وزير الأوقاف: الذكاء الاصطناعي يجمع على إيجابية خطط تسديد التبليغ    تراجع سعر صرف الدرهم مقابل الدولار    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بوتين يرفض لقاء زيلينسكي بالخارج    ألمانيا تعتقل طالبا في هجوم بسكين    اتحاد يعقوب المنصور في أول موسم        وحدة المغرب أولا.. رسائل الزفزافي تدفن أطروحات انفصاليي الخارج والجزائر    بحرية سبتة تنتشل جثتين لقاصرين حاولا الوصول إلى المدينة سباحة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    منظمة الصحة العالمية ترفع حالة الطوارئ بشأن جدري القرود    الركراكي يستدعي أنس باش لتعزيز الأسود قبل مواجهتي النيجر وزامبيا (فيديو)    المغرب استقطب منذ 2020 ما يفوق 40 مليار دولار من الاستثمارات الصناعية    خط بحري جديد يربط المغرب ببريطانيا وشمال أوروبا يعزز صادرات الفواكه والخضر ويختصر زمن الشحن    الرباط ومونبلييه على موعد مع حدث اقتصادي مبتكر تحت شعار "الوجهة المغرب"...    بين الزفزافي وأويحيى: المغرب نموذج للرحمة الإنسانية والجزائر نموذج للقسوة    بالصور .. ملعب "الأمير مولاي عبد الله"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت        المحكمة الابتدائية بالحسيمة تدين مروج كوكايين بعقوبات مالية وسجنية ثقيلة    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    ميسي يقود الأرجنتين لاكتساح فنزويلا    سكان الدول منخفضة الدخل أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى مقارنة بسكان الدول الغنية    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    الولايات المتحدة: دونالد ترامب يريد تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب    ارتفاع أسعار الذهب    رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني        مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    ملعب الأمير مولاي عبد الله في حلته الجديدة يحتضن مباراة استثنائية لأسود الأطلس    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا        معتقلو حراك الريف بسجن طنجة يدينون رمي رجال الأمن بالحجارة.. إصابات واعتقالات        جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف        غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    كيوسك الجمعة | أكثر من 8 ملايين تلميذ يلتحقون بمدارسهم    غانا.. مواجهات وأعمال عنف قبلية تخلف 31 قتيلا وتهجر حوالي 48 ألف مواطن    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسيون بين قوسين
نشر في التجديد يوم 17 - 02 - 2013

قد صارت كلمة السياسة من الكلمات السحرية العجيبة. ومن قبل مرت على الناس أيام كان الجواب المفضل فيها هو نفي أي اشتغال بالسياسة او اقتراب منه لأن ذلك كان يجر أصحابه إلى حيث يعلمون ولا يعلمون.ولكن السياسة ملازمة للإنسان لا تفارقه أبدا فهو تحت ظلها يعيش والقائمون عليها يقررون نيابة عنه باسمه وبغير اسمع وبعلمه وبغير علمه برضاه وبغير رضاه لما يمكن ان يكون لمصلحته ولغير مصلحته باستشارته وبغير استشارته.
يقررون في كل شيء، يقررون في دينه فيحدد السياسيون الخطاب الديني المسموح به، ويقررون في لغته ما هي اللغة المدعومة والمفروضة... ويقررون في إعلامه ماذا يسمع و يرى وما لا يسمع ولا يرى، ما يفوز من الأعمال وما يقصى منها... يقررون في تعليمه من الروض او مما قبله إلى ما فوق: ما هي المقررات؟ وما هي المواد؟ وما هو المعامل؟ يقررون في سياحه وسياحته...بكلمة واحدة يقررون في كل شيء.
وهكذا يأتي الحديث :عن السياسة التعليمية وقل تحت ما شئت مما له صلة بالتعليم، وتأتي السياسة اللغوية وقل تحتها ماشئت مما له صلة باللغة ، وتأتي السياسة الاقتصادية والمالية وقل تحتها ما شئت من أمور المال والأعمال ، السياسة الأمنية وضع تحتها ما شئت من الإجراءات والقرارات والخطط ، وأحيانا السياسة العمرانية... وفي أمور كثيرة يخوض الناس فيها، ثم يرجعون إلى بعضهم ويقولون إن الأمر يحتاج لقرار سياسي. بمعنى آخر لا شيء سيتغير إن لم يواكبه القرار السياسي.
هل يعقل أن تكون السياسة بهذا الشمول ثم يأتي من يزهد فيها ويحذر من الاقتراب منها ؟ هل تكون السياسة بهذه الخطورة وتكون الصلة بينها و بين العلم والفقه القطيعة ؟بل أحيانا بينها وبين الدين القطيعة ويرفع شعار لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين؟ كيف وقع هذا ومن يصدق هذا؟
هل يستطيع أحد أن ينفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يدبر أمر الأمة سياسيا في حياته؟ وهل يستطيع أحد أن ينفي أن الخلفاء من بعده إنما سموا خلفاء لأنهم يواصلون دوره ورسالته في كل ما هو دون مقام النبوة؟
لنسلم ونقول إننا جميعا في السياسة وهي فينا ولا يستطيع المرء أن ينفك عنها إلا لكي يقع فيها. من أجل ذلك نقول مطمئنين إن الساسة ليسو استثناء، هم أيضا بين قوسين منهم من يرقى في عمله السياسي فيكون أول السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله. وهي الرتبة التي يغفل الناس عنها إذا ذكروا حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" . إن المذكور في الرتبة الأولى هو الإمام العادل ولنا أن نوسع مفهوم الإمام العدل من الإمامة العظمى إلى الإمام الدنيا. والعدل مطلوب من كل واحد بغض النظر عن موقعه من المسؤولية. ومن الأوهام القاتلة ما يردده بعض الناس من كون فلان أو علان من أهل العلم لو ترك السياسة لكان كذا وكذا. وهنا يأتي العبارة اللطيفة إن من السياسة ترك السياسة. فالترك قرار سياسي والفعل قرار سياسي والكل سياسة. وليس العيب هو اشتغال العلماء بالسياسة وكيف يوق ذلك عاقل ونحن إذا أخذنا الحالة المغربية وحدها وجدنا كثيرا من علمائنا مارسوا وتمرسوا في المجال السياسي ومن بينهم بلا شك شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي، وأبي شعيب الدكالي والمختار السوسي والزعيم علال الفاسي... وغيرهم كثير .ومن العبارات الجميلة قولهم فلان أفسدته السياسة، وهو يعني بمفهوم المخالفة أن من الناس من أصلحته السياسة لأنه من خلال عرف الواقع كما هو....وعليه حين تكون السياسة خدمة للناس ، عدل بين الناس، حماية لحقوق الناس،مع مراقبة لله في كل ذلك فأنعم بها من سياسة.
وحين تنحط إلى وهم خدمة النفس، وحماية حقوق النفس وما في حكمها من محيطها وأهلها وقرابتها، وإلى حرب على كل منافس، وإلى عدم الإنصات لأي ناصح،مع المكر والكيد والخبث واستبعاد كلي أو شبه كلي لمراقبة الله فبئس السياسة هي؟ ولعله لمثل هؤلاء قالوا" أفسدتهم السياسة" وقد تكون العبارة الأسلم أنهم أفسدوا السياسة لما دخلوا إليها من غير بابها، وهم الطرف الآخر من القوس. وفيهم من ينحط إلى درك فرعون وهامان قديما وحديثا وإن خيل إليه انه ارتقى...وفيهم من هو دون ذلك في الفساد والإفساد.
والتاريخ يحفظ نماذج وأمثلة كثيرة من الذين ارتقوا بالعمل السياسي وحلقوا به عاليا وخلدوا أسماءهم في التاريخ وهم يرجون ثواب أعمالهم عند الله تعالى. وبالمقابل التاريخ يحتفظ أيضا في مزبلته بأمثلة عديدة ممن دخلوا عالم السياسة متملقين متسلقين وفيهم من أدرك شيئا من عرض الدنيا الزائل وفيهم من ضل يلهث وراء السراب لم ينل منه شيئا.
وأحوال السياسة هي الأخرى تتقلب مثل تقلبات المناخ بل قد تكون أسرع من تقلباته والذي يعنيني من ذلك الآن هو ما نتمناه من هذا الربيع الديمقراطي العربي أن يفرز لنا طبقة سياسية جديدة تجدد للأمة أمر سياستها وقد مضت عليها سنوات عجاف لم تفرز إلا الهزال ولله في خلق شؤون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.