"الأحرار" يثمن دقة التوجهات الملكية    الصيد البحري... تسويق حوالي 8,2 مليارات درهم من المنتجات حتى نهاية شتنبر 2025    رغم الدمار.. وقف إطلاق النار في غزة يعيد آلاف النازحين إلى الديار    بيضاويون يرحبون ب"انتصار المقاومة"    لائحة "لبؤات U17" النهائية ل"المونديال"    بوعياش: مسار إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب "متدرج وتصاعدي"    الطالبي العلمي: "خطاب جلالة الملك تضمن توجيهات سامية لتعزيز روح المسؤولية لدى مختلف المؤسسات للمضي قدما في مسار التنمية"    تحليل إخباري: الخطاب الملكي بين الاستجابة الضمنية وخيبة أمل "جيل زد"    طنجة تحتضن نقاشا إفريقيا واسعا يغذي أمل "استدامة حياة بحار القارة"    الخزينة.. مركز "التجاري غلوبال ريسورش" يتوقع عجزا متحكما فيه بنسبة 3,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2025    توقيع بروتوكول اتفاق بين المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني ومجموعة فرنسية للحبوب    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    إغلاق ملعب "دونور" لمدة شهر ونصف    بحرية سبتة تنتشل جثة مهاجر جزائري بشاطئ "لا ريبيرا"    الاهتمام العالمي الكبير يدفع "الكاف" لتمديد فترة الاعتماد الإعلامي لكان المغرب    انطلاق بيع تذاكر مباراة المغرب والكونغو في الرباط    نشطاء بطنجة وتطوان يطالبون بالتحقيق في تخفيضات "مشبوهة" لمحلات بيع المواد الغذائية    الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام    تنسيقية نسائية تطالب بالتعجيل بإقرار إصلاح جذري وشامل لمدونة الأسرة    إسرائيل تنشر قائمة 250 معتقلاً للإفراج    الاهتمام العالمي بكأس إفريقيا بالمغرب يدفع "الكاف" إلى تمديد فترة اعتماد الصحفيين    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يضرب موعدا مع أمريكا في الربع النهائي    اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر .. بوزنيقة، 17 – 19 أكتوبر 2025 : وثيقة حول المغاربة المقيمين بالخارج    عروض سينمائية للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    فرقة أكنول تقدم عملها المسرحي الجديد «حلم ليلة سفر»    مناظر المغرب تُنعش نسب مشاهدة المسلسل التركي "الخليفة"    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    مونديال الشباب: وهبي يؤكد أن مجهودات اللاعبين والتزامهم يقوي حظوظ الفوز    فعاليات مدنية تطالب بتكريم المخرج الراحل محمد إسماعيل ابن تطوان    مغربية من السمارة تزرع الأمل على القمر: إنجاز علمي غير مسبوق لتلميذة تشارك في تجربة "ناسا" الفضائية    ترامب يقترح طرد إسبانيا من حلف شمال الأطلسي    مركز حقوقي يطالب الحكومة المغربية بالتدخل لإطلاق سراح معتقلي أسطول غزة    من هي ماريا كورينا ماتشادو الفائزة بنوبل للسلام؟    نقابة تستنكر "التدهور المقلق" للخدمات الصحية بجهة سوس ماسة وتوجه اتهامات للوزارة    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025    متشرد ينهي حياة تلميذ بتازة    هل تُعاقَب فجيج لأنها تحتج؟    حركة منشقة عن البوليساريو تدعو المجتمع الدولي لدعم الحكم الذاتي بالصحراء    زلزال عنيف بقوة 7.4 درجات يضرب جنوب الفلبين وسط تحذيرات من وقوع تسونامي    "مؤسسة منتدى أصيلة" تصدر كتابا تكريما لمحمد بن عيسى تضمن 78 شهادة عن مسار الراحل    مهرجان فيزا فور ميوزيك يكشف عن برنامج دورته الثانية عشرة    تواصل ارتفاع أسعار الأسماك والخضر والفواكه يزيد من إنهاك القدرة الشرائية للمغاربة    تفاصيل فرار متهم أثناء إعادة تمثيل جريمة قتل بطنجة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أزمة في مركز تحاقن الدم بتطوان بسبب تراجع مخزون الأكياس الحيوية            القصر الصغير.. البحر يلفظ كميات ضخمة من "الشيرا" واستنفار أمني لتتبع خيوط شبكة دولية    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    









أي خلاصات لمؤتمر المناخ بمراكش؟

انتهت في الأيام القليلة الماضية أشغال الدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول تغير المناخ المعروفة اختصارا ب"COP22"، التي احتضنتها مدينة مراكش "الخضراء" على مدى 12 يوما ما بين 7 و18 نونبر 2016، تحت رئاسة وزير الخارجية في الحكومة المنتهية صلاحيتها صلاح الدين مزوار.
بيد أنه رغم ما رافق هذا الحدث البارز من حملة إعلامية محلية ودولية واسعة، فإن معظم المغاربة لم يعيروه كبير اهتمام، لافتقارهم إلى ثقافة بيئية وانشغالهم بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المتردية، وما بات ينتابهم من قلق شديد على مستقبل منتخبهم الوطني في كرة القدم، إثر تعادله المخيب للآمال أمام جمهوره ضد نظيره الإيفواري، برسم الجولة الثانية من التصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، فضلا عما تعيشه البلاد من أزمة سياسية، جراء تأخر رئيس الحكومة المعين بنكيران في الكشف عن ملامح الحكومة، التي كلفه بتشكيلها الملك محمد السادس منذ أزيد من خمسة أسابيع.
وتأتي هذه التظاهرة البيئية العالمية، في إطار السعي إلى مواجهة آثار التغيرات المناخية الخطيرة على كوكب الأرض وجميع الكائنات الحية، وبحث السبل الكفيلة بالحد منها. وقد نظم أول مؤتمر عالمي حول المناخ عام 1975 في جنيف، من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وفي سنة 1995، انعقد المؤتمر الأول للأطراف "COP1" بالعاصمة الألمانية برلين، للاتفاق على مقاومة انبعاث الغازات، وانتظر المجتمع الدولي تنظيم الدورة الثالثة باليابان عام 1997، لتوقيع التزام الأطراف باعتماد برتوكول "كيوتو"، من أجل خفض ما لا يقل عن 5 % من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، بين عامي 2008 و2012 مقارنة مع سنة 1990 .
ويعرف العلماء الاحتباس الحراري، الناتج أساسا عن الأنشطة البشرية الصناعية وتراكم ملايين الأطنان من الغازات السامة، بالارتفاع التدريجي لدرجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بسطح الأرض، جراء تزايد انبعاث غازات الصوبة الخضراء، المكونة في غالبيتها من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والكلورفلور كربون، وهو أخطر الغازات المؤدية إلى تآكل طبقة الأوزون، التي تلعب دورا رئيسيا في تدفئة الأرض وضمان الحياة عليها، إذ بدونها يمكن انخفاض حرارة الأرض إلى ما بين 15 و19 درجة تحت الصفر.
وإذا كان مؤتمر باريس حول المناخ "COP21"، المنعقد في العاصمة الفرنسية في دجنبر 2015، قد أقر اتفاقا دوليا للتصدي للاحتباس الحراري، وتحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى استخدام الطاقات المتجددة، والحرص على احتواء الظاهرة بإبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض منحصرة في درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود لخفضها إلى 1,5 درجة مئوية، ومساعدة الدول النامية بمبلغ 100 مليار دولار سنويا في أفق 2020... فإنه بصرف النظر عما أحدثه فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، من لغط طغى على سير أعمال مؤتمر مراكش "COP22"، لكونه سبق أن وصف التغير المناخي بمجرد "خدعة"، وعبر عن رغبته في سحب بلاده من الاتفاق، يعتبر هذا الملتقى الدولي انطلاقة فعلية لمكافحة ظاهرة الاحترار العالمي، بعد تأكيد كافة الأطراف انخراطها الشامل في تفعيل اتفاق باريس، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 4 نونبر.
فما يمكن استخلاصه من قمة مراكش التي شهدت حضورا دوليا متميزا بلغ حوالي مائتي دولة، واختتمت أشغالها مساء يوم 18 نونبر، أنها وضعت خطة عمل تستمر إلى عام 2020، وشكلت محكا حقيقيا لمدى مصداقية والتزام الأطراف باتفاق باريس، وجعل العنصر البشري والتنمية المستدامة في مركز اهتمامات المجتمع الدولي. أوفت بوعودها في نقل آمال البلدان والشعوب الأكثر تضررا من آثار الاحتباس الحراري. قامت بفسح مجال للمساهمات المالية من أجل التكيف، وتنظيم زخم هائل من الأنشطة المتنوعة والتظاهرات، انخرطت فيها بحماس كبير جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الحكومية وغيرها من مختلف بقاع العالم. فضلا عما تخللها من اقتراحات جادة ومبادرات هادفة ك: "التحالف الشمسي الدولي" و"شبكة مراكز الامتيازات الدولية حول تغير المناخ وتعزيز القدرات" ومبادرات أخرى همت القارة الإفريقية ك: "صندوق الاستثمار الأخضر"... بالإضافة إلى تعهد أكثر من أربعين دولة باللجوء إلى استخدام الطاقات المتجددة، والإشادة بالتجربة المغربية الرائدة في مكافحة تغير المناخ، المتجسدة في تأسيسه أكبر محطة ريحية في إفريقيا قرب طرفاية، وتشغيله أكبر مركب للطاقة الشمسية في العالم "نور1 " بورزازات.
ويبقى أهم حدث بصم على الجلسة الرسمية، هو "مرافعة" الملك محمد السادس الحكيمة والعميقة، التي ناشد عبرها دول العالم الكبرى بضرورة الالتزام بتعهداتها المالية، وتيسير نقل التقنيات المتطورة ودعم البلدان والمجتمعات الفقيرة، مؤكدا على أن مؤتمر مراكش يشكل منعطفا حاسما في مسار تنفيذ اتفاق باريس التاريخي، ومشيرا إلى أن البشرية جمعاء تعلق آمالا عريضة على قمة مراكش، وتتطلع إلى قرارات تساهم بجدية في إنقاذ مستقبل الحياة على الأرض، والقيام بمبادرات ملموسة وتدابير عملية، تصون حقوق الأجيال القادمة وتمنح الأسبقية لبلدان إفريقيا، لاسيما المهدد منها في وجوده...
إن كسب رهان مستقبل إيكولوجي قادر على مقاومة تغير المناخ، يستدعي ترسيخ قيم التربية البيئية وتوحيد جهود دول العالم، لما فيه مصلحة أمنها ورخائها الاقتصادي وصحة ورفاهية شعوبها. ولن يستطيع أي بلد مهما كبر حجمه وبلغت قوته، الإفلات من أخطار الاحتباس الحراري، ما لم ينخرط كليا في الكفاح المشترك ضدها.
اسماعيل الحلوتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.