التوفيق: لقائي بالوزير عبداللطيف آل الشيخ شكّل أساسًا لتعاون مثمر في مجالات الدعوة وخدمة القضايا الإسلامية    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    تحقيق لمجلس المنافسة يكشف تواطؤا احتكاريا في سوق توريد السردين الصناعي استمر 20 عاما    بعد إسقاط باكستان لرافال الفرنسية.. واشنطن تراقب أداء الطائرات الصينية المستعملة في الحرب مع الهند    انتخاب الأمريكي بريفوست بابا جديدا    "غياب المساءلة صادم".. "أطباء بلا حدود" لا تجد الكلمات لوصف "الإزهاق اليومي للأرواح" بغزة    ترامب يهنىء البابا: شرف كبير لأمريكا    مجلس مؤسسة التعاون بالدريوش يسرع وتيرة إخراج المطرح العمومي للنفايات المنزلية ويصادق على جميع نقاط دورة ماي    تأجيل ملف ناشطين في "حراك فجيج"    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري "تاريخي" مع المملكة المتحدة    خرق قانوني في جماعة تارودانت.. دورة ماي خارج الإطار الزمني المحدد في القانون 113.14    مكتب السياحة يسعى للحصول على تصنيف "China Ready" لاستقطاب السياح الصينيين    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    لقاء شي جينبينغ وبوتين يعكس عمق الشراكة الصينية الروسية    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    ولد الرشيد: الجهوية المتقدمة تمر بمرحلة انتقالية تستوجب تقويم منظومة الحكامة الترابية    اعتقال مقرب من رئيس بلدية ماربيا الإسبانية بسبب تهريب الحشيش من المغرب    المحكمة تغرّم جماعة الدار البيضاء 5 ملايين بسبب هجوم كلاب ضالة على مواطنة    قطاع الشباب ينظم محطات وطنية كبرى للإدماج التربوي والتكوين بفاس    الدوري الأوروبي .. مانشستر يونايتد وبلباو في معركة حاسمة وتوتنهام يخشى مفاجآت بودو        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    انفجار في مدينة لاهور الباكستانية وإسقاط مسيرة هندية    بوريطة: الملك يعتبر إفريقيا الأطلسية قطبا جيو- استراتيجيا ورافعة للابتكار والصمود    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    المملكة المتحدة تجدد تأكيد التزامها بتعميق الشراكة مع المغرب    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعجاز العلمي نعمة أم نقمة
نشر في أزيلال أون لاين يوم 30 - 06 - 2013

كثر الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم في السنوات العشر الأخيرة, بعد أن ظهرت اكتشافات علمية تصدق ما جاء به القرآن في مواضع كثيرة من آياته و تؤكد صحته بإثباتات علمية, ما جعل الأمر يلقى استحسانا من لدن المسلمين الذين يزدادون يقينا و إيمانا و تشبثا بدينهم و عقيدتهم, بل تعدى الأمر ذلك إلى استغلال الإعجاز العلمي في الدعوة إلى دين الله تعالى و التكسب به في الفضائيات الدعوية, حتى ظهرت تفاسير أخرى للقرآن الكريم تختلف عن الأولى.
لكن رغم كل الإيجابيات التي يمكن للإعجاز العلمي في القرآن الكريم و السنة النبوية أن يرسخها في المجتمعات المسلمة و يدفع بمجتمعات أخرى إلى تغيير نظرتها السلبية تجاه الإسلام مع إمكانية تبنيه و جعله منهج حياة لها, تبقى تساؤلات كثيرة تفرض نفسها وسط ساحة الحقل الديني لعل أهمها: هل نحن حقا-في عصرنا الراهن- بحاجة إلى إثبات الإعجاز حتى نؤمن؟ هل يمكن للإعجاز أن يغير تفسير القرآن و يعطي نظرة مخالفة لفهم السلف للدين؟ أم أن الدين له فهم واحد و لا يقبل إثنين؟ أم أن الإعجاز ضمان لإقناع الآخر إلى الدخول في الإسلام؟
إن المتأمل في سيناريوهات الدعوة إلى الله تعالى مؤخرا, يجد مجموعة من التناقضات التي لم تكن تذاع سابقا بين الناس, و ربما يرجع ذلك إلى قلة و هشاشة وسائل الإعلام و انعدامها أحيانا في السابق ما يجعل المعلومة تأخذ وقتا لتوصيلها إلى الناس و إيذاعها بينهم, هذا العامل زاد من أهمية المعلومة و تأثيرها خاصة إذا تعلق الأمر بالحقل الديني, ما زاد من ثقل مسؤولية الفقهاء و الدعاة و تحبيبهم إلى قلوب المسلمين, حيث يغدق عليهم الناس العطايا و الهبات, تشريفا لمكانتهم العلمية و نشرهم للدين الحق بتدريس الجيل الناشئ و تربيته تربية إسلامية. لكن سرعان ما تغيرت نظرة الناس إلى حملة كتاب الله إلى الأسوء بعد أن تبين أن أغلبهم مجرد حامل للكتاب لا أكثر و أنهم ليسوا فقهاء كما يدعون, و الدليل هو تفاسيرهم الشفوية للقرآن الكريم و التي قد تحرف مفهوم الآية أحيانا إلى عكسه.
بعد أن ظهر الإعجاز العلمي سارع هؤلاء الدعاة إلى جعله مادة دسمة لخطبهم و محاضراتهم و حتى مناقشاتهم, ما زاد من تفشيه إلى أن وصل إلى أقصى الأرض, علما أن المسلم الذي خضع لله تعالى و لأمر رسوله عليه الصلاة و السلام, ليس بحاجة إلى أي إعجاز, بل إن تم اكتشاف حقيقة ما فلا يجب علينا أن نزداد فرحا لكوننا مسلمين لأن المسلم لا تصدمه حقيقة كان يؤمن بها مسبقا و إنما الحقيقة تصدم من كان مرتابا في دينه و مترددا في أعماله و ناقصا في إيمانه, و خير مثال على ذلك ما قاله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو كشف عني حجاب الجنة و النار ما ازددت إيمانا. ذلك أن إيمانه وصل إلى قمته فلم تعد المعجزات تؤثر فيه, و لا تأخذ من وقته في التفكر, و ذلك ما يجب على المسلم أن يكونه لا أن يرتبط بحبل مشكوك فيه كالإعجاز و نحوه.
إن الإعجاز العلمي في الإسلام لم يكن معروفا زمن النبوة, و لا زمن الخلفاء الراشدين و مع ذلك آمن الناس إيمانا قويا بصدق رسالة الإسلام و تمسكوا بها إلى آخر نفس لهم على الأرض, و لم نقرأ أو نسمع عن أحدهم جعل الإسلام موضوع نقاش لتبيان أحقيته على الناس, أو إبعاده عن حياتهم العامة, بل نجد أنهم جعلوه نصب أعينهم و منهج حياتهم, و سبيل نجاتهم, و طريقة عيشهم و معاملاتهم, فنالوا بذلك رضى الله تعالى و استحقوا لقب المؤمنين حقا, و ضمنوا أنفسهم سكانا للجنة.
غير أن الإعجاز الذي قوى صلتهم بالقرآن و بنبي الأمة عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام, هو الإعجاز البلاغي و اللغوي, الذي تحداهم به جل و علا كبرهان على صدق الرسالة, و ألوهية مصدرها, فتبين لهم عجز بني الإنسان التلفظ بكلمات متناسقة كالقرآن الكريم, علما أنهم وصلوا درجة ينظمون فيها شعرا باللحظة و التو و يلقونه على مسامع الناس دون تدوينه و كتابته, حيث كانت لهم أسواق للشعر فيها تنظم قصائد طوال تذم أو تمدح, تهجو أو تغازل النساء, فاستوفوا درجة الإمتياز في اللغة جعلتهم يلعبون بالكلمات في التو و اللحظة لتكوين أبيات شعرية غاية في الروعة و البلاغة, كالمعلقات السبع و شعر امرء القيس و الأعشى و غيرهما حيث تتذوق حلاوة اللغة و دقة الوصف و التعبير. ثم جاء النبي صلى الله عليه و سلم بآيات قرآنية تجلت فيها عظمة الفصاحة و البيان على الرغم من أنها ليست شعرا, فاتضح لهم أن إنسانا أميا لم ينظم شعرا قط من قبل قد أتى بما يعجز عنه خبراء اللغة و متقنوها, ما جعل إيمان الصحابة نقيا لا تشوبه شكوك و لا ترددات.
ثم إن مكانتهم باللغة و تمكينهم منها جعلتهم يفسرون القرآن تفسيرا دقيقا بمفهوم حقيقي كما أرادنا الله تعالى أن نفهمه, و كيف لا و فيهم أنزل القرآن و بلسانهم, كما أن الأحداث و الوقائع التي نزل بحسبها, حدثت في زمنهم و على أعينهم ما زاد من قوة الفهم و التمكين في التفسير, إضافة إلى معايشتهم للرسول صلى الله عليه و سلم الأمر الذي مكنهم من فهم مغزى القرآن و هداه, و عليه فكل تفسير يخرج عن مسار السلف الصالح, و نهج النبي صلى الله عليه و سلم فهو تفسير مردود على صاحبه.
أما التفسير عن طريق الإعجاز العلمي, فهو أمر مرفوض شرعا ما لم يتم تمحيص المعلومة و التأكد منها, لكننا نرى في عصرنا الحالي مجموعة من الدعاء و الخطباء يأخذون كل ما وصل إليه الغرب من اكتشافات علمية و يلفقونها بتفاسير القرآن دون تحر أو تمحيص, و هؤلاء المشايخ و إن حسنت نواياهم و ازداد حماسهم لنشر الدين, فإنهم يشكلون خطرا على مستقبل الإسلام و المسلمين, لأنهم لا يتحرون الحقيقة قبل الإيذاع, همهم استقطاب أكبر عدد إلى كفتهم و لو كان السبيل المتبع لنشر الدين منحرفا.
فقبل أيام سمعت من بعض المصادر الموثوقة أن الصهاينة بصدد حبك خطط للنيل من الإسلام و المسلمين, و لا يراودني أدنى شك في الموضوع خاصة و أنني اطلعت على كتاب البروتوكولات اليهودية الذي زكى شكوكي و زاد يقيني أنهم ماضون في عملهم من أجل تخريب الأمة الإسلامية, و أن جهودهم لازالت متواصلة بهذا الإتجاه, الخطط لازالت قيد الدراسة و هي سرية للغاية, لكن لابد من تذكير إخواننا المتسرعين في نشر الإكتشافات الغربية داخل المجتمعات الإسلامية و غيرها بمجرد السماع بها, دون التأكد من صحتها و لا فهم مضمونها, نذكرهم أن أمثال هؤلاء المتسرعين هم خطة صهيونية بامتياز ذلك أن بني صهيون بصدد دراسة القرآن للوقوف على الأشياء الممكن أن تشكل حقيقة علمية, هذه الأشياء سيتبناها الغربيون كحقيقة علمية بدون دراستها و لا التوصل إليها مستغلين الأبواق العربية من الدعاة المتسرعين للنشر, حتى إذا تيقن الصهاينة من وصول تلك الحقائق إلى الناس و اقتناعهم بها و دخول أفواج كثيرة إلى الإسلام, سيشرعون في تحرير التقارير المضادة لتكذيب القرآن و جعله أضحوكة العالم بأسرهم ما سيجعل معتنقيه يرتدون جماعات و زرافات, حتى يقل أهل الذكر و ينتشر الفسق و الكفر بين الناس.
لذلك وجبت الحيطة و الحذر من كل ما ينشر, خاصة في وسائل الإعلام الغربي, و قد فطن إلى ذلك مجموعة من الفقهاء المعاصرين المتنورين أمثال: الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-, و الشيخ صالح بن فوزان الفوزان و الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين و غيرهم كثير ممن أفتوا بعدم جواز تفسير القرآن الكريم تفسير علميا, و قد أفتوا بذلك لسد باب الخطأ خصوصا و أن المسلمين لم يتوصلوا إلى أي نتيجة بأنفسهم, و هم مجرد مستقبلين للنتيجة فقط, الأمر الذي يزيد من احتمال الوقوع في الخطأ و بالتالي تكذيب القرآن, خاصة و أننا نعلم أن أغلب ذلك مجرد نظريات قد تتغير بمرور الزمن كما أنها نسبية و ليست مطلقة, لذلك نقول بقول أهل العلم بصرف النظر إلى ما هو أهم, و هو إصلاح أنفسنا أولا ثم جعل أخلاقنا و معاملاتنا تنوب عنا في الدعوة إلى الله, قبل النطق و الإسهاب في الإعجاز, لأن غير المسلمين لا ينظرون إلى اللحى و لا إلى الجلباب بقدر ما ينظرون إلى حسن المعاملة و لين الكلام و الأخلاق الحميدة.
إن التأثر بالإسلام يأتي بمدى ترجمته في أرض الواقع, و ليس ادعاءه و الإستمرار في هتك أعراض الناس و أكل أموالهم بالباطل, ثم انتظار الآخر من أجل الدخول في الإسلام كما هو حالنا اليوم- مع وجود استثناءات من المسلمين الصادقين-, إن الغربيين الذين يرفضون الدخول في حصن الإسلام في عصرنا الحالي, معذورون تماما, فعندما يرى الغربي مسلما يشرب الخمر و يزني و يعنف القاصرين و يسرق أموال الناس و يتعامل بالربا و يمارس كل ما حرمه الإسلام, أيقدم هذا الغربي على الإسلام بعد كل هذا خاصة إن كان من ذوي المبادئ و القيم الإنسانية العليا ؟ لا و ألف لا و هو معذور حقا,
في وقتنا الراهن الأفضل أن يتعرف المرء على الإسلام قبل التعرف على المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.