نفذت سلطات الاحتلال الصهيوني، أول أمس، أعمال حفر في ساحة البراق ومنطقة القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى المبارك، تمهيدًا لتنفيذ مشروع “بيت شتراوس" الاستيطاني. يأتي ذلك بالتزامن مع قرار للكيان الصهيوني ألغى بموجبه زيارة كان من المزمع أن يقوم بها وفد من (اليونسكو) لتفقد مواقع تراثية وأثرية في مدينة القدسالمحتلة، مقابل سحب قرارات إدانتها في اليونسكو من قبل السلطة الفلسطينية والمجموعة العربية. وقال المنسق الإعلامي لمؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود أبو العطا لوكالة “صفا" الفلسطينية إن حفارة كبيرة بدأت، أول أمس، أعمال حفر بعمق الأرض في منطقة البراق من الجهة الشمالية الغربية، وذلك من أجل وضع أعمدية حديدية في جوف الأرض مصبوبة بالباطون. وأوضح أن هذا أدى إلى إزالة الكثير من الآثار الإسلامية والعربية بالمنطقة، كما أنه يأتي استكمالًا لعمليات الحفريات بالمنطقة. وأشار إلى أن الاحتلال الصهيوني منذ عدة أشهر يقوم بعمليات حفر في كامل منطقة القصور الأموية، حيث يتنقل من منطقة إلى أخرى من أجل تحويلها إلى مطار للهيكل المزعوم ومسارات توراتية حزبية. ولفت أبو عطا إلى أن هذه المنطقة تم افتتاحها قبل ستة أشهر، حيث إن الاحتلال يحاول تهويدها بشكل كامل وتحويلها مع جزء من باب الرحمة إلى حديقة تلمودية تحيط بالمسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن الاحتلال نصب خيمة بالمنطقة جزء منها يستخدم كظل لعشرات الحفارين. وذكر أبو العطا أن قسما كبيرا من الذين يقومون بعمليات الحفر هم أجانب يحملون بأيديهم خرائط لاستكمال عمليات الحفر. وأوضح أنه خلال الحفر يتم إزالة قسم كبير من الأتربة، وقسم من الحجارة إما يتم نقلها إلى مخازن سلطة الآثار الصهيونية، والتي يتم فيها عمليات تهويد لتلك الحجارة، ومن ثمة يعيدونها إلى المنطقة المذكورة أو منطقة أخرى، وقسم آخر منها يتم وضعها في “حاويات القمامة" عند منطقة مستوطنة “معاليه أدوميم". وأكد المنسق الإعلامي لمؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن هناك تسارعا كبيرا في عمليات تهويد محيط المسجد الأقصى، موضحًا أن المشروعين يدخلان في إطار المشروع التهويدي. وكانت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث كشفت مؤخرًا بالخرائط والصور عن تفاصيل مخطط "بيت شتراوس" الاستيطاني والذي تنوي سلطات الاحتلال الصهيوني تنفيذه عند باب المغاربة، ويضم كنيسًا يهوديًا ضخمًا ومركز شرطة. منع وفد اليونسكو تتزامن أعمال الحفريات الصهيونية التخريبية مع وصول وفد من منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسكو) إلى القدسالمحتلة لتفقد مواقع تراثية وأثرية فيها، ولتقييم حالة التراث والحفاظ على البلدة القديمة. وفي هذا الصدد، قال المنسق الإعلامي لمؤسسة الأقصى إن الاحتلال من خلال هذه الحفريات يرسل رسالة واضحة بأنه لا يهتم ولا يقيم أي وزنً لأي لجنة أممية أو دولية قد ترصد انتهاكاته بالمدينة المقدسة. وأضاف “نحن لا نعول كثيرًا على منظمة اليونسكو للانتصار للقدس والأقصى أو الحفاظ على الإرث العربي والإسلامي، ولكن رغم ذلك ننتظر ماذا يمكن لهذه المنظمة أن تفعله وتكتبه خلال الأيام القادمة". وجدد مطالبة مؤسسته بتشكيل لجنة إسلامية عربية فلسطينية مختصة هندسيًا وآثاريًا وتاريخيًا لفحص وتقصي الحقائق ورصد جرائم الاحتلال بالقدس والأقصى. وشدد على ضرورة رفع هذه التقارير إلى الهيئات العربية والإسلامية لوضع خطة لملاحقة الاحتلال على جرائمه، وكذلك وضع خطة عملية ميدانية للحفاظ على الآثار وما تبقي منها قبل أن تندثر بشكل كامل. وكان الكيان قد أعلن، أول أمس، أنه ألغى زيارة مقررة لبعثة من اليونيسكو إلى البلدة القديمة في القدسالشرقيةالمحتلة بسبب قيام الفلسطينيين «بإضفاء طابع سياسي» على المهمة. ونقلت وكالات أنباء عالمية عن مسؤولة في وزارة الخارجية الصهيونية قولها: «الفلسطينيون لم يحترموا التفاهمات، كان من المفترض أن تكون الزيارة مهنية (ولكنهم) قاموا باتخاذ إجراءات تظهر أنهم يقومون بإضفاء طابع سياسي على الحدث ولن يسمحوا للوفد بالتركيز على الجوانب المهنية منها». من جهته، أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن السلطة الفلسطينية كانت تتوقع ذلك، موضحا «لم نتفاجأ من هذا القرار لأننا كنا نعتقد بأن موافقة «إسرائيل» أصلا على قدوم اللجنة لم تكن مقنعة بما فيه الكفاية». وزعمت المسؤولة الصهيونية أن الفلسطينيين حاولوا قبيل بدء عمل الوفد أن «يضفوا طابعا سياسيا» على الزيارة خلافا للتفاهمات بين الطرفين ويغير خطة العمل التي حددتها اليونيسكو منذ عام 2010. وادعت المسؤولة الصهيونية قائلة: «قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مؤخرا إنهم يعتبرون البعثة بمثابة لجنة تحقيق وقالوا إنهم سيناقشون مسائل سياسية مع البعثة»، وأشارت المسؤولة: «يحاول الفلسطينيون أيضا دفع الوفد لزيارة جبل الهيكل (الاسم اليهودي للحرم الشريف)». في المقابل، قال المالكي: «لن ننساق إلى مثل هذا الكلام ولن نرد عليه، ما نرغب به عمليا هو قدوم اللجنة للإطلاع على المواقع التراثية في القدس». وأضاف وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية: «الجهود لا زالت مستمرة مع مكتب المدير العام لليونيسكو ومع عدة أطراف لتمكين اللجنة من القيام بعملها». اتهامات للكيان و»اليونسكو» من جهته، قال نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 الشيخ كمال الخطيب إن الاحتلال الصهيوني وجه صفعة للسلطة الفلسطينية والأردن؛ بمنعه وفداً من «اليونسكو» زيارة القدس. وتابع: «السلطة والأردن تغنتا بالاتفاقية مع الاحتلال ووصفتاه بالإنجاز، إلا أن الاحتلال ضرب بعرض الحائط هذا الاتفاق، حاله حال جميع المواثيق والاتفاقيات الأخرى». يشار إلى أن الإذاعة العبرية كشفت نهاية الشهر الماضي (إبريل) النقاب عن اتفاق ثلاثي بين الأردن والسلطة الفلسطينية من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى برعاية أمريكية، لشطب مشاريع قرارات إدانة دولية للاحتلال في «اليونسكو» مقابل السماح للجنة خاصة موفدة من المنظمة الأممية بزيارة مدينة القدسالمحتلة والاطلاع على أوضاع الأماكن الأثرية والتاريخية والدينية فيها. وطالب الخطيب، في حديث خاص لصحيفة «السبيل» الأردنية، من وقع القرار (الأردن والسلطة الفلسطينية) باستدراك الموقف, واستخلاص العبر، وعدم الذهاب بعيداً بالتعويل على الاتفاقيات والمواثيق مع الاحتلال الصهيوني، كما حث الطرفين على مراجعة اتفاقاتهما معه رداً على نكثه للعهود والمواثيق. وأضاف، «إن الغدر والخيانة سمة المؤسسة الصهيونية، بالرغم من أن قبولها للاتفاق كان بثمن غال من قبل السلطة بسحب جميع قرارت الإدانة من الأممالمتحدة». وتابع: «الاحتلال أمعن بإذلال طرفي الاتفاق باشتراطه عدم زيارة وفد اليونسكو للمسجد الأقصى، إلا أن «إسرائيل» لم تسمح للوفد بالوصول إلى المدينة المقدسة من أصله، وسارعت بمنعه؛ ضاربة بعرض الحائط هذا الاتفاق». بدوره، قلل النائب الدكتور أحمد أبو حلبية رئيس لجنة القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، من أهمية قرار السلطات الصهيونية إلغاء زيارة وفد (اليونسكو). وقال أبو حلبية في تصريح لوكالة «قدس برس»، أول أمس،: «لم نكن أصلًا واثقين بلجنة تقصي الحقائق التابعة لليونيسكو، لأن هذه المنظمة متآمرة على آثارنا ومقدساتنا الإسلامية باعتبار أنها منحازة للاحتلال». وأضاف: «هي أي اليونيسكو متهمة بتسجيل بعض معالمنا التراثية بأسماء معالم وآثار يهودية، بالإضافة إلى تثبيت إشراف الاحتلال على تلة المغاربة». وأرجع أبو حلبية قرار إلغاء الزيارة إلى وجود ضغط صهيوني في هذا الشأن، وتابع: «يبدو أن اليونسكو واقعة تحت ضغط أمريكي وأوروبي لصالح «إسرائيل»، وإلغاء الزيارة جاء استجابة لضغط صهيوني أيضًا». واستبعد النائب في المجلس التشريعي أن تُحْدِث الزيارة حال لم تلغها السلطات الصهيونية أي أعمال إيجابية لمصلحة الآثار والمعالم المقدسية، وقال: «الزيارة كانت مقررة أربعة أو خمسة أيام، وهذه المدة غير كافية للجنة تقصي حقائق، في ظل واقع مرير ينخر في القدس والمسجد الأقصى.. وأنا أصلًا لست متفائلًا بها». واستطرد: «فوق عدم ثقتنا بهذه المنظمة ومواقفها، يبدو أنها غير نزيهة، وهي منحازة، وأنا غير مستغرب من قرار السلطات الصهيونية إلغاء الزيارة، وأرى أنها نوع من التآمر الجديد». وكان من المقرر أن تزور لجنة تقصي حقائق، مشكلة من قبل اليونسكو، مدينة القدس، أول أمس الاثنين، للتحقيق في الإجراءات الاحتلالية التهويدية في مدينة القدس بعد تأجيل السلطة الفلسطينية لرفع دعاوى قضائية تدين «تل أبيب» على انتهاكاتها بالمدينة المقدسة.