عبد الرزاق القاروني في إطار الأنشطة الإشعاعية والتوعوية التي تنظمها جمعية متقاعدي التعليم بولاية مراكش، قام الدكتور محمد عزالدين المعيار الإدريسي، رئيس المجلس العلمي بمراكش، يوم الجمعة 04 فبراير 2011 بمدرسة أكنسوس بمراكش، بإلقاء محاضرة تحت عنوان "ملامح من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة". وفي مستهل هذه المحاضرة، قال رئيس المجلس العلمي إنه اعتمد ذكر سيرة الرسول من الكتاب والسنة لأن الناس يرتاحون لهذا المصدر. وحول عدد المرات التي ذكرت فيها أسماء الأنبياء والرسل في القرآن الكريم، يشير المحاضر، مثلا، أن قصة يوسف جاءت كاملة في سورة واحدة، تتحدث عنه من صباه إلى أن بلغ مرتبة الجاه والنفوذ، وموسى ذكر عدة مرات لأنه ينتمي لأمة عريقة كانت لها أحداث مع الرسول، ومحمد ذكر أربع مرات بهذا الاسم ومرة واحدة باسم أحمد، ويخبر عنه القرآن، في آيات أخرى، بالكناية (النبوة والرسالة). وبخصوص تكريم الرسول، أشار المحاضر أن الله قد كرمه من خلال الدعوة لطاعته، حيث يقول: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون"، وبأن من أعظم علامات التكريم له هي الصلاة عليه، حيث يقول الله عزوجل : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"، مضيفا أنه ينبغي الإكثار من الصلاة عليه كما حث على ذلك محمد بن سليمان الجزولي صاحب "دلائل الخيرات". وعن محبة الرسول، أكد رئيس المجلس العلمي أن من واجبنا أن نحبه ونتبع سنته، ونحب آله وصحبه رضوان الله عليهم، مبرزا أن أطفالنا اليوم يعرفون نجوم كرة القدم ومشاهير الفن، ولا يعرفون الصحابة الذين قال عنهم الرسول: "أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم" والذين يعتبرون، أيضا، مثل مصابيح الدجى. أما فيما يتعلق بصفات الرسول الخلقية والخلقية، أوضح المحاضر أن الصفات التي اشتهر بها صحابته، كان يتميز بها هو الآخر ولكن بدرجة أعلى، مضيفا أن كتب الشمائل حافلة بصفات الرسول، وبأن المسلمين السنيين لا يهتمون بالتصوير، وبأن الصحابة قد تفننوا في وصف الرسول، بشكل دقيق، من أم رأسه إلى أخمص قدمه، وبأن جماله كان هيبة، حيث يقول الإمام علي كرم الله وجهه: "من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه ." وحول تصوير الرسول، أشار المحاضر أن المسلمين الذين صوروا الرسول هم من الشيعة، حيث نجد صورا لآدم وحواء وعلي وسليمان. كما أن السينما صورت السيرة النبوية مثل فيلم "الوعد الحق" المستمد من رواية لطه حسين، و فيلم "الرسالة" الذي أخرجه المخرج العالمي مصطفى العقاد، مشيرا أن هناك فتوى للشيخ الرحالي الفاروق تحرم تصوير الرسول لأنه يعتبر قدوة. وعن صورة الرسول في الغرب، أكد المحاضر أن جل كتابات الغرب القديمة تشيد بالرسول وتعتبره مثالا، مستعرضا في هذا المجال كتابات برنارد شو وتولستوي وسيغريد هونك، ومعتبرا أن الكتابات الغربية الحديثة فيها تحول. كما أن الرسومات الغربية الأخيرة قد أساءت للرسول ولا تعكس صورته الحقيقية. وأضاف أن الإسلام قد استعمل جميع الوسائل لنشر وتبليغ رسالته، بما فيها السينما والمسرح، مشيرا أن هذا الدين يحترم جميع الرسل ولايفرق بينهم، ويعتبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مبعوثا للبشرية جمعاء. وأكد أن المستشرقين الألمان قد أنصفوا الإسلام والمسلمين، من بينهم المستشرقة الألمانية آن ماري شيميل التي زارت مدينة مراكش قبل وفاتها، والتي صدحت بحبها للرسول، مستعرضا التمثلات الغربية حوله، خصوصا الفرنسية والألمانية والإنجليزية. وبالنسبة لتعدد زوجات الرسول، أوضح المحاضر أن الغاية من ذلك لم تكن جنسية، وإنما، بالأساس، سياسية ودينية واجتماعية، حيث تزوج، أول مرة، وعمره 25 سنة من خديجة بنت خويلد التي تكبره ب15 سنة والتي كانت متزوجة من قبله. وبشأن مقولة نشر الإسلام بالسيف، قال المحاضر أن هذا ادعاء غير صحيح لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم عندما سمع القرآن، و أن الرسول، بعد فتحه لمكّة، قال: "يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟" قالوا: "خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم "، فردّ عليهم الرسول: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". وكان خلق الرسول هو القرآن، وقد جاء للتوحيد وبالتوحيد وليتمم مكارم الأخلاق. وأضاف أن أول شيء اعتنى به الإسلام بعد الهجرة هو التعليم، حيث سمح الرسول بافتداء الأسرى مقابل تعليمهم أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وأن الوحدة كانت همه، إذ مباشرة بعد هجرته إلى المدينة، قام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار و بين الأوس والخزرج، وأن الأمة الإسلامية لن تقوم لها قائمة إلا بالوحدة. ويذكر أن النشاط الذي كان مبرمجا خلال هذا اليوم كان على شكل ندوة تربوية في موضوع: "المدرسة المغربية بين الأمس واليوم"، لكن تم تأجيل تنظيم هذا النشاط إلى موعد لاحق، نظرا لعدة إكراهات وظروف خارجة عن إرادة الجمعية.