قال وزير التربية الوطنية، محمد سعد برادة، إن الهدر المدرسي ما يزال من بين الإشكالات العويصة التي تعاني منها المنظومة التعليمية بالمغرب، مسجلا مغادرة نحو 280 ألف طفل المؤسسات التعليمية خلال السنة الجارية، من بينهم 160 ألفا في سلك الإعدادي و70 ألفا في الابتدائي. وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أكد برادة أن الوزارة تبذل جهودا متعددة لمحاصرة هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن تجربة مدارس الريادة مكنت من تقليص نسب الهدر المدرسي بحوالي 4 في المائة. كما شدد على أهمية الأنشطة الموازية والتتبع الفردي للأطفال في وضعية صعبة، عبر خلايا خاصة سيتم تعميمها على جميع الإعداديات سواء كانت رائدة أو غير رائدة. وأشار الوزير إلى أن منظومة "مسار" أصبحت أداة دقيقة للتنبؤ بالتلاميذ المهددين بالانقطاع، من خلال تحليل التعثرات الدراسية ونسب التكرار وضعف المعدلات. كما لفت إلى أن تحديات الهدر المدرسي ترتبط أيضا بعوامل لوجستيكية، أبرزها ضعف ربط المؤسسات التعليمية في الوسط القروي بشبكات الماء الشروب والتطهير السائل. وفي سياق متصل، كشف برادة أن الكلفة الإجمالية للحوار الاجتماعي القطاعي وتفعيل مخرجاته بلغت أزيد من 27 مليار درهم، منها 10 مليارات ستضاف هذه السنة، مؤكدا أن جميع الإجراءات ذات الأثر المالي التي تم الاتفاق عليها نُفذت بنسبة مائة في المائة. وأوضح أن الاتفاقين الموقعين في 10 و26 دجنبر 2023 أسفرا عن زيادات عامة وصافية في الأجور بلغت 1500 درهم لفائدة 330 ألف موظف وموظفة، بتكلفة سنوية تناهز 10 مليارات درهم، إضافة إلى زيادات أخرى لفئات محددة كالموظفين في الرتبة الثالثة بالدرجة الممتازة، وإحداث درجة ممتازة جديدة يستفيد منها حوالي 80 ألف موظف قبل عام 2028. وأشار الوزير إلى أن منحة مؤسسات الريادة توسعت لتشمل 50 ألف موظف هذا العام بكلفة 710 ملايين درهم، مع رفع التعويض عن الساعات الإضافية من 54 إلى 100 درهم، مما يتيح للأساتذة في المدارس الرائدة زيادات شهرية تصل إلى 1600 درهم. وأكد برادة أن الإصلاحات طالت أيضا الجوانب المهنية والقانونية، من خلال منح صفة "موظف عمومي" لجميع العاملين بالقطاع، وتسريع مسار الترقية لتصبح سنتين فقط ابتداء من الرتبة السابعة. كما تمت تسوية ملفات فئوية عالقة منذ سنوات، منها ملف الأساتذة العرضيين (5500 موظف) وملف "الزنزانة 10" (19285 موظفا)، فضلا عن إرجاع مبالغ اقتطعت سابقا ل5454 متصرفا تربويا. وختم الوزير مداخلته بالإشارة إلى أن الوزارة أصدرت 45 نصا تنظيميا لتفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي، بينما يجري إعداد 11 نصا آخر، ما يرفع نسبة إنجاز الشق القانوني إلى نحو 90 في المائة، معتبرا أن هذه الإصلاحات تترجم "العناية الملكية الخاصة بملف التعليم"، وتضع الأسس لمنظومة أكثر عدالة وفعالية.