لماذا تراجع احتراف لاعبي البطولة في أوروبا؟ ضرورة الرفع من الإهتمام القاعدي للأندية وكأن زمن الإحتراف الأوروبي قد ولى ولم يعد هناك ملجأ للاعبين المغاربة سوى قصد بلاد الخليج، والبحث هناك عن محطة أكثر ما يلهث وراءه اللاعب المغربي هو جمع المال وضمان المستقبل. لقد ولى زمن تهافت الأندية الأوروبية على بطولتنا لإصطياد المواهب وأصبحت بطولات الخليج هي الملاذ الوحيد لأغلب اللاعبين في إشارة لقِصر طموحهم وكذا لأن الأندية الأوروبية قد أدارت ظهرها للبطولة، ولم يعد تغريها هذه السوق لأسباب متنوعة. زمنك يا بطولتنا لا أحد يجادل أن اللاعب المغربي كان سباقا للإحتراف قي أوروبا، وحملت الكرة المغربية المشعل، وتمكنت بنجومها الكبار من تمثيل الكرة الإفريقية أفضل تمثيل، على غرار العربي بنمبارك وأقصبي والخلفي وغيرهم. وتوارث اللاعبون المغاربة هذا الإستحقاق، وشكلت البطولة ملاذا للأندية الأوروبية التي وجدت فيها سوقا غنية بالمواهب المغربية، وربما يبقى جيل التسعينيات َوبداية الألفية الثانية الأخير، حيث تحركت خلاله انتقالات لاعبي البطولة، خاصة عندما نتذكر جيل نورالدين النيبت، عبدالإله صابر، عبدالكريم الحضريوي، يوسف شيبو، يوسف روسي، طلال القرقوري، صلاح الدين بصير، يوسف سفري وغيرهم من اللاعبين الذين تألقوا في البطولة قبل أن تتراجع حركية الإنتقالات بالقارة العحوز. قلة الطلب عودتنا رادارات الأندية الأوروبية أنها غالبا ما تُصوّٓب نحو البطولة المغربية، ومع مطلع كل موسم تبلغ طيور مهاجرة أرض القارة العجوز للإحتراف وعشرات اللاعبين كانوا كل موسم يقصدون القارة الأوروبية ويؤثتون فضاء أنديتها، بيد أن الآونة الأخيرة شهدت تراجعا ملفتا لإحتراف اللاعبين المغاربة بأوروبا وباتت الوجهة الرئيسية، نحو الخليج. ولم يكن هذا التراجع الأوروبي الكلي أو قلة الطلب من محض الصدفة، وإنما دليل على تراجع مستوى المنتوج الكروي المغربي في الفترة الأخرى وعدم قدرة البطولة المحلية ق على إنجاب لاعبين يسحرون عيون الأندية الأوروبية. لقد تراجع الطلب ولم يعد هناك من مستوى يشفع للاعبين بالإحتكاك بالمدارس الكروية العالمية، ومع كل موسم يتراجع الإهتمام من أوروبا مَقابل تزايد النزوح للخليج. الإغراءات المالية إحتراف على المقاس ربما هو العنوان الأبرز الذي بات يتصدر صفقات اللاعبين المغاربة بالخارج، لقد ولى زمن اللاعبين المغاربة وهم يؤثتون فضاء أندية وازنة من طينة لاكورونيا أو بنيفيكا أو سبورتينغ لشبونة وباريس سان جيرمان أو الأندية الأنجليزية، وتراجع الحضور المغربي في البطولات الوازنة إلا ما كان من لاعبين مغاربة أبصروا النور ببلاد المهجر وتشبعوا بأبجديات الكرة في مراكز التكوين· ولأن عمر مهنة كرة القدم قصير واللاعب المغربي يتوق دائما للهروب من شبح الهواية، فإنه غالبا ما يضع الهاجس المادي أمامه، حيث الحاجة لضمان مستقبله وتحسين وضعيته أكان العرض من أوروبا أو الخليج، فأمام سياسات التفقير التي تنهجها أغلب الأندية وغياب أسس تدبير وتسيير محترفة تضمن للاعب المغربي الإستقرار على جميع المستويات لا يجد هذا الأخير بدا من الهروب بجلده من جحيم هواية مضنية إلى آفاق أرحب تتاح له، وما تراجع مدخول الأندية بسبب جائحة كورونا وغيرها من الأسباب، إلا دليل على قلق اللاعب، علما أن مجموعة من الأندية قد اضطر لاعبوها القيام بمقاطعة التدريبات بسبب تأخر صرف المستحقات المالية. الخليج..الملاذ الوحيد أصبحت بطولات الخليج ملاذا للاعبين، وحتى وإن كان البعض يرى ذريعة أن الأندية الأوروبية تفضل التعاقد مع لاعبين يحملون إحدى الجنسيات الأوروبية، فإن الحقيقة تؤكد أن الأمر إنما يتعلق يتراجع مستوى اللاعب المغربي في سوق الإنتقالات الأوروبية، بل لم يعد له وجود أمام الصعود الصاروخي في الإنتقالات الذي يوقع عليه اللاعبون الأفارقة كالكوت ديفوار ومالي والسينغال، لاعبو هذه المنتخبات تسيدوا الأندية الأوروبية، فيما يغيب لاعب البطولة المغربي وتراجع حضوره إلا من بعض الأسماء القليلة. البطولة متهمة تتعددت أسباب تراجع الإحتراف الأوروبي، وتراجع معه إهتمام الأندية الأوروبية بلاعبي البطولة، وأدت البطولة ثمن تراجعها ومشاكلها، كالمالية أو تلك التي تهم جانب التكوين القاعدي للاعبين والمؤطرين وسوء التدبير والتسيير للأندية، وعجزت لإنجاب لاعبين بمستويات كبيرة تخول لهم أن تفتح أطماع الأندية الأوروبية، ورغم الثورة الإحترافية التي عرفتها الأندية والخطوات التي قطعتها، إلا أنها ما زالت تعاني من مخلفات سنوات الفراغ التي مرت منها البطولة والمشاكل التي أثرت على الأندية. واتجهت كذلك الأندية الأوروبية إلى سوق بلدان جنوب الصحراء، حيث فتحت بها مراكز للتكوين، للإستفادة من مواهبها بأقل تكلفة مالية، بل تعدت الإستفادة من هذه المواهب إلى الإستثمار فيها. وكان تأثير الإحتراف الخليجي باديا أيضا على اختيارات المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب المغربي، إذ تعاملوا مع محترفي البطولات العربية بنوع من التحفظ، ولم يتحمسوا كثيرا لهم، مقارنة باللاعبين الذين يحترفون في أوروبا. متى يعودون؟ يسود تفاؤل كبير ليعود النشاط مجددا للإحتراف الأوروبي، بانتقال لاعبي البطولة للإحتراف في القارة العجوز رغم أن ذلكَ سيكون مشروط بعدة أسباب، كعودة الثقة للاعبي البطولة والرفع من درجة تكوينهم ومنحهم أيضا الفرص في منتخبات الفئات الصغرى، حيث تفتح لهم المجال لتقوية عودهم وتجاربهم. والمطلوب تطوير منتوج البطولة والرفع من مستوى المنافسة، وتجاوز المشاكل التي تعاني منها الأندية، وغالبا ما يذهب ضحيتها اللاعب نفسه، وهو الذي يبقى بحاجة لأرضية مناسبة للممارسة، لضمان الرفع من مستواه، غير ذلك فإن ركب الإحتراف الأوروبي سيهرب على لاعبي البطولة، وسيخسرون فرصة اللعب في مستويات عالية دون استثناء فرصة حمل القميص الوطني.