ثمان نقابات بقطاع الصحة تعلن عن سلسلة إضرابات وتحشد لإنزال بالرباط    هل تحول البرلمان إلى ملحقة تابعة للحكومة؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رئيسة الجمعية العامة لليونيسكو تطلع على ورشة لتكوين صناعة الزليج التقليدي التطواني    تسارع نمو الاقتصاد الإسباني خلال الربع الأول من العام    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها بأداء سلبي    التلسكوب الفضائي"جيمس ويب" يلتقط صورا مفصلة لسديم رأس الحصان    الناصيري ل"الأيام 24″: أشغال ملعب "دونور" تسير بوتيرة سريعة ومعالم الإصلاح ستظهر قريبا    "مصير معلق" لاتحاد الجزائر وعقوبات قاسية في انتظار النادي    بطولة إفريقيا للجيدو.. المنتخب المغربي يحتل المركز الثالث في سبورة الترتيب العام    سفيان رحيمي يوقع عقد رعاية مع شركة رياضية عالمية    البحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    ثلاثيني يُجهز على تلميذة بصفرو    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    موسيقى الجاز و كناوة .. سحر ووصل ولغة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان    العصبة الاحترافية تتجه لتأجيل مباريات البطولة نهاية الأسبوع الجاري    حماس تستعدّ لتقديم ردّها على مقترح هدنة جديد في غزة    حريق ضخم يلتهم سوق المتلاشيات بإنزكان (فيديو)    وحدة تابعة للبحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية جنوب – غرب الداخلة    النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا    السكوري…المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    اش خذات الباطرونا واش خدات النقابات باش يتزاد فالسميك وفالصالير الف درهم: عرض قانون الاضراب فالدورة الربيعية والتقاعد على 65 عام فالخريفية    فتاة هندية تشتكي اعتداءات جنسية .. الأب والعم بين الموقوفين    الوداد يحدد لائحة المغادرين للقلعة الحمراء    ستة قتلى في هجوم على مسجد بأفغانستان    مع اقتراب افتتاح الاولمبياد. وزير داخلية فرانسا: خاص يقظة عالية راه وصلنا لمستوى عالي جدا من التهديد الارهابي    الموانئ الأوروبية في حاجة إلى استثمار 80 مليار يورو لبلوغ التحول الطاقي    ف 5 يام ربح 37 مليار.. ماسك قرب يفوت بيزوس صاحب المركز الثاني على سلم الترفيحة    أسترازينيكا كتعترف وتعويضات للمتضررين تقدر توصل للملايين.. وفيات وأمراض خطيرة بانت بعد لقاح كورونا!    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    يتقاضون أكثر من 100 مليون سنتيم شهريا.. ثلاثون برلمانيًا مغربيًا متهمون بتهم خطيرة    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لأوروبا    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهاجرون المغاربة والطريق إلى الكوكايين
نشر في هسبريس يوم 11 - 10 - 2007

هناك العديد من الطرق ،طريق الحرير إلى الصين ، الطريق إلى روما كمقولة قديمة والطريق إلى غونتامو وأخيرا وليس آخرا طريق المغاربة إلى الكوكايين 0 ليس لها جهة محددة تجدها أينما حللت وارتحلت ، هي لذة تخفي وراءها مأساة أناس وتراجيديا حكايات من الصعب تصورها 0 ""
حينما غنى مطرب الراي أغنيته الشهيرة البَيْضا مون أمُورْ كنت أظن أنها فتاة رقيقة بجمال آخاذ ومع توالي الأيام والسنون أدركت أنها شيء آخر شكلا ومضمونا ، لها تسميات مختلفة ؛ الشمة ، التنفاح ، البيضا ، لمسخة ، الكوكا بالإسبانية 0
نطرق أبواب الكوكايين / البيضا المجهولة ونلتقي بمغاربة مراهقين ، يافعين ، نساء ورجال 000 أقحموا أنفسهم في لعبة خطيرة بوعي أو بدونه دون احتساب النتائج الكارثية وأصبحوا عالة على أنفسهم وذويهم وعلى المجتمع الإسباني راسمين صورا مقيتة وسيئة عن المغرب والمغاربة ، مانحين ذاك الإنطباع المجاني أن المغرب بلد المخدرات بامتياز 0
نطرح السؤال التالي ، ماالذي يدفع هؤلاء المهاجرين نساء ورجالا بمختلف أعمارهم إلى التعاطي إلى هذه السموم القاتلة عن طريق الحقن أو عن طريق الشم ؟
أهو اليأس ، اللأمل ، انسداد الأفق ، الفقر ، السخط على الواقع أم تغير الوضعيات والمزيد من الحرية المطلقة ؟
ملاحظة أساسية قد تبدو هذه الحالات التي سنقدمها شادة وخارج سياقات المجتمع المغربي وتحولاته لكن بالنظر إليها هنا في اسبانيا فإنها تعبير عن سيرورة المجتمع الإسباني وعن أفق الإندماج فيه ومايعتري هذا المجتمع بدوره من تحولات ومنزلقات 0
أولا طفولة الكوكا
سنحاول في هذه الورقة تقديم ثلاثة نماذج مختلفة لطفولة عاشت قسوة الحياة بكل ما تحمل الكلمة ، أولا عن طريق الحريك والهجرة السرية عبر شاحنات وقوارب الموت وثانيا انخراطها في عالم المخدرات والسرقة ومايتبع ذلك من نتائج على المستوى النفسي والإجتماعي 000 تقتصر هذه الحالات على الأطفال الذكور الأكثر عرضة والأكثر انخراطا في دينامية الهجرة السرية 0
إبراهيم ، أعيش اللحظة فقط 000
بتلك الوسامة الباديةعلى محياه ، ابراهيم ذو 10 سنوات من مدينة العرائش ، قدم كمهاجر سري عن طريق حافلة للمسافرين 0 يقطن مع آخاه الأكبر منه الذي يتاجر في المخدرات صنف الغبرة بشكل خاص 0هوايته الأخ الأكبر إن كانت هواية الذهاب إلى نوادي البغاء المنتشرة حيث مرقد الغبارات من جنسيات مختلفة والسوق الأكبر لترويجها 0
ابراهيم هذا الطفل الذي لا يملك القدرة على استيعاب ما يدور حوله ، يتعاطى للبيضا وللحشيش بدون أن يعي خطورتهما على المستوى الصحي والنفسي والوضع الإجتماعي 0 تم القاء القبض عليه في العديد من المرات من طرف الشرطة الإسبانية ونظرا لحداثة سنه يتم تسريحه 0 ابراهيم الذي يحاول كعادته اقناع الأخرين بنضجه وذكائه تجده رفقة أشخاص أكبر منه عمرا ، لأن لا أحد يهتم به 0 ليس لأخيه الوقت الكافي للإعتناء به حين سألته ، لما تتعاطى إلى الغبرة وقد تضرك أكثر مما تنفعك ؟
إنني أعيش اللحظة مثل هؤلاء الإسبان ،أنظر إليهم 000 يجيب 0 إنه سؤال الدهشة والتماهي مع الأخر وعدم ايجاد الوسيلة المناسبة للإندماج الإيجابي في سيرورة الحياة العادية هنا في اسبانيا 0
ابراهيم ليس إلا عينة من الأطفال المهاجرين المغاربة الذي قدف بهم البحر وحملتهم شاحنات الموت بغية ؛ جنة أخرى؛ وفردوس آخر يملؤون المدن الإسبانية ويقومون بالسرقة ، الإتجار في المخدرات ، المبيت في الأكواخ أو في مراكز الإيواء للصليب الأحمر0
سؤال لا أحب أن أكرره أكثر من مرة ، كيف تنظر الحكومة المغربية لطفولتها المهاجرة ؟ بعين عدم الرضى أعتقد 0
يونس ، فن وحبل الكذب قصير
إلى جانب مغامرة الحريك و مايتبعها من أبعاد نفسية خطيرة ، تدفع بالإنسان إلى أزمات نفسية والقاء نفسه في دوامة التهلكة والموت المحقق 0 يونس 19 عاما ينطلق من مغامرة إلى أخرى 0 قضى ثلاثة أعوام سابقة كمهاجر سري مشتغلا باحدى المجازر العمومية لأنه تقني في هذه الحرفة 0
قبل مجيئه إلى اسبانيا كان مهيئا ومستعدا يدخن الحشيش وأثناء اشتغاله بالمجزرة رفقة بعض الشباب المغاربة من احدى دواوير بني ملال حاول تجريب الغبرة وبحكم سنه 16 سنة أصبح مدمنا عليها يقول جربت الغبرة مع الرومانيات ، البرازيليات ؛ يقصد العاهرات ؛ ومع المغربيات لكن مع عويشة لم أجد مثلها للإشارة عائشة تتعاطى للغبرة و000
يمتاز يونس إجادته لفن الكذب إن كان فنا وحِرَافِيّته الكبيرة التي تساعده على تساعده على النصب والإحتيال على العديد من الأشخاص الذين يحاولون مساعدته 0
حمادة ، لحظة هيجان 000 أفهمتني يا هذا 000
يبلغ حمادة 17 عاما من مدينة الدارالبيضاء ، إلى مدة قصيرة عاش حياة مترفة وفجأة طرد الوالد مفتش جمارك في ميناء البيضاء إثر احدى الحملات التحسيسية ضد الرشوة 0 الأم تمتلك فيلا في اسمها 0 بعد تصدع العائلة اضطر حمادة كأكبر إخوته الرحيل إلى اسبانيا عبر شاحنة لنقل البضائع ليبدأ رحلة جديدة في مساره الحياتي 0 بعد وصوله بمدة قصيرة أقل من شهر ، أصبح يدخن وفي الشهر الموالي أصبح يتعاطى للخمر وللحشيش ولم يكمل أشهر الصيف بما يعج من حركية إلى انغماس كلي في لذة البيضا0 أضاف إلى الغبرة ، السرقة وتم القاء القبض عليه مرتين وفي حوزته مبلغ 6000 أورو0
مشكل حمادة أنه يريد أن يساند عائلته بأي ثمن وبأية طريقة بغية الحفاظ على مظهرها السابق 0 حين التقيته وبعد تجاذب أطراف الحديث سألته لما قام بسرقة السيدة الإسبانية التي أوته من البرد القارس ؟
من أجل اقتناء غرام ديال الغبرة ، كنت في حالة هيجان ولم أحتمل رؤية نفسي ، أفهمتني يا هذا 000 يصرح 0
ملاحظة أساسية أن هؤلاء الأطفال حمادة ، يونس ،ابراهيم وآخرون في بقاع مختلفة من المدن الإسبانية يعيشون بدون أهل و بدون مراقبة وحرية أكبر ، يسهل معها الإنحراف في أية لحظة مادام الأب / الأم غائبا والعائلة مغيبة والحاضر هو الطفل 0 والسؤال كيف يواجه طفل قدم من المغرب على مثن قارب أو تحت عجلات شاحنة أومختبئا في حافلة نفسه في عالم جديد يختلف كليا عن بيئه الأولى وسط غرباء وثقة أقل ؟
يونس بسلوكه المشاكس يقول كون كان المسؤولين فيهم الخير لما جينا إلى هنا يهمل فشله وادمانه على شماعة الحكومة المغربية ، فهل يمتلك جانبا من الصحة في قوله 0 سأل عن ذلك إذا ما أتيحت الفرصة في يوم ما 000
ثانيا يوميات الإذلال والمهانة
نأخذ هنا فئة عمرية لأكبر من 20 سنة فما فوق من جنس الذكور ، هناك من جعلها أي الغبرة مورد رزقه فأصبحت بلواه وأصبح مدمنا عليها لايبارح محرابها و هناك من دفعته ظروفه الصعبة إلى اقتنائها واحتضانها في يومياته الباردة من أجل تدفئة جسد عليل في ليال صقيعية 0
سلام يا عبد السلام ، تلوث دمي الحار 000
من منا يمكن أن يتوقع بفجائية الحياة ومداراتها الصعبة ، عبدالسلام والأغلبية من الإسبان والمغاربة ينادونه سلام ؛ 47 عاما من مواليذ الناظور ؛ مدمن على كل شيء ، الكحول بامتياز ، الغبرة ، الحشيش ، بدون عمل فقد أوراق اقامته الشرعية 0 18 سنة وأكثر قضاها في اسبانيا بين مدن مختلفة ووجوه عدة ، عرف كنه الحياة ومآسيها أسأله ، أتستطيع التوقف عن الإيقاع الإدمان وتغيير المسار يصمت قليلا يجيب حاولت تم حاولت ولكني لا أستطيع 000
لم تعد تنفع معه المحاولة ، تاركا خلفه زوجته وابنته التي تركهاصغيرة والآن هي عروس في عزشبابها 0 إنها مأساة شخص أصبح تائها لا يستطيع أن يتحكم في يومه الموالي 0 حاشية من عائلته وخاصة اخوانه حاولوا جاهدين نصحه واقناعه بمزايا العلاج لكنهم فشلوا يقول تلوث دمي ولاأستطيع أن أتوقف 0
عبدالكريم كريم ، ملعونة هذه الإسبان 000
ملعونة هذه الإسبان ، لو أني أعرفها هكذا ما جئتها ؟ هكذا ينظر كريم إلى اسبانيا بعد تجربة مريرة 0
حينما قدم أواخر سنة 2001 كان شابا متزنا ،هادئا ، مع أحد أخواله الذي يتاجر في المخدرات 0 فقط كان يدخن الحشيش 0 اشتغل ميكانيكيا في العديد من المدن المغربية أصله من القرية في الناظور قبل أن يشد الرحال إلى اسبانيا 0 يبلغ من العمر27 سنة ، خلال مدة أربع سنوات تغيرت حياته رأسا على عقب ، أصبح يتعاطى الغبرة بشكل ملفت للنظر مع زمرة من الإسبان والمغاربة 0 يكذب كثيرا ، يقترض ، المهم أن ينال ثمن نصف غرام من الغبرة 0 فجأة أصبح يفقد السيطرة على نفسه مما دفع بأخواله ادخاله إلى مستشفى الأمراض النفسية قصد العلاج لمدة سنة ، ضاق به الحال فحاول الهرب ، أصبح بدينا أكثر من المعتاذ وهو الشاب النحيف 0 ذات مرة وجد مرميا ككومة في شبه غيبوبة أمام إحد البارات الليلية ، حضر البوليس تم حملوه إلى المستشفى كمحاولة انتحار بعد أن ابتلع علبة من الأقراص المنومة ؛ 25حبة ؛ حملوه على اثرها إلى المستشفى كمحاولة انتحار 0 بعد 15 يوما تم ترحيله إلى المغرب 0
حينما سألته ذات يوم ما الذي دفع به إلى اسبانيا ؟ إنها الحكرة والفقر ياعبدالله وسخونية الرأس0 يعلق 0
التيجاني ، على نهج الحبيبة 000
يقارب الثلاثين من العمر إلا قليلا ، التيجاني من مواليد مدينة قلعة السراغنة ، عاش هنا أكثر من 13 عاما ، صحبة عائلته المتعددة الأفراد والمشتغلة في قطاع التجارة 0 إنه الإسثتناء في هذه العائلة الذي لايصلي يقول عنه الحاج مصطفى كيديرها بالأربعين في قصد أنه يستطيع القيام بأي شيء 0 حين ينفح التيجاني يصبح كالثور الهائج ، قوة خارقة في العمل ، مستيقظاطوال الوقت لايكف عن الحديث ماضيه وعن خليلته 0 للعلم فقط أن غرام واحد من الغبرة يساوي 60أورو 650 درهم 0 يتعاطى التيجاني لكل أنواع المخدرات ، الكوكا في طليعتها ، يتوحد مع خليلته على لذتين الغبرة والجنس0
غريب في أطواره المتقلبة ، له ضحكات هسترية ، ترمق رعشات أصابعه وعدم توقفه عن الحديث وصمته المطبق في أحيان عديدة بعينين جاحظتين 0
تحول من مهاجر شرعي إلى مهاجر سري يتاجر في الحشيش 0 سبعة سنين لم يستطع زيارة المغرب ولو مرة واحدة ، أسأله لما لم تسر على نهج اخوتك ؟
الغلطة ماشي ديالي ، أبي هو الذي دمرني بتطرفه الديني 0
يحمل التيجاني مصائبه الكثيرة إلى عائلته ، مساره التراجيدي في ارتفاع رفقة حبيبة القلب في البيضا والسرير0
للحقيقة والتاريخ هناك من روج الغبرة واغتنى بها وهناك من دخلها وأصيب بالإفلاس 0 المظاهر البراقة التي يظهر بها بعض المهاجرين والغنى الفاحش في أغلب الأحيان مرده تجارة المخدرات مع بعض الإسثتناء 0
تجارة الكوكا ، تجارة خطيرة بسرعة كما يقول أصحابها تسمو بهم إلى عوالم الغنى وفجأة يجدون أنفسهم بين غياهب السجون 0 العديد من المغاربة دخلوا السجون الإسبانية لسنوات عديدة ، هناك مآسي ظلت حبيسة السجون لم تخرج إلى الحيز الإعلام المغربي 0
مهاجرات مغربيات في جحيم الكوكايين 0
لاتقتصر الكوكا على جنس المهاجرين المغاربة الذكور بل تصل مداها إلى الشابات والنساء راسمة أفق تحول جديد بالنسبة لهن أكثرتأثيرا وأكثر استفحالا على حياتهم 0 سنقتصر على حالتين لتبيان حجم المأساة 0
الحالة الأولى ، السلاوية ؛ واش أنت مغربي ؟
المكان أمام مقهى ليلي يقع بجوار منزلي، الزمن الواحدة بعد منتصف الليل والشخصيات مجموعة من المغاربة بينهم طفل وأمّه 0
هذه ليس فصول مسرحية ولكنها دوامة الحياة ، كان الوقت متآخرا ، كانت تنتظر أمام باب المقهى الليلي ، طلبت مني سيجارة ، قلت لهاإنني لا أدخن 0 في البداية ظننتها اسبانية نظرا لطريقة لباسها وصف شعرها واتقانها الجيد للغة الإسبانية 0 بعد ذلك تبين لي أنها مغربية ، تتكلم فقط بعض الكلمات بالدارجة المغربية 0 مقيمة باسبانيا منذ 20عاما 0 متزوجة من اسباني ولهاثلاثة أطفال ، أصغرهم طفل في عربته الصغيرة يبلغ حوالي ثلاث سنوات 0
سألتها ماذا تفعلين هنا ؟ أجابتني هل أستطيع أن أدخل المقهى لأتيها بقنينتين من الجعة 0 مددت لها خمسة أورو0 دخلت مسرعة إلى المقهى ، أتت بعلبة سجائرو القنينتين 0 مدتني بواحدة أجبتها أنني لاأتناوله 0 بعد حديث قصير طلبت مني 20 أورو 0 قلت لها لماذا وما المقابل ؟ جاوبتني كل ماأريد وخرجت في الموضوع مباشرة أريد اقتناء نصف غرام من الغبرة 0
الطفل الصغير يبكي ، تلح بشكل كبير وابستعطاف لامتناه 0 الله يرحم الوالدين واش أنت ماشي مغربي 000
اسمها سارة ، تبلغ 33 عاما من مدينة سلا ، سألتها لماذا تتناولين هذه المادة المهيجة ؟
لدي العديد من المشاكل مع زوجي الإسباني ، هو بنفسه يتناولها ، نسيت عائلتي وأحبابي في المغرب وجميع أصدقائي من الإسبان 0 تعلق 0
فجأة حضر مغربي يعرفها ، ابتعدا عني قليلا ، تكلما أمدها بشيء ما ؛فلوس ؛ 0 دخلت مسرعة للمقهى اقتنت نصف غرام من البيضا0 سألت الشاب كم منحها ؟ أجابني 30أورو0 ساقت طفلها والشاب بجانبها إلى منزلها لقضاء نشوتين ، التخذير وممارسة الجنس أمام أطفالها 0
إنها من الحالات الأكثر ايلاما وجرحا 0 عائلة تعيش في مفترق الطرق ، الضحية هم الأطفال 0 أتذكر فقط بكاء طفل لم يتوقف 000 خارج السيطرة ،راسما بذلك احتجاجا على موقف يكرهه ولايؤيده بينما قطار الرغبة والنشوة يساوي لديها الكثير ، العودة في التحكم في قواها الطبيعية 0 سطر من الكوكا لتعود إلى حالتها الطبيعية بعد ارتجاف وحركات هسترية 000
الحالة الثانية ، ندى ، الخوخ الخاوي 000
أين أنت من تلك الفتاة الرقيقة التي تتحدث فتحسن الحديث ، أين أنت من تلك الطالبة القادمة من مدينة البوغاز لتكمل دراستها في تخصص الطب جامعة فالنسيا كان مسارها جد عادي وبين عشية وضحاها أصبحت انسانة مغايرة لما يعرفها الجميع 0
تحدثت إليها طويلا عن أسباب هذا التحول في لباسها ، سروال جينز طويل بسلاسل ، الهيبزم بأي تعبير ؟
مذا تفعلين بنفسك ؟ أناضل بطريقتي الخاصة من أجل الفقراء والمتسكعين تعلق 0 لها عشيق اسباني يشبهها في أفكارها الجديدة وطريقة اللباس وفي رفقتهما الدائمة كلب 0
لأنها صديقتي وأعتز بصداقتها وبعد ادمانها وبإلحاح من عائلتها وبعض الصديقات والأصدقاء دخلت مصحة الأمراض النفسية والعقلية لمدة سنة كاملة استطاعت خلالها التعافي 0 ونظرا لقوة شكيمتها استطاعت التغلب على محنتها 0 تقول أشد ما ندمت عليه هو تضيعي لسنوات عديدة في الخوى الخاوي000 الحمد لله أنني تركت هذه المصيبة وعدت إلى رشدي وعائلتي وأصدقائي وديني الحنيف ، خلال هذه التجربة وعلى الرغم من قسوتها عرفت ثمن المغامرة والتجريب ، لازلت أكن الحب والتقدير لمن وقف إلى جانبي 0 تختم ندى0
ندى من الحالات القليلة التي استطاعت التغلب على محنتها ، بينما العديد من الحالات ظلت الطريق وأصبحن إما عاهرات أو متسولات 0
رابعا ،عبدالله ، احذروا لباقة الكلمات الإسبانية 0
أنا كاتب هذه السطور وكشاهد عيان على العديد من المآسي والحوادث بكل صدق ومصداقية حين دخلت إلى اسبانيا كطالب جامعي تلقيت نصيحة مفادها اياك من البيضا ، الماكينا ؛ آلة للقمار في اسبانيا ؛ ولقحاب 0
هذا الثالوث المخدرات ، القمار والجنس يجرإلى متاهات التيه ويرسم طرق استيلاب الذا عن عالمها الطبيعي وهويتها 0
العديد من الأطفال بحكم أعمارهم وظروفهم الخاصة على مستوى الحريك ، عدم ايجاد منازل للمبيت ، العمل ، التعاطي للمخدرات والقمار وختامها بالدعارة كتحصيل حاصل تؤدي إلى تقويض الذات مادامت الرعاية والمراقبة غير موجودة ، مادام أولياء الأمور بعيدين كل البعد عن فلذات الأكباد 0
في هذا الموضوع ليس هناك احصائيات دقيقة بالرغم من احتلال اسبانيا الصف الأول في استهلاكها على الصعيد الأوربي وهناك جانب من التستر على هذه المواضيع نظرا لطبيعتها المعقدة والمركبة في نفس الوقت وعدم طرحها في السوق الإعلامي والإقتصار فقتط على التركيز اعلاميا على أباطرة المخدرات دون تتبع مأساة مستهليكها ومأساة عائلات قوتها اليومي الإتجار في هذه المادة التي تذهب بالعقل والنفس إلى الضياع ويسيطر فيها مكر الزمن وتخادل حكومات مغربية تنتشي في لحظة ما باعتقال زعيم عصابة نظرا لظرف سياسي دون البحث في تفاصيل القضية 0
الهجرة وظواهرها يجب الإحاطة بها من العديد من الجوانب والنظر إلى طبيعة المغاربة وعقلياتهم وكيفية الإندماج داخل مجتمع آخر يعيش حركية ووثيرة أسرع 0 في أحيان كثيرة بكل ما أملك أجد نفسي محرجا أمام اسبان ومغاربة يتقنون الخطاب التالي تناول هذا لن يقع شيء ، أضايفك بجعة ، بسيجارة ، بمخدر000 ، خذ هذا من فضلك 0 هكذا تبدأ لعبة التجريب وهكذا تكون الخطوات الأولى للإدمان ، فكرة التجريب هاته يتقنها الإسبان بمهارة بمنحك سيجارة ، جوان ديال الحشيش ، سربيسة أو سطرا من الكوكا لتبدأ رحلة التيه 0
في غالب الأحيان أقابل هذه الضيافات القاتلة بالرفض بسلاسة كبيرة 0 احذروا هذه الكلمات المعسولة رغم ما تخفيه من لباقة وكياسة حسن ضيافة تؤدي في نهاية المطاف إلى الجحيم والمأساة 0
هناك العديد من الفتيان والفتيات المغربيات ضحايا المظاهر الكذابة ، يفكرن فقط أن تطأ أقدامهم الأرض الإسبانية ليصبحوا مهاجريين سريين 0 للهجرة عواقبها إذالم تكن معقلنة ، قد يكون الإدمان والتعاطي للمخدرات والغبرة أصعب مراحلها 0 لكن سرعان ما تنقشع المظاهر البراقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.