أولى استعدادات أشبال الأطلس بالشيلي تأهبا لانطلاقة المونديال..    سلا.. إجهاض تهريب 7200 قرص مخدر على الطريق السيار    "بنك المغرب" يطالب بإعطاء الأولوية لمشروع قانون العملات الرقمية    نجاة عتابو تشتكي الأخبار الزائفة إلى القضاء        بنك المغرب يتوقع تراجع التضخم وتسارع نمو الاقتصاد بنهاية 2025    بنك المغرب يتوقع استقرار التضخم عند 1% خلال 2025 قبل ارتفاعه إلى 1.9% سنة 2026    وزير الدفاع الهندي: مصنع المركبات المدرعة ببرشيد يفتح فصلا جديدا في الشراكة الاستراتيجية بين الهند والمغرب    اعتراف رمزي بدولة فلسطين لتعزيز الضغط على إسرائيل في حرب غزة        السعودية تعلن وفاة مفتي المملكة    باراغواي تعتزم فتح قنصلية بالصحراء    رئيس البارصا: والد يامال متحمس جدا        الهند تشيد بالشراكة الدفاعية مع المغرب بعد تدشين منشأة المدرعات ببرشيد            مباحثات تجمع بوريطة ودي ميستورا            ضرب الكرة بالرأس في كرة القدم قد يغيّر بنية المخ ويؤثر على الذاكرة    منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي    محكمة الاستئناف بالحسيمة تُعدل أحكام قضية هتك عرض قاصر    الخنوس في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة من البوندسليغا    الجمعية العامة للأمم المتحدة.. انطلاق المناقشة العامة رفيعة المستوى بمشاركة المغرب        وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    حتى "الجن"، حاول الهرب من الجزائر    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    صيادلة المغرب يعودون من جديد إلى التصعيد ضد وزارة الصحة..    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    وفاة عاملتين وإصابة 16 في حادثة سير يجدد المطالب بتحسين ظروف عمل العاملات الزراعيات    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    نيويورك: بوريطة يجري سلسلة من المباحثات على هامش الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى            هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يُضطّهد الرأي في بلد الحرية ؟
نشر في أسيف يوم 24 - 01 - 2007

الكتاب : التاريخ السري للجمهورية الخامسة المؤلف : مجموعة من المحققين الصحفيين الفرنسيين الناشر: منشورات (لا ديكوفيرت)، باريس، فرنسالا يزال الاعتقاد السائد لدى أغلب المتابعين العرب يدور حول أن الجمهورية الفرنسية هي حليفة القضايا العربية، و ذلك بلا شك منذ أيام حكم الجنرال شارل ديغول (1958-1968)؛ لأن هذا الأخير كان يصر على مخالفة الركب الأمريكي العام في عز أيام الحرب الباردة، إلى درجة أنه لم يتوان ذات مرة عن وصْف منظمة حلف شمال الأطلسي كلها بأنها لا تعدو أن تكون 'شيئاً تافهاً'، على الرغم من أن هذه الأخيرة، لم تدخر جهداً في سبيل مساندة جيش بلاده المنهك جراء حرب التحرير الجزائرية.
يقود هذا التناقض إذن إلى البحث عن الفروقات الحقيقية بين ما هو معلن رسمياً و ما هو واقع فعلاً، بمعنى تلك الجوانب الخفية من التاريخ السياسي الفرنسي الحديث منذ أُعلن عن قيام الجمهورية الخامسة بوصول رجل فرنسا التاريخي، الجنرال ديغول بعد ثورة المستوطنين الفرنسيين في الجزائر بقيادة كبار ضباط الجيش الاستعماري كالجنرالات ماسو، سالان وجاك سوستيل، في 13 من أيار/مايو 1958 ضد الحكم المركزي بباريس، و الذين طالبوا ديغول بتولي زمام السلطة إنقاذاً للجمهورية الفرنسية من الضياع بعد أن افتضحت هشاشة قوتها العسكرية نتيجة لضراوة الحرب، قبل أن يثور هؤلاء أنفسهم بعد ذلك، ضد ديغول حينما توضح جلياً أن هذا الأخير ماض في مسار التسوية السياسية و الدخول في المفاوضات مع قيادة الثورة الجزائرية، فأسسوا ما عُرف تاريخياً باسم 'منظمة الجيش السري' (OAS اختصاراً) التي لا تزال كتب التاريخ تحفل بما ارتكبته في حق الجزائريين من جرائم و فظائع.تحت هذا الإطار، إطار السرية و الجوانب الخفية من التطورات السياسية، أصدر المحققون الصحفيون الفرنسيون جون غيسنال،- الذي هو كبير المحققين بمجلة (لوبوان) فضلاً على أنه يشغل منصب أستاذ متعاون في الكلية العسكرية الشهيرة (سان سير) - إلى جانب ريمي كوفر، الكاتب الصحفي اللامع و الأستاذ بمعهد الدراسات السياسية في باريس، بالإضافة إلى فرانسيس زامبوني، الصحفي المتعاون مع صحيفة (ليبراسيون)، و مارتين أورانج، الصحفية القديمة بصحيفة (لوموند) و رئيسة تحرير صحيفة (لاتريبون)، و رونو لوكارد، الصحفي المحقق ب (ليبراسيون)، و ذلك عن منشورات (لا ديكوفارت) كتاباً يحمل عنوان ''التاريخ السري للجمهورية الخامسة''، الذي يمكننا القول إنه جاء على شكل عصارة سنوات من البحث والتحقيق في أشهر الفضائح التي عرفتها فرنسا خلال الخمسين سنة الأخيرة، بداية من جرائم الجيش الفرنسي في الجزائر، وصولاً إلى فضيحة (كليرستريم)، التي تقول التحقيقات إن الرئيس شيراك نفسه معني بها إلى درجة أنه قد يُسجن بعد انتهاء ولايته في الربيع القادم، مروراً برئيس الحكومة الفرنسية الحالي دومينيك دوفيلبان، فضلاً عن الجنرال روندو، أحد أشهر رجال المخابرات الفرنسية، المتورط مباشرة في حيثياتها.في الافتتاحية التي خطها الكاتب و الروائي، روجي فاليغو، يمكننا أن نقرأ: "إن الأشخاص الذين لمّا يبلغوا سن الخمسين من العمر عند صدور هذا الكتاب، لا يعرفون بكل تأكيد الكيفية التي ولدت بها الجمهورية الفرنسية التي يعيشون فيها، في العام 1958 و الذين بلا شك، يلحظون كم هي مريضة حالياً. إن السفر في خفايا دوائر السلطة في هذه الجمهورية الخامسة الذي يتيحه هذا الكتاب، سوف يضيء لهم الكثير من الأمور، لهم و للكثيرين من الذين يكبرونهم سناً أيضاً. الكتاب يتمحور حول سبعة فصول تضم فيما بينها ما يزيد عن المائة مقال معززة بالوثائق و بعض تعاريف الشخصيات التي يتناولها الكتاب بطريقة سوف تسمح، بلا ريب في فهم الكيفية التي وفقها أثرت هذه الأسرار الهائلة في نصف القرن الأخير من التاريخ الفرنسي، و كيف أضحت هذه 'الطابوهات' ركناً ركيناً في تطور 'الشق المرئي' من جمهوريتنا".أما الكاتب الصحفي الشهير، آلان دوهامال، فلقد علق على محتوى الكتاب بقوله: "هناك التاريخ الرسمي الرائع بانتخاباته وتداوله وندواته الصحفية، بإضراباته وأزماته وكوارثه الصناعية... وهناك التاريخ السري، بأجهزته الخاصة ومؤامراته وعمليات القتل فيه، والتي تبلغ في بعض الأحيان حدود المجازر.. الجمهورية الخامسة تحت كل رؤسائها تعطي صورة قبيحة جداً: قتل وتعذيب واختطافات ومجازر خلال حرب الجزائر. تضييع كامل لعمليات التحرر من الاستعمار في إفريقية السوداء عبر قافلة من الانقلابات العسكرية والمجازر، عدوى غريبة من جرائم القتل السياسية في عهد الرئيس جيسكار ديستان. تمويلات غير قانونية للأحزاب السياسية، تنصتات هاتفية غير شرعية في عهد الرئيس فرانسوا ميتران، ثم جدالات وتحقيقات وشكوك من كل نوع في عهد الرئيس جاك شيراك".من جانبهم، يوضح أصحاب الكتاب أن عملهم يهدف إلى اقتراح ما أسموه: "معاينة إكلينيكية" لنصف قرن من الممارسة السياسية بفرنسا. و في سبيل تحقيق ذلك، فهم يدعون قُرّاءهم إلى التفكير في الإجابة عن هذا السؤال: "ألم يحن الوقت بعد لسقوط الجمهورية الفرنسية الخامسة وحلول الجمهورية السادسة محلها؟"يقع الكتاب في (752) صفحة، و الحق أنه شهد نجاحاً كبيراً منذ اليوم الأول لإطلاقه في المكتبات الفرنسية منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أما فصوله السبعة كما سلف قوله أعلاه فإن الأول منها يتناول الظروف التي تأسست فيها الجمهورية الخامسة بفرنسا عبر "الانقلاب الهادئ" في 1958 على الجمهورية الرابعة، و هو الانقلاب الذي قاد الجنرال شارل ديغول إلى تولي مقاليد قصر الإليزيه لتبدأ مع ذلك فترة من السياسة الحديدية التي اعتمدها هذا الأخير في الجزائر ضمن ما سُمّي تاريخياً: "عملية الانبعاث"، والتي عرفت منح أجهزة المخابرات والبوليس السري كل صلاحيات مواجهة ثورة التحرير الجزائرية، عبر استعمال الوسائل غير المشروعة كالتعذيب والاغتيال. وهي نفس الأساليب التي استعملتها فرنسا خلال عهدي ديغول و خلفه الرئيس جورج بومبيدو في مواجهة حركات التحرر بإفريقية، مثلما حدث في كل من الكاميرون و غينيا، و هو ما يمكننا أن نقرأه في الفصل الثاني منه.أما الثالث، و الذي اختار فريق الإعداد أن يأتي تحت عنوان: "الدبلوماسية الخفية"، فيكشف العديد من الفضائح التي ميّزت نشاط فرنسا الموجّه تجاه الخارج، ومن ذلك المساعدات المقدمة لإسرائيل من أجل الحصول على القنبلة الذرية عبر صفقة مشبوهة ، سيّرتها ورعتها أجهزة المخابرات الفرنسية بعيداً عن كل الأطر الرسمية ، كوزارة الخارجية والجمعية الوطنية (البرلمان)، ويذهب أصحاب الكتاب إلى أن الشخصية المعروفة الوحيدة التي كان لها علم بهذا الملف هي رئيس الجمهورية الفرنسية، وفيما عدا ذلك، فإن كل الشخصيات الأخرى كانت مجرد "أشباح"، على حد الوصف الذي أورده الكتاب، و بالتالي فإن في ذلك ما يدحض الإدعاءات الرسمية، و التي تقول إن فرنسا إنما قدمت مساعدات للكيان الصهيوني بقصد تمكين هذا الأخير، من 'التكنولوجيا النووية السلمية' فحسب!!كما يكشف هذا الفصل تورط أجهزة المخابرات الفرنسية خلال تسعينيات القرن الماضي في الأزمة الجزائرية، وتدخل نفس الأجهزة في منطقة الساحل الإفريقي على الحدود المالية النيجيرية ضمن الأزمة بين الطوارق داخل الصحراء الإفريقية الكبرى.يتحدث المحققون أيضاً عن جزء من خيارات فرنسا الإستراتيجية داخل مستعمراتها السابقة حين قررت الجمهورية الخامسة بداية من الجنرال شارل ديغول، الاستثمار في جزء من النخب المغاربية والإفريقية وهيكلتهم عبر عدد من الشبكات الإستخباراتية كما هو الشأن بالنسبة ل "مراكز الربط الاستعلاماتي" و "نظام فوكارت" و حتى "شبكات آلف"، التي مكنت فرنسا من "حماية مصالحها الاقتصادية الإستراتيجية الكبرى عبر قادة ومسؤولين أفارقة نهبوا بلدانهم". و كمثال على ذلك، يستحضر المحققون بلداً هو رواندا نموذجاً لذلك، مستعينين بتقرير للرجل الأول في المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE) عن الأوضاع في هذا البلد حين وقوع مجزرة قبائل الهوتو ضد التوتسي منتصف التسعينيات الأخيرة.يكشف المحققون أيضاً عن أهم الشبكات و اللوبيات المسيطرة على القرار الاقتصادي والسياسي في فرنسا، و لقد قسموها إلى مستويات ثلاثة: يتعلق الأول بعدد من الهيئات العمومية المعروفة، التي يجهل أغلب الفرنسيين تأثيرها الكبير على السياسة الفرنسية، كما هو الشأن بالنسبة للمدرسة الوطنية للإدارة الواقعة في العاصمة باريس حيث يكشف الكتاب على أن رئيس الحكومة الحالية، دومينيك دوفيلبان، الذي يُعرف على أنه يميني، ينتمي إلى نفس الدفعة التي تخرجت فيها مرشحة اليساريين لانتخابات الرئاسة القادمة، سيغولين روايال، و لقد أكد أصحاب الكتاب أن هذه الجزئية لا يعلمها أغلب الفرنسيين!! بالإضافة إلى الكلية العسكرية الشهيرة: (سان سير)؛ إذ يجزم الكتاب أن الجنرال روندو، المتورط في فضيحة (كليرستريم)، متخرج منها هو أيضاً برفقة (12) ضابطاً آخر من أشهر ضباط الاستخبارات الفرنسية تحت الجمهورية الخامسة خلال الأعوام الثمانية و الأربعين التي هي عمرها لحد الساعة.ليس هذا كل ما في الأمر؛ إذ إن هنالك أيضاً قطاع الصناعات المنجمية؛ إذ يتحدث هذا الكتاب 'الفضيحة' عن أنه-و لأسباب 'غير مفهومة'- أشرف قطاع المناجم على أغلبية مشاريع التحديث الكبرى في الجمهورية الخامسة، مثلما هي حالة القطار السريع (TGV)، مفخرة النقل الفرنسي كما يوصف، فضلاً عن مشاريع الاتصالات و الصناعات النووية ذات الطابع المدني؛ وصولاً إلى صناعة طائرات (الأيرباص) و (الكونكورد) أيضاً.أما المستوى الثاني من اللوبيات فهي تلك التي وصفها أصحاب الكتاب بكونها ذات طابع 'شبه سري'، كما هو شأن الحركة الماسونية التي بلغت أوج تأثيرها بفرنسا وإفريقية في إطار الجمهورية الخامسة، ثم تأتي اللوبيات السرية وغير الشرعية كبعض شبكات الاستخبارات، التي من أهمها "شبكة الفاتيكان بفرنسا".و أخيراً، يبلغ الكتاب أقصى درجات الإثارة حينما يتحدث في المستوى الثالث عن الزوايا الخفية داخل قطاع الإعلام بفرنسا، الذي تمكنت السلطة- على حد تعبير المحققين- من أن تروضه من خلال بث شبكة تتكون من (150) إعلامياً تضم بين صفوفها، مقدمين للبرامج التلفازية، فضلاً عن عدد من مديري الجرائد و المجلات، بغض النظر –طبعاً- عن كتّاب الافتتاحيات و الأعمدة الصحفية، و محرري كبريات وسائل الإعلام. و لأجل تأكيد ذلك، فإن أصحاب الكتاب، يستدلون بمجموعة من التحقيقات والأخبار التي أوردوها في الكتاب؛ لأنهم لم يتمكنوا من نشرها عبر القنوات الإعلامية التي يتعاونون معها؛ لأن رؤساء تلك الوسائل، رفضوا ببساطة، نشرها على الرغم من أنهم يصمون آذاننا صباح مساء، بكون بلدهم هو واحة الديمقراطية، و جنة الحرية، و قِبلة كل مضطهدي الرأي و السياسة!! حركة القوميين العرب

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.