دعا الباحث الاقتصادي أحمد بوطويل إلى فتح نقاش علمي حقيقي حول خيار الجهوية الموسعة بالمغرب، منتقدا تغاضي الأحزاب والفاعلين الاقتصاديين والباحثين عن الخوض في تكلفة هذا الخيار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. مبرزا في لقاء علمي بالرباط، ضرورة البحث في سبل توطيد جهوية موسعة، تفرز طبقة متوسطة قوية، وتؤدي إلى تأهيل لكل الجهات بما يحقق التكافؤ والتكامل فيما بينها. وقال بوطويل، الذي كان يتحدث في ندوة لتقديم كتابه الجهوية: مسبقات، سبل ودعائم من أجل تنمية سوسيواقتصادية متوازنة، إن خيار الجهوية ليس بالخيار السهل، بل يحتاج إلى تفكير معمق وواسع، لأنه لا يمكن أن يشرع المغرب في تطبيق جهوية موسعة في كل الجهات، بالنظر إلى أن التكلفة المالية لذلك تتجاوز ميزانية الدولة بعدة مرات. واقترح بوطويل إعادة النظر في عدد الجهات، بتقليصها من 16 جهة حاليا إلى 8 جهات فقط، على أن يشرع المغرب في تطبيق الجهوية على جهتين أو ثلاث فقط، الفقيرة منها أساسا، بالنظر إلى التكلفة المالية المرتفعة لهذا الخيار، على أن يتم استكمال التطبيق على باقي الجهات وفق مدة زمنية محددة. وقال الباحث إن الداعي إلى هذه المراجعة هو البحث عن نقطة توازن وتكامل في الإمكانات البشرية والاقتصادية والإثنية والثروات الطبيعية بين مختلف جهات المغرب، إذ تمة جهات فقيرة بينما هناك جهات غنية بمواردها، مبرزا في هذا السياق أن المغرب تبعا لخياره في إقرار الجهوية مدعو إلى تأهيل الجهات الفقيرة، من خلال إعادة النظر في النظام الضريبي والجبائي والنظام العقاري، ثم إشكالية التمويل، في اتجاه الأخذ بعين الاعتبار التفاوت بين الجهات، وبشكل يحقق في أمد زمني محدد توازنا وتكاملا بين الفقيرة منها والغنية. وأكد الباحث الاقتصادي أن التقسيم الجديد يجب أن يحافظ على الاختلاط الإثني بين مكونات المغرب الثقافية واللغوية والعرقية، لضمان التآلف والاندماج الاجتماعي بين هذه المكونات، منبها إلى خطورة هذا العامل في مغرب المستقبل. ونبه الباحث بوطويل إلى أهمية الجهات الحدودية للمغرب، الصحراء على حدود موريتانيا، والجهة الشرقية على الحدود مع الجزائر، وقال إنه لا يجب التفكير أمنيا فقط مع هاتين الجهتين، بل التفكير اقتصاديا واجتماعيا أيضا، بالنظر إلى المخاطر التي يمكن أن تأتي من الدول المجاورة. يذكر أن الكتاب الجديد للباحث بوطويل يتكون من مقدمة، وثلاثة أجزاء، يعالج الأول في سياقين الجهوية وانعكاساتها على النمو الوطني، في حين يتناول الثاني بالتحليل موضوع الجهوية ويقدم مقترحات حول كيفية تحقيق تنمية جهوية متوازنة، فيما يتعرض الجزء الثالث لمسألة الدعائم عبر إصلاح نظام المقاصة، ومحاربة البطالة، وتأهيل تنافسية المبادلات الخارجية، والنهوض بالمقاولة، واستكشاف الموارد المالية.