لجنة ال24.. غامبيا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي، الإطار الأكثر مصداقية لتسوية قضية الصحراء    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    عمال أوزون يحتجون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر صرف الأجور ومنحة العيد    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    أجواء حارة في توقعات طقس الخميس    اصابة دركي اصابات بلغية في عملية لاحباط عملية للتهجير السري وتوقيف 30 حراكا    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    اتحاد تواركة يبلغ نهائي كأس التميز على حساب الوداد الفاسي    ياسين بونو يهدي الهلال تعادلا ثمينا أمام ريال مدريد رياضة    اليوفي يكتسح العين في الموندياليتو    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    كأس العالم للأندية.. الوداد الرياضي ينهزم أمام مانشستر سيتي    صواريخ إيران تُشرد 2000 عائلة إسرائيلية    توقيع اتفاقية شراكة بين بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية لتعزيز الشمول المالي في القطاع الفلاحي المغربي    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    تعاونيات إفريقية تستفيد من المغرب    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    كومنولث دومينيكا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء    الأمم المتحدة/الصحراء.. سيراليون تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية    المغرب يستعد لإحصاء وطني جديد للماشية ويعد بشفافية دعم الكسابة    بونو يحبط ريال مدريد ويمنح الهلال تعادلا ثمينا في كأس العالم للأندية    الأزهر يثمن "الكد والسعاية" المغربي    بونو ينقذ الهلال من مقصلة الريال    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    لقجع: المغرب ملتزم بجعل مونديال 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة ببرد وهبات رياح    فطيمة بن عزة: برامج السياحة تقصي الجهة الشرقية وتكرس معضلة البطالة    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مباحثات رئيس مجلس النواب و"سيماك"    معرض باريس الجوي.. مزور: 150 شركة طيران تتوفر على وحدة إنتاج واحدة على الأقل بالمغرب    تفكيك شبكة دولية لتهريب السيارات المسروقة نحو المغرب عبر ميناء طنجة المتوسط    السيّد يُهندس مسلسل شارع الأعشى في كتاب    ثلاثة مغاربة ضمن قائمة أغلى عشرة لاعبين عرب بمونديال الأندية    النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي تفقد الثقة في إصلاح النظام الأساسي    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    إيران: سيطرنا على أجواء الأرض المحتلة اليوم وبداية نهاية أسطورة الدفاع للجيش الصهيوني    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    جلالة الملك يهنئ رئيس السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجرى الحياة الهادر والأسرة المسلمة
نشر في ميثاق الرابطة يوم 13 - 07 - 2012

أحق بالإجلال والإكبار: أسرة إذا أحست من أحد أفرادها تعبا أن تكون له نعم المهاد، وعقلا يفكر له إذا كل عقله، وفرامل إذا اندفع، وقوة دافعة إذا أصيب بالخمول والكسل، وأن تسنده في ميدان المدافعة والتسابق، وبانتصاره تكون هي المنتصرة.
والأسر المسلمة كسائر الأسر الإنسانية لا تخلو من الخامل والجاهل، وليست محرومة من وجود العالم والعاقل، ولا تخلو من الغرائب والعجائب ومن بينها من يشيد معالم الحرية والإخاء والمساواة، والمناداة بتقديس كرامة الفرد وإقامة ميزان العدل، وفيها ينمو التابع والمتبوع والرئيس والمرءوس، وفيها من ينبع من دمه نبض في قلب ومنها الرؤوس التي تتأثر فتثير النخوة والحمية، وإن كانوا قلة فلقد ألقت بهم المقادير على سطح الأرض، فليسوا زينة ولا قنية لأحد بل هم أفذاذ من النوع الإنساني الذي يحرك الحياة المتحجرة الجامدة، ويدفع بالمياه الراكدة لتواصل سيرها في الحياة الزاهية.
وأنا كفرد من أيها الناس عشت في أحضان أسرة تلوح في أعينها علامات السأم والحزن والتفكير الدائم المركز، وكان يلوح على أوجهها بالرغم من ذلك أنها كثيرة الحنان رقيقة القلوب، وفي أقل الأحيان كان يغيب هذا الحزن والألم، وفي بعض الأحايين كانت الوجوه مثل السماء التي تراكمت سحائبها وتلبدت غيومها، فأساء الناس فهمها، رغم التواضع الشديد الذي كانت تتمتع به، وأكثر أفرادها ينزعون إلى العكوف على أنفسهم ويلوذون بالعزلة.
ومع ذلك فهي راضية بقدرها، حيوية الشباب تجري في عروقها، كالألوان جمة الروائح فهي حديقة من حدائق الربيع، وأرواح من أرواح الفردوس، وهي الحياة ولا حياة بعدها، كنت أشم منها الروائح العطرية بعنف كما يلتهم الجوعان طعامه، تعلمت من هذه الأسرة أن للإيمان بهذا الوجود روحا كبيرة لها حياة وشخصية، وأن هذه الروح توحي إلى أرواح الأفراد وبما تريد، ولها من المقادير جنود، فاسترحت إلى هذا الإيمان وألقيت مراسي إبحاري على شاطئه فأحسست في كل مراحل الحياة بمعية الله وتوفيقه.
والأسرة المتعلمة الذكية كهذه كنز، وذكاؤها قوة قاهرة تصنع الأجيال الحضارية التي تحمل مفاتيح التنمية للتفاعل مع متطلبات العصر الذي تحياه، باستطاعتها تحرير الإنسان المسلم من التبعية، ومن هذا القلق الذي ينخر كيان الأمة، وإذا اجتمع الذكاء والعلم والعمل فمصالح الأمة في الحياة تصبح في مأمن؛ لأن الحق يجد مكانه لتحقيق العدالة والمساواة ونصرة المظلوم على الظالم ورد المغتصبات إلى ذويها، ويومها يكون في مقدور العقل المسلم أن يمارس دوره في التحرير من القيود التي شلت فعاليته لقرون وهو مرهوب خائف متقوقع، ويستطيع الخيال أن ينطلق وتنفجر طاقاته للبحث عن أمور تزيد من وعي المجتمع للمشاركة والممارسة وإظهار مؤهلات تبشر بالحياة والتجدد وتنشل الإنسانية من الخرافة لفعل العجائب.
وفي سبيل هدف كهذا فتعليم أسرة واحدة كمصباح واحد خير من التباهي بعشرة مصابيح فاسدة، فأسرة متعلمة تجمع لنا ثلاثة عناصر لتحقيق الشكل والمضمون والوظيفة، وأحسب أن هذا هو المنهج الإسلامي، ومن هنا كان من الأهمية المسارعة لاستثمار ما هو إيجابي في أفراد كل أسرة؛ لأنه من أسباب النمو وعلاماته، وعلاج كل ما هو سلبي منها، وبهذه العملية تستريح ضمائر الأمة وتطمئن قلوبها؛ لأن فترة التخلف استطاعت أن تقيد المسلمين بسلاسل أقوى من الحديد عن طريق أفكارهم هم، وبعد أخذ ورد علموا أن الإسلام الصحيح المعتدل هو البديل الأقرب إلى القلوب والعقول، واليوم من مصلحة الأسر المسلمة أن تفهم الحقيقة كما هي بغير كذب ولا ادعاء.
وإيجابية وعي الأسر تحتاج إلى تدقيق في مجريات الحياة الإنسانية، حتى يمكنها أن تنطلق إلى الأمام بالأجيال الذين سيكون لهم في المستقبل ذلك النصيب الأوفر من الفهم الواعي للإسلام موقفا وأداءا، بعيدا عن الغوغائية السائدة الآن، وحتى لا تؤخذ بجريرة غيرها، ولا يغيب عن الأذهان أن الأسرة يجب أن تكون صانعة عواطف وأفكار للخروج بالأجيال الحالية والمستقبلية من القهر الاجتماعي لترتفع بالإنسان المسلم إلى مستوى الكبار الذين يملكون القوة.
وخليق بالأسر المسلمة أن تتعرف معالم الرحلة التي تنتظرها في هذا الوجود وتنساب بغير توقف في مجرى الحياة الهادر الذي يكنس ويجرف الخاملين، ومن لا يحلل الواقع لا يصنع التاريخ سيهوي إلى الحضيض وينزل عن عرش الحياة مكرها ويموت إلى الأبد لينضاف إلى الجثث الهامدة، ومن لا يعرف معنى الحياة فتلك بداية نهايته، ومن لا يتصل بمن في الكون من عقلاء الإنسانية دبت الشيخوخة في أوصاله، وكان من الهارمين بل سيصبح أضأل وأحقر.
ولقد قيل منذ زمان أن المهنة أحسن من الميراث، ولكي تبني يجب أن تملك، ومن لم يشبع بالأكل لم يشبع باللعق، وإذا أردنا أن نتأقلم مع المؤثرات الإنسانية فيجب أن نتعامل معها عقليا وبدنيا؛ لأنها من مكونات الحياة، وهذا مما يخفف كثيرا من أعباء مشاكل الحياة، وما الفائدة من أناس لا يستطيعون أن يرسموا بسلوكهم كيفية الوصول إلى الحياة الجديدة وباتجاه جديد، ونظرة فاحصة جديدة تبحث عن مناخ يجذب الإنسانية بأجمعها لتكون أسرة واحدة فوق هذا الكوكب الأرضي الوحيد.
وأغنى أسرة من عاشت الحياة بالعمل والإنتاج والمشاركة الحقيقية في هموم المجتمعات الإنسانية ومحنها ومصائبها، محملة نفسها مشاق وأعباء الإنسان المجهد المكدود، مساهمة مع زميلاتها من الأسر الأخرى بناء عهد جديد للبشرية المعذبة وإخراجها من أحزانها العميقة المتلاحقة، بصبر جميل وتصميم على مواصلة الحياة الكريمة بالعمل الشريف.
إن أمتنا تعيش منذ أزمان حياة البؤساء، منطوية على أحزانها، منسحقة تحت السماء محجوبة بشعارات زائفة، وفقاعات صرخات ممجوجة، مليئة بالهواء الفاسد حتى كادت تعلن زهدها بالمستقبل وتخليها عنه، ولكن آن الأوان لأمتنا أن تعلن كفرها بخيبة الأمل، وأن تحتفل بالمستقبل وتغني له باعتباره رمز الفرج ويحمل بشارة الأمل، والسير قدما في المنحى الذي عبر عليه المالكون لزمام العصر ممن يعزفون نغم الحياة الزاهرة لإخراج التخلف من الساحة مقهورا وبلا رجعة، ويختفي إلى الأبد شبحه الأسود الذي مزق صفنا وأنهك قوانا، وما أشبه أدواء الأمة بداء الشاعر بدر شاكر السياب الذي بثه وهو يسمع لنياط رئته تتمزق وهو يرثي حاله
الداء يثلج راحتي ويطفئ الغد في خيالي
ويشل أنفاسي ويطلقها كأنفاس الذبال
تهتز في رئتين يرقص فيهما شبح الزوال
مشدودتين إلى ظلام القبر بالدم والسعال
وما أروع حياة الأسر وهي تخطو إلى الأمام بلمسات إبداعية وهي تتلمس طريقها وسط صراعات إنسانية خاسرة، راصدة علاقة الدنيا بالآخرة بموقف إسلامي في صياغة من عمل وأعطت لهذه وتلك اقتداء بقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أصحاب السنن: "ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة ولا الآخرة للدنيا"، ذلك لأن مفاتيح أبواب السماء هي في الأرض التي نقف عليها حيث يلتقي الدين والدنيا، ومن العار عزل الناس عن واقعهم وعصرهم، والنضال من أجل الدين والدنيا جزء لا يتجزء من الإيمان القوي بالله عز وجل الذي يقول: "وَابْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الاَخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الاَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" [القصص، 77].
وتاريخ الأمة حافل بالمواقف التي أثرت في الحياة الإنسانية إيجابيا لكن عندما أغلقنا الأبواب في وجه الأفكار الإنسانية ومنتجاتها الحضارية، مصرين على الخمول والتخلف ناسين في نفس الوقت أو متناسين أن هناك أهدافا دائمة تشترك فيها جميع الشعوب والأمم طوال العصور المختلفة، ومن لا ينسج مسقبله بالدم والدموع والعرق سيغرق في التخلف البشع طويلا مشلولا لا هو من الأحياء ولا هو من الأموات، غابت عنه شمس الحياة وامتلأت سماؤه بالغيوم، وأكثر ما يقتل الإبداع هو تعليب الإنسان في قوالب صدئة تحول بينه وبين المغامرة لاستكناه مكنونات الحياة الراقية التي هي مزيج وخليط من المواهب والخبرة والتجربة والمتابعة والاطلاع.
وما تخطت أمة في الدنيا ضحالة التخلف إلا بفضل وعيها المستنير لجسامة ما ينتظرها من مصاعب ومبادرتها ومباغتتها بالعزم الحاسم وحسن التدبير، واستشراف هذه المصاعب وتأثير نتائجها المحسوبة على حاضرها ومستقبل مسيرتها وقد يطول بنا الحديث إن أنا أطلقت العنان لقلمي لتتبع الفرص الذهبية الضائعة في تاريخ هذه الأمة البعيد منه والقريب، وأزمة كل عصر تنتظر الحل والفرج على يد الجيل الذي يعايش كل أزمة على حدة بالعمل والفكر والنظر وتدارك الأمر قبل أن يداهمه الخطر، وهناك مسائل معينة وقضايا محددة تحتاج إلى رأي متفق عليه، لا تستشار فيه جماعات الغوغاء والدهماء لأن هذه تتحكم فيها العواطف والمشاعر، وهي لا تتواجد إلا في ليالي العتمة والضباب وبيع الآمال والطموحات قال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ" [المومنون، 116].
والعمل الجاد الأمين الصادر من ضمير حي أحد أرقى أنواع العمل، والفساد حين يستشري وينتشر ويتلبس أثواب الحق وهو باطل، وأثواب الإيمان وهو زائف، وأثواب الثقافة والعلم وهو جاهل فاعلم أن قضية الأمة تلفظ أنفاسها ليعامل الناس معاملة الأشباح لفساد الباطن والظاهر.
وما أشبه اليوم بالأمس في التردد والشك ثم الضلال والضياع مما يعتري الحياة من الأوجاع والأسقام، ومما يعتبر جديدا في المواقف، وما تجاوزه الواقع، وتغليب ظاهرة الخمود بإغلاق أبواب الفكر، وبعث يهدم الفاسد وينمي الصالح ولقد صدق من سماه شبح العصر المخيف وهو يعتصر ما بين يديه لاستخراج خبيئة، ويبعث الفكرة من وراء الفكرة، واستلال الخيوط المضمرة في غيبها ومدها، ونسج ثوب آخر على حد ما يفعله الكبار وإلى جانب هذا البعث ينطلق العبث بفكر جانح ورأي زائغ وقراءة شاردة، وهوى منفلت لإفراغ الإسلام من محتواه بفعل هازل عاجز، يعيق النهوض بما هو أشأم وأخطر لإشاعة الفاحشة وإغراق الأجيال في الشهوات والانحلال الهابط، والترف الفاجر والخداع الممنهج المائع، والتوهين من شأن الإسلام بالتركيز على محطات الفشل والإحباط، والتضليل ومحو التعايش الإنساني، والتسامح بين المسلمين وغيرهم وتحطيم قلاع التعارف البشري، وتقويض العلاقات الاجتماعية بالشطط والتحريض على الظلم والجور وفي هذا الصنف من البشر يقول الله تعالى: "الَذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالاَخِرَةِ" [الاَعراف، 44].
وإن الأسر إذا نبشنا لها عن كنوز تاريخها وفتحنا صناديق ماضيها وأخرجنا لها كل ما فيه من حضارات وفنون وبطولات ولم نفتح لها باب العلم والتقنية وسبيل الرزق؛ فإن تاريخها يكون باطلا وماضيها وهما، إن هذه الأسر تستحق اهتماما كبيرا لفترة من الزمن لتخرج من دائرة الجمود والسلبية والصمت المريب إلى الإيجابية والتفاؤل في سبيل مجتمع إنساني أفضل.
والله الهادي إلى الصواب والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.