دعا الباحث الاقتصادي أحمد بوطويل في كتاب جديد ألفه حول الجهوية في المغرب وشروطها ودعائمها السوسيواقتصادية إلى اعتماد نظام جبائي وتمويلي وعقاري تحفيزي لجلب الاستثمارات إلى جهات المغرب الأكثر فقرا وإرساء جهوية متوازنة، بحيث يتم احتساب الضرائب على الشركات والدخل والقيمة المضافة وكذا نسبة الفائدة البنكية على أساس مؤشر يوضع للناتج الداخلي الفردي لكل جهة من جهات المغرب، إذ تكون النسب المطبقة أقل في الجهات الفقيرة بغرض تأهيلها لكي يرتفع ناتجها الداخلي ليقترب من متوسط الناتج الداخلي الوطني وتتقلص الفوارق الاقتصادية بين جهات المغرب ال 16، وقال الباحث إنه من غير المقبول أن يطبق على جهة يساوي ناتجها الداخلي 30 في المائة من متوسط الناتج الداخلي الوطني نفس نسب الضرائب والفوائد البنكية لجهة يفوق ناتجها متوسط الناتج الداخلي الوطني. ورأى بوطويل، خلال لقاء مع الصحافيين لتقديم وتوقيع كتابه الجديد المسمى «الجهوية: مسبقات وسبل ودعائم التوجه نحو نمو سوسيواقتصادي متوازن»، أنه يجب مراجعة التقسيم الترابي للجهات بالتقليص من عددها من 16 إلى 8 أو 6 جهات فقط، وأن يتم القيام بعملية تقييم شامل لثروات كل جهة جهة سواء تعلق الأمر بالموارد الطبيعية أو الصناعات أو التجهيزات والبنيات التحتية والمؤسسات التعليمية والمالية وغيرها، وذلك بغرض خلق أقطاب كبرى، على ألا يتم تقسيم هذه الجهات على أساس قبلي أو عرقي، مع استثناء واحد يتجلى في الأقاليم الجنوبية التي تفرض الجغرافيا تمييزها عن باقي الجهات. وأضاف مؤلف الكتاب أن الاعتبارات الاقتصادية تتدخل في عملية إرساء جهوية موسعة مرجوة قبل مراجعة التقسيم الترابي لجهات البلاد، من أجل ضمان تقارب الجهات من حيث التجهيزات والبنيات التحتية والادخار وحجم الناتج الداخلي الإجمالي، فيما تتدخل السياسة لتحديد الصلاحيات الإدارية والسياسية والاقتصادية لهذه الجهة أو تلك. ويقول صاحب الكتاب إنه ليس من الضروري تطبيق الجهوية الموسعة على كل جهات المملكة بطريقة شاملة ومتزامنة، بل من الأفضل تطبيقها على جهتين أو 3 جهات، مقترحا اختيار جهة الصحراء للاعتبارات السياسية المعروفة، والجهة الشرقية لأنها من أفقر الجهات، لكي تخضعا بصفة تجريبية للنظام الاقتصادي التحفيزي الذي دعا إليه بوطويل لمدة معينة، وينتهي هذا النظام المؤقت بمجرد تقلص الفوارق بينها وبين باقي الجهات، مشددا على أهمية تحصين الجهات الحدودية للمغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، معللا ذلك بوضع حد لأي مناخ مناسب لترعرع التوجهات الانفصالية لدى سكان تلك الجهات، والتي قد تجد في ظروف الإقصاء والفقر والتهميش تربة خصبة للنمو فيها. وأوضح صاحب الكتاب، الحاصل على شهادة الماجيستير في الاقتصاد الصناعي والتخطيط من روسيا وشغل منصب مستشار اقتصادي في عدة مؤسسات اقتصادية وطنية ودولية، أن الأسباب التي دعته إلى تأليف هذا الكتاب هي دعوة الملك للقوى الحية في البلاد للتفكير بجدية وعمق في موضوع الجهوية، والغياب شبه الكلي لمبادرات من لدن الأحزاب والبرلمان في اتجاه إطلاق نقاش وطني عميق في الموضوع. ووجه بوطويل انتقاده للوزراء السابقين المكلفين بإعداد التراب الوطني ولحكومة عباس الفاسي، وذلك لعدم إيلائهم موضوع اللامركزية والجهوية الأهمية التي يستحق، بحيث لم يأخذ أي من الوزراء المشار إليهم زمام المبادرة للانكباب على الملف، ولا التصريح الحكومي ولا السياسات الحكومية تتضمن برنامجا واضحا المعالم والمراحل لإرساء الجهوية الموسعة، وكل ما يجده المرء مشاريع مثناترة هناك وهناك حول مشروع في هذه الجهة أو تلك. ويقع كتاب الباحث في 176 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن مقدمة وثلاثة أجزاء إضافة إلى الخلاصة العامة والمراجع والمصادر المعتمدة، ويتطرق الجزء الأول للمعطيات الدولية وتأثيرها على نمو الاقتصاد الوطني، فيما الثاني يتحدث عن تحليلات ومقترحات لإحداث تنمية جهوية متوازنة، ويفصل المؤلف في الجزء الثالث في دعائم تحقيق هذه الجهوية المتوازنة من خلال مراجعة نظام المقاصة وتحقيق رافعات مبتكرة ومحددة الأهداف للتقليص من حجم البطالة، وتأهيل مستوى تنافسية الجهات فيما يخص المبادلات الخارجية...