رحيل مأساوي يهز الرياضة النسوية.. وفاة لاعبة نهضة بركان مروى الحمري في حادثة سير بالخميسات    بوغطاط المغربي | حصري.. قرار جديد للقضاء الألماني يُثَبِّت نهائيا قانونية تصنيف محمد حاجب كعنصر إرهابي ويرفض الطعن    المدني: دستور 2011 يعكس تعددية المرجعيات وتفاوت موازين القوى بين الملكية وباقي الفاعلين    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    الجزائر تفشل في السيطرة على الأرض فتحاول اختراق الثقافة الحسّانية المغربية    أمريكا تدفع باتجاه اتفاقات تطبيع جديدة بين إسرائيل ودول بينها سوريا ولبنان    غوتيريش: ميثاق الأمم المتحدة ليس "قائمة طعام" بحسب الطلب    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    الوداد يسقط في اختبار العالمية: حضور باهت أساء لصورة كرة القدم المغربية    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    كيوسك الجمعة | الاتحاد الأوروبي يتمسك بدعم شراكته الإستراتيجية مع المغرب    موجة حر بالمغرب ابتداء من الجمعة    الهلال في ثمن نهائي مونديال الأندية    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    توقيف ناقلي أقراص مخدرة بوجدة    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    قوانين جديدة للمركبات والدراجات في المغرب    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    الدرهم يرتفع بنسبة 0,5 في الماي ة مقابل الدولار خلال الفترة من 19 إلى 25 يونيو    تفكيك شبكة بالحسيمة تنشط في تنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    جو ويلسون يُقدّم مشروع قانون إلى الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية    أمير المؤمنين يبعث بطاقات تهنئة إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    عمر زنيبر يبرز بجنيف أولويات العمل الدبلوماسي والوطني للمغرب في مجال الهجرة    اتصالات المغرب وإنوي تعلنان إنشاء شركتي "Uni Fiber" و"Uni Tower"    رسالة من بريتوريا.. خريطة المغرب كاملة في قمة دولية بجنوب إفريقيا (صور)    مجلس الحكومة يُصادق على مشاريع مراسيم تهم مجموعة من القطاعات    الوداد يغادر مونديال الأندية خالي الوفاض بعد هزيمته أمام العين الإماراتي    الهزيمة الثالثة.. الوداد يودع مونديال الأندية بخسارة أمام العين الإماراتي    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    الزيات يعلن ترشحه لرئاسة الرجاء ويعد بمرحلة جديدة مع تفعيل الشركة    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر        في الأمم المتحدة.. المغرب يدعو لتحرك جماعي لحماية المدنيين من الفظائع    عواصف عنيفة تضرب فرنسا وتخلف قتلى ودمارا واسعا    مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قناطر الاستعمار الصامدة ...قناطرنا الساقطة ؟
نشر في أزيلال أون لاين يوم 02 - 12 - 2014

عرف المغرب فيضانات قوية نهاية نونبر 2014 همت مجموعة من مدن وقرى المملكة والتي لاشك عرت على بنية تحتية مهترئة, كما عرت عن مجموعة من الحقائق التي تناسلت علينا اتباعا , بعد أن تعبأت عدسات هواتف الفايسبوكيين , لتصور لنا تفاصيل الفيضانات لحظة بلحظة , كما تناقل آخرون صور وزرائنا الكرام وهم يضربون "الرش" على وقع أحواش بالمنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش , والذي يبدو أنه انقلب من وسيلة الى غاية في حد ذاته , عشية مطالبة مجموعة من الناشطين , المسؤولين والجمعويين المغاربة الحاضرين بالمنتدى الى التعبئة العامة من خلال نقل التنظير إلى الممارسة الفعلية والمتمثلة في تسطير برامج تترجم على ساحة الواقع للإغاثة والعون والتأطير , عوض المغالاة في مظاهر التصفيق والتهليل , وفي الجانب الآخر مواقع الكترونية تضرب "الطبل والغيطة "وتنقل لنا خبر رئيس وزرائنا وهو ينجو من حادث الحوامة وهو في طريقه لأحد التجمعات الخطابية الحزبية شرق المغرب,اللهم أبعد كل مكروه عن رئيس حكومتنا ووزرائه الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء زيارة المناطق المنكوبة في حينه , باستثناء وزير الاتصال الذي سرد أقصوصة نجاته من السيول وهو في طريقه لمعاينة المناطق المنكوبة, ومسئولون لازالوا ينتظرون الأوامر قبل الاضطلاع بمسؤولياتهم في ملامسة أحوال المغاربة وممارسة سياسة القرب التي يترجمها القرب ليس فقط بتصدر شاشات التلفاز والصفوف الأولى للمهرجانات, ولكن حتى في الكوارث والفيضانات
مشاهد تكررت وصور حية لانهيار قناطر وهي تجرفها السيول , حيث استهزأ شبابنا بفقر بنياتنا التحتية التي عرتها الفيضانات الأخيرة ,وصاروا يتبادلون صور رمي قصبات وشباك الصيد وحتى السباحة بالشارع العام ,في تهجم صارخ على بنية تحتية فقيرة , وشبكات صرف صحي لم تصمد سويعات في وجه الأمطار و غدت معها الأحياء والمدن عبارة عن برك عائمة , ولم تنهي هذه المأساة باهتراء طرق معبدة وقناطر محدثة, والتي ألهمت شباب المواقع الاجتماعية برفع شعارات من قبيل" قناطر الاستعمار الصامدة ...قناطرنا الساقطة" , في إشارة إلى التشكيك في عدم احترام دفاتر التحملات وأن الغش لا محالة أحد العوامل الذي كان لها نصيب في تهاوى هاته القناطر, في منظر يحاكي تساقط أوراق الخريف ...وهي القناطر التي انهارت لتعزل قرى ومدنا بأكملها ,حيث بدت شوارعنا المعبدة أشبه بشطائر من الشوكولاتة , هذه الأخيرة التي لها حديث ذو شجون زمن حكومتنا الموقرة , أقول شوارع تكسوها قشرة فوقية من" الزفت "...تشبه وريقات من الشوكولاتة أو" البصطيلة " المحضرة على الطريقة المغربية .
فيضانات أظهرت لنا الهشاشة الحقيقية التي يعيشها العالم القروي أو بالأحرى المغرب العميق, من خلال تهاوي مئات الدور السكنية والقصبات , كما أبانت عن عدم الجدية في التعامل مع بعض الاختلالات العمرانية وفي طليعتها البناء بمصاب الأنهار والأودية ,و التي من المستحيل أن تنسى مجاريها مهما طال الزمن .
مجموعة من الوديان الثائرة التي أبت أن تجرف كل ما تجده أمامها من حجر وبشر , واد تمسورت ببوزركان واد درعة واد زيز واد أدودو بسيدي ايفني واد اساكا واد تلمعدرت بكلميم ,هذا الاقليم التي غمرته المياه ولم تسلم منها حتى مؤسسات الدولة ولائحة الأودية طويلة وعريضة.
الفيضانات كذلك أبانت عن سواعد شباب المغرب الذين أظهروا حسا وطنيا عاليا و تضامنا واسعا, وهم يساهمون في المساعدة والانقاذ وكيف راحوا يحملون الجثث بوسائل تقليدية من عصي تم استثمارها كنعوش محمولة , وأظهرت أن أمثال "علال القادوس" كثيرون وهو الشخصية الدونكيشوتية التي برز مؤخرا ليسوق لنا "بروفايل" البطل المقدام الذي يعري عن عضلاته ويتحدى الطبيعة وسط شوارع الرباط , ليساهم في إماطة الأذى عن الطريق وييسر ولوج المارة والسيارات والحافلات , ولربما حتى الترومواي الذي يزين فضاءات وشوارع البيضاء والرباط , ذلك هو علال الذي لا يملك حتى دراجة هوائية, لكنه أبى أن يخدم الآخرين في مشهد قلما تكرر من الايثار والاثارة, ليكشف لنا حقيقة بأن "العلاليون" من المغاربة لن يحتاجوا إلا من يوقظهم , "علال القادوس" أو مصطفى السملالي الذي أعطى الدرس لمنتخبينا ومسؤولينا لينهالوا من أبجديات المدرسة "العلالية" في التفاني في خدمة الآخرين , كما انضافت مشاهد ترجمتها سواعد الشباب وهم ييسرون انسياب المياه الى قنوات الصرف وكيف ساهم مول الحانوت بدوره في رص مجموعة من قوارير الغاز وصناديق الخضر , لإعلان الشارع مقطوعا في وجه حركة المرور, وكيف تآزرت العائلات والأسر المغربية في المداشر والقرى لإيواء الجيران و الأقارب, حتى قبل وصول خيام ومئونة السلطات العمومية.
كما أعادت الفيضانات لنا تصوير ملامح إعلامنا الرسمي الذي أتى متأخرا, بعد أن تناقلت قنوات عالمية مشاهد غرق ركاب طاكسيات "باللايف ", من خلال صور لهواة وهم ينقلون الوقائع من منبعها , في حين كنا ننتظر أن يوازي تلك الأحداث إعلام وطني يواكب وينقل لنا تفاصيل الفيضانات من قلب الحدث, أو حتى يشعرنا بحداد مزعوم احتراما لأرواح المغاربة من الأموات ومشاعر ما تبقى من الأحياء, وعلى النقيض من ذلك عاشت التلفزة المغربية ممثلة في دوزيم على وقع "الشطيح والرديح والنشاط ها هو شاط " ليلة السبت الأحد , وكأننا نحتفل بأولئك المواطنين الذين جرفتهم السيول ونقلتهم شاحنة رمي الأزبال في مشهد درامي يعكس بجلاء لحظة من الحقيقة المبنية على سجيتها, والتي لا يمكن تغليفها بصور مزيفة لمهرجانات "الزديح والرديح ..."
الفيضانات حملت معها آهات المكلومين لكنها شكلت بالنسبة لآخرين لحظة من الحنين لساكنة قرى بنواحي ورززات وهم يتذكرون مشهد الحوامة التي نقلت لهم صندوق الانتخابات الزجاجي يوم تعذر الولوج الى القرية بسبب سوء الأحوال الجوية , أما في أسفي فساعفتان "بميكتهم" يتم تدشينهما لأول مرة وحوامة للدرك الملكي تنقل مواطنا أجنبيا الى الرباط, تم إنقاذه في أعالي مياه شاطئ البدوزة , لحظة خلت من خلالها أن الأمر لا يتعلق بصور من رحم مغربنا الحبيب الذي نحب أن يكون, حيث تجندت أطر وزارة الصحة من مدير جهوي ومندوب الصحة والمسؤولون الأوائل بقطاع الصحة ورجال الوقاية المدنية ورجال الدرك والسلطة المحلية بحزم , حتى حسبت تلك الصور تؤخذ بأحدى الدول الراقية شمال المتوسط , حينها اقتنعت بأن هاته الأمم لا تفعل المستحيل طالما الأمر تحقق أمام أعيننا, وأنه بإمكاننا أن نكرر تلك المشاهد التي طالما نقلتها لنا شاشات هوليود من خلال أطر طبية تجتهد للعناية بالحوامل والمرضى وتعتني بالإنسان , و صرنا نلحظ تلك الصور وهي تردنا اتباعا ومعها رجال سلطة متعبئون في خلايا لليقظة وفي طليعتهم ولاة وعمال المملكة....ذلك هو المغرب الذي نحب أن نكون مواطنين فيه, أو على الأقل أن نضع حجره الأساس لأبنائنا في المستقبل من الزمان , ولنراكم كبشر وكأمة مغربية تجربة إنسانية نتمنى أن لا تتكرر مآسيها ونحن نستقبل أمطار الغيث بحر كل شتاء , واذا تخلفنا عن الموعد فقد يدفعنا الجهل الى أن نكفر من يدعوا لنا أوعلينا بالغيث , وفي اعتقادنا أنه يمعن في السعي إلى إغراقنا ببحر من السيول والوديان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.