مع نهاية هذا الشهر سيدخل النقاش السياسي حول الانتخابات القادمة شهره الثالث دون أن ينتهي الجدل حول معالم الإصلاح الانتخابي بل وانكشاف قصور واضح في تجسيد مقتضيات المراجعة الدستورية من أجل إخراج إطار انتخابي ديموقراطي، مما تشهد عليه مناقشات لجنة الداخلية واللامركزية بمجلس النواب، وتوشك أن تدفع البلاد نحو أزمة سياسية تشوش على الاستحقاقات القادمة وتضعف من القدرة على تعزيز مناخ الثقة في مشروع التحول الديموقراطي. اليوم توجد بلادنا على محك التدبير الناجح لهذا التحول الديموقراطي ، وخطاب العرش كان صريحا في أن نجاح ذلك رهين بتأويل ديموقراطي للدستور باعتباره تعاقدا جديدا بين عموم الفاعلين من جهة أولى، وأن الإسراع في تنظيم الاستحقاقات القادمة محكوم بإرادة عدم تبديد الثقة التي تشكلت بعد المراجعة الدستورية من جهة ثانية، ثم بالسعي نحو استثمار ذلك لتقوية القدرة على استغلال الفرص المتاحة لدفع مسار التنمية ببلادنا في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية حرجة من جهة ثالثة، وهي ثلاث تحديات تفرض على الفاعلين في تدبير المرحلة الانتخابية، وضمنهم وزارة الداخلية والأحزاب الوطنية الأساسية، تحمل المسؤولية في مواجهة هذه التحديات الثلاث. في مقابل ذلك ثمة سلوك سلطوي ظهر في الآونة الأخيرة يسير في الاتجاه المعاكس لربح هذه التحديات، رغم أن بلدنا لم يعد قادرا على تحمل ما يربك سيره نحو التحول الديموقراطين وذلك بفعل المناخ السياسي الديموقراطي الجديد في المنطقة العربية والمغاربية، والتي تتالت مؤشرات نجاحه بعد التقدم في التحضير الديموقراطي لانتخابات المجلس التأسيسي في تونس ومصر الشهر القادم ثم بعد النجاح الليبي في إحداث التغيير المنشود، أي أن الوضعية التنافسية الديموقراطية للمغرب مهددة، تكفي فيها المقارنة بين المنظومة الانتخابية التي يجري الإعداد لها في المغرب وبين ما جرى الإعداد له هناك وخاصة في موضوع اللوائح الانتخابية أو التقطيع الانتخابي أو نمط الاقتراع، وهي مقارنة كافية للتدليل على حجم التحدي الانتخابي الذي ينتظر بلادنا، ويفرض عليها أن تقدم نموذجا ديموقراطيا انتخابيا ذا قدرة تنافسية بعد استحقاقات الشهر القادم في تلك البلدان. لقد سبق الحديث على مخاطر العزف من جديد على مقولات مواجهة الاكتساح الانتخابي للإسلاميين، ورغم أن معطيات النظام الانتخابي كافية للحيلولة دون ذلك، إلا أنه ينبغي التنبيه على أن وضع سقف سياسي للانتخابات يضمن مسبقا شرط عدم حصول حزب سياسي معين على المرتبة الأولى يمثل - في حال حصول مثل هذا الشرط- المدخل لإفساد انتخابي لا يمكن القبول به.