بعد الإعلان عن بداية تنسيق أمني بين المغرب وإسبانيا للحد من محاولات اقتحام مدينة مليلية المحتلة من طرف المهاجرين الأفارقة، وإحباط عشرات محاولات الاقتحام جاء الدور على منظمة مجموعة من الهيئات الحقوقية الإسبانية لكي تقدم رأيها في طريقة تعامل الأمن في البلدين مع هؤلاء المهاجرين، حيث أصدرت هذه الهيئات تقريرا يرسم صورة قاتمة للطريقة التي يتم التعامل بها مع المهاجرين. وقد تم التحضير لهذا التقرير من عدد من الهيئات الحقوقية الإسبانية (الحملة الوطنية لإغلاق مراكز اعتقال المهاجرين، التنسيقية الوطنية لمناهضة التعذيب، والمرصد الوطني لحقوق الإنسان)، حيث قامت جميع هذه الهيئات بزيارة إلى كل من مدينتي سبتة ومليلية خلال الأسبوع الماضي، قبل أن تعلن عن تقريرها النهائي الذي سيعرض أمام كل من هيئة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب، وهيئة الاتحاد الأوروبي لمناهضة التعذيب. ووجه هذا التقرير انتقادات لاذعة لكل من المغرب وإسبانيا، حيث يسجل "انتهاكات واضحة" لحقوق المهاجرين على السياج الحديدي لمدينة مليلية، قبل أن يشير إلى أن الوضع على الحدود مع مليلية وصل مرحلة "خطيرة تتطلب التدخل العاجل لإيقاف كل الانتهاكات التي تحدث هناك". هذا التقرير سيجعل كلا من المغرب وإسبانيا يواجهان العديد من الاستفسارات التي ستقدمها المنظمات الأممية والأوروبية حول تعامل رجال الدرك المغربي والحرس المدني الإسباني مع المهاجرين الذين يحاولون التسلل إلى المدينةالمحتلة، في المقابل فإن التقرير لم يوجه أي اتهامات للمهاجرين باستعمال العنف أو مهاجمة رجال الأمن. وسجل التقرير على أن استعمال رجال الأمن للغاز المسيل للدموع من طرف الحرس المدني الإسباني يعتبر "انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان"، عدى تسجيل عدد من الإصابات في صفوف المهاجرين. ومن بين الممارسات التي اعتبرها التقرير "منافية للقانون الدولي"، هي الترحيل القسري للمهاجرين الأفارقة إلى الحدود المغربية، وترك مهمة التعامل معهم للأمن المغربي، كما أن "المحظوظين" من المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين ينجحون في العبور إلى مدينة مليلية، فإنهم يعيشون في ظروف صعبة سواء على المستوى الخدمات الصحية أو الغذائية وبرر التقرير هذا الأمر بكون مركز إيواء المهاجرين في مليلية قد تجاوز طاقته الاستيعابية بشكل كبير، وأشار التقرير إلى مسألة مهمة وهي التعامل مع القاصرين، مؤكدا على أن "هناك تجاهلا تاما للعناية وحماية المهاجرين القاصرين في مدينة مليلية". ومن المنتظر أن يتم عرض هذا التقرير على هيئة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وهيئة الاتحاد الأوروبي لمناهضة التعذيب خلال الأيام القادمة، وهو ما سيتطلب من كل من المغرب وإسبانيا تقديم ردود على ما جاء هذا التقرير.