تشكيل "ليغ 1" المثالي يضم حكيمي    تعاون إسباني برتغالي يُحبط تهريب 3.7 طن من الحشيش انطلقت من شمال المغرب    ترامب يصف الحرب على غزة بالوحشية.. ويعتبر إطلاق سراح أسير أمريكي لدى "حماس" "بادرة حسن نية"    (ملخص).. برشلونة يقترب من لقب الدوري الإسباني بتغلبه على ريال مدريد في الكلاسيكو    بهذا السيناريو ودعت المغرب التطواني البطولة الاحترافية بعد هزيمة قاسية أمام شباب السوالم … !    أميركا والصين تتوصلان لاتفاق بشأن النزاع حول الرسوم الجمركية    أسبوع القفطان يحتفي بالصحراء المغربية ويكرس المملكة كمرجع عالمي للقفطان    الدعوة من العيون لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    لكوس القصر الكبير يتوج بلقب البطولة الوطنية لكرة القدم داخل القاعة    رسمياً.. المغرب التطواني إلى القسم الوطني الثاني    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    لتخفيف الضغط.. برلماني يطالب ببناء مجمع سكني للعاملين بميناء طنجة المتوسط    جريمة "قتل سيسيه" تنبه الفرنسيين إلى ارتفاع منسوب الكراهية ضد المسلمين    موانئ المغرب تحظى بإشادة إسبانية    بوصوف: رؤية الملك محمد السادس للسياسة الإفريقية تنشد التكامل والتنمية    الدرك يُطيح بمروجَين للمخدرات الصلبة بضواحي العرائش    "منتخب U20" يجهز للقاء سيراليون    إيغامان يساهم في فوز عريض لرينجرز    عيدي يوثق الحضور المغربي بأمريكا    شبهات في صناعة قوارب الصيد التقليدي بمدينة العرائش: زيادات في المقاسات وتجاوزات قانونية تحت غطاء "باك صاحبي"!    مجلس ‬المنافسة ‬يكشف ‬تلاعبا ‬في ‬أسعار ‬السردين ‬الصناعي ‬    الحكومة الفرنسية: العلاقات مع الجزائر "مجمدة تماما" وقد نجري عقوبات جديدة    تاراغونا- كتالونيا مهرجان المغرب جسر لتعزيز الروابط الثقافية بين المملكتين بحضور السفيرة السيدة كريمة بنيعيش    الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو في الأقاليم الجنوبية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الوساطة السعودية تنجح في وقف التصعيد الباكستاني الهندي    خطأ غامض يُفعّل زلاجات طائرة لارام.. وتكلفة إعادتها لوضعها الطبيعي قد تتجاوز 30 مليون سنتيم    جمعية الشعلة تنظم ورشات تفاعلية للاستعداد للامتحانات    البابا ليون الرابع عشر يحث على وقف الحرب في غزة ويدعو إلى "سلام عادل ودائم" بأوكرانيا    مراكش تحتضن أول مؤتمر وطني للحوامض بالمغرب من 13 إلى 15 ماي 2025    المحامي أشكور يعانق السياسة مجددا من بوابة حزب الاستقلال ويخلط الأوراق الانتخابية بمرتيل    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا يعود إلى الواجهة بميزانية أقل    الحزب الشعبي في مليلية يهاجم مشروع محطة تحلية المياه في المغرب للتستر على فشله    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    انهيار "عمارة فاس".. مطالب برلمانية لوزير الداخلية بإحصائيات وإجراءات عاجلة بشأن المباني الآيلة للسقوط    إسرائيل تستعيد رفات جندي من سوريا    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    "الاتحاد" يتمسك بتلاوة ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    زيلينسكي: روسيا تدرس إنهاء الحرب    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس المساواة
نشر في اليوم 24 يوم 15 - 08 - 2018

بعد مرور 88 سنة على صدور كتاب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع»، الذي توقع فيه صاحبه، الشيخ الطاهر الحداد، تحقيق المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، عندما تتوفر الشروط لذلك، ها هو الرئيس التونسي يقرر عرض نص مشروع قانون المساواة في الإرث على البرلمان.
الجديد في خطوة الرئيس التونسي هو أنه أخذ العصا من الوسط، بين من يدعون إلى إلزام كل التونسيين بالمساواة في الإرث، تفعيلا لمقتضيات دستور 2014 واحتراما لالتزامات تونس الدولية، وبين من يرفضون دعاوى المساواة ويعتبرونها «التفافا مشينا على قيم الإسلام وتعاليمه»، بتعبير جامعة الزيتونة. فبين هؤلاء وأولئك قال الباجي قائد السبسي: «نقترح أن تصبح المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة قانونا، لكن بما أن رئيس الدولة رئيس الجميع، ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، نقترح أن المورِّث الذي يريد تطبيق القواعد الشرعية في ورثته له ذلك».
هذا القرار، وبهذه الطريقة الاختيارية التي سينزل بها، إن جرى تنزيله، سيكون بمثابة استفتاء شعبي، وعلى محك التجربة، حول خلافٍ ظل حاضرا بقوة وسط المجتمعات العربية الإسلامية، منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية التونسية في 1956، والتي أقرت أمورا غير مسبوقة في التشريع الإسلامي، مثل إلغاء تعدد الزوجات الذي انتظرنا نحن في المغرب 48 سنة لنقوم بتقنينه في 2004. مع العلم أن الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، كان يتجه إلى فرض المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، أواسط السبعينات، لولا أنه تلقى برقية تهديد من الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، الذي خرج مستقويا من أزمة حظر النفط سنة 1973، حسب ما حكاه محمد المصمودي، وزير خارجية تونس في عهد بورقيبة.
إن دعوة المحافظين إلى تنظيم استفتاء حول المساواة في الإرث، والرد الذي قدمته بشرى بالحاج حميدة، رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة، بأنه «لا يمكن وضع حقوق الإنسان محلّ استفتاء»، هو خلاف يمكن حله بطرح القانون أمام الشعب؛ فمن شاء أوصى بتقسيم إرثه على ورثته وفق الشريعة، ومن شاء اللجوء إلى القانون المدني فله ذلك. هذا مع العلم أن أغلب دعاة المساواة في الإرث –خصوصا أعضاء اللجنة- لا يتوقفون عن القول إن توصياتهم «لا تتنافى وجوهر الإسلام»، ناهيك عن أن دار الإفتاء التونسية (بمثابة المجلس العلمي الأعلى عندنا في المغرب) تؤيد المساواة في الإرث، وتعتبر أن «الدين الإسلامي نادى بذلك، في قوله تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، فضلا عن المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية، والتي تعمل على إزالة الفوارق في الحقوق بين الجنسين».
لن أخوض هنا في نقاش قيمي تفضيلي حول نظامي الإرث الديني والمدني، ولا حول ما إذا كانت الآيات القرآنية المتعلقة بالإرث آيات محكمة لا يحق لأي كان تأويلها أو تعطيلها، من عدمه، ولن أقيم أي مقارنة بين أوضاع النساء وحالة التنمية في البلدان التي تعتمد قوانين مدنية في الأحوال الشخصية وتلك التي تتمسك بالشريعة الإسلامية مرجعا رئيسا أو وحيدا في هذا المجال… فذاك نقاش ليس في الإمكان أبدع مما كان وما قيل حوله، وقد سلخنا فيه أعمارا، دون أن يزحزح أي فريق الفريق الآخر عن قناعاته، لكنني أعتبر عرض الرئيس الباجي قائد السبسي أرضية مهمة، لاعتبارين أساسيين؛ أولا، لوقف إهدار الوقت والطاقات وأحيانا الدماء بين القوى الحية في مجتمعاتنا، حيث يضطر الديمقراطيون، في موضوع كهذا، إلى التنسيق والتحالف مع غير الديمقراطيين تحت مسمى الدفاع عن قيم الحداثة والليبرالية، مثل اصطفاف اليسار الديمقراطي جنب حزب الأصالة والمعاصرة عندنا في المغرب، أو يسار الجبهة الشعبية مع فلول بنعلي في تونس، مقابل اصطفاف الإسلاميين المعتدلين جنب الوهابيين والجهاديين والأحزاب الإدارية والزوايا الطرقية (مثلما حدث في مسيرة الدار البيضاء ضد الخطة الوطنية لإدماج المرأة سنة 2000). لذلك، فالتعنت في هذا الشأن يُفوت فرصة حوار القوى الحية على أرضية ديمقراطية، ويمكِّن قوى الظلام والدماء والأذرع السياسية للفساد والاستبداد من الانتعاش. ثانيا، لا معنى للحديث عن الدولة المدنية إذا كان مواطنوها محرومين من حق اختيار طريقة تدبير أحوالهم الشخصية وممارسة حرياتهم الفردية؛ فكيف لشريحة، مهما كانت واسعة، داخل مجتمع تعددي، أن تفرض تأويلا واحدا للنصوص الدينية –حتى لو كانت قطعية ومحكمة- إذا كان لا إكراه في الدين أصلا؟
ختاما، أردد ما قالته نزهة كسوس، عضو اللجنة الاستشارية الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية، نشرته «L'économiste» بعنوان «تمنيت لو كنت تونسية!»: «ما يحدث في تونس، على المستوى التاريخي والتشريعي في العالم الإسلامي، هو عملية تسعى إلى التوفيق بين الإيمان وبين تحقيق الرفاهية للفرد وللمجموعة التي يوجد ضمنها. أليس هذا هو ما تحدث عنه الإمام ابن القيم (أينما كانت المصلحة فثم شرع الله)؟ أليست هذه واحدة من المعارك التي قادها -وخسرها للأسف- ابن رشد، عندما أكد أنه إذا تعارض الدينُ مع العقل، فقد أسيء فهم الدين؟»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.