"فيتش" تحذر المغرب من تخطي نفقات البنيات التحتية للمشاريع الكبرى للتقديرات    النيابة العامة الفرنسية تطلب إطلاق سراح ساركوزي بانتظار محاكمة الاستئناف    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    انطلاق بيع تذاكر ودية المغرب وأوغندا    قرب استئناف أشغال متحف الريف بالحسيمة    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    وقفة احتجاجية في طنجة دعما لفلسطين وتنديدا بحصار غزة    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    هنا المغرب    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيت عبدي : رپورطاج - رحلة إلى جحيم البرد

يُسمّونهم في أزيلال ب"الأكراد". ينتشرون بقمم الأطلس الكبير ويعانون في هذا الفصل من البرد الشديد وحصار الثلوج. "نيشان" خاضت المغامرة وجازفت بالوصول إليهم، لتقتسم معهم ثلاثة أيام من المعاناة.
كانت درجة الحرارة صبيحة الجمعة الماضي ببني ملال تصل إلى 19 درجة. فقد كان يوما جميلا ومشمسا، بالنظر إلى أن الفصل موسم أمطار وبرد. عند الوصول إلى مركز أفورار بدأت تتراجع الحرارة، لتهبط إلى 17 وبعد كيلومترات إلى 15 درجة. ناري مّيمتي الحرارة كتهبط غير بالجّوج... انطلاقا من أفورار، على بُعد 57 كيلومترا عن أزيلال، بدأ الصعود في الجبل، وكلما أمعن موفدا "نيشان" في الصعود، كلما أمعنت درجات الحرارة في التهاوي، تماما كتلك الأحجار الصغيرة التي ترميها عجلات السيارة رباعية الدفع إلى الهاويات السحيقة... في حوالي الساعة الثانية إلا ربع بعد الزوال كان الوصول إلى مدينة أزيلال. هنا الحرارة تصل إلى 19 درجة. إيوا لاباس... هنا الأوراش غير بالعرارم، متحف علوم الأرض الذي يستعد لاستقبال الديناصور الذي وجدت جميع عظامه بمنطقة تيلوگيت التابعة للإقليم، حديقة جميلة... الناس راهم خدّامين. آش المعمول دابا للوصول إلى قبائل أيت عبدي المنعزلة في الجبال، والتي تحفها الثلوج من كل جهة؟ مصادر "نيشان" قالت إن سيارة رباعية الدفع قد توصل إليها، ولكن لا بد من الاستفسار بالعمالة. هناك تم الاتصال بعامل الإقليم علي بيوكناش، ومدير ديوانه ورئيس قسم الشؤون العامة والمدير الإقليمي للتجهيز والنقل والمندوب الجهوي لوزارة الصحة... هؤلاء جميعهم أكدوا على صعوبة الوصول إلى أيت عبدي في غياب طريق إليها. ياك بعدا ماكيْن مشكل تمّا؟ المسؤولون أخبروا "نيشان" بأنهم لم يسجلوا أي حالة وفاة، هذه السنة، بسبب البرد أو سوء الأحوال الجوية. كما قالوا أيضا إنهم لم يسجلوا أي حالة مرضية مزمنة بسبب السكري أو ضغط الدم، والدليل هو القافلة الطبية اللّي يالله رجعات من أيت عبدي. القافلة كانت تضم 20 فردا، قضوا هناك 8 أيام. معاناة حقيقية لقيها الوفد الطبي، الذي حوصر بعاصفة ثلجية وأُصيب فرد منه بعد سقوطه من على ظهر أحد البغال، التي كانت الوسيلة الوحيدة للتنقل إضافة إلى الأقدام طبعا...
بعد مغادرة العمالة التي حضر فيها موفدا "نيشان" تكريم أعضاء القافلة الطبية، كان الليل قد أرخى سدوله. ما بْقا مْشيان لأيت عبدي، نشوفو مع الناس هنا يلا فيهم شي واحد كيعرف المنطقة. الوجهة كانت دار الشباب التي قد يكون بها أحد الفاعلين الجمعويين. هناك كان اللقاء مع مدير الدار. السيد عندو الرّيزو مزيان وطاح ل"نيشان" على واحد المصدر مْخيّر. إنه لحسن أگورام، أستاذ وعاشق للصحافة يمارسها من خلال بوابة "أزيلال أون لاين". السيد فايت ليه مْشا لأيت عبدي واقترح أن يتطوع لمرافقة "نيشان"، لكن بشرط أن يتم انتظاره ريتما ينتهي من التدريس عند منتصف النهار. ما كيْن باس، إيوا نستغلّو الفرصة ونمشيو فالصباح نشوفو "يوم الجبل" اللّي مْحتافلين بيه بالغرفة الفلاحية. هناك كان العامل وجميع مسؤولي الأقليم، منتخبين ومُعيَّنين. تحدث الجميع عن التنمية البشرية وضرورة الاستثمار في المناطق الجبلية. خلاّ السعيدي، رئيس المجلس الإقليمي، قال إن في أزيلال مواصفات الجنة، "لأن الأنهار تجري من تحتها، لكن سكانها ليست لديهم مواصفات أهل الجنة". وذكّر "نيشان" بحكمة لسيدي عبد الرحمان المجذوب قال فيها: "الجبل جدّي، الدّير حدّي ومول لْوطا يودّي". نخلّيو هادو فهاد القاعة الجميلة ومطرباتهم وحلوياتهم، ونمشيو نشوفو السّي لحسن...
طريق الموت
ميزان الحرارة يسجّل 24 درجة. هادي بداية مزيانة. شدّ الفريق الرحال إلى أيت عبدي، عبر سدّ "بين الويدان". هنا الحرارة هبطات ل16 درجة. ناري القضية حْماضت. ثم كان الوصول إلى واويزغت على بعد 40 كلم من أزيلال. هْنا سخنات القضية شوية ووصلات ل18 درجة. لحسن يعرف هنا أستاذا ابن أحد أعيان أيت عبدي وهو لحسن أُداد، الذي كان في استقبال فريق "نيشان" ومعه أخوه الحسين. الأخير مرشد سياحي متدرب وقضى مدة طويلة في قيادة سيارتهم الجيپ بين واويزغت وأيت عبدي، وهو مستعد للتطوع لمرافقة "نيشان" حتى آخر نقطة من أيت عبدي... بعد عبور قنطرة "أفدانوس" على نهر "العبيد" وبعد قطع 30 كلم من واويزغت، وصل الفريق إلى أول الندف الثلجية على جبل "العبّادين". الثلوج هنا قليلة لأن المنطقة عرفت تهاطل أمطار غزيرة. بعد عبور منطقة "ألْمُو نايْت إسيمور" المنبسطة، وصل الفريق إلى تيلوگيت البعيدة عن واويزغت ب43 كلم. هاد السبت هو يوم السوق عندهم. الناس ما كيْن غير شارجي البغال بالمؤونة: زيت، سكر، شاي، شمع، وْقيد وزيد وزيد. كيوجّدو للزّمان. هْنا ما بقا شانطي آجي آ الحسين سوگ. يتم عبور قنطرة واد "أحنصال" الحديدية ثم الوصول إلى جبل "إمينواري"، الذي يسمونه ب"لا كاثيدرال" لأنه يشبه بناء الكنيسة. أول الصعوبات بدأت في الظهور. كان لابد من قطع نهر "أسيف نْوالاّت" مباشرة بدون قنطرة. السلامة! المهم دازت القضية بخير مع الكراپوطاج ديال الكاطكاط. ولكن عند "إيمينوارگ" وعلى أحد روافد واد "أحنصال" كان لابد من عبور قنطرة "إرغيس" الآيلة للسقوط. زيد ماكيْن رْجوع والحاضي الله... هنا بدأ الثلج في الكثافة، وبدأ يتراءى جبل "أگوتي" كالقبة. دابا باقي 50 كلم عن دوار "ماسْكو"، أول دوار في قبائل أيت عبدي، خلف جبل "تيدّوت" (القردة) الذي يظهر من هنا. بعد عبور واد "إيگلي" وبدون قنطرة، والفضل للكراپوطاج، تم الوصول إلى ڤيلاج "تاگورت"، أي الباب، وهو الباب الذي لا بد من عبوره للوصول إلى "أگرمن نودوماز" وهو شبه ملتقى طرق به علامة تشوير تقول إنه لا بد من قطع 10 كلم للوصول إلى "ماسكو". خاصّ دابا 10 كلم من تسلق جبل "أنكيو". هاد المسافة على طريق ضيقة ووعرة يسميها لحسن أگورام ب"طريق الموت". گالك العام اللي فات جا العامل، وجاب معاه 14 سيارة وتفرگعو الروايض ديالهم 7 دالمرات. السلامة يا ربّي. "نزيدو ما زال"، يقول السائق الحسين أُداد، في ثقة تامة بسيارة الكاطكاط. بعد قطع 5 كلم (وقطع 129 كلم عن أزيلال) الصعوبات تشتد بسبب ألسنة الثلوج في المناطق الظليلة بمحاذاة الطريق. ذوبان الثلوج كوّن كتلا من الأوحال. عاوتاني الكراپوطاج ما خلاّش من جهدو. ولكن الكاطكاط عْطات حْمارها... المشكلة أن السيارة وقفت في منتصف الطريق، كيفاش غادي ترجع؟ وفوق هاد الشّي راها السبعة دالليل هادي. الحمد لله ما كاينش البرد فقد سجلت السيارة 20 درجة في ميزان الحرارة. رغم أن خمسة من شباب الدوار نزلوا لإنجاد فريق "نيشان" إلا أن مجهوداتهم ذهبت سدى وبقيت السيارة في الأوحال والثلوج. لحسن أگورام تعثر وأُصيب ساعده وساقه. الله يحدّ الباس. آراك دابا لتسلق الجبال على الأقدام. وعندما وقف حمار موفدي "نيشان" في... الجبل ذكّرهما الحسين أُداد، ببيت أبو القاسم الشابي: ومن لم يحب صعود الجبال/ يعش أبد الدهر بين الحفر. ياك آ السّي. بعد سير وتوقف وصل الجميع إلى دوار "ماسكو" ليلا...
"إنغا ياغ أوصمّيد"
في بيت الحاج اسعيد أداد، وجدت "نيشان في استقبالها عميد العائلة وأبناءه ابراهيم وعبدالله واحماد وسعيد وابن أخيه الحسين بن المقاوم حدّو أومحى، الذي كانوا يلقبونه ب"إزم نعاري" أي "أسد الجبل"... داخل الغرفة التي سخنت ب"التيرّو" وهو سخّان قصديري يتغذى على حطب شجر "توالت" (جيڤريي) وأُضيء ببوطة، عُلّقت صورتان لمحمد السادس وكرطونة "ميكسي" بعد أن تحولت إلى علامة زائد. هذا المشروب عملة نادرة هنا ويتحول إلى قطعة للتزيين بأنامل الأطفال. على الحائط خربشات على شكل أرقام. وعلاش؟ گالك وليداتهم ما عندهمش فين يقراو كيقضيو بالحيط وكيتعلّمو من خّوتهم بحال الحسين اللّي قْرا فواويزغت.
رغم علامات الفقر البادية على سكان ماسكو، من خلال ملامح وجوههم القاسية، التي تبدو عليها علامات سوء التغذية، أبى الحاج اسعيد إلا أن يذبح تيسا على شرف "نيشان". وفي انتظار لحم العتروس بدأ الحاج يحكي قصته مع الاستعمار والاستقلال. ودابا آش كيديرو مع البرد؟ يجيب الحاج بسخرية: "آش غادي يدير لينا البرد، غير غادي نترعّدو وصافي". أما ابنه موحا فيجيب بمباشرة وبامتعاض أكثر: "إنغا ياغ أوصمّيد". زعما "قْتلنا البرد". أما أخوه ابراهيم فيضيف: "كانو والْيدينا كيقاومو الاستعمار، حنا دابا كنقاومو البرد والثلج". الثلج هنا يسمونه "الموت الأبيض" لأنه حصد العديد من الأرواح. وشحال؟ الكثير من أبناء القبيلة أجابوا عن هذا السؤال بكلمة واحدة: "گودين"، زعما بزّاف. يتذكرون بأسف موت رجل منهم كان قادما من أسمرير العام الماضي، كما يتذكرون وفاة ستة أطفال في نفس السنة بعد أن سقط عليهم بيتهم. والحل؟ هو حطب "توالت" الذي أراد أن يحميه حارس الغابة فطردوه. الحاج اسعيد يقول إنهم واعون بضرورة الحفاظ على هذه الشجرة لكن الله غالب، لأن أوراقها يتغذى عليها ماعزهم ويعالج أطفالهم من الإسهال وشطبها كيسخنو ويطيّبو بيه. الحاج يصر، مثل الآخرين، على أن حل مشكلتهم هو "أبريد"، أي الطريق التي يعتبرونها هي "تجلاّبيت"، أي الجلابية التي ستحميهم من البرد بعد أن تفك عنهم العزلة. المسؤولون الإقليميون كانوا قد قالوا ل"نيشان" إن الطريق تجاوزت مرحلة الدراسة، وأن 10 ملايير سنتيم من أموال "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خصصت لها".
هنا لا يوجد مستوصف واللّي جاتها الولادة عسيرة، خاصّ يهزّوها على المرفع، الذي يُستعمل عادة لنقل الأموات. وقد تصير من الأموات فعلا، كما جرى في عشرات المرات، وآخر سيدة من هؤلاء توفيت السنة الماضية بمستشفى بني ملال وبعد أيام توفيت وليدتها... هنا للمدرسة قصة أخرى، وآخر صلة للقبيلة بها تعود إلى 2005، حيث فتحت المدرسة أبوابها وبعد شهر انتهى كل شيء وتحولت إلى زريبة لماعز أحد السكان... گالك، حسب نفس المسؤولين، غادي يديرو هنا واحد المدرسة "جماعاتية"، ستكون بها داخلية ومخزن للمؤونة وسكن وظيفي للمدرسين، باش يلا حاصرهم الثلج يلقاو باش يعيشو. الحاج وأبناؤه وابن أخيه كانوا يتناوبون على استعراض مشاكلهم مع البرد والطريق إلى أن توقفوا فجأة. آش وْقع؟ گالك باغيين يسمعو النشرة الجوية فالراديو. "أُوراديت تّوقع غير آينّا إنّ بوحالة الطقس، أما المشاريع إنّاغ ياضني إلا ربّي"، يقول ابراهيم. زعما يالله كيوقع داك الشّي اللّي كيسمعوه فالنشرة الجوية أما المشاريع الأخرى فلا شيء يتحقق منها. هاد الراديو هو اللّي عندهم، لا تلفزة ولا ضو ولا ما. ويالله الراديو كيشدّ "ميدي1". إيوا لاباس غْدّا ماكين ثلج، حسب النشرة الجوية... قبل الاستسلام للنوم، سأل موفدا "نيشان" على شي ڤيسي، فأجاب عبد الله بن اسعيد: "ماكيْن غير لْخلا!".
أهل الكهف
عند أولى تباشير الصباح، تراءت القمم العارية، ولذلك يُسمون الجبل ب"عاري". هنا لا يحرثون الأراضي القليلة الصالحة لذلك إلا في مارس... لابد من محاولة جديدة مع السيارة، لكن مجهودات 15 شابا من القبيلة لم تُجد نفعا. عاد الجميع إلى ماسكو وكان لابد من تلبية دعوة الحسين ابن المقاوم حدّو لتناول وجبة الغداء. في الطريق مر الفريق على عين لا بد لسكان الدوار من قطع مسافة ساعة على الأقل للاستسقاء منها. يسمّونها "مْوارزّان" أي "عين الرّزوزي"، لحقاش كتكون فيها هاد الحشرة بكثرة. إيوا اللي بْغا الما يصبر لقريص الرزوزي. هنا تنتشر الكهوف. يبدو كهف مُعلق، يصعب الوصول إليه، لكن حركة تبدو داخله. هو كهف يسكنه موحى عْدو وزوجته المريضة وأبناؤه. داخل الكهف أفرشة بسيطة، وشوية ديال الميكة كتحميهم من بعض جوانب الغار التي تتسرب إليها مياه الجبل. هذا الراعي الذي لا ينتعل إلا صندالة ميكة، يعتاش على كسب ماشية غيره. وجدته القبيلة بعد أن حاصره الثلج يبكي وأسرته محيطة به. وُلد في هذا الكهف ويعيش فيه طيلة السنة. السيد ما كيدوّش غير فالصيف. گالك دار حمّام وهو يْطيّرو البرد والشتا. له مطلب واحد هو أن يزورهم الملك ويطّلع على أحوالهم. المطلب يتكرر على ألسنة الجميع هنا لأنهم يعتبرون أن حالهم أسوأ من حال أنفگو... بعد حوالي 20 كلم من المشي، استقبل الحسين بن حدّو "نيشان" بذبح عتروس. السيد داير الطاقة الشمسية والپارابول. هذه هي نقطة الضوء الوحيدة في أيت عبدي، التي كلما تحركت بها إلا ووجدت الناس يعانون. فهذا شاب يرعى الماعز مقابل 250 درهما في الشهر، ولم يسبق له أن ولج مدرسة وهو سارح ملّي كانت عندو 8 سنين. حياته نُذرت للشقاء بعد أن توفيت عنه ولدته عند الوضع. في طريق العودة إلى السيارة، كان يتعالي دخان من الوادي، وهو دخان مياه تسخنها فتيات للتصبين، حتى لا تقرصهن برودة المياه.
كان لابد من انتظار ميكانيكي لفحص السيارة. جاء من واويزغت على جيپ الحاج اسعيد. لما يئس من حالها جرّها إلى تيلوگيت حيث تركت في ضيافة القائد. الأخير تطوع لإيصال فريق "نيشان" إلى أزيلال. مْشينا غير مرّة وحْصلنا، كيّة اللي تمّا ديما.
إطار1 : تمرد . مْساخيط المخزن
قبائل أيت عبدي التي لم تستسلم للمستعمر إلا سنة 1932، وجدت نفسها في مواجهة المخزن سنتي 1960 و1973. في المرة الأولى احتضنت القايد البشير بن التهامي، بعد أن تمرد على المخزن احتجاجا على "تولّي الخونة لزمام الأمور وانتشار الرشوة"، حسب الحاج اسعيد أُداد، الذي كان مقاوما وعضوا بجيش التحرير. الحاج اسعيد شارك في التمرد إلى جانب أخيه المقاوم حدّو أومحى نايت التّوس. دوّزو الحبس لمدة 5 سنين ثم أعادوا الكرّة مع أحداث 1973، التي كانت محاولة لقلب النظام بالسلاح. جات طيارة ودّات الحاج اسعيد وثلاثة ديال خّوتو ودوّزو التعذيب فالكوربيس بالدار البيضاء والحبس لمدة 14 شهرا... هذا العصيان جرّ على القبيلة غضب المخزن الذي بعد أن حرق مؤونتهم وقضى على ماشيتهم تركهم تحت رحمة الطبيعة.
إطار2 : مصالحة . الطائرات تعود
بعد طائرة المخزن التي حطت بأعالي أيت عبدي لاعتقال المتمردين، حان وقت المصالحة، واستفاد بعض أعضاء القبيلة من تعويضات، من بينهم الحاج اسعيد الذي حصل على 30 مليون سنتيم اشترى بها دارا بواويزغت وجيپ وبقات ليه 3 دالمليون حجّ بيها. في السنة الماضية جاءت طائرة محملة بالمؤونة لإنجادهم من حصار الثلوج وقساوة البرد، ثم جاء عامل الإقليم، في شهر ماي من نفس السنة، لزيارة المنطقة في زيارة هي الأولى من نوعها لعامل بالإقليم منذ الاستقلال. وفي هذه السنة قام عامل الإقليم بجولة استطلاعية على أحوال القبيلة بواسطة طائرة. المهم هادي طيارات ديال الخير ماشي بحال الطيارة اللي دّات الناس للحبس. سبحان مبدل الأحوال.
موسى متروف
صور: رشيد تنيوني
(موفدا "نيشان" إلى أيت عبدي بإقليم أزيلال)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.