تقرير جديد لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، صدر اليوم الأربعاء، يكشف أوضاعا «قاتمة» أخرى يعانيها المرضى المغاربة، ويقول «إن عشرات الآلاف من المرضى المصابين بأمراض خطيرة في المغرب يعانون آلاما حادة، وأعراضا أخرى يمكن تفاديها» بسبب عدم وجود بنيات استشفائية لتلقي العلاجات، التي تخفف الألم في كثير من المناطق، أو بسبب وجود قيود على استعمال مواد تخفيف الألم، أو غياب طواقم طبية مدربة على هذا النوع من العمليات . ويقدر تقرير «كنتقطّع بالحريق (أتمزق ألما): التحديات والتقدم في ضمان حق الرعاية التلطيفية في المغرب»: أن «أكثر من 62 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى رعاية تلطيفية (أوعلاج تلطيفي)، الهدف منها تحسين حياة المرضى الذين اقتربوا من أواخر أعمارهم، وذلك بعلاج الألم والأعراض الأخرى التي يعانون منها». وأجرت "هيومن رايتس ووتش" مقابلات معمقة مع 85 مريضا وعاملين في المجال الصحي في 5 مناطق مغربية بين شتنبر 2014 ويناير 2015، وخلصت إلى أن الوضع «قاتم بشكل خاص بالنسبة إلى 40 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى رعاية تلطيفية لأمراض أخرى غير السرطان، مثل الذين بلغوا مراحل متقدمة من أمراض القلب أو الرئتين أو الكلي، لأن المغرب لا يوفر الرعاية التلطيفية لكل هؤلاء». وبحسب التقرير، فإن مرضى كثيرون يعانون آلاما شديدة دون الحصول على علاج مناسب نتيجة لندرة الرعاية التلطيفية، وكشفت أن حوالي 1 من بين كل 50 طبيبا مغربيا يمكنه أن يعطي وصفة فيها دواء «المورفين» لمرضى خارج المستشفيات، رغم أنه أهم علاج للآلام الحادة في آخر العمر. وعلى الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن 4 من كل 5 أشخاص في البلاد هم في حاجة إلى هذا الدواء، لكنهم لا يحصلون عليه. أما الرعاية التلطيفية في المنزل فهي غير موجودة أصلا خارج الدارالبيضاء والرباط. وقال رجل،يبلغ من العمر 29 سنة، في شهادة قدمها للمنظمة، وهو يعاني ورما في ساقه وبطنه، ولم يتمكن من الحصول على الرعاية التلطيفية: «لم أستطع النوم بسبب الألم، ولم أستطع التحدث مع أصدقائي. كنت أريد ضرب رأسي عرض الحائط». وتشير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الحكومة المغربية اتخذت خطوات مهمة لتحسين الرعاية الطبية في مراحل نهاية الحياة، لكن اثنين فقط، من المستشفيات العمومية، في الدارالبيضاء والرباط، لديها وحدات خاصة تقدم هذه الخدمة الصحية الأساسية، وفقط، لمرضى السرطان. أما بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون آلاما شديدة خارج هاتين المدينتين، فعليهم إما تحمل السفر الشاق إلى هذه المراكز أو الاستغناء عن معالجة الألم. واتخذت الحكومة المغربية «خطوات إيجابية» في السنوات الأخيرة لتطوير خدمات الرعاية التلطيفية، بحسب ما يقول التقرير. ففي عامي 2010 و2012، اعتمد المغرب سياسات صحية وطنية تضمنت قرارات مهمة تتعلق بالرعاية التلطيفية. وفي 2013، أزال المغرب قيودا كان يفرضها قانون المخدرات على الحصول على المورفين. وفي 2015، أصبح المغرب من أوائل البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تدرَّس الرعاية التلطيفية في المناهج الطبية الجامعية. لكن مع ذلك، تستدرك "هيومن رايتس ووتش" أنه «يبقى تنفيذ السياسات الحكومية بطيئا جدا، إذ مثلا، على الرغم من أن الحكومة بسطت من إجراءاته في 2013، فإن وصف المورفين لايزال مقيدا بحواجز قانونية وتعليمية كثيرة». كما أن وحدات العلاج التلطيفي في فاس ومراكش، التي كانت الحكومة تنوي افتتاحها بين عامي 2011 و2013، لم تعمل حتى الآن. ناهيك عن أن أدوية الآلام الحادة متوفرة فقط، في بعض الصيدليات والمستشفيات، وفقط قلة من الأطباء يصفونها. أما برامج التكوين الطبي المستمر فتبقى «محدودة»، كما يقول التقرير.