لا شك أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بعد تطور متميز، يعتبر محطة سينمائية هامة لها إشعاعها الفني، حيث أصبحت تستأثر باهتمام عالمي، وتستقطب أسماء فنية مشهود لها في عالم السينما. لكن أن يستدعي المهرجان أسماء عالمية أمريكية بالخصوص معروفة بتوجهها المتصهين ومساندتها المطلقة للكيان الصهيوني، كالممثل الأمريكي جون مالكوفيتش الذي سيترأس الدورة العاشرة لهذه السنة، فهذا من شانه أن يجعل من المهرجان أداة للتطبيع مع ''إسرائيل''. وكلنا يتذكر إدراج شريط إسرائيلي في دورة 2008 والانتقادات التي صاحبت عرضه. فالممثل المشهور جون مالكوفيتش يعتبر،( مع مجموعة من السينمائيين المشهورين كاندريه شوراقي وميشل بوجناح وارنولد شوازنكر وتوم كروز وستيفن سبلبرغ وريشارد جير ومارتان سكورسيز وادم ساندلر وغيرهم) من بين الوجوه السينمائية الأمريكية التي تحقق شهرتها بخدمتها للصهيونية العالمية وبتعصبها ''لإسرائيل'' وسياستها العدوانية اتجاه الفلسطينيين والمسلمين جميعا. . وتعود قضية تعصبه إلى سنة 2002 حينما عبر عن رغبته أمام طلبة كمبردج و باسم العداء للسامية، في قتل الصحفي البريطاني المرموق روبرت فيسك الذي انتقد بشدة، في مقال تحت عنوان ''لماذا جون مالكوفيتش يريد أن يقتلني؟''، نشره بجريدة ''الاندبندنت'' (يونيو 2002)، سياسة التقتيل التي تقوم بها ''إسرائيل'' اتجاه الفلسطينيين والعرب جميعا. وقد أعطى الصحفي مثالا بما شاهده بأم عينيه سنة 1996عندما كان في لبنان وشاهد القوات الصهيونية وهي تقتل بدم بارد 108 لاجئ كانوا يحتمون داخل مبنى تابع لهيئة الأممالمتحدة بمدينة قانا اللبنانية. وقد اقر فيسك في مقاله تعصب الممثل الأمريكي مالكوفيتش وحقده(وآخرون مثله) على كل من يتجرأ على انتقاد ''إسرائيل'' وسياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط. وهذا الكلام موجود على موقع ''اكريمد'' الالكتروني. ونفس الموقف عبر عنه مالكوفيتش، أيضا أمام الطلبة، اتجاه الحقوقي جورج كالاوي حينما صرح أمامهم أنه يرغب في قتل شخصين جورج كالاوي لأنه انتقد العمليات الاسرائلية وروبرت فيسك. منخرطا بذلك في الحملة العشوائية المتصهينة التي طالت المناضل جورج كالاوي المعروف بتعاطفه مع القضايا العربية والقضايا الإنسانية العادلة. من جهة أخرى وحتى لا يظن البعض أن موقف مالكوفيتش قد تغير موقفه من سنة 2002 إلى اليوم ، فقد شارك هذا الأخير في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الدولي للقدس(يوليوز2008) الذي ينظمه الكيان الصهيوني والذي بطبيعة الحال يجعل من القدس عاصمة يهودية والذي يخدم مصالح العدو الإسرائيلي فنيا وثقافيا. وهذا يعني الشيء الكثير بالنسبة للإسرائيليين الذين يبحثون عن الدعم المعنوي من طرف الممثلين العالميين وخاصة الأمريكيين لتحسين صورتهم أمام العالم، كما أن مثل هذا الحضور يجسد به بعض الفنانون العالميون التزامهم في الدفاع عن ''إسرائيل'' ومصالحها من خلال إما أعمال سينمائية (التي تخدم الصهيونية العالمية) أم من خلال تصريحات معادية للعرب أو لأي رأي حر ينتقد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. ولائحة الممثلين الأمريكيين طويلة كما رأينا خلال القصف الهمجي لغزة الصامدة، عندما انتفض الرأي العام ضد هذه الهمجية الجديدة. فمن المؤسف أن يتم المناداة على ممثل يشهر صهيونته وعدائه ضد كل من يتصدى للاحتلال الإسرائيلي، إلى مهرجان يقام على أرض مسلمة تتميز بتعاطف شعبها مع القضية الفلسطينية ومساندتها للشعب الفلسطيني. فالأجدر أن ينادى على سينمائيين يسيرون عكس هذا التوجه المتطرف، فهناك من الممثلين الأمريكيين المرموقين وذوو أصول يهودية لكن متعاطفين مع العرب أو على الأقل موضوعيين في نظرتهم، مثل الممثل ديستان هوفمان أو انطوني هوبكينز، ولما لا المخرج مايكل مور المعروف بمواقفه الشجاعة ضد السياسة الأمريكية المنحازة ''لإسرائيل''. وأخيرا، إذا كانت الحالة التي نعيشها اليوم تتلخص في ما قاله الممثل العالمي شون كنري :'' نتكلم الآن بمنطق القوة...''، حيث تفرض علينا الدول العظمى و هوليوود المتصهينة انتاجاتها السينمائية التي غالبا ما تخدم نظرتها للصراعات السياسية والحربية الدائرة اليوم خاصة المتعلقة بالشرق الأوسط ، والمشوهة لصورة العرب والمسلمين، فالأحرى بنا أن ننخرط في مقاطعة لهذه الانتاجات السينمائية ولكل أشكال التطبيع الفني ولكل اتفاقية سينمائية أو ثقافية تفرض علينا التعامل مع الكيان الصهيوني الذي على مدى 74 سنة يذبح الشعب الفلسطيني.