الخط : إستمع للمقال خلف قرار وزارة النقل واللوجستيك القاضي بإرجاء العمل بالمسطرة الموحدة لتأطير عمليات مراقبة مطابقة الدراجات النارية، باستعمال جهاز قياس السرعة، جدلا كبيرا وسط الرأي العام الوطني تتباين بين الارتياح الكبير إثر التجاوب الذي أبداه وزير النقل مع الفئات المتضررة، وبين احتجاج فئات أخرى تطالب بوضع حد للتسيب والفوضى، ونزيف الأرواح التي تزهق يوميا بسبب التهور والسرعة المفرطة في المدار الحضري. وما بين هؤلاء وأولائك، ارتفعت أصوات أخرى تنادي بفتح تحقيق شفاف وموسع تحت إشراف النيابة العامة، للكشف عن عدد الشركات التي تستورد الدراجات النارية المعدلة والمخالفة للمعايير والشروط المعمول بها قانونيا في بلادنا؟ بل ومدى صحة الأرقام الضخمة التي يتم تداولها حول حجم معاملاتها وأرباحها. وإلى جانب هذه الأسئلة، تبرز أسئلة أكثر قوة وإلحاحا حول من هي الجهات السياسية والحزبية التي تنتمي إليها هذه المؤسسات، والتي تحتمي طبعا بمظلتها؟ وجدير بالذكر أن أصحاب هذه الشركات يسيطرون على سوق استيراد الدراجات النارية وإدخالها وتوزيعها بالمغرب، وخاصة الصينية الصنع، كما يضعون أياديهم الطويلة على سوق استيراد قطع غيار الدراجات النارية ومكوناتها الأساسية، ومن هنا سيقود التحقيق في الموضوع إلى كشف الجهات التي تسهل لهم إدخال هذه الدراجات المعدلة، وغير المطابقة للمعايير ولشروط السلامة المنصوص عليها في القوانين المعمول بها في المغرب. وقد تطفو على السطح فضيحة جديدة تكشف لنا بوضوح ما حصل يوم أمس حين تضارب بخصوص القرارات ذات الروائح الانتخابية التي استبقت إصدار الوزارة المعنية للبلاغ المتعلق بالموضوع. فإذا كانت أي شركة نافذة لها علاقة بصقور أي حزب نافذ، فهذا لا معنى له سوى أن حياة المواطنين أصبحت في خطر، خاصة أن حجم الضحايا ارتفع بالطرقات ب22 في المائة في النصف الاول من سنة 2025. وفي ظل هذه المعطيات المخيفة، يطفو على السطح سؤال آخر يجد شرعيته في حس المسؤولية الحكومية وهو: هل ستتجه الحكومة، وخاصة وزارة النقل واللوجستيك، إلى فرض احترام القانون الصادر سنة 2010، وإلزام أصحاب الدراجات النارية باحترام سرعة السير داخل المدار الحضري؟ وفي نفس الاتجاه: هل ستتحرك وزارة الصناعة والتجارة للكشف أمام البرلمان المغربي عن المعطيات المرتبطة بسوق استيراد الدراجات النارية بالمغرب، وحول من يقف وراء عدم احترام المعايير القانونية، ومن يتلاعب بأرواح المواطنين الضعفاء الذين يستعملون هذه الوسيلة لكسب قوت يومهم، وإعالة أسرهم، والذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها عرضة للمساءلة القانونية بسبب تعديل دراجاتهم من المنبع (بلد الاستيراد)، كما وجدوا أنفسهم رهائن لقرارات حكومية تضعهم على أكف الحسابات المتأرجحة بين المصالح السياسية والمصالح المالية. إن الاسئلة الحارقة التي نطرحها اليوم تزن الأمور بميزان المسؤولية والواجب، وتضع كل حزب معني بهذه القضية أمام ضميره الوطني، فأرواح الناس ليست مرتعا للمضاربات مهما كان حجمها، وتسيير الشأن العام يجب أن يضع نصب أعينه على كل الاحتمالات بما فيها مصير سائق السيارة الذي قد يجد نفسه عرضة لحادثة سير خطيرة بسبب السرعة اللاقانونية لسائق دراجة نارية يعمل في خدمات توصيل الأكلات الجاهزة، أو يمتلك دراجة ثلاثية العجلات إلى ما غير ذلك. وفي ظل الأمر الواقع الذي يفرض نفسه بقوة الآن، يصبح حزب الاستقلال وقيادته مطالبين بالتحرك في ظل المسؤولية الحكومية التي يتحملها كل من عبد الصمد قيوح ورياض مزور لكشف المعطيات الواجب كشفها في هذه القضية، انطلاقا من خطورة استيراد درجات غير مطابقة للمعايير المعمول بها، ومن يقف وراء حماية الشركات المستوردة، ومن تم كشف أسباب التراجع عن تطبيق القانون الحامي لأرواح المواطنين. كما لا تجب أن تنسينا المسؤولية السياسية للوزراء المذكورين واجب المحاسبة والمعاقبة اتجاه من يتحمل المسؤولية التقنية وخاصة مؤسسة "نارسا"، وبالتالي فالوزير قيوح المعروف بديناميكيته وصفاء ذمته مطالب بإدخال تغييرات سريعة على إدارة هذه المؤسسة وفق ما تقتضيه الحكامة وواجب المحاسبة. وفي ظل القرار الذي أصدرته وزارة النقل واللوجستيك، فإن أصحاب الدراجات النارية المعدلة، والتي كشفت إحصائيات الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية عن تسببهم في معظم حوادث السير التي يشهدها المجال الحضري، لا يمكن لهم الاستمرار في التحرك والسير بسرعة جنونية ضد القانون، بدعوى توقف الحملة، لكن بالمقابل نطرح سؤالا آخر حول مدى توفر الوحدات التقنية والورشات المعنية بتعديل وملاءمة هذه الدراجات لقانون السير المغربي، وهل تتوفر هذه الورشات على الدراية والكفاءة، وكيف تم الترخيص لها قانونيا للعمل في هذا المجال وفق المناسبات المتاحة أو المصطنعة؟ وهنا تطرح مسالة السباق والتنافس وراء الكسب السريع باستغلال مثل هذه الفرص. ولعل المثير في هذا الملف، هو الضجة التي رافقت الإعلان عن قرار إيقاف هذه الحملة، والتي كشفت مصادر موقع "برلمان.كوم" أن كاتبة عامة تجاوزت صلاحياتها الإدارية، وانطلقت تتحرك في كل الاتجاهات بدافع سياسي وانتخابي، وبالتالي تجاوزت بدورها السرعة القانونية لمسؤوليات الكتابة العامة، وتكلفت بتوزيع الأوامر والمعلومات المغلوطة مما كان يستوجب معاقبتها من طرف رئيسها أو فرض ملاءمتها، هي أيضا، للمعايير المعمول بها في الوزارات المغربية، وهذا ما لم يفعله رئيسها لحد الساعة. فقد حركت المصالح الذاتية والرغبة في الترقي هذه السيدة لتتجاوز صلاحياتها ولتترامى على صلاحيات وزير الاتصال، المنتمي لحزب خارج دائرة هذا الصراع، لتتكفل نيابة عنه وعن وزارة النقل بتوزيع مضامين بلاغ لم يصدر حينها، وتسريبه إلى كل الجهات، ومن ضمن ما روجت له أن المدة التي قررتها الحكومة هي سنة واحدة، في حين لم يرد في بلاغ وزارة النقل أي تحديد لهذه المدة. الوسوم الاستيراد الدراجات النارية المعدلة النيابة العامة حزب الاستقلال حزب التجمع الوطني للأحرار