نادي السد يتوج بلقب كأس قطر لكرة القدم عقب فوزه على الدحيل (4-3)    نادي القضاة يستعد لعقد جمعه العام لانتخاب مكتب جديد    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    مركز مغربي: الحكم الذاتي يتيح تنافس قادة "البوليساريو" مع نخب الصحراء    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    وعود استثمارية ضخمة تتوج مباحثات وكالة التنمية الفرنسية بالأقاليم الجنوبية    فليك ينتظر هيمنة برشلونة أمام الريال    منتخب الشباب يستعد للقاء سيراليون    أرسنال يجهز الممر الشرفي لليفربول    الى صديقي يونس    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    مصرع 6 أشخاص في حادثة سير مروعة بالطريق السيار    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    زلزال تفوق قوته 5 درجات يضرب هذه الدولة    حريق مهول يلتهم وحدة صناعية للأغطية دون خسائر بشرية    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    في يومها العالمي.. شجرة الأركان تتوّج رمزًا للتراث المغربي والصمود البيئي    العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تستنكر حرمانها من وصل الإيداع القانوني    ترامب يعلن موافقة باكستان والهند على وقف "فوري" لإطلاق النار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    مراكش .. انطلاق فعاليات البطولة الوطنية للشطرنج    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يستعد للإعلان عن اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية خلال جولته الشرق أوسطية    مهرجان مغربي في تاراغونا يبرز عمق العلاقات بين المغرب وإسبانيا    وساطة أمريكية تنهي التصعيد بين باكستان والهند    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    الأوروبيون يسعون لهدنة مع موسكو    وكالة الحوض المائي اللكوس تطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    طنجة تستقبل العالم وشوارعها ما زالت تبحث عن التهيئة    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    القضاء الأمريكي يجمد تسريح موظفين    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    النصيري يستعيد بوصلة التسجيل بتوقيع هدف في مرمى باشاك شهير    غزة تموت جوعا... كيلو الدقيق ب10 دولارات ولتر الوقود ب27    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    إيران وأمريكا تستأنفان المحادثات النووية يوم الأحد    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    النظام الجزائري يمنع أساتذة التاريخ من التصريح للإعلام الأجنبي دون إذن مسبق: الخوف من الماضي؟    أسود الأطلس... فخر المغرب الذي لم ينقرض بعد    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريف الصيني يطعم مليار و 300 مليون نسمة، فكيف نجح..؟
نشر في اليوم 24 يوم 10 - 09 - 2013

في الأدبيات التي تتناول التغيير الاجتماعي والديمقرطي، غالبا ما ينظر للأرياف بقدر كبير من التهميش
فالعديد من الكتاب الغربيين يميلون إلى إرداف الدمقرطة والمواطنة بالوسط الحضري، فالحداثة السياسية تتولد بفعل الحركات الاحتجاجية "لسكان الحضر" ، حيث يدفعون في اتجاه علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع، عبر تعزيز الشرعية الشعبية و الديمقراطية التمثيلية.
بينما المعارضة بالأرياف تظل جد محدودة، والحركات الجماعية غير نشيطة، والنخب تدافع عن الامتيازات الزراعية، وحتى الحركات الاحتجاجية بالأرياف يصعب أن تكون مرتبطة بقضايا المجتمع ككل. فهل الصين استثناء عن هذا الخط العام؟ .
فقد مثل الريف الصيني مركز اهتمام لدى مختلف السلالات التي حكمت الصين قبل انهيار الحكم الإمبراطوري في مطلع القرن العشرين، ولم يخرج عن هذه القاعدة الحزب الشيوعي الصيني، الذي تعهد منذ انطلاق شرارة حرب التحرير، بإقامة مجتمع أكثر مساواة وإزالة كل أشكال الطبقية.
فبالأرياف حصلت الدولة الشيوعية على الشرعية السياسية منذ قيامها سنة 1949، كما أن الإصلاحات التي انخرطت فيها الصين منذ 1978 انطلقت شرارتها الأولى من الأرياف، فالإصلاحات الاقتصادية بدأت في البداية بتغيير الريف وليس بتشييد المصانع. إذ عمل الحزب الشيوعي على تبني إستراتيجية لتنمية الريف الصيني تقوم على دعامتين:
الدعامة الأولى: تنفيذ إصلاح زراعي بهدف رفع الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل سكان الريف، وذلك عن طريق خصخصة الإنتاج الزراعي. أما الدعامة الثانية : فهي التصنيع الريفي . و سأحاول في هذه المداخلة التركيز على الإصلاحات الزراعية التي تمت بعد 1978.

الريف الصيني عند انطلاق إصلاحات 1978
في عام 1978، كان عدد السكان الذين يعيشون في فقر مدقع حوالي 250 مليون، أي 30،7 ٪ من مجموع سكان الريف، وفقا لمعيار الفقر التي حددته الحكومة الصينية. أسباب كثيرة أدت إلى هذا العدد الكبير من الفقراء. احد الأسباب الرئيسية كان نظام التشغيل في مجال الزراعة الذي لا يتناسب مع احتياجات تطوير القوى المنتجة، ذلك أن الفلاحين افتقروا إلى الحماس للإنتاج. ولهذا السبب، فإصلاح نظام الاستغلال في المجال الزراعي شكل الطريقة الأمثل لتخفيف وطأة الفقر.

نوعية الإصلاحات الزراعية
شهدت الزراعة الصينية بعد 1978عدة تغييرات: فقد تحولت من الرقابة الشديدة المفروضة من النظام المركزي إلى تفويض تسير الاستغلاليات الفلاحية للأجهزة المحلية. تم فيما بعد تم تفويت تدبير الضيعات الزراعية للأسر الريفية، فأصبح الإنتاج الزراعي يتجه أكثر نحو نظام يقوده بشكل متزايد نظام السوق، بدلا من أهداف وخطط الحكومة.
فمابين 1979 و1982 تم الانتقال من نظام الكمونات إلى الاستغلال الفردي للضيعات الزراعية، حيث يتم إبرام عقد إيجار بين الأسر الزراعية والحكومة المحلية ، وخلال هذه الحقبة تمكنت نحو 180 مليون أسرة ريفية من استئجار استغلاليات فلاحية . واستجابة لهذا التغيير، فقد ارتفع الإنتاج الزراعي ، وارتفعت المداخيل في المناطق الريفية ، وتحسن أداء أسواق المنتجات الزراعية. فباستثناء الحبوب، فان إنتاج وتوزيع وتسويق المحاصيل والمنتجات الحيوانية، أصبحت بيد المزارعين ولم تعد بيد الأجهزة الحكومية..
فالإصلاحات التي بدأت في عام 1978 هي ، أولا وقبل كل شيء ، إصلاح نظام إدارة الأراضي الزراعية . حيث تم استبدال نظام الإدارة المحلية الجماعية/ الشعبية، بنظام المسؤولية التعاقدية للأسر المعيشية. هذا التغيير في نظام إدارة الأرض منح الفلاحين الحماس الحقيقي للعمل، ومكن من تحرير القوى المنتجة وتحسين الإنتاج . وفي غضون ذلك ، كثير من الإصلاحات الأخرى ، مثل التخفيف التدريجي من السيطرة على أسعار المنتجات الزراعية وتطوير مشاريع البلدات القرى، فتحت طرق جديدة لحل مشكلة الفقر في المناطق الريفية.
بعد 1984- 1985 تم تقليص تدخل الدولة في تحديد أسعار المنتجات الزراعية. هذا القرار شجع على الإنتاج، فالإنتاج نما بسرعة وبلغ متوسط نمو (GDP)الفلاحي حوالي 53% خلال الفترة مابين 1979 و 1984.
و في سنة 1984 مشاريع الكمونات والألوية تحولت لمشاريع البلدات والقرى، بينما الدور الإداري للكمونات أصبحت تمارسه وحدات إدارية بالبلديات والقرى. كما سمحت الحكومة بإنشاء مشاريع خاصة في المناطق الريفية، مع إمكانية العمل بهذه الأنشطة الصناعية والخدماتية.هذا بالموازاة مع تخفيف القيود المفروضة على حركة الهجرة من الريف إلى المدن .
ويلاحظ في الفترة بين 1952-1957عندما كان المزارعون يتمتعون بملكية الأرض، أن إنتاجية العمل نمت ب 1.7% في السنة والإنتاجية الكلية للعوامل نمت بنحو 0.63% . بينما الفترة ما بين 1957 و 1978 انخفضت إنتاجية العمل بنحو 0.2 % في السنة، مع تدهور الإنتاجية الكلية للعوامل. أما المرحلة في ما بين 1978 و1987 فقد ارتفعت إنتاجية العمل بنحو %5 سنويا مع تبني سياسة التحرير وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية كما أن .الإنتاجية الكلية للعوامل ارتفعت ب نحو 4.6 سنويا في الفترة من 1987-1994 بينما تقلصت إنتاجية اليد العاملة حيث نمت بنحو 3 سنويا.

عدوى التنمية
الإصلاحات الزراعية المتعاقبة سرعت من تنمية الاقتصاد الوطني وعادت بالفائدة على الساكنة الريفية من ثلاث نواحي: رفع أسعار المنتجات الزراعية ، وتحويل هيكل الإنتاج الزراعي نحو القيمة المضافة الأعلى، وتوظيف العمال في المناطق الريفية في القطاعات غير الزراعية. ومن ثم تمكين العديد من المزارعين من التخلص من الفقر.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، ففي الفترة من 1978 إلى 1985 نصيب الفرد من الناتج من الحبوب شهد زيادة بنسبة 14 ٪ في الريف ، من جانب القطن 73،9 ٪ المحاصيل الزيتية 176،4 ٪، واللحوم بنحو 87،8 ٪ والدخل الصافي لكل فلاح تضاعف بحوالي 3،6 مرات . عدد الفقراء غير القادرين على إطعام وكساء أنفسهم قد انخفض من 250 مليون إلى 125 مليون، و تقلص إلى 14،8 في المائة من مجموع السكان في المناطق الريفية .وعدد الفقراء انكمش بمعدل بلغ في المتوسط 17،86 مليون سنويا.
وبالرغم من أن دور الزراعة في الاقتصاد الصيني قد تراجع. فإنها لا تزال تساهم بنحو 12 ٪ من الناتج المحلى الاجمالى وتوفر نحو 40 % من فرص العمل سنة 2006. وتكمن أهمية الإصلاح الزراعي والتنمية الريفية في كون أن معظم الفقراء يعيشون في المناطق الريفية، وان الزراعة لازالت مشغل أساسي للساكنة بالريف فبلغ إجمالي العاملين بالأنشطة الزراعية حوالي 50 % من سكان الريف. كما أن الزراعة في الصين نجحت في توفير الغذاء لنحو 1،3 مليار صيني، وتعد أحد الروافد الأساسية للاقتصاد الصيني. فصافي الصادرات من المنتجات الغذائية(بما في ذلك مصايد الأسماك) بلغ أزيد من 5 مليارات دولار سنويا مابين 2002و 2008.
و في الختام أقر بأني حاولت أن ابسط الموضوع قدر الإمكان لكني عجزت عن تحقيق أقصى درجات التبسيط ، لكن أهم الاستنتاجات التي ينبغي استنتاجها من هذا التحليل، و تحديدا للقارئ العربي، هو أن عملية التنمية ليست بالعمل العشوائي بل هي تراكم إنجازات و علاج دوري للاختلالات التي تمس بنية المجتمع و هو يسير باتجاه النمو و التوسع. و لما كانت عملية التنمية كذلك فلابد على هذا المجتمع أن يحدد اختياراته بدقة هل يريد البقاء في القاع أم يريد الصعود للقمة ، كما عليه أن يختار قادة قادرون على التفكير خارج الصندوق لإبداع و ابتكار الحلول للمشاكل و العوائق التي تواجه قطار التنمية، بدلا من الاكتفاء بقادة جهلاء و عملاء محدودي الأفق و التفكير ...و لكم واسع النظر ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.