ما تزال الدولة ومؤسساتها لا تنفذ نسبة مهمة من الأحكام النهائية الصادرة ضدها، هذا ما كشفت عنه أرقام تم الحديث عنها خلال ندوة حول "عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة وإدارتها ومؤسساتها العمومية والجماعات الترابية المحلية. وفي هذا الصدد، أشار هشام رياني مدير مصلحة القضاء الإداري بوزارة العدل، الذي كان يتحدث خلال الندوة التي نظمها مرصد العدالة في المغرب اليوم السبت بالرباط، إلى إن الملفات غير المنفذة تعرف تزايدا ملحوظا، متحدثا في هذا السياق عن إحصائيات حول نسبة تنفيذ الأحكام النهائية في مواجهة أشخاص القانون العام تفيد أن هذه النسبة لم تتجاوز 45.3 بالمائة سنتي 2012 و 2013 في وقت بلغت 47 في المائة 2014. رياني، وبعد تعبيره عن الرغبة في "تجاوز هذه النسب خلال السنة الجارية"، قدم بعض المعيقات القانونية التي تجعل من تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة أمرا صعبا، ومنها كون "قانون المسطرة المدنية لا يستوعب طريقة اشتغال أشخاص القانون العام إداريا وماليا"، هذا إلى جانب "تنصل بعض الإدارات من التنفيذ بسبب عدم وضوح الجهة المحكوم عليها في العديد من الأحكام"، وغيرها من المعطيات التي أكد المتحدث نفسه على السعي إلى تجاوزها عن طريق وضع إطار قانوني جديد تضمنه مشروع قانون المسطرة المدنية. من جهته، أكد محمد الهيني ممثل جمعية عدالة ونادي قضاة المغرب، خلال مداخلته على أن "تنفيذ الأحكام القضائية هو الأصل من اللجوء للقضاء، وعدم التنفيذ يؤثر على القضاء ويفقد المواطنين الثقة فيه"، معتبرا أن عدم تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة ومؤسساتها " ظاهرة مقلقة وسلبية وتخل بمبدأ العدالة"، داعيا في هذا السياق إلى "التفكير في آليات قانونية لوقفها" في سبيل "خضوع الجميع إدارة ومواطنين لمبدأ الشيء المقضي به، وذلك وفقا لآجال معقولة". إلى ذلك، شدد مرصد العدالة بالمغرب في أرضية الندوة على أن "عدم تنفيذ الأحكام القضائية ينطوي على إهانة للقانون وللقضاء ومكافأة للمعتدين على الحقوق وتبخيسا لأصحاب الحقوق المعتدى عليها"، كما أنه "يجعل من اللجو الى القضاء لحماية الحقوق اهدارا للجهود والوقت والمصاريف سواء للقضاء أو للمتقاضين". على صعيد آخر، أورد المصدر ذاته أن التجربة في المغرب أثبتت أن "مختلف التعديلات والإضافات التي أدخلت على القانون والمتعلقة بحماية الحقوق الثابتة بمقتضى أحكام قضائية صادرة ضد الدولة لم تكن كافية لاجبارها على التنفيذ"، وذلك بسبب "غياب ارادة كافية لاجبارها على التنفيذ و غياب إرادة الامتثال للقانون وللأحكام القضائية النهائية".