بنك المغرب : إصدار 654 مليون ورقة نقدية جديدة برسم 2024    الجزائر ‬و ‬بريتوريا ‬تفشلان ‬في ‬إقحام ‬ملف ‬الصحراء ‬في ‬مداولات ‬قمة ‬قادة ‬مجموعة ‬العشرين ‬بجوهانسبورغ    عمدة نيويورك الجديد يفاجئ الجميع بإعجابه الكبير بالأسد المغربي مروان الشماخ    بلجيكا.. زكرياء الوحيدي يتوج أفضل لاعب مغاربي في الدوري البلجيكي الممتاز    أصيلة أكثر المدن استقبالا للأمطار في 24 ساعة    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    فرنسا.. ساركوزي أمام القضاء مجددا في قضية "بيغماليون" المرتبطة بحملته للانتخابات الرئاسية 2012    مطالب حقوقية بفتح تحقيق في تسريبات لجنة "الأخلاقيات" ومراجعة مشروع قانون مجلس الصحافة                حزب اخنوش يفوز بمقعد بمجلس المستشارين في انتخابات جزئية بين غرف بني ملال والرباط والدار البيضاء        "ترهيب" و"طرد" بسبب الانتماء النقابي يدفع حراس الأمن ببني ملال إلى الاحتجاج في مسيرة يوم 1 دجنبر    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    مكافحة الاحتباس الحراري: التزام دول البريكس وانسحاب الولايات المتحدة !    مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ترفع رقم معاملاتها إلى أكثر من 84,36 مليار درهم متم شتنبر    "تعرضت لممارسات أربكت مساري".. بشرى كربوبي تطلق صافرة نهاية مشوارها التحكيمي    دوري الأبطال.. أوسيمين يتصدر قائمة الهدافين بعد مباريات الثلاثاء    سفير روسيا: ندعم تسوية ملف الصحراء.. والعلاقات مع المغرب عميقة الجذور    375 درهم عن كل طفل..أخنوش يعلن دعماً جديداً للأطفال اليتامى والمتخلى عنهم            المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    أداء إيجابي يفتتح بورصة الدار البيضاء    الحكومة لا تعتزم رفع سعر قنينة غاز البوتان وتعلن زيارة في الدعم الاجتماعي    بركة يبرز من أنغولا الرؤية الملكية حول الهجرة في قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي    أخنوش يستقبل رئيس مجلس النواب بجمهورية كازاخستان    اسبانيا.. العثور على جثث أربعة أفراد من أسرة مغربية داخل منزل    وزارة التربية تفاقم الخصاص بعد إقصاء "المُختصين" من مباريات التوظيف    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    شركة عائلة نيمار تستحوذ على العلامة التجارية للأسطورة بيليه    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    بن يحيى تدعو لتجديد الترسانة القانونية لوقف العنف ضد النساء    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    دوري أبطال أوروبا.. تشلسي يثأر من برشلونة وليفركوزن يصدم مانشستر سيتي    الأمن المغربي يستعرض الجاهزية لمكافحة الجريمة أمام الجمهور الدولي    اليوسفية تحتفي بالمواهب الشابة في أول مهرجان للهواة السينمائي    الدواء .. هو السبب الأول لصداع الدولة والمواطن ؟    الاستجابة العالمية ضد الإيدز تواجه "أكبر انتكاسة منذ عقود" وفقا للأمم المتحدة    روسيا تتحدى فيفا بمقترح تنظيم مونديال رديف    وفاة الفنانة بيونة إحدى رموز السينما في الجزائر    مهرجان "أزاما آرت" يعود في دورته الثالثة بأزمور تحت شعار الثقافة والفن    ليلةُ الاستقلالِ والمَسيرةِ فى تونس... حين التقت الضفتان على نغمة واحدة    مسرح رياض السلطان يجمع النمساوية سيبا كايان والسوري عروة صالح في عرض يدمج الموسيقى الالكترونية بالروحانية الصوفية    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيجيديون تائهون
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021

تفاجأ إسلاميو حزب العدالة والتنمية وذراعه الدعوية حركة التوحيد والإصلاح بالتطورات المتسارعة التي تعرفها قضيتنا الوطنية الأولى ، خصوصا مع قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية واستئناف المغرب لعلاقاته مع إسرائيل . ونظرا لقلة خبرتهم بالعلاقات الدولية التي تربط المغرب ببقية الدول ، والتي لا تحكمها الإيديولوجية ، ظلوا غافلين عن مجرياتها وكواليسها منشغلين بالريع السياسي وتوزيع المناصب وتغييب الكفاءات رغم رئاستهم للحكومة على مدى عشر سنوات. لقد نصّبوا أنفسهم ، طيلة هذه المدة، وكلاء لتركيا يخدمون أهدافها ويرعون مصالحها . ولحسن الحظ أن قضية الصحراء المغربية والسياسة الخارجية لم تسندا لأي حزب بعد الفشل الذريع لحزب العدالة والتنمية في الاضطلاع بمسؤولية هذه الحقيبة والأخطاء الفظيعة التي ارتكبها ، حتى تظل المصلحة العليا للوطن هي المرجع والموجِّه . عشر سنوات لم يغير الحزب من مواقفه أو قناعاته السياسية والإيديولوجية ، إذ ظل سجين نفس ما كان يخوض معاركه من أجلها (أسلمة الدولة بكل مؤسساتها وقطاعاتها ، أسلمة المجتمع والأسرة ، ضبط إيقاع حركية المجتمع وفق الزمن الإخواني، الاتجار بالقضية الفلسطينية بعد أن بارت المتاجرة بقضية البوسنة والهرسك ) رغم أن الواقع السياسي والمجتمعي يثبتان له يوميا خطأ أطروحاته وفساد تصوراته ، ومنها أن الحزب دعامة الاستقرار وطوق النجاة مما سمي "بالربيع العربي". لم يدرك أعضاء الحزب أنهم طارئون على الدولة التي كانت موجودة عبر التاريخ ، وأن التيار الإسلامي برمته لم تفرزه حركية المجتمعات وتطور بنياتها ، ولا المقاومة من أجل الاستقلال أو النضال من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، بقدر ما ارتبط بخدمة أهداف رسمتها قوى دولية (بريطانيا وأمريكا) وفق ما تطلبته وتتطلبه مصالحها . بسبب هذا التحجر الفكري ، لم يكن الحزب يتوقع ولا حتى يفترض أن المغرب ستربطه علاقات متعددة المستويات والأبعاد بإسرائيل . بل الأدهى أن قيادة الحزب وقواعده لم يدر في حسبانها أن أمينها العام سيتولى التوقيع على الإعلان المشترك أمام جلالة الملك إلى جانب المستشار الرئيسي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جاريد كوشنر، ومستشار الأمن القومي ل"إسرائيل"، مئير بن شبات. فالإيديولوجية الإسلاموية التي تأسس عليها الحزب وحركته الدعوية تمنعه من تقدير المصالح العليا للوطن وتغليبها . فبلاغها حول استئناف المغرب لعلاقاته بإسرائيل غاب فيه كليا فقه الموازنة بين المصالح والمنافع ، وكذا فقه المقاصد علما أن رئيسها الأسبق أحمد الريسوني هو "فقيه مقاصدي" . لقد انحازت الحركة وكذا الحزب إلى مناهضة كل استئناف للعلاقة مع إسرائيل حتى وإن كان فيها تحقيق للمصلحة العليا للوطن . وهذا الذي جعل الأمين العام السابق للحزب ، بنكيران ، يحذر من المنزلقات الخطيرة لهذه المناهضة على الحزب والحركة معا . والسيد بنكيران لم يغير موقفه كما لم يراجعه ، لهذا لم يؤسس له فكريا وفقهيا وحتى إيديولوجيا ؛ بل استحضر مصلحة الحزب قبل مصلحة الوطن . أي استحضر تبعات وضع الحزب في مواجهة الدولة ومصالح الوطن العليا ؛ الأمر الذي لم تفعله الحركة ، وظلت متشبثة "بثوابتها الإيديولوجية" التي لا ولاء فيها للوطن . ورغم الليونة التي أبدتها الأمانة العامة للحزب عبر دعم رئيس الحكومة في القبول بالتوقيع على التصريح المشترك بين المغرب وأمريكا وإسرائيل ، فإنها لم تفعل اقتناعا بل اضطرارا بدليل ما يلي :
1 تغييب الحديث عن المصالح العليا للوطن في بلاغها ليوم 23 دجنبر ، إذ اكتفت ب (تجديد التأكيد على أهمية الموقف الأمريكي الأخير الذي عبر عنه إعلان الرئاسة الأمريكية والذي تضمن الإقرار بالسيادة المغربية على أقاليمنا الجنوبية، تجديد التأكيد على الالتفاف وراء جلالة الملك في الخطوات التي اتخذها في مجال تعزيز سيادة المغرب على الصحراء وعلى أولوية القضية الوطنية لدى المغاربة، وعلى المواقف الثابتة لبلادنا بكل مكوناتها الرسمية والشعبية اتجاه القضية الفلسطينية). بينما كان من المفروض التركيز على وضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار حزبي أو عقدي أو إيديولوجي.
2 تجاهل الإشارة إلى استئناف العلاقة مع إسرائيل ، بحيث لم ترد أي كلمة في الموضوع فيما ركز البلاغ على التأكيد (على المواقف الثابتة لبلادنا بكل مكوناتها الرسمية والشعبية اتجاه القضية الفلسطينية). وهذا منتظر من حزب تأسس على العداء الدائم لإسرائيل والكراهية المقيتة لليهود ، بحيث جعل منهما (الكراهية والعداء) رأسماله الرمزي الذي يستقطب به الأتباع والأصوات الانتخابية كما يغازل به وجدان المواطنين .
3 تركيز البلاغ على ( إسناد لجلالة الملك في مسؤولياته السيادية، باعتباره رئيسا للدولة وممثلها الأسمى وضامنا لاستقلال البلاد ووحدتها الوطنية والترابية). فالأمانة العامة للحزب وظفت "إسناد" بدل "تأييد" كرسالة لمن يهمه الأمر أن الحزب يوفر "السند" الضروري والمطلوب للدولة وللنظام سواء لتجاوز المنعطفات السياسية الحرجة (إذ لازال الحزب يتوهم ويردد أنه هو الذين جنب البلاد ويلات "الربيع العربي" ) أو اتخاذ القرارات الصعبة (استئناف العلاقة مع إسرائيل) . ففي المعجم : سنَده؛ دعّمه، جعل له عِمادًا يُعتمد عليه". وهذه خطيئة سياسية اقترفها الحزب وهو يمُنّ على ملك البلاد "بإسناده" وتوفير "عماد يعتمد عليه". لقد نسيت قيادة الحزب أن قوة الدولة وتجذر الملكية في وجدان الشعب هما اللتان أجبرتاها على القبول بالأمر الواقع و "دَعْمها الكامل" للأمين العام ورئيس الحكومة "فيما يضطلع به من مهام كثاني رجل في الدولة في إطار مسؤولياته الحكومية". ولعل تأكيد البلاغ على "المواقف الثابتة للحزب بشأن هذه القضية" الفلسطينية دليل كافي على الامتعاض الذي قبلت به قيادة الحزب دعم رئيس الحكومة لحظة التوقيع على التصريح المشترك .
حرج كبير يشعر به البيجيديون بعد أن وجدوا أنفسهم محط انتقاد وسخرية في نفس الوقت ، من داخل الحزب كما من خارجه . إذ لطالما نصّب الحزب نفسه "المدافع الشرس" عن القضية الفلسطينية كما ناصب العداء المقيت والدائم لإسرائيل وعمم اليهود ، كما ظل شعار " خيبر يا يهود جيش محمد سيعود" ملازما له في كل المسيرات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية . وفجأة وجد الحزب أمينه العام يوقع تصريحا مشتركا مع "عدوه اللدود" ممثل إسرائيل . فانكشف زيف الخطاب والتناقض بين الأقوال والأفعال. أكيد ستواجه قيادة الحزب صعوبة جمة في إقناع أعضاء المجلس الوطني بموقف رئيس الحكومة ، وستلجأ إلى الأمين العام السابق بنكيران لمؤهلاته الخطابية وخبراته في التلاعب بعواطف الأتباع لتجاوز مرحلة الغليان والتيه بأقل الخسائر ؛ وإن كان في حكم المؤكد أن الحزب المبني على الولاء والطاعة سيبقى ملتزما بما سطرته الأمانة العامة وما تتخذه من مواقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.