يتقاضون أكثر من 100 مليون سنتيم شهريا.. ثلاثون برلمانيًا مغربيًا متهمون بتهم خطيرة    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    وفد حماس يدرس مقترح الهدنة.. والولايات المتحدة وبريطانيا تدعوانها لقبول "العرض السخي"    أمطار ورياح مرتقبة اليوم الثلاثاء في ممناطق مختلفة من البلاد    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    حريق مهول يلتهم سوق المتلاشيات بإنزكان    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    طقس الثلاثاء.. أمطار الخير بهذه المناطق من المملكة    الأمن المغربي والإسباني يفككان خيوط "مافيا الحشيش"    ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لأوروبا    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    الجيش الملكي يرد على شكاية الرجاء: محاولة للتشويش وإخفاء إخفاقاته التسييرية    وزارة الفلاحة: عدد رؤوس المواشي المعدة للذبح خلال عيد الأضحى المقبل يبلغ 3 ملايين رأس    مطار الصويرة موكادور: ارتفاع بنسبة 38 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    رسميا.. عادل رمزي مدربا جديدا للمنتخب الهولندي لأقل من 18 سنة    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    عملية جراحية لبرقوق بعد تعرضه لاعتداء خطير قد ينهي مستقبله الكروي    المحكمة تدين صاحب أغنية "شر كبي أتاي" بالسجن لهذه المدة    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    غامبيا جددات دعمها الكامل للوحدة الترابية للمغرب وأكدات أهمية المبادرة الملكية الأطلسية    هذا هو موعد مباراة المنتخب المغربي ونظيره الجزائري    الملك يهنئ بركة على "ثقة الاستقلاليين"    "التنسيق الميداني للتعليم" يؤجل احتجاجاته    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    يوسف يتنحى من رئاسة حكومة اسكتلندا    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام    المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري        اتفاق بين الحكومة والنقابات.. زيادة في الأجور وتخفيض الضريبة على الدخل والرفع من الحد الأدنى للأجور    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته        غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إملاء الدستور
نشر في الصحيفة يوم 01 - 08 - 2022

يعيش العراق منذ إجراء الانتخابات في 10 أكتوبر / تشرين الأول 2021 وإلى اليوم حالة انسداد آفاق سياسية ودون حكومة كاملة الصلاحيات، وهو أمر تكرّر بعد انتخابات العام 2006 والعام 2010 والعام 2014 والعام 2018، وما بعد إطاحة حكومة عادل عبد المهدي العام 2020.
وما زاد الطين بلّة، أن كتلة السيد مقتدى الصدر (التيار)، الأكبر في البرلمان، والبالغ عددها 73 نائبًا انسحبت من البرلمان، في حين كانت المرشحة بتسمية رئيس الوزراء، وحين بادرت كتلة الإطار التنسيقي (تحالف شيعي آخر) إلى ترشيح محمد شياع السوداني احتجّ التيار وقاد تظاهرة اقتحمت المنطقة الخضراء ودخلت البرلمان وهدّدت بما هو أشدّ لاحقًا.
وهكذا ما تزال الدولة معوّمة، حيث تستمرّ حكومة تصريف الأعمال منذ عشرة أشهر، ولم تتّفق المجموعتان الكرديتان على تسمية رئيس الجمهورية الذي بدوره يسمي رئيس الوزراء بعد اتفاق الشيعية السياسية عليه.
ومثل هذا الوضع المضطرب لا يخصّ العراق وحده، فهذا لبنان يشهد الحالة ذاتها منذ آخر انتخابات له في 15 مايو / أيار 2022، وقبل ذلك كان لنحو عامين، دون رئيس ودون حكومة كاملة الصلاحيات، فضلًا عن البرلمان الذي جدّد لنفسه.
وأما في تونس فالأمر اتخذ بُعدًا آخر لتقويض صلاحيات البرلمان وإعداد دستور جديد وعرضه على الاستفتاء الشعبي في 25 يوليو / تموز المنصرم 2022، وبموجب الدستور الجديد منح الرئيس قيس سعيّد لنفسه صلاحيات واسعة بالضدّ من دستور العام 2014، وتمّ تقليص دور البرلمان بعد تجربة العشرية الأولى من التغيير التي شهدت صراعات حادة وتعطيل لدور المؤسسات، ناهيك عن استشراء الفساد المالي والإداري على خلفية الفساد السياسي.
والأمر يستمر في ليبيا على هذا المنوال، حيث الانقسام بين الكتل والجماعات والأطراف والجهويات وعدم القدرة على ضبط السلاح المنتشر وجعله بيد الدولة، ناهيك عن الصراعات داخل البرلمان وبينه وبين الحكومة، ممّا عوّم السيادة الليبية بسبب عدم قدرة أي طرف من حكم البلاد بصورة دستورية.
ربما كان أحد أسباب عدم استقرار بلدان مثل العراق ولبنان وتونس وليبيا هو الدستور الذي قام على أساس النظام البرلماني، حيث تم تفصيله على مقاسات مصنوعة في الخارج، وحتى لو كان التصميم دقيقًا، إلّا أنه لا يصلح بالضرورة لهذه البلدان التي تعاني من انقسامات دينية وطائفية وإثنية وجهويّة، ساهم الدستور المشوّه في زيادة تشويهها، وهو ما يعكسه الدستور اللبناني، الذي تكرّس في ميثاق الطائف العام 1990، والدستور العراقي الذي صاغه نوح فيلدمان الأمريكي المتعصب "لإسرائيل"، وقام بوضع العديد من الألغام فيه بيتر غالبرايت، مثلما عملت جهات أممية ومحلية وبتوجيهات أحيانًا من مراكز أبحاث ودراسات أمريكية لفرض نظام برلماني على بعض البلدان العربية التي خرجت لتوّها من جوف الديكتاتورية والاستبداد، وليس لها تجربة سابقة في النظام البرلماني، ناهيك عن أجواء الانفلات التي شهدتها وضعف الدولة وانتشار السلاح خارج القانون، فضلًا عن محاولة الاستقواء بالخارج.
إن مهندسي الأنظمة ما بعد التغيير والذين اختاروا النظام البرلماني، كانوا يدركون أن التوافق بين الكتل البرلمانية لتأمين أغلبية في غاية الصعوبة، وإن تحقّقت وتشكّلت الحكومة فسيكون برنامجها ضعيفًا وتقترب سياستها من تصريف الأعمال بسبب الصيغة التوافقية، حيث تعاني من الهشاشة وعدم التماسك، وتعيش حالة من الأزمات المستمرّة. جدير بالذكر أن النظام البرلماني يقوم على ركيزتين أساسيتين، هما رئيس فخري دون صلاحيات تذكر ، وبرلمان يختار رئيس الوزراء الذي يشكّل الحكومة بتوافق القوى، ويكون خاضعًا للاستقطابات السياسية.
إن الدول التي انتقلت إلى النظام البرلماني، وخصوصًا في العالم الثالث، عانت من الجمود السياسي، وأحيانًا عاشت لفترات غير قصيرة حالة من التعويم قبل التوصّل إلى اتفاقات هشّة. ولذلك تبرز دعوات عديدة ومن مواقع مختلفة لتغيير الدساتير الجاهزة، والتي جاء بعضها مع الاحتلال أو طبقًا لوصفات دولية لم تكن بعيدة عنها أيادي القوى المتنفّذة، والهدف هو تغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي أو مختلط يعطي لرئيس الدولة صلاحيات فعلية وهو أقرب إلى النظام الفرنسي بعد العام 1958 تجنّبًا لما يرافق النظام البرلماني من أزمات سياسية تنعكس سلبًا على إدارة الدولة بجميع مرافقها الحيوية بفعل عوامل خارجية أو داخلية.
والنظام البرلماني، وإنْ كان له امتدادًا في بريطانيا لنحو خمسة قرون، وناجحًا حتى في ظلّ دستور غير مكتوب، لكنه لم يكتب له النجاح في العراق و ليبيا و لبنان و تونس و غيرها، فالأمر مرهون بدرجة تطوّر المجتمع وتراكم التقاليد الدستورية والثقافية والقانونية بشكل عام،
وهكذا بدت هذه الدساتير وكأنها تفقد قابليتها على الحياة. وأي دستور ينبغي أن ينبع من حاجات الناس الفعلية، لا أن يتم إملاؤه من الخارج، حتى وإن حيكت عباراته بنسيج جميل، لكن الفشل سيكون مصيره لا محال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.