1. الرئيسية 2. المغرب في مؤتمر دولي بجزر المالديف.. المغرب يرفع لواء النزاهة في قطاع السياحة بدعوة إلى تحصين القرار الاستثماري ومواجهة البنى الهشة للفساد الصحيفة - حولة اجعيفري الخميس 8 ماي 2025 - 2:39 في سابقة نوعية ضمن سلسلة المبادرات الدولية لمكافحة الفساد، اختار رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، منصة المؤتمر الدولي لتعزيز النزاهة المنعقد بجمهورية المالديف، ليطلق دعوة صريحة إلى التفكير العميق في ما وصفه ب"الهشاشة المركّبة" التي تحيط بالقطاع السياحي، مؤكدا أن محاربة الفساد فيه ليست ترفاً مؤسسياً، بل ضرورة تنموية استراتيجية. وجاء هذا، خلال افتتاح الملتقى الذي احتضنته العاصمة المالديفية يومي 6 و7 ماي 2025، تحت شعار "تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في قطاع السياحة"، حيث شدد بنعليلو على أن هذا القطاع يمثل رافعة اقتصادية حيوية للعديد من الدول، ومحرّكا مباشرا لخططها التنموية، وفضاء حيويا لتبادل القيم الإنسانية والثقافية، لكنه – في الآن ذاته – يعد من أكثر القطاعات عرضة لمخاطر الفساد، سواء من حيث إدراك العموم أو على مستوى الواقع العملي. وفي عرض تحليلي مفصل، حذّر رئيس الهيئة المغربية من أن تعقيدات القطاع السياحي لا تقتصر على طبيعته البنيوية المتداخلة فحسب، بل تمتد إلى تعدد المتدخلين داخله، على المستويين الوطني والدولي، وارتباطه بمجالات شديدة الحساسية كالخدمات والعقار والتعمير والبيئة والنقل، وكلها مجالات تصنَّف ضمن الأكثر عرضة لمؤشرات الفساد. واعتبر أن التعامل مع القطاع من زاوية إدارية صرفة يُغفل بُعدًا مركزيًا يرتبط بالقرار الاستثماري، الذي يظل – في كثير من الأحيان – رهيناً بسلطة تقديرية واسعة تمارسها الإدارة، ما يفتح المجال أمام الممارسات غير الشفافة، ويُضعف ثقة المستثمرين والسياح في العرض السياحي، ويهدد قدرة هذا القطاع على الإسهام المستدام في التنمية. ودعا بنعليلو إلى تجاوز النظر الكلاسيكي لمظاهر الفساد في القطاع السياحي نحو تحليل أعمق للبنى الهشة والثغرات البنيوية التي تسمح بتفشي الفساد، معتبراً أن إدراك حجم التقاطعات بين الفاعلين والمجالات ذات الصلة هو السبيل لتحليل دقيق يمكّن من صياغة تدخلات ناجعة. وشدد على أن التطرق لهذا الموضوع في محفل دولي يُشكّل إضافة نوعية للجهود العالمية، من خلال تطوير تصور تكميلي للمعايير الدولية يأخذ بعين الاعتبار خصوصية القطاع السياحي في دول منظمة التعاون الإسلامي، بما يسمح ببلورة مبادئ عليا تعزز جهود النزاهة والشفافية داخل هذا القطاع الحيوي. في ختام مداخلته، لفت بنعليلو الانتباه إلى خطورة استمرار تجاهل تأثير الفساد على قطاع يشكل أحد أعمدة الاستثمار والتنمية، مؤكدا أن إشاعة الوعي بآثاره السلبية على جذب الاستثمارات وتطوير الصناعة السياحية يمثل مدخلا أساسيا لتحصين الموارد والممتلكات العامة من الاستغلال غير المبرر، ولمنع حالات تضارب المصالح. واعتبر أن أي مقاربة فعالة لمحاربة الفساد في السياحة لا بد أن تتسم بالشمولية، وأن تُدمج هذا القطاع ضمن الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد، عبر رؤية واضحة ومندمجة تحصّن المنظومة السياحية، وتعزز ثقة السائح والمستثمر على حد سواء. وعلى هامش المؤتمر، عقد الوفد المغربي برئاسة بنعليلو سلسلة لقاءات ثنائية وثلاثية، أبرزها مع رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالسعودية، حيث جرى تقييم تنفيذ خطة العمل المشتركة بين الطرفين، وتوسيع مجالات التنسيق والشراكة كما تباحث مع رئيس اللجنة المالديفية لمكافحة الفساد حول سبل التعاون الثنائي، وإرساء أرضية مشتركة للتنسيق المتعدد الأطراف. وشهد المؤتمر أيضا جلسات عمل مع مسؤولين في المجلس الاستشاري للاتحاد الإفريقي ضد الفساد وهيئة السياحة العراقية، في خطوة عكست انفتاح المغرب على تجارب متنوعة، وسعيه لبناء منظومة دولية متماسكة تعزز ثقافة النزاهة في مختلف الأقاليم الجغرافية. وقد خلُص المؤتمر، الذي عرف مشاركة 190 شخصية من 50 دولة ومنظمة دولية، إلى إصدار مجموعة من التوصيات الرامية إلى ضمان التنمية الأخلاقية المستدامة لقطاع السياحة، أبرزها الدعوة إلى تنظيم النسخة الثانية من المنتدى في المملكة المغربية، ما يشكل تتويجا للثقة الدولية المتزايدة في الريادة المغربية في مجال مكافحة الفساد والحكامة السياحية. وبهذا الحضور اللافت، أكد المغرب من جديد أنه لا يكتفي بالمساهمة في النقاشات الدولية حول الشفافية والنزاهة، بل يبادر إلى اقتراح نماذج وتصورات عملية تعزز حماية الاستثمار وتحصين التنمية، جاعلاً من السياحة مجالا واعدا للإصلاح لا بوابة فقط للاستقطاب الاقتصادي.