المنصوري ردا على حملة "التسريبات"... الأراضي موضوع الجدل ليست أملاك الدولة أو الجماعة بل هي أملاك العائلة    رئيس الحكومة يترأس مراسم التوقيع على اتفاق لتطوير الطاقة الاستيعابية في خمسة مطارات كبرى    فتاح: البرمجة الميزانياتية للسنوات 2026-2028 ترتكز على الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية لضمان تمويل الأوراش الكبرى    المغرب: تداول 22,6 مليون بطاقة بنكية سنة 2024 (بنك المغرب)                                    افتتاح ناجح لمهرجان إفران الدولي .. أحيدوس وفنانون كبار في أولى سهراته    نادية فتاح .. الحكومة عازمة على مواصلة تنزيل برنامجها الإصلاحي    الرادارات الروسية تفقد طائرة ركاب    حماس ترد على مقترح الهدنة في غزة    "غوغل" تعلن عن أرباح فوق سقف التوقعات    "فرانس برس": اجتماع سوري إسرائيلي مرتقب في باريس الخميس برعاية أميركية    كمبوديا وتايلاند تتبادلان إطلاق النار على الحدود المتنازع عليها بينهما    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    ميلان الإيطالي يتعاقد مع الدولي الإكوادوري بيرفيس إستوبينيان    الحكومة تصادق على مرسوم تنظيم نشاط الإنتاج السينمائي    وسيط المملكة: التظلمات الإدارية تتحول إلى الاحتجاج ضد السياسات العمومية    نتائج إيجابية في "اتصالات المغرب"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    القنيطرة.. تفكيك شبكة لتصوير ونشر محتويات إباحية مقابل تحويلات مالية    إقليم العرائش.. انتشال جثة أربعيني غرق في سد وادي المخازن    بعد احتجاجات الساكنة.. عامل العرائش يعد بالاستجابة للمطالب في إعادة تهيئة الشرفة الأطلسية    سوس ماسة.. 230 عارضا يشاركون في المعرض الدولي للمنتوجات المحلية    صاحب أغنية "مهبول أنا" يفتتح غدا فعاليات الدورة ال11 للمهرجان المتوسطي للناظور    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    إسرائيل تتهم امرأة مسنة بالتخطيط لاغتيال نتنياهو    البرتغال معنا: آمولا نوبا!    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    اللجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني تدين قرار "الكنيست" بفرض السيادة على الضفة الغربية    إقليم بولمان يخلد الذكرى 26 لعيد العرش ويحتفي بالتلاميذ المتفوقين دراسيًا    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة    البرلمان البريطاني يقضي على دوري السوبر    الصحة العالمية: الجوع الجماعي في غزة سببه الحصار الإسرائيلي    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة            زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لعبة العروش" داخل ال PAM.. بنشماس يُقاوم ووهبي "حَالم" بالزعامة
نشر في الصحيفة يوم 25 - 05 - 2019

المتتبع للسجال الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناضلات ومناضلي حزب الأصالة والمعاصرة من تياري "المستقبل" و "الشرعية والمسؤولية"، وما يرافقه من تبادل الاتهامات والشتائم والتخوين، يتأكد له أن هذه التطاحنات السياسية والتنظيمية المستعرة ليست وليدة اليوم، وإنما هي انعكاس لحرب ضروس بدأت شرارتها الأولى منذ انتخاب حكيم بنشماش أمينا عاما خلال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب "الجرار" خلفا للأمين العام السابق، إلياس العماري.
هذه المواجهات التي كانت تدور رحاها في الحديقة الخلفية للحزب، وبسبب تزايد مسبباتها، سواء من خلال ما آل إليه أول اجتماع للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للبام أو من خلال ما تواتر على هذا الاجتماع من شد وجذب بين "تياري الشرعية والمستقبل"، ظهرت أخيرا للعلن.
وبعيدا عن كل الشعارات المرفوعة والتي تنتصر في ظاهرها لقيم الحزب ومبادئه، فإن جوهر الاختلاف بين رموز التيارين مؤسس على مدى حفاظ كل طرف على صلاحياته التي بها ومن خلالها يكون بمقدوره حماية وتقوية مصالحه.
"لعبة العروش" في صيغتها البّامية
الصراع الدائر بين تياري "الشرعية والمسؤولية" و"المستقبل" لم تخفت نيرانه ولم تزُل مسبباته، وفيه الكثير من أوجه الشبه مع مسلسل "لعبة العروش"، فالدسائس حاضرة والمكائد ثابتة وحرب الإشاعات متنامية، ومحاولات التصفية المعنوية من هذا الطرف وذاك مستمرة. المتبقي، تلك النهاية التي لم يكن يتوقعها متتبعوا "لعبة العروش" لكن هذه المرة في نسختها البّامية.
عمر الشرقاوي أستاذ العلوم السياسة والقانون الدستوري وفي تصريح للموقع، يرى أن هذا الصراع لا علاقة له بقيم الحزب ومواقفه ومبادئه، بقدر ما هو صراع مصالح ومناصب وتدبير فراغ مؤسساتي وُجِد بعد مرحلة إلياس العماري. فمن المعلوم، يقول الشرقاوي، أن شخصية الياس العماري سواء في مرحلة الانتخابات أو من خلال طريقة تدبيره للحزب، قد غطَّت على هشاشة المؤسسات، وبعد مرحلة العماري ظهرت فراغات كثيرة ارتبطت بضعف شخصية الأمين العام الذي لم يستطع أن يتبوأ نفس المكانة التي كانت لإلياس العماري،
فمن معضلات الممارسة السياسية اليوم، يقول المحلل السياسي، أن يتوفر حزب على حوالي 130 برلمانيا، إذا احتسبنا تمثيليته في الغرفتين، واعتباره الحزب الثاني في البلد ويُعوَّل عليه لقيادة المعارضة ومحاصرة تغول الحكومة في ومواجهة قراراتها اللاشعبية، بينما في الواقع نجده تائها وسط مشاكل تنظيمية لا حصر لها.
الشرقاوي يرى أنه كان على حكيم بنشماش أن ينتصر لسيادة القانون منذ انتخابه أمينا عاما وأن تكون علاقته الحزبية مبنية على أسس قانونية وتنظيمية قوية، لكنه اختار أن يكون طرفا في صراع الأقطاب، وهو ما ظهر جليا مثلا خلال انتخاب المسؤولين في البرلمان، فعوض اللجوء مثلا الى صناديق الاقتراع بكل شفافية، بدأت المساومات والمفاوضات وما نتج عنها من كارثة على مستوى الأحداث الداخلية التي عرفها مقر الحزب،
لجنة تحضيرية مع وقف التنفيذ
الطريقة التي تمت بها عملية تشكيل اللجنة التحضيرية المعول عليها الإعداد للمؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، والتي تميزت بمنسوب عال من التوافق في البداية، تؤكد بأن الأمور لم تكن لتستمر على ذات المنوال لوقت طويل، إذ سرعان ما كشر كل جناح عن أنيابه وأخرج ما بجعبته من حسابات ومخططات للتحكم عمل اللجنة ومآلات أشغالها.
وما بين قائل بأن حكيم بنشماش بصفته أمينا عاما للحزب كان من المفروض فيه أن يترفع على الخوض في أشغال اللجنة التحضيرية وأن لا يكون طرفا في النقاش التنظيمي الدائر بخصوصها، وبين قائل بأن مهمة ترؤس أول اجتماع للجنة التحضيرية والإشراف على انتخاب رئيسها يدخل في صميم مهام الأمين العام، يرى عدد من المنتسبين إلى الحزب أن الكثير من الجهد ومن الزمن التنظيمي قد ضاع، فاتحا مآل اللجنة التحضيرية على المجهول.
العربي المحرشي عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، وأحد رموز تيار "الشرعية والمسؤولية" أكد في اتصال بالموقع أن "اللجنة التحضيرية قد صودق عليها من طرف عضوات وأعضاء المجلس الوطني، ونحن ننتظر فقط خلاصات أشغال لجنة التحكيم والأخلاقيات، التي من المنتظر أن تنجز تقريرا مفصلا حول مجمل الخروقات التي تمت أثناء أشغال اجتماع اللجنة التحضيرية، وما ستتخذه اللجنة من قرارات في حق كل ثبت استهتاره بمؤسسات الحزب وقوانينه، مباشرة بعد ذلك، سيتم استدعاء أعضاء اللجنة التحضيرية لاستتئناف أشغالها".
وأضاف ذات المتحدث بالقول "لقد حرصنا في محطات سابقة على تقديم مجموعة من التسهيلات التنظيمية واستحضار التوافقات الممكنة من أجل تسهيل العملية التنظيمية، لكن وبما أنه لم يتوفق الجميع في استيعاب هذه الإشارات ووصلنا إلى ما وصلنا إليه، فلا مناص من العودة إلى القانون الذي يؤطرنا عملنا جميعا".
ومن باب التفصيل أكثر في مسألة الالتزام بالضوابط القانونية للحزب، أكد النافذ في حزب الأصالة والمعاصرة أن القرارات التي تخص رئيس المكتب الفيدرالي والمنسقين الجهويين عادية وتصب في صميم تطبيق القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب. معلقا على العودة إلى قوانين الحزب في هذه الفترة بالذات والتي تشهد توترا متزايدا بين التيارين، بالقول: "لا يمكن أن تكون مسؤولا جهويا للحزب تمثل الأمين العام على مستوى الجهة، وأنت نشيط في تيار مخالف تماما لمواقف الأمين العام، فكان قرار الإعفاء من هذه المهام ليتفرغ المعنيون بالأمر للتعبير بكل حرية عن المواقف والقرارات".
هذا التمسك بقوانين الحزب يرى فيه الشرقاوي لجوء آخر للنص القانوني، فكلما فشلت التوافقات يتم التفكير في الرجوع إلى قوانين الحزب، معتبرا أن القانون بحسب فهم عدد من قيادات البام مجرد خادم للأهداف المسطرة وليس سلطة على الجميع الخضوع لها. وبالمحصلة، يضيف الشرقاوي، فإن الحزب "يعيش هشاشة، وقد تذكر متأخرا قوانينه، إما لتوظيفها في تصفية حسابات سياسية أو لمحاولة الإلتفاف على بعض المطالب".
مؤتمر وطني في مهب الريح
العربي المحرشي علّق على ما تم تداوله من تصريحات بخوصوص عقد المؤتمر الوطني الرابع للحزب في شهر يوليوز بالقول "وهبي يحلم بأن يكون أمينا عاما للحزب، هو حلم جميل على كل حال، قد يكون أمينا عاما في بيته فقط، أما في البام فهذا أمر مستحيل".
مؤكدا على أنه وقبل عقد المؤتمر الوطني الرابع للحزب، وتفعيلا لقوانين الحزب، سيقوم الأمين العام بتعيين منسقين جهويين إلى حين عقد المؤتمرات الجهوية والتي ستفرز أمينا عاما جهويا، هذا الأخير سيشرف إلى جانب الأمانة العامة الجهوية المنتخبة على الجموع العامة لانتداب المؤتمرات والمؤتمرين، مشددا على أن "أولويتنا ليست التعجيل بالمؤتمر وإنما الحرص على إنضاج الظروف والشروط لعقد مؤتمر يليق بحزب الأصالة والمعاصرة ومناضلاته ومناضليه، وأن يكون تتويجا لمسار تنظيمي تحدده قوانين الحزب".
وفي سياق الحديث عن الترتيبات التي سيتم اتخاذها في أفق تنظيم المؤتمر، أكد المحرشي، أنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها تنظيم مؤتمر وطني، الذي غالبا ما لا تتجاوز ميزانيته 6 ملايين درهم، والحزب يتلقى دعما من الدولة خاصا بالمؤتمرات الوطنية، شأنه في ذلك شأن جميع الأحزاب المغربي، إضافة إلى أنه من عادة عدد من مناضلات ومناضلي الحزب المساهمة في مثل هذه المحطات. وبالتالي، يضيف المحرشي، من يريد أن يقوم بدور السمسرة تحت ذريعة التحضير للمؤتمر ويجمع إتاوات من هنا وهناك فليتحمل مسؤوليته.
فيما يرى الشرقاوي أن القيادات المتصارعة اليوم على مواقع النفوذ في الحزب، مسؤولة على تبديد الرأسمال الكبير الذي تمت مراكمته منذ انتخابات 2011، مستغربا كيف لمن يفترض أنهم رموز للحزب أن يقوموا بالتلذذ بالقضاء على الحزب بطرق بشعة.
مؤكِّدا على أن حرب تكسير العظام جعلت الحزب بدون وظيفة، منشغلا ببيته الداخلي، ولا يقوم بأي شيء يذكر على المستوى السياسة العمومية مقارنة مع قوته البرلمانية، لذلك فمن الممكن أن يربح أحد الطرفين بعض النقاط لكن المؤكد أنه لن يخرج أي طرف منتصرا من هذا الصراع، وهو ما يفسر حاجة الحزب إلى ظهور قوى توافقية من الداخل، أشخاص أو رموز من خارج الأطراف المتصارعة لأن الأطراف المتصارعة أصبحت جزءا من المشكل وليس مصدرا للحل، (أطراف) تكون لديهم القدرة على إبداع حلول لإخراج الحزب من الشرنقة التي أُوجِد فيها.
ففي ظل استمرار الوضع على ما هو عليه من تراشق إعلامي وحروب كلامية وتنافر في المواقف، وفي ظل غياب أفق واضح لإمكانية إيجاد حل يخرج البام من أزمته، يظهر جليا أنه من الصعب أن يتكيف البام مع المعارضة التي تفرض عليه الكثير من التحديات، فعوض أن يهتم بتقوية موقعه في المعارضة، يبدو أن ابتعاده عن مناصب المسؤولية أدخلته في حالة انشغال دائمة بذاته وهشاشة بنيته التنظيمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.