إسرائيل تعلن بناء 22 مستوطنة جديدة    توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس اليوم الخميس بالمملكة    شاب ينهي حياته بطريقة مأساوية بطنجة    بوريطة لا زال مٌصرا على تسمية "حرب الإبادة" في غزة ب "الإعتداءات"    لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية.. 10% من فلسطينيي غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    من طريق المدرسة إلى غرفة العمليات.. جريمة سرقة تغيّر حياة تلميذة في طنجة    الصين تفتح أبوابها أمام الخليجيين دون تأشيرة اعتبارًا من يونيو المقبل    بوريطة ونظيره المصري يدعوان إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل في غزة وتنفيذ بنوده    الركراكي: كرة القدم دعامة لتقاسم القيم والتقريب بين الشعوب    حريق غابة هوارة يلتهم 82 هكتارًا ويقاوم السيطرة رغم تعزيزات الطائرات    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    افتتاح مصنع Aeolon Technology الصيني بميناء الناظور.. نموذج لطموحات الصين الاستثمارية بالمغرب    جيش موريتانيا يشدد الرقابة مع تندوف    وزير الخارجية المصري: مصر تدعم سيادة الدول ووحدتها الترابية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    في انتظار "خلوة يونيو".. صابري يبرم اتفاقات مع نقابات قطاع الشغل    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    تشيلسي يكتسح ريال بيتيس برباعية ويتوج بدوري المؤتمر الأوروبي    البنك الإفريقي للتنمية يشيد بالنجاح الذي حققه المغرب في قطاع صناعة السيارات    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة    "مؤسسة غزة الإنسانية" تعلن إيقاف توزيع المساعدات مؤقتا بعد سقوط إصابات جراء تدافع آلاف الفلسطينيين    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يلاقي وديا كندا واليابان تأهبا لكأس العالم    موسكو.. حموشي يشارك في الاجتماع الدولي الثالث عشر لكبار المسؤولين المكلفين بقضايا الأمن والاستخبارات    رسمياً.. شباب الريف الحسيمي يحقق الصعود المنتظر إلى القسم الأول هواة    "حماس" تعلن الاتفاق على إطار عام مع أمريكا بشأن وقف حرب غزة    الجديدة.. توقيف مواطن أجنبي متهم بالاحتيال على مهاجرين بعقود عمل مزورة    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع    ضعف الاحترام وغياب النظام والنظافة.. استطلاع يسجل عدم رضى المغاربة عن السلوك المدني في الفضاء العام    النيابة العامة بطنجة تفتح تحقيقا في حريق غابة هبّوارة وتوقف مشتبها به بحوزته ولاعات ومخدرات    أخنوش يعطي الانطلاقة الرسمية لخارطة طريق التجارة الخارجية    الرجاء الرياضي يعلن عن تفعيل الشركة الرياضية وقدوم مستثمر مؤسساتي    فاتح ذي الحجة يومه الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    رئيس النيابة العامة يستقبل وفدا كينيا    ملعب مرتيل الجديد جاهز …    نجوم الفن ينعون الراحلة نعيمة بوحمالة    عمر نجيب يكتب: القنبلة النووية والتجويع آخر الأسلحة لكسب معركة إسرائيل ضد غزة..    لجنة ال24.. امحمد أبا يبرز دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية أذربيجان بالعيد الوطني لبلاده    "العالم القروي في منظومة الرياضة للجميع" شعار قافلة رياضية بإقليم ميدلت    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    2 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة بالمغرب.. والمدن تستحوذ على النصيب الأكبر    ترامب يخير كندا: الانضمام إلى أمريكا أو دفع 61 مليار دولار للاستفادة من "القبة الذهبية"    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة تغادرنا إلى دار البقاء    استمرار الحرارة في توقعات طقس الأربعاء    خبراء يحللون أبعاد وأثر البرنامج الحكومي لدعم الكسابة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وداعا نعيمة بوحمالة… الساحة الفنية تفقد إحدى قاماتها    الوداد ينهزم وديا أمام إشبيلية… وتحضيرات حثيثة لمونديال الأندية في أمريكا    فويرتيفينتورا تحتفي بالتنوع الثقافي في الدورة الخامسة من مهرجان "ما بين الثقافتين"    محمد سعد العلمي ضيف برنامج "في حضرة المعتمد" بشفشاون    تتويج عبد الحق صابر تيكروين بجائزة "زرياب المهارات" تقديرا لمنجزه الفني في مجال التأليف الموسيقي    عبير عزيم في ضيافة الصالون السيميائي بمدينة مكناس    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    









في ثقافة العنف واللّاعنف
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
في ثقافة العنف واللّاعنف
عبد الحسين شعبان
الثلاثاء 21 مارس 2023 - 16:38
من أين يأتي العنف؟ اشكالية يختلف حولها علماء الاجتماع والنفس والاقتصاد والسياسة والقانون والدين وغيرهم، إلّا أنهم يتفقون على أن العنف ظاهرة قائمة ومستمرّة في المجتمعات البشرية، ولا بدّ من الحدّ منها. وتعود أسباب العنف حسب هؤلاء إلى ظروف الفقر والحاجة والتفاوت الطبقي والتعصّب الأيديولوجي والسياسي والقومي والديني والطائفي وأوضاع التمييز والعنصرية والاستعلاء وضعف حكم القانون واختلالات شخصية وأمراض نفسية وغيرها.
من يلجأ إلى العنف لا بدّ أن يكون متعصّبًا، والمتعصّب يعتقد بأحقيّته وأفضليته ويزعم امتلاكه للحقيقة. والتعصب يولد التطرّف ومن يتطرّف إلى فكرته يعمل على تطبيقها حتى عن طريق العنف، وهكذا ينجب التطرّف عنفًا بالتحوّل من الفكر إلى الفعل فيُصبح سلوكًا. وإذا ما ضرب العنف عشوائيًا فإنه يتحوّل إلى إرهاب. وإذا كان هدفه إضعاف ثقة الدولة بنفسها وإضعاف ثقة المجتمع والفرد بالدولة وكان عابرًا للحدود صار إرهابًا دوليًا.
إذا كان العنف سائدًا تاريخيًا في جميع المجتمعات، إلّا أن ما يحدّ منه هو حكم القانون الذي يُعتبر أحد معايير المشروعيّة والدولة الناجحة، خصوصًا إذا تمّ تطبيقه وفقًا لمبادئ المساواة على الجميع حكّامًا ومحكومين، فالقانون حسب مونتيسكيو مثل الموت لا ينبغي أن يستثني أحدا.
إذا كانت الدولة بعيدة عن "حكم القانون" بغضّ النظر عن تسميتها مدنية أو دينية فإنها ستفتقد إلى المشروعية القانونية، فالمهم ربط فكرة الدولة بالحق والعدالة. وهناك دول مدنية، لكنها فاشية وديكتاتورية واستبدادية، بل أن بعضها بالغ في علمانيته لدرجة العداء للدين. وهناك من حاول تطبيق الشريعة بصورة تعسفيّة وتسلّطية.
وإذا كان العنف أمرًا لا بدّ منه لمنع التغوّل، فينبغي أن ينظمه القانون وتحتكره الدولة مثلما تحتكر امتلاك السلاح واستخدامه. وحتى لو مارست الدولة العنف بطريقة خاطئة أو تعسّفية فيمكن الوقوف ضدّها وضدّ العنف الذي تمارسه، ولكن لا ينبغي منافستها باللجوء إلى العنف المضاد.
صحيح أنه ليس كلّ متعصب هو متطرف بالضرورة ويمكن أن يكون المرء متعصبًا وهذا أمر يخصّه إذا كان مع نفسه ولم يتحوّل إلى سلوك ضدّ الآخر بمسوّغات دينية أو قومية أو سياسية أو حزبية أو عشائرية أو عائلية أو تربوية، لكن التطرّف حين ينتقل إلى التنفيذ يصبح خطرًا على المجتمع، لاسيّما برفض قيم التعايش والسلام والتسامح.
العنف يخضع للقانون الوطني، سواء كان عنفًا أُسريًّا، وخصوصًا ضدّ المرأة أو الأطفال أو بالمدرسة أو بالمجتمع أو تحت مزاعم فكرية أو ثقافية أو عشائرية أو جهويّة أو غيرها. أما الإرهاب فإنه يخضع في جزء منه للقانون الوطني والجزء الآخر للقانون الدولي بارتكاب جرائم الإبادة وجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب، وكل دولة لها قوانينها لمحاربة الارهاب، واقتلاع جذوره الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية وغيرها.
ولذلك فإن نشر ثقافة اللّاعنف المرتبطة أيضًا بحكم القانون والحق والعدل، هي كفاح ضد السائد عبر التاريخ، ففي داخل كل انسان هناك نزعات لا عنفية وتسامحية وسلامية لها علاقة بما يسمى بالأنسنة، لأن الإنسان أخ الإنسان، والصراع يأتي بسبب تضارب المصالح والاستغلال والرغبة في الهيمنة والتحكّم تحت عناوين مختلفة، فضلًا عن بعض الحالات ذات الأمراض العصابية، وهذه جميعها تتغذّى على ثقافة الكراهية والحقد والثأر والكيدية وإقصاء الآخر.
ما نحتاج إليه هو إعادة النظر بمناهج التربية لرفع كل ما له علاقة بالعنف أو التشجيع عليه أو تبرير أعمال التمييز أو عدم المساواة، بما فيها التمييز ضدّ المرأة، وهي بحاجة إلى إعادة نظر وحوار، فالحوار ضرورة لا غنى عنها لنشر ثقافة اللّاعنف والتعايش وقبول الآخر والاعتراف بالحق في الاختلاف، وهو ليس شكلًا من أشكال الترف الفكري.
ولكي تكون هذه الثقافة سائدة، فلا بدّ من توفّر إرادة سياسية عليا تستخدم القانون للحيلولة دون انفلات العنف ودون الإفلات من العقاب، ناهيك عن نشر ثقافة اللّاعنف بهدف السلم المجتمعي دون إقصاء أو تهميش. والحوار يصبح اضطرارًا مثلما هو خيار في المجتمعات التي جرت فيها تحوّلات ولم تستكمل أو تستقر على شرعية ما، ولم تكسب رضا الناس ولم تحقق منجزًا. وإذا اقتنع السياسيون وأصحاب القرار بأهمية الملاقحة بينهم وبين شخصيات أخرى نافذة من المثقفين والأدباء والأكاديميين وقادة الرأي، بحيث يمكن تجسير الفجوة، فإن عملية التحوّل تتم بصورة سلمية بالاستناد إلى حكم القانون واعتماد ثقافة اللّاعنف.
وإذا كان العنف سائدًا بصورة استثنائية في العديد من البلدان العربية، فلا بدّ من البحث عن حلول استثنائية أيضًا، خصوصًا في ظلّ تعويم الشرعية الدستورية، وذلك بالتفكير بوسائل أخرى ممكنة للوصول إليها ولاحقًا إلى المشروعيّة في ظلّ وضع قانوني جديد يأخذ بنظر الاعتبار المستجدّات والتحدّيات لاحتواء عناصر الصراع ونزع فتيل الأزمة والمحافظة على ما هو ممكن وتجنيب المجتمع الانهيار والحرب الأهلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.