علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع، بكشف عمليات تدقيق واسعة باشرتها لجنة مركزية مشتركة من مفتشي وزارتي الاقتصاد والمالية والداخلية عن خروقات خطيرة شابت مئات الصفقات العمومية، أبرمتها جماعات ترابية ومؤسسات عمومية، بعدما تبين اعتماد شركات فائزة على وثائق مزورة ضمن ملفات طلبات العروض، هممت ضمانات بنكية وشهادات تسوية جبائية مزورة، ومراجع صفقات وخبرات مشكوك في صحتها. وأفادت المصادر ذاتها، رصد مصالح التفتيش التابعة للمالية والداخلية خلال مهام افتحاص وثائق مقاولات مقدمة للتنافس على طلبات عروض، تضمنها وثائق مزورة همت حسابات وكشوفات بنكية وشهادات إدارية متعلقة بالذمة المالية للشركات المتنافسة، موضحة أن المفتشين تزودوا بمعطيات دقيقة حول خروقات شابت صفقات جماعتين بجهة الدارالبيضاء وثلاث مؤسسات عمومية، يوجد مقرها بالرباط، وذلك من خلال شكايات تقدم بها أرباب مقاولات أقصيت من صفقات الجهات المذكورة. وأكدت المصادر نفسها، ضبط عناصر التفتيش ضمن الوثائق المقدمة للتنافس على صفقات عمومية، موضوع شكايات سابقة، ضمانات بنكية لا تعكس الوضع المالي الحقيقي للشركات التي أدرجتها ضمن ملفاتها، كما وقفوا، من خلال البحث في وثائق مقاولات أنجزت صفقات لفائدة مؤسسات عمومية، على شهادات إدارية مزورة، من بينها شواهد إبراء الذمة الصادرة عن المصالح الضريبية، وذلك قبل اعتماد المديرية العامة رقمنة تسليم هذه الشهادات. وكشفت مصادر الجريدة عن تحويل لجنة التفتيش المشتركة ثماني ملفات إلى مصالح الشؤون القانونية والمنازعات بجماعات ومؤسسات عمومية، تمهيدا لإحالتها على القضاء، وتعميق البحث وتكييف التهم الموجهة إلى مسؤولين ثبت تورطهم في خروقات عند تدبير طلبات عروض صفقات، سهلت تسلل وثائق إدارية مزورة إليها، ما أضفي على هذه الأفعال طابعا جنائيا. وانصبت مهام المفتشين، وفق مصادر هسبريس، على الصفقات التي لا تستوجب الإعلان عن طلبات العروض، بعد تحديد لائحة هذا الصنف من الصفقات بقرار لوزير الاقتصاد والمالية، حيث خضعت هذه اللائحة لمراجعات خلال السنوات الأخيرة، همت عددا من الخدمات والمواد، موضحة رصد تمرير هذه الصفقات بطريقة مباشرة، خصوصا المتعلقة بتنظيم التظاهرات الثقافية والعلمية والرياضية، وأعمال المساعدة والاستشارة التقنية والقانونية والمحاسباتية، وأعمال مراقبة وتحليل المعايير الإلزامية، وحراسة المهرجانات والتظاهرات الثقافية، وأعمال الإشهار ودعامات الوسائط، إضافة إلى الأشغال الطبوغرافية. ومعلوم أن الصفقات العمومية تخضع لمرسوم وقرارات متفرقة بين رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية، في ظل مطلب بإحداث مدونة خاصة بهذه الصفقات، تمثل إطارا تشريعيا جامعا، يسد مجموعة من الثغرات التي تمثل اختلالات مهمة، تكبد ميزانية الدولة خسائر بالمليارات سنويا، وتساهم في هدر المال العام، وعدم بلوغ النجاعة على مستوى تنفيذ البرامج والاستراتيجية العمومية في مجالات مختلفة. وأوضحت المصادر في السياق ذاته، أن عمليات التدقيق الجارية شملت ضبط هوية مسيري مقاولات متورطة في حيازة صفقات بوثائق مزورة، شكلوا موضوضع قرارات سابقة بالاستبعاد المؤقت والنهائي من المشاركة في صفقات بموجب مقتضيات المادة 152 من المرسوم رقم 2.22.431، المتعلق بالصفقات العمومية، الذي دخل حيز التنفيذ في مارس 2023، مؤكدة تركيز المفتشين على بحث مسببات إقصاء مقاولات هؤلاء المسيرين من صفقات وعلاقاتها بمخالفات تسييرية، خصوصا ما يهم تقديم وثائق غير حقيقية، عبارة عن شهادات تسوية جبائية ووثائق جودة وصفقات مرجعية وكشوفات بنكية.