مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    بايتاس: الزيادة العامة في الأجور مطروحة للنقاش مع النقابات وسنكشف المستجدات في إبانها    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    بورصة الدار البيضاء تستهل التداولات بأداء إيجابي    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    لابورتا: تشافي باقي مدرب للبارصا وما غاديش بحالو    الحكومة الإسبانية تعلن وضع اتحاد كرة القدم تحت الوصاية    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض        استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    أرباح اتصالات المغرب ترتفع إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤولية: فهم وإنجاز
نشر في أزيلال أون لاين يوم 27 - 04 - 2008


استهلال
تتداول كلمة مسئولية بكثرة في حياة الناس، وتحظى بجاذبية خاصة. إذ ما أن يقع مشكل أو تضيع أمانة أو يعرقل عمل أو يعطل فعل أو تشل حركة حتى يقال: من المسئول؟ أو مسئولية من؟ وناذرا ما يسأل عنها في الإنجازات الناجحة لأن الوضع آنذاك يكون طبيعيا. إذ الأصل هو التوفيق والنجاح ما لم يقع التفريط أو التحريف أو الفشل، فما معنى المسئولية؟ وما هي مقوماتها؟ وما هي مميزات الشخص المسئول؟ وماهي علامات التخلي عن المسئولية؟
المسئولية تحَمُلٌ ثقيل وشعور بالواجب يوجه تفكير الشخص كما يوجه سلوكه وأقواله ومواقفه، بحيث يصير كل ما يصدر عنه ذا معنى وذا مقصد، ومن ثمة يكتسب قوته التي تجعله قادرا على كسب الرهان وبلوغ المقاصد التي قصدها وتحقيق المطالب التي طلبها. بهذا يكون جميع ما يتحمله الإنسان (فردا وجماعة) مسؤولية تستوجب النهوض بالواجب اتجاهها. فحياة الإنسان أمانة تتطلب المسؤولية، والدين أمانة يتطلب المسئولية، والأبناء أمانة يتطلبون المسئولية، والحِرفة أمانة تتطلب المسئولية...ومن أنواع المسئولية: المسئولية الدعوية، المسئولية الأسرية، المسئولية السياسية، المسئولية الأمنية، المسئولية القانونية...فالوجود كله مسئولية.
شروط المسؤولية
وعندما نتحدث عن المسئولية سواء أكانت مسئولية فردية أم مسئولية جماعية، مسئولية عن أشخاص أو مسئولية عن أشياء، أمام الله تعالى الحسيب الرقيب أو اتجاه خلقه، فإننا نتحدث أيضا عن القيادة، في أي مستوى من مستوياتها، إذ لا يصلح أن يتحمل المسئولية والقيادة أيا كان من الناس، حتى ولو كان الفرد صالحا في نفسه، فليس من يصلح منفردا يصلح لقيادة جماعة، وليس من يصلح لمهمةٍ معينة يصلح لكل مهمة، فالناس كفاآت وقابليات و معادن وتخصصات و {كلٌّ مُيَسَّرٌّ لما خُلِق له}
لهذا فالمسئولية عموما تتطلب شروطا ومقومات حتى يتحقق النهوض بها على أفضلِ وجهٍ يُحتمل أن يَحفظ قيمتها ويطور أداءها، ومن هذه الشروط:
1- الفهم والإخلاص: لا يؤدي المهمة بنجاح إلا من فهم طبيعتها ومقصدها وعلاقتها بغيرها من المهام واستحضر العقبات التي يمكن أن تحول دون أدائها، وأعد نفسه لها إعدادا متكاملا، وكان مقتنعا تماما بأحقية ما يقوم به. فاستيعاب التصور في عمومه وأكثر تفاصيله استيعابا جيدا، والصدق في ذلك قمين بتأدية الواجب إلى نهايته. و لأن الخطأ في التصور فشل في الممارسة فإنه من الواجب على عناصر القيادة أن يتوفر فيهم الفهم السليم والعميق للقضية التي يحملونها على عاتقهم، حتى يحفظونها من التعطيل أو التبديل، قبل أن يبلغوها بأمانة إلى غيرهم.
2- التخطيط والتنظيم: التخطيط آلية تصميم الأهداف المستقبلية وترتيب الأولويات وتنسيق المجهودات وتطوير الإنجازات، وما نجح من نجح إلا بالتخطيط والتنظيم، وكيفما كان التخطيط فهو أفضل من اللا تخطيط. وليس من يُرتب أولوياته كمن يحترف العشوائية. ويبدأ التخطيط بالتفكير العميق والشامل في الموضوع/المهمة المراد القيام به، ثم وضع خطة عمل مناسبة، بمعايير قابلة للقياس في مدة زمنية محددة. مع استحضار الغايات وتسطير الأهداف الكبرى والصغرى بشكل واضح ومكتوب. بطريقة مرنةً تقبل التعديل كلما حدثت متغيرات. والعنصر الذي يُخطِّط -ثم يُنفد- أفضل وأنجح مِن الذي يُنفِّد ما خُطط له.
في المنهاج النبوي: \"إنما يكون تصرفنا مسئولا إن فضلنا الصدق على الكذب، و الوضوح على الغموض، والتخطيط على الارتجال\". إذن لا مسئولية من غير تخطيط وتنظيم، وليس البديل عن ذلك إلا الفوضى والتعسف.
وإذا لم تكن لنا خطة مستقبلية فإننا نعيش ضمن خطط الآخرين، وإذا كنا نسير على خطة الأمس فإننا في الغد سوف نصل إلى اليوم، أي أننا نسير إلى الخلف بينما يسير الناجحون إلى الأمام.
3- العمل والممارسة الميدانية: مهما كانت أهمية التخطيط فهو من أجل العمل، ولا يجدي تخطيط من أجل التخطيط {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} عن العمل، {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، أي المسؤولية عن الإنجاز، حيت يُسأل الفرد في الآخرة عن الإنجازات: شبابه فيما أبلاه؟ علمه ماذا عمل به؟ عمره فيما أفناه؟ ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه؟ وهذه كلها إنجازات سنسأل عنها، و بها تتحدد قيمة حياتنا، فهل خططنا للنجاح فيها؟
ونحن نعمل لا يعني أننا نخطط. ووجود إدارة للتخطيط لا تعني أنها تخطط فعلاً. فليس كل عملٍ هو عملٌ قاصدٌ ومنهاجي. إنما يكون كذلك بتحديد الرؤية الواضحة المستقبلية وحصر الأهداف المطلوبة بدقة وانتقاء الوسائل الممكنة بعناية وتوزيع الأدوار بين المشاركين في الخطة ومتابعة السير وتقويمه إلى النهاية. وهذا لا يصلح إن لم ينهض به من هم أهل له، من لهم مهارات وقابليات الإنجاز والصبر والاقتحام والتحمل.
4- المتابعة و التقويم: المسئولية للتغيير وليس للتبرير، للمستقبل وليس للماضي، للإنجاز وليس للتلهي والإعجاز. المسئولية مستقبلية تغييرية إنجازية، ولما كانت كذلك فهي تقتضي متابعة الخطة في مختلف مراحلها، ومراجعة الإنجازات ودراستها، والاستفادة من التجارب (الناجحة والفاشلة)، وتشجيع العناصر الفاعلة المبدعة الباذلة، وتحفيز العناصر المتراخية المفرطة. قال الحق سبحانه: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} الصافات24
5- الاستمرار والانتشار: إذا كانت المسئولية جماعية فهي تحتم تنسيق الجهود والمهمات لنسج سلسلة أعمال متناسقة ومتكاملة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، تحافظ على جِدَّية النشاط وجِدَّته في جميع الأحوال والظروف.
وعلامة الصدق الدوام على الفعل.
صفات الشخص المسئول
1. الكفاءة و القدوة : يتطلب في الشخص المسئول أن يحصل مجموعا إيمانيا وفكريا وإنجازيا وخُلقيا يؤهله ليؤم غيره، وله من الخبرة ما يقدره على تمييز نقاط القوة من نقاط الضعف، ومن فرز الفرص عن المخاطر (بمؤشرات قابلة للقياس)، وليست القدوة هروبا للأمام ولا تعاليا عن الممكن، إنما هي القدرة على حفظ التوازن والتوسط والسير الحثيث (ليس رطبا فيعصر وليس صلبا فيكسر)، يقول الإمام حسن البنا رحمه الله : \"المتقدم عن الصف والمتخلف عن الصف ليسا من الصف\".
فالمسئول في ميدان معين ينبغي أن يكون محترفا ما أمكن أو في طريق الاحتراف، وأن يتمتع بشخصية قوية (رحمة وحكمة) وهمة عالية.
2. الحكمة في استعمال السلطة: يتعاون ولا يستبد. الذي يقُوم بكل شيء لا يتقن أي شيء. يحشر نفسه في كل التفاصيل ويثقل كاهله بأعمال غيره، فلا هو يتفرغ للعطاء والإبداع في مهمته ولا هو يترك غيره لمهمته. المسئول الحكيم من يعي جيدا خصائص الأفراد، فيتعامل معهم بحسب طبائعهم ومؤهلاتهم ومزاجهم الخاص، فيستثمر ذلك في إنجاح العمل.
المسئول الحكيم إذا رئي ذُكر الإنجاز. لكن أحسن إنجاز للقائد والجماعة هو تماسك وتآلف فريق العمل الذي يورث محبة وإقبالا وإتقانا واستمرارا للإنجاز. وهذا يتوقف على وجود القيادة الحكيمة الرحيمة.
3. الحق والواجب: طلب الحق بالعدل وأداء الواجب مع الفضل، لابد للمسئول أن يعرف ما له فيطالب به وما عليه فيقوم به، حتى لا يضل أو يطغى، وحتى لا يَظلم أو يُظلم. وينبغي أن تكون القوانين المنظمة للعلاقات واضحة وعادلة.
4. الطموح والواقعية: المسؤول الناجح يحسن الظن ويستبشر بالمستقبل، لكنه لا يحلم حلم العاجز المُحَوقِل، مقتحم و\"الإقتحام توسط شدة مخيفة\"، قادر على معالجة العقبات بمرونة ووُسْع جهدٍ، و مستعد لمراجعة الأخطاء وتعديل الخطط. دائم التفاؤل، لا يعرف القنوط. لا تثنيه اللحظات عن المهمات، يعرف الزمن ويعرف الرجال ويعرف المهمات والإمكانات.
5. القدرة على التحفيز: رجل حوله رجال، يتشاورون ويتعاونون، يفوض الأعمال ويشجع الإنجازات ويكافئ عليها، ويقيل العثرات، ويوزع الصلاحيات ولا يعفي من تحمل المسئوليات، ويعمل بشعار: تحرير المبادرات وتشجيع الطاقات وتسليم المسؤوليات.
6. قبول المساءلة والنقد: فكثرة الوفاق من النفاق، لكن كثرة الخلاف شقاق، ومن صفات المسئول ألا يكون غضوبا لأن الغضب من أكبر مداخل الشيطان للنزغ بين الناس وتفريقهم ونشب العداء بينهم.، المسئول الناجح من يقبل النصح وكأنه هدية غالية (رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي)، و\"الدين النصيحة\"، ولا مسئولية من غير مساءلة ولا أمانة من غير أداء مسئول. يؤمن بالاختلاف (وهو غير اللغو والجدل والمراء).
7. الشورى والمراجعة: التعاون من الجميع وعدم الاستهانة بأي رأي، والتأني في اتخاذ القرارات، دون أن يتحول التأني إلى تأجيل وتماطل وتسويف، روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه قال: \"القوة في العمل ألا تؤخر عمل اليوم لغد\".
8. إتقان فن البدايات: وتنفيذ الإنجاز المطلوب في زمانه ونوعيته يتوقف على جودة الخطوة الأولى الموفقة. ومن صحت بدايته أشرقت أنوار نهايته.
الشخصية المسئولة هي الشخصية الصالحة في تربيتها، المُصلحة في محيطها، الواعية بمهمتها، والحكيمة في سلوكها، المنفتحة في علاقاتها، التي تقبل النصح وتعمل بالشورى وتنزل الناس منازلهم.
مجالات المسؤولية
ترتبط مسئولية الفرد بمختلف أنواع السعي الذي يتكلف القيام به، أي بكل ما يقبل عليه من أشغال في يومه وليلته، ويمكن أن نحصر الحديث عن أربعة أمهات من المسئولية:
1-المسئولية الذاتية: {كلٌّ على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره}، الإنسان مسؤول أمام الله تعالى على تزكية نفسه وحملها على الاستقامة ومنعها من الانحراف، جاعلا مصيره نصب عينيه، مسئول على اختياراته وكسبه ومواقفه وأقواله وأفعاله ونياته...أي المسئولية في عالم الذات.
2- المسئولية البيتية: وهي مسئولية الفرد في بيته وأسرته وأهله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته\" الرجل (والمرأة) مسؤول على أهله أمام الله الذي كلفه ب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6 ومسئول أمام الأمة التي ينتمي إليها لأن الأسرة نواة المجتمع وصورته المصغرة. أي المسئولية في عالم البيت.
3- المسئولية المهنية: بالعمل المتقن تتحدد قيمة السعي وثمرته سواء أكان عملا دنياويا أو أخرويا، وهو عند المؤمن واحد، لذلك فكل عامل مسئول في عمله \"راعٍ في مال سيده و هو مسئول عن رعيته... \" واجب عليه أن يلتزم الحق والعدل والإتقان في مهنته (إن كانت له مهنة، وإن لم تكن فمن الواجب الاحتراف). قال سيدنا لقمان عليه السلام لابنه: \"درهمك لمعاشك ودينك لمعادك\". و \"القاعد عن الكسب ساقط الشرف\" (ص 180 من كتاب \"في الاقتصاد\")، أي المسئولية في عالم الحرفة.
4- المسئولية الجامعة: وتبدأ من الأسرة، المحلة، القرية، المدينة والقطر إلى الأمة جمعاء حاضرها ومستقبلها، فكل فرد مسئول عن كل هذه النطاقات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة\" حديث صحيح. وتقول القاعدة الدستورية: \"حيث ما كانت هناك سلطة فهناك مسئولية\"، والمسؤولية هنا سياسية وجنائية ومدنية وشعبية، وأول مقتضيات المسئولية المحاسبة بكل أشكالها، قضائية وشعبية ومؤسساتية. فلا معنى مثلا أن يراكم الفرد أو الحزب أو الوزارة صلاحيات واختصاصات دون أن يخضع للنقد و المراجعة والمحاسبة.ولنا في حديث السفينة العبرة الواضحة لمن يعتبر.
علامات الفشل في المسئولية
يكفي أن نضيف النفي على شروط المسئولية لنحصل على شروط اللامسئولية، ونضيف النفي على صفات الشخص المسئول لنحصل على صفات الشخص المحمول . ويمكن أن ندمج نفي الشروط إلى انتفاء الصفات لنحصل على عوامل فشل المسئول و التحلل من المسئولية، والتي يمكن أن نذكرها كما يلي:
1- الجهل والإرتجال: الفشل في التخطيط كالتخطيط للفشل، وإذا قصدت الفشل فلا تخشى إفلاته لأن كل الطرق تؤدي إليه، والفوضوي يتسلح بعناد نفسه ولا ينضبط في المواقف الحرجة وخاصة في المواقف التي تتطلب حِلما وتنازلا عن الرأي ولو كان صوابا، فهو دائما جزء من المشكلة وليس جزء من الحل. فمن الناس من يكون مفتاحا ومنهم من يكون مغلاقا.
2- التخريف والتسويف: التخريف هو الذي يترجمه شعار: \"كلنا مسئولون ولا أحد مسؤول\"، حيث لا تتحدد المسؤولية –الرجل المشروع- عن الإنجاز والمتابعة. فترى الشخص يسأل ماذا فعلت الجماعة أو ماذا فعل الحزب أو الجمعية؟ وهو لا يفعل، ماذا قدمت لنا المجموعة الفلانية وهو كَلٌّ على مولاه... يُسَوف الأعمال ويعطل الآمال...وبالتالي يُضَيع المسئولية.
إن أغلب المهام والأعمال والطموحات تضيع بمرض التسويف (على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة) الذي يجعل الشخص عديم القدرة على الانضباط لبرنامج معين أو في إنجاز محدد أو تعهد متفق حوله.
3- العجز والكسل: لا يصلح المتراخي البئيس العاجز أن يكون مسئولا عن نفسه فكيف يكون مسئولا على غيره، لأنه سيعطل عمل الآخرين وينقل لهم عدوى التقاعس والتفريط. ولا يليق الثقيل أن يتحمل مهمات البناء والإنجاز. الكسول لا يمانع العقبات التي تعترض كل سير جاد، ولا يحفز من معه على بذل الجهد ودوام السير، ولا يبدع في الوسائل والأساليب والطرائق.
4- الجبن والبخل: الشخص المسئول قدوة في كل خير وخاصة في ما تتطلبه المهمة التي يتحمل إنجازها من جهد واقتحام وبذل. ومن الخوارم التي تمنع من ذلك: الجبن بمعنى الخوف الدنيء ، الخوف من لوم الناس أو من الخطأ، والبخل وهو عدم بذل الطاقة في العمل مع القدرة عليه، ومنه البخل بالمال أو بالنفس أو بالوقت أو بالعلم ...
5- اليأس و الغضب: المتفائل دائم الانشراح لا يتسرب القنوط إلى قلبه وعقله. يستفيد ممن سبقه بحُسن الظن بربه وبمن معه في الصف، أما المتشائم المُحْبَط فقد ضل من تبعه وظن أنه سيهديه، فهو لا يحتسب في حالات الابتلاء ولا يصبر في حالات الغضب، ولا يسيطر على نفسه عند الصدمات والمواقف الاستفزازية. الشخصية المزاجية لا تصلح للقيادة والتسيير لأن المزاجي تصيبه حالات لا يميز خلالها بين البناء والهدم.
6- التسلط والفردانية: قمة الفشل في الاستبداد وترك الشورى، المسئول الفاشل من ينفرد بالقرار والكلمة ولا يتعاون، يحشر نفسه في كل صغيرة في الإنجاز ويريد أن تمر جميع الانجازات على عينه ومن بين يديه وعليها خاتمه!
7- الإمعية والاستلاب: التقليد السلبي للآخرين، ويتجلى في النفسيات القطيعية التي تكثر من المدح والتملق للآخرين من أجل الظفر بلقب أو رئاسة. \"يحبون أن يُحْمَدوا بما لم يفعلوا\". المقلد معطل العقل ، كثير التردد، ينتظر ولا يبادر، بل لا يقبل المبادرة والتجديد والتطوير إلا إذا جاءت من جهة واحدة. و\"من حدَّد جهة نُصْحه فلكِبْرٍ في نفسه\".المسئولية: فهم وإنجاز
بقلم:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.