبة، وهذا ما يحدث لهؤلاء الناس، الذين يظهرون هادئين في مظهرهم، الرغبة في الشرب تقصي منها أي إحساس آخر، تفرغ القنينة بكاملها بنفي الطقوس التي رافقت الكؤوس الأولى، وأحيانا بنصف وعي أو تكون سكرانة بشكل كامل، وتنهي حركة فظة مشهد الحب فوق إسطبل البغال هذا. عندما ترغب في الرجوع إلى بيتها، فذلك لا يكون دائما يسيرا، ولا يكون دون عقبات، فقد ترجع عبر شرفات المنازل، ففي الليل كل طرقات فاس محصنة بأبواب تكون مغلقة، وأحيانا يحدث أن يوقظ العشيقان وهما تحت تأثير الخمر الحارس النائم، الذي يرفض فتح الباب لهما، وقد يطلب منهما بقشيشا، وقد يحدث أن يتطور الخلاف مع الحارس، فتختفي المرأة بسبب الخوف في أقرب زنقة لها، تجثم هناك وتختفي في عتمة الليل خوفا من أن يفتضح أمرها. وأحيانا أخرى قبل أن تتمكن من الهرب يأتي «لمقدم» ويطلب معرفة اسمها، ويعرف أنها تنتمي لإحدى أكبر عائلات المدينة، ويقتادها إلى بيت «الباشا» وتخيلوا المشهد». الدهليز الذي يقود إلى منزل الباشا، مضاء بمصباح كهربائي، فيما ينتشر «لمخازنية في جنابته جالسين على دكات الأجور، يستيقظ الباشا وهو يتساءل عن سبب إيقاظه في هذه الساعة، العشيقان السكرانان، المرأة التي تصرخ بحدة، تترجي مولاي إدريس، تقبل يدي الباشا الذي يدفعها باحتقار شيخ مغربي للمرأة، فكيف إذن ينتهي كل هذا؟ في حال لم يتجنب الباشا الفضيحة بنقله المرأة إلى بيت زوجها ووصول الأمر إلى علم زوجها، فأحيانا ينتهي بطلاق، في حال كانت الزوجة تنتمي لعائلة قوية، فقد يخشى الزوج أن يغضب عائلة الزوجة الخائنة، أو في حال كانت زوجته غنية فهو يرغب في أن يحافظ على المال، فيغمض عينيه عن الحادث وكأنه لم يكن. والباشا بدوره على إطلاع بكل مغامرات النساء في فاس، لا ينظر إليهن بعين الرضى، وعندما تقرر ذات يوم إنشاء مدرسة فرنسية لفتيات المدينة من العائلات الكبيرة في فاس، عارض الفكرة وكان رأيه متمثلا فيما قاله « أفضل خنق ابنتي بيدي على إرسالها إلى مدرسة مثل هذه» بالإضافة إلى ما توفره المدينة من فرص للنساء لخيانة أزواجهن، كان الباشا يعتقد أن كتب المدرسة الفرنسية يمكنها أن تضيف ذرائع أخرى للنساء لخيانة أزواجهن. أماكن اختباء العشاء وتواريهم عن الأنظار في فاس كثيرة، ولا تقتصر فقط على إسطبلات الخيل فقط، فهناك أيضا على سبيل المثال المكان الذي يوضع فيه الفحم، فترى العاشق يخرج أسود من مكان كهذا. تشكل الحدائق المحيطة بالمدينة أيضا أمكنة للقاء العشاق، تنتشر أجنحة خشبية صغيرة، بنوافذ صغيرة ملونة، آو أكواخ قصب متكئة على أشجار التين، كما وجد أناس في مولاي إدريس ممن يمنحون غرفهم رفقة صينية شاي أو خمر للعشاق. ف«الشريف» وهو قريب من السلطان، معروف في المدينة بحسن ضيافته، لذلك لا يفكر أي شخص أنه يقوم بمثل هذا العمل ومنح غرفة للعشاق، الشيء الوحيد المفاجئ في كل هذا أنه يظل فقيرا في سكنه الجذاب والمتهدم، بالرغم مما يحصل عليه من ذلك، ورغم أن بيت الشريف بشكله وهندسته هو قصيدة شعرية مناسبة للحب، إلا أن الفاسي يفضل منزلا جميلا وحديث البناء بدل هذا المكان الذي لا يمارس سحره إلا علينا نحن الأوربيين.