تفاصيل توقيف مشتبه به في المغرب في قضية خطف متداولي عملات مشفرة بفرنسا    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يشرف على تخرج فوج جديد من السلك العالي للدفاع    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    ديفيد لامي يجدد أمام البرلمان البريطاني دعم المملكة المتحدة لمخطط الحكم الذاتي المغربي    وزارة التربية الوطنية تشدد على استمرار الدراسة حتى نهاية شهر يونيو    عيد الأضحى... شركة الطرق السيارة تدعو السائقين إلى استخدام تطبيقها الهاتفي لتجنب الاختناق المروري    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تستعد للمشاركة في "المسيرة العالمية إلى غزة" دعماً لفك الحصار    تخصيص 28 مليون درهم لتحسين بنية استقبال الجالية بميناء طنجة المتوسط    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    بعد توثيق فيديو صادم.. توقيف المتهم في الاعتداء على سيارة نقل عمال    زينة الداودية تتصدر الترند المغربي على يوتيوب بأغنيتها "سور سين"    عيد الأضحى في السجون دون ذبح الأضاحي وبرنامج غذائي خاص للسجناء    قصف إسرائيلي على غزة يوقع على الأقل 16 قتيلا و"مؤسسة غزة الإنسانية" لن تفتح أبوابها الأربعاء    تشييع جثمان الراحل عبد الحق المريني بحضور الأمير مولاي رشيد    الأستاذ الفنان الراحل الحاج أحمد عبد السلام الطود علم الموسيقى الأندلسية بالعرائش    الأغلبية الحكومية تشيد بتماسك مكوناتها وتطابق مواقفها تجاه جميع القضايا وتحيي المعارضة "المسؤولة"    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس            بنسليمان تحتضن المحطة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية" يومي 5 و6 يونيو    تكريمات ومسابقات.. مهرجان الداخلة السينمائي يكشف عن برنامج الدورة ال13    نايف أكرد يواصل برنامجه العلاجي بمركز محمد السادس    المغرب يستعد لصيف سياحي تاريخي في 2025    المغرب الفاسي ينفصل عن مدربه توميسلاف ستيبيتش    العرائش… لقاء تحضيري لتنظيم النسخة الثانية من ملتقى ليكسوس للثقافة والتراث    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    الإصابات تضرب الأسود مجددا قبل وديتي تونس والبنين والركراكي ينادي على زحزوح لتعويض دياز    23.4 مليون مليونير في العالم.. عدد الأثرياء وحجم ثرواتهم في أعلى مستوى تاريخي    سطات تقرر إغلاق رحبة بيع المواشي    يوميات حاج (5): "يوم التروية" في مِنى .. مقام النيّة ومهد السكينة    بعد نفاد التذاكر.. الجامعة تعلن إجراء مباراة المغرب وتونس بشبابيك مُغلقة    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون        ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية    على هامش تصريح بنكيران بين الدين والسياسة: حدود الفتوى ومسؤولية الخطاب العمومي    توتر بين الصيادلة ووزارة الصحة بعد إعلان مراجعة تسعيرة الأدوية دون تشاور    عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    الهيئة العالمية للملاكمة تمنع إيمان خليف مؤقتا حتى إثبات هويتها البيولوجية    أشرف حكيمي بعد تتويجه بدوري الأبطال: لحظة استثنائية وفخور بحمل علم بلدي    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    لامين يامال: اللعب مع ريال مدريد "مستحيل"    السفير الصيني بالمغرب يكتب: صين واحدة فقط – العدالة التي ندافع عنها معًا    تراجع معدل الخصوبة في اليابان إلى مستوى قياسي    أكثر من مليون مسلم يبدأون الحج    الجيش المغربي يعزز ترسانته بمدرعات أميركية تستعملها جيوش نخبوية    وجدة.. وضع حد لنشاط شبكة إجرامية تنشط في تزوير وتزييف المعطيات التقنية للسيارات    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    مجد من المغرب يشارك في سباق قوارب التنين في نانتشانغ: تجربة مشوقة في قلب تقاليد مهرجان القوارب التنينية    الوداد يعسكر في "مدرسة لاندون"    ODT تقود وقفة الكرامة بالإذاعات الجهوية: وحدة الصف المهني في مواجهة التحديات    لقاء دبلوماسي رفيع بين سفيري باكستان والصين في الرباط يؤكد على التعاون الاستراتيجي وتحذير بشأن اتفاقية المياه    يوميات حاج (4): السعي .. درب الخوف واليقين بين الصفا والمروة    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً        السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    









ياسر.. طفل في ربيعه التاسع يلازم حفاظات الرضع بسبب خطإ طبي
نشر في المسائية العربية يوم 20 - 10 - 2011


المسائية العربية المحلية
ياسر، طفل احتفل خلال الأسابيع القليلة الماضية بربيعه التاسع، غير أن الأقدار شاءت ألا يشبه احتفاله احتفالات باقي أقرانه.. شاءت الأقدار ألا تكتمل فرحة والديه بسبب غصة جاثمة على صدريهما وهما يراقبان طفليهما الذي بالكاد يستطيع الافصاح عن كلمتي : ماما و بابا.. بالكاد يستطيع المشي، كمن في سنته الأولى يتلمس بأسفل قدميه سطح الأرض ويحاول التأكد من امكانية احتمالها قبول قدمين ثابثتين فوقها.
الطفل ياسر، ملخص لمعانات دخلت العديد من البيوت المغربية... سكنتها واحتلت فيها كل ركن وزاوية، بسبب خطإ طبي أو تقصير أو إهمال، وهي الحالة التي يكابد نتائجها الطفل ياسر ومعه أفراد أسرته، حيث أضحت الحفاظات جزءا لا يتجزأ منه، تلبسه ويلبسها في كل لحظة وحين، كما الأطفال الرضع.
عندما كان الطفل ياسر رضيعا في شهره الخامس، عانى مغص في أمعائه مرفوقا بانتفاخ ظاهر على بطنه، وهو الأمر الذي جعل والديه يعرضونه على طبيب مختص باحدى المصحات الطبية بحي جليز بمراكش... كشف الطبيب (إ.ب) على ياسر، وأخبر والديه بأنه مصاب بالتواء وانسداد معوي، بالإضافة إلى تضخم ظاهر في القولون، وجب معه إجراء عملية جراحية مستعجلة.
استسلم الأبوان لمشيئة الطبيب الذي أجرى العملية وانتهت بأن أخرج جزءا من معيه الغليظ خارج جسده، حيث أصبح مربوطا بكيس بلاستيكي يجمع فضلات الرضيع، وأخبر الطبيب والدي ياسر بتركه على حاله لمدة عشرة أشهر، حتى يتحسن وضعه الصحي، ليجري له عملية جراحية أخرى قصد إدخال المعي إلى مكانه، وبعدها ستجري فضلات جسمه مجراها الطبيعي.. فجسد الطفل ذي الخمس الأشهر لا يمكنه تحمل عمليتين جراحيتين في نفس اللحظة.
أخذ الأبوان رضيعهما إلى البيت، وظلا يرعيانه ويغيران الكيس البلاستيكي الذي يجمع فضلات جسمه يوميا، وبعد مرور العشر أشهر، نقلا الطفل ياسر إلى الطبيب الذي أجرى له عملية جراحية لتقويم الأمعاء، فأدخل جزء المعي الخارجي، وربطه بالجزء الداخلي ورتق الجرح.
ظن الأبوان أن معاناة الطفل ومعاناتهما قد انتهت بإدخال المعي إلى مكانه وفتق الجرح، غير أن حادثا عرضيا ظهر على الطفل جعل الفرحة غير مكتملة، فقد ارتفعت درجة حرارته بشكل غير طبيعي، مصحوبة بانتفاخ في البطن مع مغص حاد، مما جعل الطبيب يمد الطفل بجرعات من المسكنات والمضادات الحيوية لخفض نسبة الحرارة التي بلغت 39 درجة.. أدت المسكنات والمضادات الحيوية مفعولها، غير أنها سرعان ما ارتفعت.. ليبقي الطفل على هذه الحالة مدة 13يوما، حيث تنفض حرارته بالمضادات الحوية، وتعود للصعود من جديد بمجرد انتهاء مفعولها.
كانت والدة ياسر تتابع تفاصيل معاناة طفلها ليل نهار، فقد كانت مهنتها في الخدمات الطبية، تساعدها في الاعتناء بابنها، وحسب رواية الأب، والشكايات التي تقدم بها للوكيل العام بمراكش، فإن تدهور الحالة الصحية للطفل جعله يقلق عليه، ويستدعي العديد من الأطباء الذين عاينوه داخل المصحة، ودخلوا في حوارات مع الطبيب، غير أنه وفي غفلة من الوالدين، يضيف والد الطفل في تصريحاته لإحدى وسائل الإعلام :" أجرى الطبيب عملية جراحية ثالثة للطفل انتهت بإخراج جزء من معيه خارج جسده ليتم ربطه بكيس بلاستيكي، وبذلك عاد الطبيب بالطفل إلى نقطة الصفر حيث العملية الجراحية الأولى".
ارتباط الأم بمهنة التطبيب جعلها، عبر علاقاتها المهنية، تنقل طفلها على وجه السرعة إلى الدار البيضاء، وتعرضه على المرحوم الدكتور عبد الرحيم الهاروشي، الذي كان يشغل حينها وزيرا للصحة، فطالب بالملف الطبي للطفل،
غير أن الطبيب رفض مد الأسرة بالملف، مما اضطرها إلى رفع دعوى استعجالية، مكنتها من انتزاعه، لتكتشف فيما بعد أنه:" بني على حقائق ومعطيات مزورة، وهو اليوم موضوع شكاية تم تضمينها بالشكاية الرئيسية للخطإ الطبي" يقول مصطفى والد الطفل ياسر في تصريحاته للجريدة.
أجرى الدكتور عبد الرحيم الهاروشي، قيد حياته، العميلة الجراحية المسعجلة للطفل، وأعاد إدخال جزء المعي الخارجي إلى مكانه الطبيعي، واستقر الوضع الصحي للطفل ياسر، غير أنه بقي معتمدا على الحفاظات التي تجمع فضلاته.
وحسب التقرير الطبي الذي أنجزه الطبيب الوزير السابق، فإن الطفل ياسر لم يكن في حاجة إلى إجراء عملية جراحية أصلا، لحداثة سنه، وأنه كان بالإمكان معالجته بواسطة الأدوية.
بعد المعطيات التي وردت في التقرير المذكور، تقدم مصطفى والد الطفل ياسر إلى رئيس المحكمة الابتدائية قصد طلب إجراء خبرة طبية، وخلال شهر مارس من سنة 2005 صدر أمر تمهيدي يقضي باجرائها، وتم تعيين أربعة أطباء كلهم يزاولون بمدينة مراكش، غير أن بعضهم اعتذر والبعض تراجع دون مبرر، وقامت رئاسة المحكمة بتعيين طبيبين اثنين من هيئة أطباء الدار البيضاء غير أنهما رفضا إجراءها، وتم استبدالهما بطبيبين آخرين بنفس الهيئة لكنهما رفضا بدورهما إجراء الخبرة.
توالت طلبات إجراء الخبرة على رئاسة المحكمة من طرف والد الطفل، وأخيرا تم إصدار أمر إجرائها خلال شهر ماي من سنة 2008، أي بعد ثلاث سنوات وبضعة أشهر على أول أمر صادر عن المحكمة بإجراء خبرة طبية على الوضعية الصحية للطفل. وخلال يوم 21 ماي من سنة 2008، انتهى تقرير الخبرة ا لطبية التي أنجزها الدكتور (ع.م) بمراكش، إلى نفس خلاصات الدكتور عبد الرحيم الهاروشي، أي أن حالة الطفل لم تكن تستدعي إجراء أية عملية جراحية، وأن الطفل لم تكن تظهر عليه أية انسدادات معوية، وهو ما نفى بشكل واضح وصريح ادعاءات الطبيب الذي أجرى العملية الجراحية للطفل، والمتمثلة في انسداد في أمعائه والتوائها.
وحسب شكاية والد الطفل، فإن الطبيب كان هدفه الحصول على مبالغ مالية من سلسلة العمليات التي أجريت للطفل، والمحددة في 22 ألف درهم للعميلة الأولى، و 18 ألف درهم بعد العملية الثانية، وقد استخلص المبلغين معا، بالإضافة إلى أزيد من 32 ألف درهم بالنسبة للعملية الثالثة التي رفض الوالد دفع تكاليفها بسبب تفاقم الوضع الصحي للطفل، مما جعل الطبيب يرفع دعوى قضائية ضد الوالد، وقد طعن فيها أمام المحكمة بسبب وجود شكاية من أجل الاهمال والخطإ الطبي، بالإضافة إلى شكاية من أجل التزوير ضد الطبيب المدعي.
وحسب شكايات الوالد التي توصل الوكيل العام بمراكش بها، بالإضافة إلى وزارة العدل، الديوان الملكي، ديوان المظالم، المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، والعديد منم الهيئات الحقوقية والجمعيات المعنية برعاية الطفولة، فإن العمليات الجراحية التي اجراها الطبيب، بدل أن تعمل على حل مشكله الصحي البسيط، فاقمت وضعه بشكل كبير، وأثرت على نموه الطبيعي مثل باقي اقرانه.
واصل الوالد فضح ما تعرض له ابنه لدى جميع الهيئات والمؤسسات الرسمية وغيرها، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ بصيص الأمل يظهر في الأفق من خلال إحالة الملف على المحكمة خلال جلسة 8 شتنبر الماضي، والتي لم يكن على علم بها، وأخبر أخيرا بأن الملف تم تأخيره إلى غاية جلسة 24 أكتوبرالجاري، حيث تمت متابعة الطبيب بتهمة الجرح الخطأ، الناتج عن عدم الاحتياط والإهمال، وجنحة تحرير محضر يتضمن وقائع غير صحيحة واستعماله طبقا للفصلين 433 و366 من القانون الجنائي.
وحسب والد الطفل، فإن الطبيب المشتكى به سبق وأن أمده بتقرير اتضح أنه يتضمن وقائع كاذبة وتزويرا لمعطيات، حيث أكد أن العمليات التي أجراها كانت بمعية أحد الأطباء بمدينة الجديدة، والذي كان مكلفا بالتخدير، غير أنه بعد استفساره عبر عون قضائي، أكد أنه يعرف اسم الطبيب، غير أنه لم يلتقيه قط ولم يشارك في اية عملية جراحية بمعيته، وهو مايعني أن الطبيب أنجز تقريرا طبيا يتضمن وقائع غير صحيحة.
ينتظر والدي ياسر بفارغ الصبر جلسة المحكمة المقررة بتاريخ 24 أكتوبر الجاري، فقد تجعل بعض جراحاتهما، التي استغرقت تسع سنوات، تندمل، غير أن الجرح الأكبر الذي سيبقى يعانيان من أثاره مدى الحياة، هو الوضع الصحي غير الطبيعي للطفل الذي يجعله لا يشبه باقي الأطفال، والذي حددت العديد من الشواهد الطبية عجزه في 70 بالمائة.
قد تدين العدالة الطبيب بسبب الإهمال أوالتقصير أو الخطإ الطبي، وقد تبرئه من جميع تلك التهم، لكن هل بإمكانها أن تسترد لياسر طفولته المغتصبة؟، هل تمكنه عدالة الأرض من استرداد ما ضاع من سنوات وأيام عمره دون أن يلعب ويمرح مثل باقي أقرانه؟، هل بإمكانها أن تعوضه عن الحرمان من حقه في التعلم وهو الذي يقضي جزءا من يومه في روض للأطفال بدل مقعد في المدرسة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.