نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    مصرع ضباط جزائريين في طهران.. حادثة تكشف خيوط التعاون السري بين الجزائر وإيران    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    بتنسيق مع "الديستي".. توقيف 10 أشخاص ضمن شبكة للاتجار بالمخدرات في الناظور    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأرصاد تحذر من موجة حر تصل إلى 45 درجة تمتد إلى غاية الثلاثاء    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    حريق غابة عين لحصن يأتي على 15 هكتارا وطائرات الإطفاء قامت ب67 طلعة جوية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    "الباطرونا" تبرم اتفاقية مع "سيماك"    "الكاف" يعلن عن مواعيد وملاعب "شان 2024"    وفاة طبيبة شابة في طنجة بعد سقوط مروع من سطح منزل قرب مستشفى محمد الخامس    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    «نج «و»كي بلاك» يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك بعنوان «La Var»    الشوبي في الذاكرة.. مشرع بلقصيري تحتفي بالصوت الخفي في أمسية وفاء سينمائي    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    غوتيريش يستقبل آمنة بوعياش بنيويورك لتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في القرار الدولي    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    ديغات: المغرب يوفر للاجئين بيئة داعمة .. والموارد الأممية محدودة    الدفاع المدني ينعى 43 قتيلا في غزة    تضخم طفيف يسجل بالمغرب: ارتفاع الرقم الاستدلالي للأسعار عند الاستهلاك بنسبة 0,4 بالمئة    كوت ديفوار تعبر عن قلقها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في تندوف وتطالب بإحصاء سكان المخيمات    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة        المغرب يقبض على مطلوب بالنرويج    الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    توقيف ناقل "ريفوتريل" إلى بني ملال    النفط يتراجع بعد تأجيل قرار أمريكي لكنه يحقق مكاسب أسبوعية بنسبة 4%    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    قرض أوروبي بقيمة 110 مليون أورو لإنعاش البنية الصناعية بإقليم الناظور    انتقادات تلاحق هدم السكن الجامعي لمعهد الزراعة والبيطرة ومخاوف من تشريد 1500 طالب        "فيفا" يخفي 10 مليون منشور مسيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    مرسوم جديد لتنظيم "التروتينبت" لتعزيز السلامة الطرقية في المغرب    لقاء بين الشبكة المغربية والسفارة البريطانية يبحث تحديات وإصلاح نظام الرعاية الصحية بالمغرب    تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    المنتخب الوطني لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره المالاوي        ترامب يحسم في دخول الحرب ويهدد ايران بمهاجمتها في بحر أسبوعين    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    تتبع التحضيرات الخاصة ببطولة إفريقيا القارية لكرة الطائرة الشاطئية للكبار    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة ساحل العاج... المأزق الفرنسي في إفريقيا
نشر في التجديد يوم 16 - 11 - 2004

المواجهات المسلحة التي نشبت في ساحل العاج هذا الأسبوع بين القوات الفرنسية الموجودة في هذه المستعمرة الفرنسية السابقة وبين القوات التابعة للرئيس لوران غباغبو وضعت الوجود الفرنسي في القارة الإفريقية في مأزق حقيقي، وكشفت فشل أطروحةالديبلوماسية الإفريقية الجديدة لفرنسا. فهي أول مواجهات من نوعها مع باريس التي ظلت تعتبر الكوت ديفوار بمثابة آخر قلاعها في القارة السمراء، وواجهة فرنسا في إفريقيا، إذ لم تخطئ باريس في قراءة الأحداث الأخيرة التي راح ضحيتها تسعة جنود فرنسيين وعشرات الجرحى في صفوف الجالية الفرنسية المهمة، وسط هتافات من السكان تطالب الفرنسيين بالرحيل، حيث بدا من الواضح أن فرنسا لم يعد مرحبا بها في ساحل العاج.
لقد تطورت الأحداث بشكل سريع في العاصمة أبيدجان بعد انتشار الجنود الفرنسيين على مسافة قريبة من مقر إقامة غباغبو، للمرة الأولى منذ بداية التدخل العسكري الفرنسي في العام الماضي والذي يقدر بنحو 3000 جندي بعد توقيع اتفاقية ماركوسي في باريس بين الحكومة والمتمردين العاجيين، فكان رد فعل أنصار الرئيس العاجي سريعا، إذ تظاهر المئات ضد انتشار الجنود الفرنسيين متهمينهم بمحاولة تدبير انقلاب عليه، وهو ما نتجت عنه مواجهات عسكرية بين القوات الفرنسية والمتظاهرين أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، مما أجج موجة العداء للوجود الفرنسي في البلاد.
بداية الأزمة
بدأت قضية ساحل العاج في سبتمبر من عام 2002 لدى انطلاق الحرب الأهلية بين الحكومة المركزية وقوات المعارضة المدعومة من بوركينا فاسو المجاورة، التي زحفت على العاصمة أبيدجان بهدف الاستيلاء عليها وقلب نظام حكم لوران غباغبو الذي تتهمه ورجاله بالسيطرة على المنطقة الجنوبية الغنية من البلاد على حساب أهالي الشمال الساحلي. وقد أرادت فرنسا التي تحتفظ بوجود عسكري في البلاد منذ نيل استقلالها التدخل لوضع حد للمواجهات العسكرية وإنقاذ حليفها غباغبو، حيث سعت إلى تدويل النزاع عبر إشراك بلدان المنظمة الاقتصادية لغرب إفريقيا(سيدياو) وإقناعها بإرسال قواتالقبعات البيض، متجنبة حشر نفسها في صراع داخلي لا تعرف إلى ما يؤول في النهاية.
حاولت فرنسا توظيف ثقلها الديبلوماسي في ساحل العاج من أجل التوصل إلى أتفاق بين حكومة غباغبو والمعارضة، فنظمت في يناير من العام الماضي مفاوضات بين الطرفين في ناحية ماركوسي قرب باريس.
وقد نص اتفاق ماركوسي على تشكيل حكومة وطنية يتم فيها تعيين وزير أول بالتوافق بين الطرفين، وتتولى فيها المعارضة وزارتي الدفاع والداخلية الحساستين. لكن الاتفاق لم تحز على رضى جميع الأطياف السياسية في حكومة غباغبو الذين رأوا فيه انحيازا فرنسيا إلى المعارضة، وبداية تجريد الحكومة المركزية من مواقعها الحيوية للسيطرة على البلاد، فخرجت عدة تظاهرات في العاصمة تطالب الفرنسيين بالرحيل، وانتشرت موجة من الغضب على الجاليات الفرنسية التي تقدر بأزيد من ثمانين ألفا يمسكون بأهم دواليب الاقتصاد العاجي، ومست تلك الموجة رموز الوجود الفرنسي خاصة المركز الثقافي الفرنسي ومدارس البعثات الثقافية الفرنسية التي أغلقت أبوابها منذ ذلك الوقت، وأصيبت باريس بصفعة قوية في أهم معاقلها الإفريقية.
عراق فرنسا في إفريقيا
تزامن توقيع اتفاق ماركوسي بين المعارضة والحكومة المركزية في ساحل العاج مع انطلاق الأزمة العراقية في العام الماضي، واستعداد واشنطن لشن الحرب على النظام العراقي السابق، حيث شكلت فرنسا طليعة الدول الأوروبية التي رفضت التصويت على قرار داخل منظمة الأمم المتحدة يمنح الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لشن الحرب. وقد وجدت الولايات المتحدة الأمريكية أن الفرصة أصبحت مناسبة لإعاقة التصويت على قرار في المنظمة الأممية لإرسال قواتالقبعات الزرق إلى ساحل العاج بهدف رعاية تنفيذ اتفاق ماركوسي.
هذا التوتر الفرنسي الأمريكي بسبب الأزمة العراقية ألقى بظلاله على التعاطي الفرنسي مع أزمة ساحل العاج، إذ أرادت واشنطن الدفع بباريس نحو التورط في المستنقع العاجي بمثل ما هي متورطة في المستنقع العراقي، ساعية إلى تحويل هذا البلد الإفريقي إلى عراق آخر يستنزف فرنسا، بخاصة وأن واشنطن أصبحت تراهن على استقطاب الدول الإفريقية في سياق ما راحت تسميهالسياسة الأمريكية الجديدة في إفريقيا لإدارة جورج بوش، ومنافسة التواجد الفرنسي التقليدي بها، وهو ما دفع الفرنسيين إلى توجيه الأصبع في الأزمة الأخيرة بساحل العاج إلى الإدارة الأمريكية بشكل غير علني، رابطين بين اندلاع المواجهات وبين إعادة انتخاب بوش لولاية ثانية، بغاية إثبات الفشل الفرنسي في حل الأزمة ومن تم توجيه ضربة لسياستها في القارة. وقد غذت تصريحات بعض المسؤولين العاجيين إثر الأزمة الأخيرة شكوك فرنسا التي باتت غير مطمئنة لمصالحها في ساحل العاج، ولموالاة الحكومة المركزية لها، حيث صرح رئيس الجمعية الوطنية العاجية(البرلمان) مامادو كوليبالي قائلا : يظهر أننا دخلنا في حرب طويلة الأمد، وما حدث يؤشر على نقطة افتراق، ولا تبدو فيتنام شيئا مقابل ما نحن
مقبلون على القيام به هنا، مضيفا : إن بلاد ساحل العاج غير موجودة، ما هو موجود هو امتداد للدولة الفرنسية.
نهاية الوجود الفرنسي؟
وتلوح أزمة ساحل العاج بمثابة بداية أفول للنفوذ الفرنسي في القارة الإفريقية، إذ بصرف النظر عما ستنتهي إليه الأزمة الحالية فإن المراقبين يرونها بداية النهاية للسياسة الفرنسية على مدى العقود الماضية التي أعقبت خروج فرنسا من مستعمراتها الإفريقية السابقة. فقد ظلت ساحل العاج كواجهة أمامية للتواجد الفرنسي في القارة، وعنوانا على نفوذها الاقتصادي، إذ أن البلاد كانت تمثل نحو 40 في المائة من الكتلة النقدية لمنطقة الفرنك الفرنسي في إفريقيا. فمنذ اندلاع الأزمة في ساحل العاج عام 2002 أخذ النفوذ الفرنسي في التراجع، حيث تقلصت الجالية الفرنسية من 12 ألفا إلى ثمانية آلاف، جزء كبير منه بدأ في الرحيل إثر المواجهات التي شهدها الأسبوع الماضي، كما تراجعت سيطرة الشركات الفرنسية في مجال اللوز والقهوة أهم ثروة اقتصادية تملكها البلاد أمام الشركات الأمريكية والبريطانية والإيرلندية متعددة الجنسيات منذ بداية التسعينات في عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران، بعد اندلاع ما سمي بحرب اللوز بين باريس وواشنطن. لكن السقوط الفرنسي في ساحل العاج وبالتالي في إفريقيا لن يقف عند تراجع نفوذها الاقتصادي فحسب، بل إنه
سوف يتعداه إلى المساس بنفوذها على المستوى الدولي أيضا، إذ أن القارة ظلت تعتبر كخزان أصوات إلى جانب فرنسا سواء داخل منظمة الأمم المتحدة أو في المحافل الدولية.
إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.