احتقان داخل مجلس جماعة تارودانت.. مستشارون يستعدون لمقاطعة دورة ماي    برلمانية CDT توضح بخصوص مقال العون القضائي في مجلس المستشارين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب.. العمل عن بعد سيؤطر قريبا من خلال مدونة الشغل (السكوري)    وزير الدفاع الباكستاني: التوتر مع الهند قد يؤدي إلى حرب نووية    باريس.. أعمال شغب وسيارة تدهس مشجعين عقب تأهل باريس سان جيرمان لنهائي دوري الأبطال (فيديوهات)    إيلون ماسك يستعد لمغادرة منصبه السياسي.. وهذه خسائره المالية المتوقعة    الكرادلة يستأنفون التصويت لاختيار البابا الجديد    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    الوداد يحتفل بعيده ال88 وسط أجواء من الوفاء والانتماء    استئنافية الرباط تُخفض العقوبة السجنية لمحمد زيان    طقس الخميس: أجواء حارة بعدد من الجهات    الذكرى ال22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن: مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    اعتصام وإضراب إنذاري عن الطعام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان    بعد الفوز على تونس.. وهبي يؤكد رغبة أشبال الأطلس في حصد اللقب    ديكلان رايس بعد خسارة آرسنال ضد باريس سان جيرمان: "بذلنا قصارى جهدنا.. وسنعود أقوى"    اتفاق مبدئي بين الأطباء الداخليين والمقيمين ووزارة الصحة ينهي الأزمة    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    العرائش: إحباط محاولة تهريب طنين من مخدر الشيرا    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    حكيمي: "نحن فخورون بأنفسنا ونطمح للتتويج بدوري أبطال أوروبا"    كيوسك الخميس | خارطة طريق لإحداث 76 ألف منصب شغل    العرائش: اتهامات بسرقة الكهرباء تلاحق شركة النظافة وسط صمت جماعي مثير    غرق شاب في "رأس الماء" يثير غضبا واسعا وسط لمنع ااسباخة في "ليروشي"    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    التهراوي: المنصات الجهوية للمخزون والاحتياطات الأولية ستعزز قدرة المنظومة الصحية على التدخل السريع في حالات الطوارئ    إحباط محاولة جديدة للهجرة السرية على سواحل إقليم الجديدة    المجلس الجماعي للجديدة يصادق على جميع نقاط جدول أعمال دورة ماي 2025    الدردوري: منصات المخزون والاحتياطات الأولية تجسيد للرؤية الملكية في تعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    المكتب الوطني للمطارات يطلق طلبي إبداء اهتمام لإنجاز المحطة الجديدة    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد الرازم أسطورة هزت عروش الغطرسة الصهيونية يوما واليوم تهز مشاعر البشرية..قصة مقدسي يعاني مع أهله منذ 25 عاما وما زال‏
نشر في التجديد يوم 27 - 08 - 2005

أخيرا وبعد 25 عاما من الفراق الأليم والمرير تلتقي والدة الأسير المجاهد فؤاد الرازم ولدها وجها لوجه في زيارة ربما تكون الأخيرة لها في سجن بئر السبع.
الزيارة تمت قبل يومين بعد فيض من المناشدات اللحوحة والعاجلة من ذويه مع المسئولين والتي استمرت ست سنوات منذ أصيبت الوالدة بجلطة أقعدتها عن الحركة فأصبح متعسرا عليها زيارته في سجنه. وبمرافقة ممرضة وبواسطة سيارة إسعاف حمل جسد والدة الرازم التي عانت من تدهور كبير في صحتها جعلها ترقد في غرفة العناية المركزة في المستشفى الفرنسي في القدس المحتلة. وخلال هذه الأيام اتسعت دائرة المناشدات والالتماسات الإنسانية من اجل زيارة أخيرة لفؤاد من قبل والدته لتسنى لهما فرصة ضمة أخيرة إلى صدرها وإلقاء نظرة أخيرة عليها.
فؤاد المحكوم عليه بالسجن لثلاث مؤبدات وأحد عشر عاما تم نقله من سجن نفحة الصحراوي إلى سجن بئر السبع استجابة لتدخل حثيث من مسئولين في السلطة الفلسطينية وعلى رأسهم وزير الأسرى سفيان أبو زايدة والذي ساهم في توفير سيارة إسعاف مجهزة مع ممرض لاصطحاب الوالدة المريضة التي تعاني سكرات الموت إلى السجن.
وفي رحلة طويلة ومعقدة من المستشفى الفرنسي في القدس إلى سجن بئر السبع وبمرافقة شقيق وشقيقة فؤاد تمت الزيارة أخيرا في احد ممرات السجن في جو حار وخانق وبعيد عن أي تهوية.
فؤاد الذي أصيب بصدمة حقيقة بعد مشاهدة والدته بهذه الحالة المتدهورة أدرك انه يراها للمرة الأخيرة ومنذ ست سنوات لم يتمكن من رؤيتها!!
بعناق طويل ونحيب يعلو ويخبو من قلب ملوع بالألم وعيون تحاول فيها ألام المقعدة العاجزة أن تقول شيئا ولا تسعفها الكلمات التي احتبست في صدرها المعلول والمريض يقف فؤاد ممسكا بيدها ويمسح بها على رأسه ويلثمها ويشد عليها قائلا "أماه رددي الشهادتين" فتحرك الوالدة شفتيها ولا يصدر عنها أي صوت!
نبيلة "أم نضال" شقيقة فؤاد الرازم التي رافقت والدتها في زيارة فؤاد وصفت الزيارة بالأليمة والقاسية وأنها جاءت بوقت متأخر جدا وأضافت: "كان من المفروض أن تتم هذه الزيارة منذ وقت طويل قبل أن تصل والدتي إلى هذه الحالة من الاحتضار، ولكنها الغطرسة الصهيونية والحقد الأعمى المزروع فيهم جعل الأمر يصل إلى هذه الدرجة من التعقيد لنجد أنفسنا نودع أمنا في احد ممرات السجن دون أن تتمكن من توجيه كلمة صغيرة لفؤاد!!"
بداية القصة
فمن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أبصر النور الشاب فؤاد الرازم يوم 9/12/1957، مفعم بحب فلسطين عاش، عشقها حتى الثمالة وأراد أن يقدم لها مهرا يليق بقدسية ترابها ورحيق هوائها، فما أن أنهى تعليمه في كلية أصول الدين في بيت حنينا حتى هب فؤاد الرازم -أو "فواز" كما اعتاد من يحفون به مناداته- ملبيا نداء فلسطين المتواصل على مر الأجيال للفداء.
اعتاد فؤاد أن يؤدي صلاته في الأقصى الشريف ورغم حداثة سنه أصر على أداء فريضة الحج ولم يمض على عودته إلا أيام قليلة عندما هجم الاحتلال الصهيوني مقتحما منزله وعاث فيه فسادا وانتزع فؤاد في تلك الليلة القارسة البرد والعاصفة الأمطار يوم 31/1/1981.
وتصل المفاجأة لكل من يعرف فؤاد ذروتها عندما يصل لعلمهم قائمة الشرف التي تذرعت بها سلطات الاحتلال لاعتقاله وإخضاعه لتحقيق مرير قاس ومؤلم يستمر أربعة أشهر متواصلة دون رحمة.
فؤاد ابن الاثنين والعشرين ربيعا تعرض لموجات شرسة من التعذيب الوحشي وصل به إلى حالة صحية سيئة لانتزاع المعلومات منه ولكنه بشجاعة نادرة يقف كالصخرة متحديا جلاديه ولا يصدر عنه رغم كل الممارسات إلا مجموعة من الاعترافات المضللة والتي تضاربت مع اعترافات المجموعة التي أسسها وضمت سبع أفراد هو زعيمها دون تحديد إطار فئوي معين في حينه بل كان الهدف الأول والأخير العمل الجهادي ومقاومة الاحتلال.
وفي محاولة للضغط النفسي عليه يعتقل والد ووالدة فواز ويتعرضوا لمضايقات جعلتهم يدخلون المشفى فور إطلاق سراحهم، إذ جعلوا في غرفة تطلق هواء ساخنا وخانقا ورغم طرقاتهم المتواصلة على الباب لم يسمح لهم بالمغادرة إلا في الساعة الرابعة فجرا بعد أن فقدت الوالدة الوعي وأصيب الوالد بنوبات من الغثيان والقيء المستمر لساعات ليضطر الوالد والوالدة على الرغم من المرض الذي اجتاحهما إلى أن يسيرا على اقدامهما أربع ساعات ليصلوا للبيت.
ويرفض فؤاد الإدلاء بأي اعتراف يشفي غليلهم وغيظهم. فيلجئوا إلى اعتقال شقيقته نبيلة "أم نضال" وهي والدة لطفلين حين ذاك- مع والدته بالقوة، وإيهام فؤاد بالاعتداء عليهما لزيادة الضغط النفسي عليه، وتروي أم نضال تفاصيل زيارتها لفؤاد في ذلك الحين فتقول: "لم يكن الجالس والشاحب والمتعب أمامنا هو أخي فؤاد بل شبحه لم يقوَ على الحديث إلينا كان جلده جاف وعيونه حمراء غائرة وكأن الزمن قد قطع معه شوطا كبيرا يتنفس بصعوبة ويلقى رأسه على صدره بإرهاق بين الحين والآخر".
وأضافت: "رغم معرفتي أن كل حديثنا سيسجل إلا أنني اقتربت منه وصحت فيه: "كلنا فداء الوطن، فؤاد لست الأول ولن تكون الأخير اصبر وأصمد ونحن معك بإذن الله".
ولم يكد يرتد صدى صوتها حتى هجمت كلاب المخابرات لتلقيها مع والدتها في غرفة مظلمة لاثنتي عشرة ساعة دون طعام أو شراب وخلال فترة وجودهما تنطلق صرخات كاذبة لإيهام فؤاد بالاعتداء عليهما.
ويأتي يوم المحاكمة لإصدار الحكم بعد 36 جلسة سابقة من الأخذ والرد واستجواب شهود ادعاء ضده بلغ عددهم 130 شخص في 9/6/1982 هذا اليوم سمح للوالدة فقط بالحضور وبقي أفراد أسرة فؤاد خارج مبنى المحكمة بانتظار إصدار الحكم وبشجاعة نادرة يتحدى فؤاد القاضي الذي كان مسلحا ويلبس بزة عسكرية وبعد النطق بالحكم الجائر القاضي بسجن فؤاد الرازم لثلاث مؤبدات وأحد عشر عاما بتهم قتل جنود صهاينة وعملاء وحرق سيارات السماسرة وباعة الأراضي في القدس وتحضير العبوات الناسفة والتحريض وتجنيد الشباب في خليته فيهجم على القاضي مع احد زملائه ويحاول انتزاع سلاحه ولكن الحراس يرشونه بالغاز المسيل للدموع ويوسعونه ضربا حتى يفقد وعيه داخل المحكمة ويقيد وينقل إلى سجن الرملة.
ويواصل الرازم كفاحه ضد الاحتلال حتى من خلف القضبان ليصبح عميد معتقلي حركة الجهاد الإسلامي في السجون الذي انتمى له من خلف القضبان أيضا في عام 1988وأصبح راعيا ومحاضرا لفكره هناك لأنه رأى فيه تتويجا لفكره وموازاة لأهدافه النضالية والجهادية والدعوية ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم.
أما السجون التي تنقل فيها خلال خمسة وعشرون عاما فهي الرملة وعسقلان وبئر السبع ونفحة وشطة وعودة إلى بئر السبع مرة أخرى. فيستمر في عملية التعبئة وفضح جرائم العدو ضد أبناء شعبه في خطب الجمعة التي يلقيها فيكون عقابه قاسيا مريرا في عزله لشهور ومنعه من الزيارات والتضييق على أهله.
خمسة وعشرون عاما قضاها فؤاد خلف القضبان لم تفت في عضده ولم تزعزع معنوياته بل ظلت محلقة في السماء صافعة غطرسة المحتل صباح مساء وكل يوم يشتد إصرارا بان الحق سينتصر ويوصي أهله في كل زيارة بكلمات رنانة قوية تنبع من إرادة فولاذية صلبة: "لا تتوسلوا لأحد بل الجئوا لرب العالمين فهو نصيرنا وهو مغيثنا والفرج قريب بإذن الله لا بإرادة المحتل والصبح قريب فاصبروا فاني صابر ومحتسب".
والده الثمانيني وبصلابة لو وزعت على العشرات لفاضت عنهم، قال: "إن فؤاد وغيره ممن امضوا هذه السنوات الطويلة في السجون هم رمز وعنوان قضية الأسرى جميعا.. هم عنوان لهذا الملف المنسي المغيب.. وهؤلاء لا يمثلون فقط معاناة الأسرى في السجون، بل معاناة الآلاف من الأسر والعائلات في السجن الكبير". وأضاف والده "المشكلة وما يؤلم حقا انه لم يتم التعامل مع قضية الأسرى منذ بدايتها بما تستحق من اهتمام وعزم.. ولو أن القيادة الفلسطينية اعتبرتها قضية مركزية لا تهاون فيها، لما كانت نتائج الأمور الآن بهذا المستوى من الألم والمعاناة.. وما كنا لنشاهد أسرى ما زالت رطوبة السجن تنخر في أجسادهم رغم أنهم امضوا أكثر من عشرين عاما".
وتشير عائلة الرازم "إلى أن ما وصلت إليه قضية الأسرى أصبح صعبا وخطيرا.. حيث تستفرد سلطات الاحتلال بهم وتقوم بعمليات تنكيل واستفزاز يومي بحقهم.. وقال والده الكهل: "إيماننا بالله كبير.. لكن الألم أيضا كبير والحزن يغمرنا في ظل انعدام أي أمل أو فرصة بخروجهم.. فإذا كانت اتفاقيات السلام قد خذلتهم.. ولم تستطع عمليات الإفراج في التبادل إخراجهم.. فأين هو الأمل إذا؟!
والجدير ذكره أن فؤاد مستثنى كبقية المقدسيين والفلسطينيين من أهلنا في عرب الداخل من أي فرصة للإفراج عنهم ضمن صفقات التسوية وتبادلات الأسرى. كما يعاني من مشاكل صحية أبرزها مشاكل في العيون وضعف في النظر وترفض إدارة السجن مساعدته صحيا وتقديم العلاج له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.