طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار أولية حول مرتكزات المشروع الوطني

المشروع الوطني التحرري الفلسطيني ليس شعارا أو صياغة لغوية جميلة ومتناسقة وليس محاصصة وتقاسم مغانم السلطة بين القوى السياسية ،بل برنامج عمل واسلوب حياة واستراتيجية كفاحية للفلسطينيين كشعب ما زال خاضعا للاحتلال،كما أن الهدف من تأسيس
أو إعادة بناء المشروع الوطني المنشود ليس فقط إيجاد مخارج للأزمات الراهنة كالانقسام ووجود سلطتين وحكومتين وأزمة انتخابات وأزمة مفاوضات الخ ،بل هو بمثابة خطة طريق تسير عليها الاجيال الراهنة والأجيال القادمة إلى حين تحقيق الاستقلال الوطني .المشروع الوطني أكبر وأشمل من الدولة والسلطة والانتخابات والاحزاب ،فهذه إن كانت تخدم هذا المشروع وتعززه كان بها وإن لم يكن فلا يمكن التخلي عن المشروع الوطني من اجلها،وللأسف فإن واقع السلطة والحكومة أو الحكومتين يشير إلى أنها تشكل معيقات بل مضادات للمشروع الوطني التحرري .أيضا المشروع الوطني لا ينفصل عن الثقافة والهوية الوطنية ولا عن الثقافة الديمقراطية كثقافة تعددية، ففي ثقافتنا الوطنية متسع للجميع،ومن لا يؤمن بخصب ثقافتنا وتنوعها وامتدادها لأكثر من أربعة آلاف سنة لا يمكنه أن يكون جزءا من المشروع الوطني فبالأحرى قيادته.
من حيث المبدأ فالمشروع الوطني التحرري محل النقاش يجب أن يحسم من خلال التوافق في الأمور الخمسة التالية التي تشكل مرتكزات أي مشروع وطني وهي ما يجب أن تشتغل عليها أية مصالحة وطنية حقيقية : 1) الهدف 2) الوسيلة أو الوسائل لتحقيق الهدف 3) المرجعية 4) الإطار 5)الثوابت.
– الهدف
نحن هنا نتحدث عن اهداف شعب خاضع للاحتلال وهي اهداف استراتيجية متعالية مؤقتا عن المشاكل الفرعية الناتجة عن الصراعات الداخلية وتعقيدات الحياة اليومية والمناكفات السياسية الناتجة عن الانقسام.بعد صياغة والاتفاق على المشروع الوطني وتشكيل قيادة وحدة وطنية سيكون لهذه المشاكل الأولوية في التعامل وكثير منها سينتهي تلقائيا في حالة التوافق على المشروع الوطني.عندما نتحدث عن أهداف لمشروع وطني فإننا نتحدث عن بدائل لحالة التيه القائمة وللمشاريع غير الوطنية التي يتم العمل عليها علنا أو بطريقة خفية كتكريس الفصل بين غزة والضفة ،وقيام دولة في قطاع غزة،او الحل الاقتصادي في الضفة الغربية الخ.
وعليه ،فالهدف الاستراتيجي هو الإجابة عن: ماذا يريد الفلسطينيون؟ أو كيف يرون حقوقهم المشروعة ؟أو ما هو الحق الذي يناضلون من اجله ؟. هل يريدون تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر ؟أم دولة في غزة والضفة بما فيها القدس؟أم دولة ثنائية القومية على كامل فلسطين الإنتدابية؟ أم دولة غزة؟أم دولة غزة الموسعة لتشمل أجزاء من سيناء مقابل التخلي عن الضفة والقدس ؟أم دولة مؤقتة على جزء من الضفة وقطاع غزة؟أم تقاسم وظيفي ما بين أجزاء من الضفة والأردن وإسرائيل ؟أم اتحاد كونفدرالي ما بين غزة وأجزاء من الضفة وربما الأردن أيضا؟ أم البديل الأردني –الأردن وطن للفلسطينيين- ؟ ،هل يقبل الفلسطينيون مبدأ تبادل الأراضي؟هل يريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة؟ أم يريدونها عاصمة لدولتين؟ هل يريد الفلسطينيون عودة كل اللاجئين إلى قراهم ومدنهم الأصلية ؟أم عودتهم لمناطق السلطة ؟أم حل مشكلة اللاجئين حسب وثيقة جنيف (وثيقة ياسر عبد ربه) ؟أو يقبلون بالتعويض ؟ .هل الفلسطينيون مستعدون لحسم الأمر بهذه الأمور بدلا من البقاء في حالة تردد وتوظيف خطاب سياسي علني شعاراتي وعاطفي وانفعالي وساذج ومستفز حول القبول بهدف مرحلي دون التخلي عن الهدف الاستراتيجي كالقول بقبول دولة في الضفة وغزة مع عدم التخلي عن الهدف الاستراتيجي وهو تدمير إسرائيل وتحرير كامل التراب الفلسطيني؟،وهل من مصلحة الفلسطينيين ترك الهدف مفتوحا حسب التطورات وموازين القوى بحيث يتم الانتقال من هدف لآخر اعتمادا على موازين قوى إقليمية ودولية ليسوا طرفا أصيلا فيها ؟.وهل يمكن للعالم القبول بمشروع وطني يقول بهدف مرحلي قائم على الشرعية الدولية وهدف استراتيجي معلن يقول بإنهاء دولة إسرائيل؟ وكيف يتم صياغة العلاقة بين المرحلي والاستراتيجي؟ وهل يمكن تحديد اهداف وطنية واستراتيجيات لتحقيقها اعتمادا على ممكناتنا الوطنية ؟ كيف نفصل ما بين ما نريده كفلسطينيين، وما تريده أطراف عربية وإقليمية توظف القضية الفلسطينية لخدمة أجندتها الخاصة لأن المشروع الوطني لن يكون وطنيا إلا تحت راية الوطنية الفلسطينية كثقافة وهوية وانتماء؟الخ.
وسائل وآليات تحقيق الهدف
الاختلاف حول الهدف أثر سلبا على وسائل تحقيقه، بحيث باتت الوسائل تتكيف وتتحدد في كل مرحلة حسب الهدف المُعلن أو المُضمر وحسب موازين القوى الداخلية وحسب المصلحة والارتباطات الخارجية لكل حزب وحركة.ففي بداية الثورة الفلسطينية كان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين ثم أصبح الكفاح المسلح والعمل السياسي يسيران جنبا لجنب كوسائل للتحرير وأخيرا آل الأمر للسلام والتسوية السياسية كخيار استراتيجي،وفي كل مرحلة كان التغيير في الوسائل مرتبطا بالتغيير في الهدف وفي التغير في النخب وفي تغليب حسابات السلطة على حسابات الوطن ،مع عدم إسقاط دور الضربات التي تعرضت لها الثورة من العدو الصهيوني ومن الأنظمة العربية. ضمن نفس السياق سارت حركة حماس ففي البداية كان الجهاد بما في ذلك العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر الطريق الوحيد للتعامل مع اليهودية والصهيونية وإسرائيل، وكانت المفاوضات والتسوية السلمية والسلام والاعتراف بإسرائيل كلها أمورا مرفوضة،وعندما بدأت التسوية الخفية منذ ست سنوات تقريبا – تسوية فصل الضفة عن غزة - لإدماج حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني ووعدها بسلطة في قطاع غزة ،أوقفت حركة حماس العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر ثم أوقفت المقاومة داخل الضفة الغربية وأخيرا أوقفتها انطلاقا من قطاع غزة ، ومنذ أيام أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة السيد خالد مشعل المزاوجة ما بين المقاومة والعمل السياسي ،هذا التحول في الوسائل عند حركة حماس مرتبط بتحولها لسلطة ومرتبط بالتغير في الهدف، حيث باتت اليوم تقبل بسلطة في قطاع غزة وترك بقية فلسطين للمستقبل.
المشكلة لا تكمن في المقاومة كما لا تكمن في التسوية السلمية من حيث المبدأ، بل من الخطأ وضع تعارض ما بين المقاومة والسلام و التسوية السلمية، لأن المقاومة ليست قتالا من أجل القتال بل نضال من أجل الحق والسلام ،والمقاومة بدون رؤية سياسية وهدف سياسي قابل للتحقيق تصبح نوعا من العمل الانتحاري أو الارتزاق الثوري والجهادي.المشكلة تكمن في غياب التوافق الوطني حول الوسائل واستراتيجيات العمل، فلا يجوز لحزب أو حركة – حماس والجهاد الإسلامي- أن تنهج نهج المقاومة المسلحة بما في ذلك العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل فيما منظمة التحرير تعتمد خيار التسوية السياسية وتجلس على طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين لتنفيذ اتفاقات موقعة ،كما لا يجوز لفصائل مقاومة أن تستمر في إطلاق صواريخ والقيام بعمليات عسكرية فيما تلتزم السلطة الرسمية بتهدئة مع إسرائيل،ولا يجوز لحركة حماس أن ترفض التهدئة وتستمر بإطلاق الصواريخ وهي خارج السلطة وعندما تصبح سلطة في غزة تعلن وقف إطلاق الصواريخ بل وقف المقاومة. هذا لا يعني رفض الجمع بين المقاومة والسلام بل رفض وجود استراتيجيات متعارضة بشأنهما،لو كانت المقاومة والمفاوضات تمارسان في إطار إستراتيجية وطنية وتحت رعاية قيادة وحدة وطنية لعضدت المقاومة من موقف المفاوض ولأضفت المفاوضات شرعية على المقاومة .
الانقسام وفصل غزة عن الضفة أثر كثيرا على قدرة تحقيق الفلسطينيين لاهدافهم بأي وسيلة كانت،فلم تعد المشكلة في المقاومة المسلحة والمفاوضات فقط بل تجاوزت ذلك للوسائل الاخرى كالانتفاضة السلمية والمقاومة الشعبية ،فالفلسطينيون اليوم عاجزون عن اطلاق انتفاضة ثالثة أو مقاومة شعبية واسعة ،هذا ناهيك أن نصف الشعب الفلسطيني في الشتات مُحيد عن ميدان المواجهة . وبالتالي لا يمكن الحديث عن مشروع وطني في ظل عدم اتفاق الأغلبية على وسائل تحقيق الهدف أي على الموقف من المقاومة والموقف من التسوية السلمية والموقف من المفاوضات،ما ذكرناه حول الموقف من المقاومة المسلحة يقال عن الموقف من المقاومة الشعبية ومن الانتفاضة ومن المفاوضات والتسوية السياسية ،فلا يجوز القول بأن المفاوضات محرمة ومرفوضة إن مارستها حركة فتح والرئيس أبو مازن ومحللة وشرعية إن مارستها أو سعت إليها حركة حماس .ومن الواضح أن عدم الاتفاق على آليات ووسائل العمل لا يعود فقط لحسابات تغيير الهدف والتغيير في موازين القوى بل أصبح اليوم لحسابات تتعلق بالسلطة ومغانمها وبالإرتباطات الخارجية لكل طرف .
المرجعية
المرجعية هي موئل الحق والهوية والثقافة ، ومنها تُحدد الأهداف ووسائل العمل وهي التي تمنح هوية للمشروع الوطني الفلسطيني ،هذه المرجعية إشكال أيضا، بسبب التداخل ما بين التاريخي والديني والسياسي والقانوني ،وما بين الوطني والقومي والإسلامي ،وبسبب الشتات وخضوع أغلبية الشعب الفلسطينية لسلطات غير وطنية لكل منها أجندتها ورؤيتها الخاصة للصراع في المنطقة.عندما تغيب استقلالية القرار وتتداخل الهويات يصبح الحديث عن مرجعية وطنية ومشروع وطني وثوابت وطنية أمرا صعبا .هذه إشكالية واجهتها محاولة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بعد النكبة،ونقصد منظمة التحرير الفلسطينية،فهذه تم تأسيسها بقرار قمة عربية قبل أن يتم توطينها عام 1968 عندما سيطرت عليها فصائل العمل الوطني وخصوصا حركة فتح،وبالرغم من اعتراف العرب بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني عام 1974، إلا أن التدخلات العربية لم تتوقف في الشأن الفلسطيني ،حتى يجوز القول بأن القضية الفلسطينية مع منظمة التحرير كانت مشاريع في مشروع أو قضايا في قضية :قضية وطنية وقضية قومية وقضية إسلامية وقضية تحرر وطني.هذا التداخل صاحب مسيرة المنظمة بالرغم من الصراعات المتعددة التي دخلتها منظمة التحرير وخصوصا الرئيس أبو عمار لتأكيد استقلالية القرار وتثبيت المرجعية الوطنية للقضية،وهو تداخل ما زال مستمرا حتى اليوم مع تغير في ترتيب المرجعيات من حيث الأهمية وهو تغير ناتج عن تغير القوى إقليميا ودوليا فحلت واشنطن والغرب محل المعسكر الاشتراكي ،وحلت المرجعية الإسلامية محل المرجعية القومية العربية وزادت المرجعية الوطنية وهنَّا وتراجعا.
المرجعية اليوم تحتاج لإبداع خلاق ما بين الوطنية والقومية والإسلام ،وما بين المرجعية التاريخية ومرجعية الشرعية الدولية ،وما بين المرجعية الوطنية ومرجعية الأجندة الإقليمية.ولكن هل أن الاتفاق على المرجعية يكون من خلال الإطار القائم وهو منظمة التحرير الفلسطينية ؟أو من خلال حوارات بين المنظمة والقوى خارجها ؟أم يتم الاتفاق عليها من خلال الانتخابات ؟وهل إن الاتفاق على المرجعية يسبق تشكيل الإطار الوطني أم إن الإطار الوطني يحدد ويُعرف المرجعية ؟.
نظرا لخصوصية الحالة الفلسطينية حيث فلسطين الأرض والهوية والثقافة والوجود الوطني مهددة من احتلال استيطاني إجلائي فإن الأولوية يجب أن تكون لتأكيد الوجود الوطني الفلسطيني وبالتالي تصبح الهويات والمرجعيات الأخرى عوامل مساعدة للمشروع الوطني،دون أن يعني ذلك الفصل بين فلسطين ومحيطها وعمقها العربي والإسلامي .فلسطين أولا ثم يمكن التفكير بمشروع قومي عربي او بمشروع خلافة إسلامية أو غيرها ،يجب أن تكون القومية العربية والإسلام من مكونات المشروع الوطني وفي خدمته ،لا ان يُلحق المشروع الوطني باجندة خارجية سواء كانت عروبية أو إسلاموية .
الإطار
نقصد بالإطار الكيان أو النظام السياسي أو قيادة وحدة وطنية. الإطار هو ما يستوعب ويوجه كل العملية السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج ويتصرف ويتحدث نيابة عن الكل الفلسطيني. لا يكفي أن يكون الإطار معنويا كما يقال عن منظمة التحرير بأنها الوطن المعنوي للفلسطينيين ،بل يجب أن يكون مؤسساتيا أيضا.قبل ظهور حركة حماس وقبل تأسيس السلطة الوطنية كانت المنظمة تمثل هذا الإطار،أما اليوم فالحاجة تدعو إما لإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير لتستوعب كل القوى السياسية الجديدة ليس على مستوى الكم فقط بل أيضا على مستوى الكيف أي على مستوى البرامج والتوجهات،أو التفكير بإطار جديد ينبثق عن مؤتمر شعبي وطني لجميع الفلسطينيين في الداخل والخارج .وجود إطار يعني وجود قيادة واحدة وممثل واحد للشعب الفلسطيني يتحدث نيابة عنهم ويتصرف باسمهم في كافة المحافل الدولية ،والامر ليس سهلا ،فمثلا هل الدول والمنظمات التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا مستعدة لتحويل اعترافها لإطار جديد يختاره الفلسطينيون بحرية أو يتكرر ما جرى مع تجربة انتخابات يناير 2006 ؟ وهل سيرث الإطار الجديد كل الالتزامات والاتفاقات التي وقعتها والتزمت بها منظمة التحرير أم يبدأ عهدا جديدا برؤية جديدة ؟.
الثوابت
الثوابت كل ما هو محل توافق وطني، في حالة الاتفاق على العناصر الاربعة المشار إليها أعلاه تصبح ثوابت للامة.داخل الثوابت يمكن للقوى والاحزاب السياسية أن تختلف ولكن لا يجوز لها أن تختلف حول الثوابت ما دام الشعب يعيش مرحلة التحرر الوطني،بعد إنجاز الهدف وقيام الدولة يمكن للقوى السياسية وللشعب بشكل عام أن يعيد صياغة بعض الثوابت من خلال التوافق أو من خلال الانتخابات والاستفتاء العام .
لا ندري إن كانت مئات جولات الحوار بين القوى السياسية قد تطرقت لهذه القضايا أم لا ؟فإن كانت تطرقت لها فهل تم التوصل لتوافق حولها ؟وإن تم التوافق حولها فلماذا لم يتم تنفيذها ؟هل هي غياب الإرادة؟ أم غياب القدرة؟أم غياب الإيمان بالمشروع الوطني و بعدالة أهدافه؟ إن كان الامر يتعلق بغياب الإرادة فهذا معناه أن هذه القوى غير مؤهلة لقيادة المشروع الوطني، أما إن كان الامر يتعلق بعدم القدرة فعلى القوى السياسية وخصوصا حركتي فتح وحماس أن تعيد حساباتها الداخلية وشبكة علاقاتها الخارجية ،وإن كان الامر يتعلق بضعف أو غياب الإيمان بالمشروع الوطني فهذه هي الطامة الكبرى ،أما إذا كانت الحوارات لم تتناول هذه القضايا أو تناولتها بشكل سطحي وهذا ما نعتقده فيجب إعادة النظر بفلسفة الحوارات وإعادة النظر بكل ما يتعلق بالمصالحة الوطنية حيث يبدو ان الحوارات لم تكن تدور حول مصالحة وطنية بل حول محاصصة على مكاسب ومناصب حكومية ووظيفية أُريِد من وجودها أن تحل محل الوطن والمصلحة الوطنية، وقد كان.
ندرك جيدا أن المهمة ليست سهلة فحتى لو تم التوافق على مشروع وطني فلسنا وحدنا في الميدان فهناك إسرائيل التي تحتل الارض وتحارب كل جهد فلسطيني سواء كان عنوانه السلام والتسوية أو المقاومة والممانعة، فإسرائيل تحارب كل توجه وحدوي فلسطيني يسعى لتجاوز حالة التيه والانقسام ،وهناك اطراف عربية وإقليمية ليست محبذة لوجود مشروع وطني فلسطيني مستقل ،ولكن ، هل نترك الامور على حالها حيث المأزق المعمم والخراب الشامل سواء في الضفة أو غزة أو الشتات؟أم نتفق على مشروع وطني إن لم ينجز الاستقلال الآن فعلى الأقل يوقف حالة الانهيار ويمنح أملا للأجيال القادمة؟.
‏22‏/03‏/2010
Ibrahem_ibrach_(at)_hotmail.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.