القصر الصغير.. وفاة شابة حامل بتوأمين تهز قرية ظهر الخروب وسط غضب بسبب نقلها بين مستشفيين    قطر وكأس العرب 2025 .. تمجيد إعلامي مبالغ فيه ومقارنات تستفز الشارع الرياضي العربي    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    شركة الطيران النرويجية تُعلن عن إطلاق خط مباشر بين أوسلو وطنجة    السغروشني: الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد تعززت بعدة مشاريع تروم توطيد آليات الرقابة والوقاية من الفساد    "ماركسيون على سنة الله ورسوله".. عبارة تفجّر جلسة مجلس النواب (فيديو)    محكمة فرنسية تؤجل محاكمة سعد لمجرد    ساكنة تيزنيت تجدد دعمها للشعب الفلسطيني في يوم التضامن العالمي    كأس العرب (قطر 2025).. المنتخب الفلسطيني ينتزع فوزا ثمينا أمام نظيره القطري (1-0)    هذا ما ينتظر مجلس جماعة تارجيست بعد عزل الرئيس ومستشارين    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    الداخلية تدعو المواطنين البالغين 18 سنة قبل مارس 2026 إلى التسجيل في اللوائح الانتخابية    الكاف يفتح تحقيقا في أحداث مباراة الأهلي والجيش الملكي    بورصة الدارالبيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    تكوين ناطقين باسم النيابات العامة لإدارة التواصل المؤسساتي الفعال مع مختلف المنابر الإعلامية    حموشي يستقبل الأمين العام المساعد الجديد لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    عرض فيلم "مع حسن في غزة" بمهرجان مراكش.. قصة بحث إنساني تحولت إلى وثيقة تاريخية    نشرة إنذارية برتقالية: تساقطات ثلجية كثيفة ورياح قوية مرتقبة في عدة مناطق بالمغرب    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    فضيحة تجسس يهودي على المسلمين في فرنسا    المنتخب المغربي ل"الفوتسال"السيدات ينهي مشواره في كأس العالم بعد خسارته ضد إسبانيا (1-6)    شاب في مقتبل العمر يُنهي حياته داخل منزل أسرته بالعرائش    مكتب الصرف يحقق في تهريب أموال ضخمة لمنتخبين مزدوجي الجنسية    عائدات الأسفار تسجل 113 مليار درهم في الأشهر العشرة الأولى من 2025    أزارو: المنتخب الرديف جاهز لبداية قوية وهدفنا هو التتويج وإسعاد الجماهير المغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    يامال: فكرت في اللعب للمغرب بعد إنجاز 2022.. لكن إسبانيا كانت خياري النهائي    الضرائب تحاسب شركات بسبب "منح" وزراء ومسؤولين عموميين سابقين    المهرجان الدولي للفنون الرقمية : فرصة لإعادة صياغة علاقة الانسان بالتكنولوجيا    عملية أمنية منسقة توقف منصة "خلاط بيتكوين"    جمعية تحتج على تراجع حقوق ذوي الإعاقة    بينها 2150 في المغرب.. إسرائيل تنشر أرقاما متضاربة ليهود الدول العربية    السكيتيوي: "هدفنا صريح وواضح وهو تشريف كرة القدم المغربية والفوز بكأس العرب"    صحيفة أمريكية: ترامب طلب من مادورو الاستقالة وترك البلاد    السياحة المغربية تقفز إلى 116 مليار درهم وترفع مساهمتها في الاقتصاد سنة 2024    مراكش .. انطلاق أشغال الدورة ال19 للمؤتمر العالمي للماء    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية بعد غد الأربعاء بعدد من مناطق المملكة        حكايات مدرِّسين من أيّام المدرسة    نجاح متميز للملتقى الوطني للمخطوطات بإنزكان    زيارة بابا الفاتيكان تدعو إلى صيانة الوحدة والحفاظ على الأمل في لبنان    فيلم زنقة مالقة لمريم التوزاني .. نشيد الذاكرة والحب على عتبة الثمانين        الأممية الاشتراكية تثمن قرار مجلس الأمن بشأن مبادرة الحكم الذاتي وتعتبره أساسا لحل نهائي للنزاع    محاكمة جديدة لسعد لمجرد بتهمة الاغتصاب تنطلق الاثنين في فرنسا    مزاد يبيع "لوحة مفقودة" ب2,3 ملايين يورو    طقس الاثنين.. أجواء باردة نسبيا إلى باردة بعدد من مناطق المملكة    لمجرد أمام القضاء بتهمة الاغتصاب    بوتين يدعم توسيع العلاقات العسكرية    كندا تختار المغرب أول بلد في العالم لتجربة التأشيرة الرقمية!    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جائحة الدينار
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021

بتفاقم جائحة كوفيد-19 "كورونا" التي شهدت أرقاماً قياسية كبيرة خلال الأسابيع الماضية فقد داهمت العراق جائحة جديدة لا تقلّ خطراً عن جائحة "كورونا" ألا وهي جائحة الدينار؛ وهو ما أخذ يتندّر به العراقيّون، خصوصاً تأثيرها المباشر على الفقراء لأنها تتعلّق بقُوتهم اليومي، فقد تمّ خفض سعر الدينار مقابل الدولار، حيث بدأ البنك المركزي في 20 ديسمبر (كانون الأول) تطبيق السعر المنخفض للدولار البالغ 1450 ديناراً عوضاً عن السعر السابق البالغ 1190 ديناراً عراقيًّا لكل دولار أمريكي، وعمدت الحكومة العراقيّة على اتخاذ هذه الخطوة بعد عجزها لشهرين متتاليين من دفع رواتب الموظفين، إضافة إلى استمرار الأزمة مع إقليم كردستان وتعقيداتها بشأن دفع الرواتب من جهة، وواردات النفط من جهة أخرى، تلك التي استمرّت بالتعتّق منذ سنوات.
وعلى الرغم من أن الحكومة تقول أنّها اتخذت هذه "القرارات الصعبة" لكنّها من أجل تصحيح الأوضاع بتبرير أنّ التأسيس كان خاطئاً للنظام السياسي والاجتماعي المُهدّد بالانهيار بالكامل، فإمّا الفوضى العارمة وإمّا عمليّة قيصريّة للإصلاح، كما ورد على لسان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. ويذهب وزير المالية علي علاوي أكثر من ذلك حين يعتبر "الورقة البيضاء" بمثابة "مانيفستو" الإصلاح، الذي يعني "حكم الضرورة"، إلّا أنّ "تجربته" تفتّقت عن اقتطاع رواتب الموظفين بخفض سعر الدينار الذي أثار موجة عاصفة من ردود الفعل.
أمّا حركة الاحتجاج التشرينيّة فقد ندّدت بتلك الإجراءات وشدّدت على تحقيق مطالبها بمحاسبة الفاسدين ووضع حدٍّ للفساد ومساءلة المتّهمين بارتكاب جرائم أودت بحياة أكثر من 600 إنسان وجرح وإعاقة نحو 20 ألف آخرين، علماً بأنّ هذه الانتهاكات ما تزال مستمرة دون رادع أو حسيب، مثلما يستمر قصف مواقع الهيئات الديبلوماسية وانفلات السلاح وهشاشة الوضع الأمني، وما ضاعف من معاناة الناس هو انحدار الوضع الاقتصادي والمعاشي وتدهور الوضع الخدمي الصحّي والتعليمي وتآكل البُنية التحتيّة، خصوصاً في فترة الشتاء وتساقط الأمطار.
إن قرار خفض سعر الدينار يضيف عبئاً إضافيًّا على الاقتصاد العراقي المتهالك أصلاً، إذْ سيسبّب موجات تضخّم اقتصادي جديدة، بتراجع مستوى الدخل في العراق بنسبة 22.5%، ولأنّ الاقتصاد العراقي في مجمله هو اقتصاد استهلاكي يقوم على الاستيراد، فستكون نتائج خفض سعر العملة المحلية فادحة، وبالأساس على الطبقة الوسطى، التي سينحدر الكثير من أوساطها إلى الطبقات الفقيرة والمسحوقة، بينما يبقى الأغنياء يزدادون غنىً، سواءً من القوى الحاكمة أو القريبة منها باستمرار الفساد المالي والإداري الذي بدّد الموارد الهائلة والتي تُقدّر بما يزيد عن 700 مليار دولار خلال الفترة من العام 2005 إلى العام 2014، فلم يبقَ أمام الحكومة سوى تخفيض سعر الدولار والاقتراض من البنك المركزي واللجوء إلى الاقتراض الخارجي، وهي السياسة التي اتّبعتها وزارة المالية في مشروع قانون الموازنة المقترح للعام 2021.
إنّ تخفيض سعر الدينار يعود إلى أسباب تتعلّق بالسياسة النقدية للحكومة، فضلاً عن جانب موضوعي يتعلّق بالعقوبات المفروضة على سوريا وإيران، حيث يشكّل العراق المنفذ الأساسي لهذين البلدين للحصول على الدولار وإنعاش احتياطيّيهما النقديّين منه، وإذا تركنا جانباً زيادة الطلب على الدولار وهو ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الأخير، فإنّ أحد الأسباب المهمّة هو تهريب العملة الصعبة من خلال مبيعات البنك المركزي للدولار يوميًّا لأصحاب المصارف فيما يُسمى المزاد اليومي للدولار تحت عنوان "إنعاش السوق" بالدولار بزعم تثبيت سعر الدينار بحدود معيّنة، علماً بأنّ بعض التجار يقوم بشراء الدولار من البنك المركزي لحساب آخرين، جزء منهم يتبع للقوى السياسية المتنفّذة.
لقد سبّب ارتفاع قيمة الدولار في رفع قيمة المواد الاستهلاكية وغالبيّتها الساحقة مستوردة، لأنّ الدولار يعتبر العمود الفقري للتجارة العراقيّة في ظل النظام الذي اتّبع ما بعد الاحتلال والذي أطلق عليه "الاقتصاد الحر"، ومع ارتفاع سعر الدولار أصبح كل شيء باهظ الثمن في السوق، لا سيّما لأصحاب الدخل المحدود، وبالفعل فقد تأثّر السوق بذلك على الفور وتقلّصت الحركة فيه على الرغم من الاستعداد لاستقبال عيد رأس السنة الميلادية، وغالباً ما ترتفع الحركة خلال هذه الفترة من السنة.
لقد ازدادت معدّلات الفقر إلى مستويات مريعة، وتستمر التوقعات المتشائمة في ظل استمرار "جائحة كورونا"، وانخفاض أسعار النفط وانكماش الاقتصاد، يضاف إلى ذلك استشراء الفساد المالي والإداري وغياب الخطط الاقتصاديّة العقلانيّة البعيدة النظر، ناهيك عن الترهّل الوظيفي في أجهزة الدولة مع وجود موظّفين وهميّين أو موظّفين يستلمون أكثر من راتب، وعدم الشروع بتنمية القطاعات الإنتاجية المحليّة وارتفاع نسبة البطالة. وقد توقّعت ممثلة الأمم المتحدة في بغداد جانين هينس بلاسخارت خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي "انكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7% مع ارتفاع معدّلات الفقر إلى نحو 40% في العام الحالي 2020، فضلاً عن توقّعات حدوث انخفاض في الفرص الاقتصادية"، وقد تزيد جائحة الدينار الوضع سوءًا خلال فترة التحضير للانتخابات المقرّرة في شهر يونيو (حزيران) المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.