طنجة تستقبل العالم وشوارعها ما زالت تبحث عن التهيئة    وكالة الحوض المائي اللكوس تطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    بعد وساطة من أمريكا.. باكستان والهند توافقان على "وقف إطلاق نار فوري"    "كان أقل من 20 سنة".. المنتخب المغربي يواجه سيراليون وعينه على مونديال قطر    نهضة بركان يستعد لنهائي الكونفدرالية وسط ترتيبات مكثفة بملعب بنيامين    طقس السبت .. زخات رعدية بالريف الاطلس المتوسط    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    تقارير.. ليفربول وآرسنال يتنافسان على ضم رودريغو    اعتصام وإضراب عن الطعام للعصبة المغربية لحقوق الإنسان المقربة من حزب الاستقلال بسبب الوصل القانوني    ارتفاع حصيلة ضحايا التصعيد العسكري بين الهند وباكستان إلى 53 قتيلا    المدير العام لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية في مهمة ميدانية بالصحراء المغربية    الرياض تحتضن منتدى المدن العربية والأوروبية بمشاركة مغربية وازنة    الرئيس الموريتاني يستقبل رئيس مجلس النواب المغربي    حمد الله يكشف المستور.. رفضت التنازل لبنزيما وهددت بالرحيل    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    ثلاثة فرق تضمن مباشرة أو عن طريق مباريات السد الصعود إلى دوري الأضواء    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    زيارة ناصر الزفزافي لوالده المريض تلهب مواقع التواصل.. ومناشدات واسعة للعفو    "لجنة طلبة الطب" تتوصل إلى تفاهمات جديدة مع التهراوي وميداوي    القضاء الأمريكي يجمد تسريح موظفين    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    غزة تموت جوعا... كيلو الدقيق ب10 دولارات ولتر الوقود ب27    العراق يعيد 500 عسكري من باكستان    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    إمبراطور اليابان الفخري يغادر المشفى بعد فحوص ناجحة    النصيري يستعيد بوصلة التسجيل بتوقيع هدف في مرمى باشاك شهير    إيران وأمريكا تستأنفان المحادثات النووية يوم الأحد    زلزال بقوة 5,3 درجات يضرب العاصمة الباكستانية    فاجعة انهيار مبنى بفاس تعيد ملف السكن الآيل للسقوط إلى الواجهة وتكشف غياب المنتخبين    مرصد يساءل تعثر التربية الدامجة في منظومة التربية والتكوين بالمغرب    بينما تسامحت مع زيارة نتنياهو لأوروبا.. 20 دولة أوروبية تنشئ محكمة خاصة لمحاكمة بوتين    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    أسعار النفط ترتفع    سيدي بوزيد. استمرار إغلاق مسجد الحاج سليمان يثير استياء الساكنة    بوزنيقة تستقبل زوار الصيف بالأزبال.. ومطالب للداخلية بصفقة النظافة    "أسبوع القفطان" يكشف المستجدات    البعوض يسرح ويمرح في طنجة.. والجماعة تبحث عن بخّاخ مفقود!    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    أسود الأطلس... فخر المغرب الذي لم ينقرض بعد    النظام الجزائري يمنع أساتذة التاريخ من التصريح للإعلام الأجنبي دون إذن مسبق: الخوف من الماضي؟    رئيس موريتانيا يستقبل راشيد العلمي    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    ندوة وطنية تكريما لسعيد حجي: المثقف والوطني    "انبعاثات" تضيء ليالي مهرجان فاس    أسرة أم كلثوم تستنكر استخدام الذكاء الاصطناعي لتشويه صوت "كوكب الشرق"    نصف قرن في محبة الموسيقار عبد الوهاب الدكالي..    البطولة الاحترافية.. الجيش الملكي يتشبث بمركز الوصافة المؤهل إلى دوري أبطال إفريقيا    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر المقرئ الإدريسي أبو زيد يقيم أبرز أحداث 2010 : فضيحة مخيم العيون كشفت أن مسلسل الفساد بالمغرب مازال مستمرا
نشر في التجديد يوم 05 - 01 - 2011

تناول المفكر المقرئ الإدريسي أبو زيد في هذا الحوار أحداث سنة 2010 ، وأشار إلى أن قضية الصحراء رغم أنها قضية وطنية رابحة بامتياز، ومحسومة من الناحية القانونية، كما أن واقع المغرب على أرضه وقواته المسلحة تصون حمى هذه الأرض، فإنه على المستوى الدبلوماسي والسياسي والإعلامي هناك فشل ذريع للملف . وتطرق أبوزيد على المستوى الدولى إلى قضية تسريبات ويكيليكس ومغزاها وظروفها، وكذا إلى الاعترافات الجديدة بدولة فلسطين في بعض بلدان أمريكا اللاتينية. كما تناول تطورات لبنان وملف اغتيال الحريري. كم يتناول الإدريسي ملف إحراز قطر لتنظيم كأس العالم.
القضية الوطنية
ونحن نقيم أحداث السنة لابد أن نقف عند حدث ميز المغرب في سنة ,2010 فبلدنا عرف هزة سياسية وأمنية شمل ملف الصحراء المغربية بعد أحداث العيون البعض اعتبر أن المسألة نوعا من التسيب السياسي في قراءة لأحداث مخيم اكديم إيزيك الذي استنبت بمدينة العيون تحت أنظار وزارة الداخلية، من جانب آخر نلاحظ أن المغرب عول على المقاربة الاجتماعية لإدارة وحل مشكل المخيم كيف تنظرون إلى هذا الحدث في تغير مسار قضية الصحراء المغربية ؟
لا يصل الأمر بأحداث العيون على شناعتها وفضائحيتها إلى أن تكون انتكاسة لقضية الصحراء فهذه الأخيرة مرت بزلازل أكبر بكثير من هذه، ومازلت لحد الأن ترواح مكانها، ليس ضد المغرب وليست لصالحه. وفضيحة مخيم العيون كشفت أن مسلسل الفساد بالمغرب مازال مستمرا، يؤسفنا أن نقول ذلك وقلوبنا تحترق.
هل المسألة متعلقة بإدارة ملف الصحراء المغربية ؟
لا، مسألة الفساد متعلقة بكل شيء، فالمغرب يفشل في الرياضة وفي الفن وفي السياسة والاقتصاد وفي الديمقراطية وحقوق الإنسان وفي الأخلاق أيضا ...إلخ
لقد فشل المغرب في كثير من الأصعدة، وللأسف الشديد فالمسؤولون يزوقون وينمقون في الخطاب ويرجون أن المغرب تقدم على كافة المحاور وفي معالجة العديد من الملفات، لكن في واقع الأمر المسالة فيها نوع من تغطية الشمس بالغربال،فمؤشرات التنمية وإحصائيات المنظمات الدولية تصنف المغرب شيئا فشيئا في اتجاه الهبوط بدأ من مؤشر الصحة إلى مؤشر الرشوة.
أما ملف الصحراء فهو من أبرز ملفات الفشل الذريع لأن القضية قضية وطنية ورابحة بامتياز، ومن الناحية القانونية محسومة، كما أن واقع المغرب على أرضه وقواته المسلحة تصون حمى هذه الأرض. ولكن على المستوى الدبلوماسي والسياسي والإعلامي هناك فشل ذريع للملف.
لقد كشف ملف الصحراء قبل تطور الأحداث الداخلية فشل الدبلوماسية المغربية، لأن الرجالات المقتدرين والمؤهلين الذين ينبغي أن يختاروا بمقاييس الكفاءة والتأهيل مغيبون ومقصيون عن الجهاز الدبلوماسي.
إن تنامي مخيم ''اكديم إيزيك'' من خيمتين إلى ما يزيد عن ثلاثة آلف خيمة تحت أنظار السلطات يدل على نوع من التواطؤ. قيل إنه تواطؤ الوالي من أجل إحراج وتحطيم رئيس المجلس البلدي وأن الأمر ليس إلا صراع بين حزبين استخدم الوالي من قبيل الحزب المحظوظ لضرب الحزب الحاكم. وقيل العكس وأن الأمر هو فشل على تدبير الملف على المستوى المركزي وأن الوالي ''أجلموس'' راح ضحيته، فمهما كان الأمر فهناك تلاعب سياسي وغموض وصراع حزبي قصير النظر وخطورة في التدبير الأعوج للقضية لم ينجم عنه أي محاسبة لأي من المسؤولين لا محليا ولا مركزيا .
نظن أنه يمكن أن نقع فيما هو أشد من ذلك إذا لم تكن هناك مراجعة حقيقية ليس عن طريق الثورات التي رأيناها في بعض المناطق عن طريق العصف ببعض المسؤولين دفعة واحدة وبطريقة مفاجئة، ولكن عن طريق الشفافية والحاكمة والمحاسبة، أما استمرارالوضع على ماهو عليه فقد ينتج أزمات أخرى قد تكون أشد وأخطر.
أقول دائما: فشلنا في الصحراء ليس بقوة خصومنا، ولكن بضعفنا أما قضيتنا فهي قضية عادلة بامتياز.
وثائق ويكيليكس
خرجت إلى العالم وثائق ويكيليكس بلغ تعدادها أكثر من 23 ألف وثيقة قيل أنها سربت، وفي قراءة لهذه الوثائق اعتبر البعض أن أمريكا بتسريب هذه الوثائق سعت إلى إعادة هيكلة العالم خاصة بعد الفشل الذريع في إدارة مجموعة من الملفات الدولية، وللإشارة فقط فهذه الوثائق تطرق لكل القضايا السياسية الشائكة بشكل دقيق إلا الحديث عن إسرائيل فهذه الأخيرة لم يكن لها(حظ) في مأدبة ويكيليس ؟
لاشك أن تسريبات'' ويكيليكس'' كما قال أحد الملاحظين السياسيين والمثقفين المتميزين الدكتور عزمي بشارة تمثل محطة تاريخية تصل إلى درجة المنعطف الحاسم في تاريخ معركة الإعلام في مواجهة الإعلام المهيكل والمهيمن عليه من قبل الأقمار الاصطناعية المتحكم فيها من طرف الدول.
أما الأنترنيت فلا أقول إنه يعرف حرية مطلقة فأمريكا تهيمن عليه وتسيطر عليه ولكنه عالم متفلت من الرقابة والأمر في الواقع بالنسبة لوثائق ويكيليكس يجاوز 23 ألف وثيقة.
أما ''جوليان السانج'' صاحب موقع ويكليكس فإنه يعد بربع مليون وثيقة خاصة فقط بالعالم العربي، وهذا ما أكده المتتبعون والمختصون الذين صرحوا أن ويكليكس حصل على مليون ونصف مليون وثيقة.
هناك وجهتا نظر متطرفتين متناقضتين فيما يتعلق بوثائق ويكيليكس:
فالبعض، وعلى رأسهم عزمي بشارة اعتبر أن تلك الوثائق صرخة ضمير غربي حي ثائر ضد المنظومة الإجرامية المهيمنة على الغرب من أجل فضح زيف ونفاق دبلوماسية السفاحين على حد قول ''نزار بولحية''.
أما البعض الأخر، فقد اعتبر أن تسريبات تلك الوثائق هي مقصودة ومهندسة لها، تريد أمريكا من خلالها إحراج العالم والتضييق عليه وابتزازه ووبالأخص الضغط على الحكام العرب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ويزيد من شك هؤلاء كون إسرائيل قد صرحت رسميا على يد وزير خارجيتها أنها مرتاحة لمضمون وحجم الوثائق المسربة، وأنها لا تمس إسرائيل في أي شيء.
أما ما نذهب إليه نحن في قراءتنا لهذه الوثائق، فهو المذهب الوسط فشخصيا لا أومن بنظرية المؤامرة التي تصل إلى درجة أنه يتم تلفيق تهمة ل''السانج'' تهمة أخلاقية ويعتقلونه في لندن ويطلقون سراحه بناءا على متابعة من دولة السويد ويكون كل ذلك تمثيلية .
نعم هناك مؤامرات في العالم وخاصة في عالم السياسية، لكن الأمر لا يصل إلى درجة أن تكون التمثيلية بهذا الشكل، أظن شخصيا أن ''السانج'' اعتمد على ثغرات تقنية وربما استعمل بعض المغريات المالية لبعض الساخطين في الإدارة الأمريكية، خاصة وأن هذه الأخيرة تمكن بعضا من موظفيها من اعتلاء موقع المعلومات سواء في الجيش أو الإدارة المدنية وعندما يتقاعدون لا تكون لهم أية إمكانية للحصول على أي امتياز سوى تقاعدهم الهزيل لذلك فالكثيرون يلجؤون إلى كتابة مذكراتهم أو بيع أسرار هي بحوزتهم.
وأظن أن ''السانج'' استند إلى جهة استطاعت أن تقوم بخرق تقني وتسرق كل تلك الوثائق دفعة واحدة رغم أن تسريبها كان بشكل تدريجي.
ولكن نشرها كان في وقت متقارب؟
شخصيا أظن أن تسريبها كان دفعة واحدة وبضربة زر واحد لأنها وثائق إدارة واحدة وهي وزارة الخارجية، فهي ليست كما يعتقد البعض أنها وثائق لإدارات وشركات والجيوش، وإنما الأمر يخص دولة واحدة وإدارة واحدة، فالأمر يعزى إلى كون وزارة الخارجية الأمريكية وزارة ذات طبيعة هيمنية خولت لها ملامسة كل الشأن العالمي.
وأعتقد أن الوثائق جاءت لفضح الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والسعي أيضا إلى كسب موقع نضالي ومادي. ومن جهة أخرى، يمكن النظر إلى أن الوثائق قد سربت بواسطة موظف قد يكون بسيطا ولكنه متمكن في غفلة من الرقابة الالكترونية من ثغرة ما أوصلته إلى تلك الوثائق، كما أن الإغراءات المادية هي الأخرى حاضرة وذلك في اتجاه نكاية ومناكفة أمريكا فكل هذا حاصل ووارد.. يعزى الأمر إذن، إلى وجود تيار حر معادي لأمريكا يقف بالمرصاد للهيمنة الأمريكية.
وما يلاحظ أن إسرائيل لم يكن لها موقع في هذه الوثائق؟
وهذا ما يثير الشك في تلك الوثائق هو خروج إسرائيل كالشعرة من العجين.
وبماذا يمكن تفسير ذلك؟
هناك احتمالان :
الأول وهو أن'' أسانج'' لكي لا يثير عليه دبابير الصهيونية وهي قوية وقد تغتاله بلا رحمة، آثر أن يفضح أمريكا فهي أقل خطرا عليه من الصهيونية، وهذا ما نلاحظه عند الكثير من المناضلين الأحرار فمصطفى العقاد عندما أنتج شريطه السنمائي ''الرسالة ''لم يذكر الصراع اليهودي مع رسول الله بالمرة ليس الأمر ضعفا أو تصهينا منه ولكن ليمكن فيلمه من النفاذ والانتشار شيئا فشيئا في المجتمع الأمريكي، ولكي يمكنه ذلك من أن ينتج الشريط في هوليود.
فلو فتح ملف صراع اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصنف الفيلم أنه معادي للسامية ولتم حرقه بالكامل. وبالتالي فأي مناضل حر، يمكن له أن يرسم خطا أحمرا يقف عنده. وأظن أن ''أسانج'' رسم خطا أحمر وهو ''إسرائيل''، لأنه لو تطرق لها لكان الأمر سيسير إلى حصار أشد عليه مما حصل وهو أن يشوه أخلاقيا بتهمة الاغتصاب ويؤخذ إلى السجن ويجرجر أمام المحاكم.
القضية الفلسطينية
تميزت سنة 2010 بمستجد في القضية الفلسطينية وهو توالي مجموعة من دول أمريكا اللاتينية كالأرجنتين والبرازيل بالاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود ,67 هل يمكن أن نعتبر انضمام هذه الدول لصف الدول المعترفة بدولة فلسطين مكسبا دبلوماسيا لها، وهل لهذا الموقف السياسي تأثيرلصالح الدبلوماسية الفلسطينية ؟
إنه لمن السرور أن نجد أشرافا في العالم غير مسلمين وبعيدين جدا من الناحية الجغرافية عن الشرق الأوسط، يتخذون هذا الموقف الرائع والمتميز الذي اتخذته بعض دول أمريكا اللاتينية.
إن تفسير موقفهم السياسي هو أن أمريكا اللاتينية التي عانت من الظلم والتهميش الأمريكيين يعود بالأساس إلى كونها أقرب الشعوب إلى الثورة على الظلم الأمريكي وتستشعره في معاناة فلسطين حيث يمارس القهر بواسطة أداة جهنمية هي الأداة الإسرائيلية. فدول أمريكا بقيت طيلة قرنين من الزمن الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية تلعب فيها وتستنزف خيراتها وتقلب أنظمتها الديمقراطية وتفرض عليها أنظمة عسكرية كما تشاء، وتذيق شعوبها ألوان الفقر والقهر بالحديدي والنار كل هذا شكل من العديد من دول أمريكا اللاتينية قوة للبحث عن التحرر والقضية الفلسطينية هي رمز ذلك بالنسبة لهم .
ليس غريبا أن نجد في الغالب شعوب أمريكا اللاتينية شعوبا مناضلة مع القضية الفلسطينية بالفطرة والمبدأ، لكن الأنظمة التي تحكمها أغلبها للأسف خاضعة للولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح لشعوبها أن تعبر عن هذا الموقف.
أما الدول التي ذكرت في سؤالك استطاعت شعوبها أن تتحرر من الهيمنة الأمريكية، ونذكر في هذا الصدد الرئيس الفنزويلي ''هوغو شافيز''الذي يمثل بمعية بلده تلك القاطرة التي تجر العديد من الأحرار في العالم لإحراج أمريكا و''إسرائيل'' بمثل هذه المواقف السياسية التي تدعم القضية الفلسطينية .
من جهة أخرى هذا القرار يمثل عارا على الأنظمة العربية التي مازالت متشبثة بالمبادرة العربية رغم صفع إسرائيل وأمريكا لهؤلاء العرب ولمبادراتهم الباردة التي أصبحت بلا مضمون.
إنه من الأولى لشعوب قريبة من فلسطين وشعوب عربية وإسلامية أن تتخذ هذا الموقف الشريف الذي اتخذته هذه الأنظمة. مقابل ذلك يجب أن نضع كل شيء في إطاره ونعطيه حجمه الطبيعي وأن لا نستخدم العاطفة بزيادة في مجال السياسة.
لبنان: المحكمة الدولية
نبقى في منطقة الشرق الأوسط وننتقل إلى دولة محاذية لدولة فلسطين آلا وهي لبنان، فالملاحظ أن أمريكا استغلت قضية اغتيال الحريري لإعادة هيكلة الشرق الأوسط حسب أجندتها السياسية، في هذا الصدد تفجرت فضيحة شهود الزور في ملف الاغتيال مما يدل أن القضية مفتعلة لأغراض غير الأغراض المعلن عنها؟
يجب التأكيد على أن المحكمة الدولية للتحقيق في قضية اغتيال الحريري فضيحة أخلاقية وسياسية وقانونية بجميع المقاييس.
لماذا تؤكدون أن فضيحة لها تلك الأبعاد الثلاثة التي ذكرتم؟
هي فضيحة أخلاقية، لأنه قتل الكثيرون في العالم ومنهم الرئيس الفلسطيني ولم يفتح تحقيق، بل إذا أردنا أن نبقى في لبنان حتى لا يقال إننا نهرب إلى المقارنة فقد اغتيل بلبنان بطريقة أكثر شناعة لبناني ورئيس وزراء سني وهو الرئيس كرامي رحمة الله عليه، ومع ذلك لم يفتح تحقيق ولم تعقد محكمة جنائية دولية لمتابعة القتلة.
هناك شعوب المنطقة بالآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين قتلوا ولا يتم الالتفات إليهم، إنه من العار أن ينتقى من كل هؤلاء رجل عزيز علينا قتل ضحية، ولا شك أن سبب قتله يعود بالأساس إلى تفاهمه السري مع حسن نصر الله وإعطائه القسم له أن لا يمس المقاومة ولو قطعت يده وهذا يؤشر إلى من قتله.
في نفس الصدد نجد قضية مماثلة تهم اغتيال الرئيسة الباكستانية''بنازير بوتو'' والتي تمثل التوجه والنفوذ الأمريكيين و قد طالب زوجها رسميا بمحكمة جنائية بتحقيق دولي في مقتل زوجته، ومع ذلك لم تتحرك أمريكا في هذا المسار لأنه ليست هناك لها ولإسرائيل و في محكمة دولية للغرض السابق الذكر مما يبين أن المحكمة المؤسسة لغرض التحقيق في اغتيال الحرير هي محكمة سياسية وموجة بامتياز
أما الفضيحة السياسية لهذه المحكمة فتكمن في كون أمريكا تبحث عن منفذ في لبنان رغم أن هذا الأخير أضعف دولة في المنطقة وفي العالم ورقعته أصغر رقعة في العالم حيث لا يمثل إلا ثلث رقعة فلسطين، وإلى جانب كل ذلك هناك 17 طائفة تتناحر داخل هذه الدولة، ومع ذلك فلبنان يعتبر من الناحية الإستراتيجية الحلقة الأقوى في المنطقة ضد إسرائيل بسبب الحرية التي يتمتع بها التي جعلت القوة الوطنية تستطيع أن تتخذ موقفا موحدا لصالح المقاومة.
لكل هذه الاعتبارات تريد أمريكا الحصول على منفذ إلى لبنان الذي خرج من حرب أهلية طاحنة مابين 1975و1990 بدرس وهو عدم السامح لإسرائيل بالتدخل أو ضرب مصالحه، بل أكثر من هذا فمسيحيو لبنان أخذوا درسا أعمق وهو عدم الاتكال لا على فرنسا ولاعلى إسرائيل ولاعلى أمريكا.
إن أمريكا تريد أن تجعل من المحكمة الدولية تلك المطرقة لتدمير لبنان والنفاذ إليه خاصة وأن عملاءها في هذا البلد ضعاف رغم أنها تمكنهم من قوة الاقتصاد القوة والسياسية، إلى جانب ذلك فجماعة 14 آذار غير قادرة على الحسم لكل هذه الاعتبارات تسعى أمريكا جاهدة بأي وجه كان تثبيت موقع لها بلبنان.
أما من الناحية القانونية: فالمسألة تكمن في الأشخاص الذين عينوا في هذه المحكمة فهم أشخاص غير نزهاء ولهم سوابق سيئة جدا، ولهم حسابات مع أطراف بعينها وليست لهم صفة النزاهة والحياد،وقد بدأت مؤشرات فاضحة في هذا الموضوع:
أولها: المؤشر الذي ذكرت في سؤالك الخاص بشهود الزور
ثانيها: كشف المخابرات التابعة لحزب الله أن إسرائيل كانت تصور وتتبع المسار الذي كان يسلكه رفيق الحريري ولم يكن حزب الله من الناحية الأمنية أن يفصح عن ذلك.
ثالثها: وهي المتمثل في القرار الظني الذي لم يصدر بعد وفي كل مرة يؤجل.
فلماذا لم تقم المحكمة بإجراءاتها بصمت وسرية إلى أن تصدر قرارا نهائيا معللا ومدللا.
والملاحظ هو أنه رغم أن القرار مازال ظنيا، اتخذت إجراءات وضغوطات على لبنان وتم تهديده بحصاراقتصادي وجوي لتسليم المتهمين المشتبه بهم. هذا من جهة من جهة أخرى فهذا القرار لا يشمل إلا حزب الله والموالين للخط السوري فهذا كله يبين أن الغرض هو تفتيت لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.
كأس العالم
ننتقل إلى حدث ميز الساحة العربية سنة2010 وهو إحراز قطر فرصة تنظيم كأس العالم على أراضيها بعد منافسة حادة لها للولايات المتحدة الأمريكية وقد حضي إحراز قطر (لشرف) التنظيم بمباركة منشيخ يوسف القرضاوي حدث مثل هذا كيف تقرؤونه سياسيا؟
شخصيا فوجئت بنشرة الأخبار لقناة الجزيرة وهي تقدم مقتطفا من خطبة الجمعة للشيخ يوسف القرضاوي، يصرح فيه بتعاطفه مع قطر لمجرد أنها منافسة للولايات المتحدة الأمريكية فمع كامل احترامي للشيخ يوسف القرضاوي وتقديري له فإنني أرى ذلك نوعا من السذاجة والعاطفية والسطحية، بل من التسرع اعتبار قطر في مواجهة مع أمريكا. فقطر هي حليف استراتيجي لأمريكا في المنطقة، وتحتضن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة(...).
وعليه، يجب أن نؤكد على أمرين:
أولا: لابد من التأكيد أن قطر ليست في مواجهة لأمريكا.
ثانيا: من التسطيح أن نعتبر أن قطر نافست أمريكا وهزمتها، فأمريكا لها من النفوذ لتركيع الفيفا وإرغامها على تنظيم كأس العالم على أراضيها. وبالتالي أن تأخذ من قطر وغير قطر شرف تنظيم كأس العالم .لابد من الإشارة أن لعبة كرة القدم ليست اللعبة المفضلة بأمريكا فاللعبة المفضلة هي البيسبول '' وكرة اليد، أما كرة القدم فالأمريكيون لم يهتموا بها إلا مؤخرا، وأردوا التفوق فيها من باب الرعونة والغرور فهم يريدون أن يكونوا الأوائل في كل شيء.
ومن باب التوضيح، فأمريكا استطاعت أن تركع مجموعة من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة واليونسكو والفاو ومنظمات دولية قوية، وتستغلها وتوجهها فكيف لا تستطيع إخضاع الفيفا؟!! من جهة أخرى فهذه الأخيرة منظمة سياسية بامتياز، فلا يكمن اعتبار ملف قطر كان ملفا أو قرارا تقنيا إن الأمر ليس كذلك، فمنظمة الفيفا تجيد اللعبة السياسة، بل نعلم أن الكثير من الفضائح السياسية قد تورطت فيها الفيفا، كما تلاعبت الفيفا في المباراة التي تجمع بين إسرائيل وإيران لترفض هذه الأخيرة وبالتالي تعاقب على إخلالها للقوانين. ثم لا نذهب بعيدا فالمغرب رتبت هزيمتها مرات عديدة بطريقة مدروسة لمجرد أنه بلد مسلم.
ثم إن المغرب بلد أكبر من قطر بكثير ومع ذلك لم يحظ بشرف احتضان كأس العالم.. فالاحتضان مازال امتيازا لا يستحقه المسلمون، لذلك منح هذا الامتياز إلى جنوب إفريقيا مع العلم أن هناك مؤشرات تقول أن جنوب إفريقيا تعاني من انتشار الجريمة وداء السيدا ومن شدة المناخ.
بالنسبة للاحتضان قطر لكأس العالم هناك من يقول أن ملفها احتوى على ضمانات تطبيعية مع إسرائيل ويبدو أن هذا هو الثمن المقدم .
أجرى الحوار: حنان اعميمي
موقع ''الإصلاح''/ بتصرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.