بعد جدل منصة التتويج.. لاعب المنتخب الأردني سليم عبيد يعتذر لطارق السكتيوي    كأس العرب (فيفا 2025) .. رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم يشيد بفوز المغرب في "نهائي مثير"    الإشادة بالوفد الأمني المشارك في تأمين فعاليات كأس العرب لكرة القدم بالدوحة    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة        لحسن السعدي يترأس اجتماع مجلس إدارة مكتب تنمية التعاون    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    تقلبات جوية وأجواء باردة تهم عدة جهات    بيت مال القدس تستعرض حصيلة 2025 وتعلن أولويات عمل 2026    توقيف الأستاذة نزهة مجدي بمدينة أولاد تايمة لتنفيذ حكم حبسي مرتبط باحتجاجات "الأساتذة المتعاقدين"    موجة البرد : مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية إنسانية للأسرة بالحوز    الكاف يعلن عن شراكات بث أوروبية قياسية لكأس أمم إفريقيا    أسماء لمنور تضيء نهائي كأس العرب بأداء النشيد الوطني المغربي    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    كالحوت لا يجتمعون إلا في طاجين !        الشرطة الأمريكية تعثر على جثة المشتبه به في تنفيذ عملية إطلاق النار بجامعة براون    البورصة تبدأ التداولات على وقع الأخضر    رئاسة النيابة العامة تؤكد إلزامية إخضاع الأشخاص الموقوفين لفحص طبي تعزيزا للحقوق والحريات (بلاغ)    رئاسة النيابة العامة تقرر إلزامية الفحص الطبي للموقوفين تعزيزا للحقوق والحريات    تقرير: المغرب من أكثر الدول المستفيدة من برنامج المعدات العسكرية الأمريكية الفائضة    "الصحة العالمية": أكثر من ألف مريض توفوا وهم ينتظرون إجلاءهم من غزة منذ منتصف 2024    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب أفغانستان    نقابة المكتب الوطني للمطارات تضع خارطة طريق "لإقلاع اجتماعي" يواكب التحولات الهيكلية للمؤسسة    ملك الأردن يقرر منح الجنسية للمدرب جمال السلامي وهذا الأخير يؤكد استمراره مع "النشامى"    نادي الإعلام والدراسات السياسية بكلية الحقوق المحمدية : ندوة علمية لمناقشة الواقع الإعلامي المغربي    حمداوي: انخراط الدولة المغربية في مسار التطبيع يسير ضد "التاريخ" و"منطق الأشياء"    الرباط تحتضن مقر الأمانة الدائمة للشبكة الإفريقية للوقاية من التعذيب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كيوسك الجمعة | ودائع الأسر المغربية تتجاوز 959 مليار درهم    ترامب يوقف برنامج قرعة "غرين كارد" للمهاجرين    انخفاض الذهب والفضة بعد بيانات التضخم في الولايات المتحدة    استمرار تراجع أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي    "الكان" يربك حسابات الأندية الأوروبية    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    جلالة الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني المغربي الفائز ببطولة كأس العرب    فرض رسوم التسجيل في سلك الدكتوراه يثير جدلاً دستورياً وقانونياً داخل البرلمان    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين بمحطات الوقود    البرلماني رفيق بناصر يسائل وزير الصحة حول العرض الصحي بمدينة أزمور والجماعات المجاورة    شبهة تضارب مصالح تُقصي إناث اتحاد طنجة لكرة اليد من قاعات التدريب    الدولة الاجتماعية والحكومة المغربية، أي تنزيل ؟    أسفي بين الفاجعة وحق المدينة في جبر الضرر الجماعي    الحكومة تُغامر بالحق في الصحة: إصلاح بلا تقييم ولا حوار للمجموعات الصحية الترابية    معدل ملء حقينة السدود يناهز 33٪    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    متحف اللوفر يفتح أبوابه جزئيا رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب    خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية    الموت يفجع أمينوكس في جدته    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى كل مستشار ومستشارة
نشر في التجديد يوم 10 - 09 - 2015

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمة لكل الكائنات، وبعد:
أخي المستشار، أبدأ رسالتي إليك بتهنئتك على الثقة التي حظيت بها من طرف ساكنة حيك أو قريتك، وبقدر ما أشاطرك الفرح على هذه الثقة فإني أشفق عليك من ثقل الأمانة وضخامة المسؤولية. كيف لا وقد علمنا النبي عليه السلام أنه : " ما مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعاهُ اللهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْها بِنَصيحَةٍ إِلاّ لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الْجَنَّةِ" صحيح البخاري. فقد استرعاك الله الإسهام في تدبير أمر مدينتك وربما جهتك، فإذا لم تنصح للمواطنين وذلك بالقيام على مصالحهم الإدارية، وبحسن تدبير ممتلكات الجماعة وصرفها فيما يعود عليهم بالنفع، فإن ذلك غش لهم، ويخشى عليك أن تحرم من دخول الجنة؛ بل ومن مجرد شم رائحتها.
إخي المستشار إني لك ناصح أمين، وإن خير أصحابك وأحبابك من يُبصرونك بالعواقب ويحذرونك إياها، لا من يهونون عليك الكبائر والموبقات ويزينوها لك.واعلم أخي وفقك الله لكل خير، أنك إن أحسنت فيما انتدبت له ستحصل بالمقابل على الأجر العظيم عند الله تعالى. ذلك أن أعمال الجماعة تصب في خدمة الناس، وتيسير أمورهم، وإزالة الضرر عنهم . وقد قال النبي عليه السلام فيما رواه البخاري:" السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ". ولكي تكون من أهل هذه المكانة فإني أتقدم لك بالنصائح التالية:
أولا: احرص على أن تكون ايجابيا خلال فترة تشكيل المكاتب ، وأن تختار لقيادة جماعتك الأصلح والأكفأ، واحذر من التنكر للمبادئ، أو أن تكون لعبة في أيدي أصحاب المال والنفوذ. واعلم أن انتماءك السياسي لا يُعفيك من تبعة أخطاء الهيئة التي تنتسب إليها. وإذا كان العربي في الجاهلية يَعمل بقول شاعرهم:
وهل أنا إلا من غزية إن غَوت … غَويت ، وإن ترشد غزية أرشد! (غزية: قبيلة عربية)
فقد صحح لنا نبينا عليه السلام هذا السلوك الخاطئ وبين أن المعنى الشرعي للمثل العربي " انصر أخاك ظالما أو مظلوما" هو أن تمنعه من الظلم إن كان ظالما، ولا تعينه عليه؛ وينبغي لك أن تثبت على ما تراه صوابا ولو خالف كل الناس. روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« لا يكُنْ أحَدُكُمْ إِمّعَة ، يقول: أنا مع الناس ، إِن أحْسَنَ الناسُ أحسنتُ. وإن أساءوا أسأتُ ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسن الناسُ أن تُحْسِنُوا ، وإن أساءوا أن لا تظلِمُوا ».
ثانيا: احذر أخي أن يكون هاجسك عند تشكيل المكاتب هو تبوء الصدارة، أو تحمل المسؤولية، فإن من سألها وطلبها وكُل إليها، ومن لم يطلبها بل طُلبت منه، سدّده الله ووفَّقه للقيام بها. وإذا كان يوسف عليه السلام سأل الوزارة فإنه كان قد استجمع شروطها، قال تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]. ولا يغرنك ثناء الناس عليك فأنت أدرى بنفسك من غيرك. وإذا أُعطِيت المسؤولية لغيرك فقد أراحك الله منها، فكن له ناصحا ومخلصا في النصيحة فذلك حقه عليك. وقد كان ذلك مما بايع عليه جريرُ بن عبد الله رسولَ الله صلى الله عليه وسلم :" « إِقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم».
ثالثا: وبعد تكوين المكاتب إذا كنت ضمن الأغلبية المسيرة فاجتهد في بذل ما في وسعك لأجل إسعاد الساكنة وتيسير أمورهم، واعلم أنهم قدموك لتخدمهم لا لتترفَّع عنهم، وتُغلق بابك دونهم. وإذا عجزت عن قضاء حاجة بعضهم، أو كانت تخالف القوانين الجاري بها العمل فتلطف به، ورُدّه ردا جميلا. واعلم أن الغلظة والفظاظة ليس من أخلاق الصالحين، كما أن الحزم والقوة لا تستلزم الفظاظة والغلظة. وقد قال الله تعالى لنبيه عليه السلام:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } [آل عمران: 159].
رابعا: اعلم أخي المستشار أن اشتغالك بأمر العامة لا يعفيك من أن تعطى لربك حقه من العبادة والطاعة. فاحذر أن تُشغلك الاجتماعات عن صلاتك وعن واجباتك التعبدية. وقد كان عمر رضي الله عنه يوصي نوابه في الأقاليم بالحفاظ على الصلاة، وبإقامتها للناس. روى مالك عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ:" إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ". وتذكر أن حسن صلتك بالله تعصمك من الزلل، وتُقويك على فعل الصالحات.
خامسا: اخي المستشار لا شك أن فترة الحملة الانتخابية عرفت مشادات وجدالا بينك وبين بقية المرشحين، فالآن وقد وضعت "الحرب" أوزارها، ينبغي لك أن لا تضمر لغيرك شرا ولا حقدا؛ بل تأسَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان عفوا كريما يحب العفو ويأمر به. قال الله تعالى:{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [النور: 22]. وقد روي عن أبي بكر الذي نزلت فيه هذه الآية أنه كفر عن يمينه وعاد للإحسان إلى قريبه وقال كلمته المشهورة:" بلى نحب أن يغفر الله لنا". ولتعلم أنه بحسن تعاملك، وصبرك على معارضيك تكسبهم، وتزيل ما في قلوبهم من شر. قال تعالى:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ () وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34، 35]
سادسا: وفي ختام هذه النصيحة أذكرك أخي المستشار أن من موجبات قبول الدعاء أن يكون مطعمك ومشربك وملبسك حلال. فاحذر من أن تدخل الحرام على أبنائك وأسرتك، فهم قد يصبرون على قلة ذات اليد ولكنهم لا يصبرون على نار جهنم. فابتعد عن الرشوة فهي سحت تمحق بركة المال. وتذكر إنكار النبي عليه السلام على ذلك الرجل الذي استعمله على بيت المال فبدأ يأخذ من الناس ما يقدمون له من هدايا – وهي في حقيقتها رشوة ليخفف عنهم القدر الواجب- وقد قام عليه السلام خطيبا في الناس فَحَمِدَ الله وأثنى عليه ، ثم قال: « أما بعدُ ، فإِني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله ، فيأتي فيقول : هذا لكم ، وهذا هدَّيةٌ أُهديت لي ، أفلا جلس في بيت أبيه ، وأُمه ، حتى تأتيَه هَدِيَّتُهُ إن كان صادقا ؟ واللهِ لا يأخذ أَحدٌ منكم شيئا بغير حَقِّه إِلا لَقيَ الله يحمله يوم القيامة ، …ثم رفع يديه حتى رُئِيَ بياضُ إِبطَيْهِ ، يقول : اللهم هل بلغت؟».
نفعني الله وإياك بهذه الكلمات، ووفق كلك خير والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.