الخط : إستمع للمقال تزخر المخيلة الشعبية المغربية بمجموعة من الأمثلة والتمثلات الذهنية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة، فبين تلك التي تعتبر المسؤولية عن السقوط مرتبطة بشكل الخروج المائل أصلا من "الخيمة"، وتلك التي تربطها بالشبه بين المرء وبين من يعاشره، لكن تبقى أهم تمظهرات المسؤولية في شقها المرتبط بإنزال الباطل هي تلك التي يترجمها المثل المغربي القائل: "طاحت الصمعة.. علقو الحجام"، كناية عن إلباس المسؤولية لمن هو بعيد كل البعد عنها. ومرد هذا الحديث، هو ما يسعى لترويجه اليوم بعض أباطرة النشاط الافتراضي والفشلة من السياسيين وآكلي الريع من محاولات إلباس المسؤولية إلى القوات العمومية عموما، ومصالح الأمن خصوصا، عما وقع بالشارع العام من دعوات افتراضية تحولت إلى تخريب للممتلكات العامة وعنف ممنهج بمدن إنزكان ووجدة وبركان وغيرها... فأن تُحمل الأكثرية من المتعاطفين مع خروج الشباب للشارع العام للاحتجاج، بغض النظر عن مسمى هذا الاحتجاج وخلفياته، المسؤولية السياسية والمعنوية عن هذا التحرك للسلطة السياسية وسلطة التدبير الحكومي عن قطاعات حيوية بالدولة، فهو أمر طبيعي ومنطقي وعقلاني يحترم أبجديات مسؤولية السلطة التنفيذية عن تنزيل السياسية العمومية الصحية والتعليمية والاجتماعية. لكن أن يختار البعض تحميل مسؤولية قصور هذه السياسات العمومية القطاعية أو فشلها الكلي والجزئي في تحقيق انتظارات المواطنين لنساء ورجال عبد اللطيف حموشي، فهذا هو قمة العبث والصبيانية التي لا تخرج عن دائرة تجنب تسمية الأمور بمسمياتها خشية من غضب المال السياسي. وإذا ما حملنا مسؤولية الأحداث التي شهدها الشارع العام بمدن وجدة وإنزكان وغيرها من المدن المغربية للأمن والقوات العمومية، كما يحاول البعض اقتيادنا لذلك، فإننا يجب أيضا أن نحمله مسؤولية انعدام البنية التحتية بأيت بوكماز وانهيار المدرسة العمومية وإفلاسها عن تحقيق الريادة المنشودة، وبالتالي يمكن أيضا تحميل الأمن مسؤولية سيطرة السياسيين على قطاعات اقتصادية بكاملها وتقاسمهم كعكة الدعم الحكومي الذي حرمت منه الفئات الهشة تحت مسمى "المؤشر طالع". فمن يُحمل الأمن والشرطة مسؤولية أعطاب تأطير المواطنين والشباب سياسيا وتركهم عرضة لليأس ومطية لتنفيذ مخططات ودعوات مجهولة للخروج إلى الشارع، لن يكون إلا جزءًا من مؤامرة داخلية متواصلة منذ عدة سنوات، تتواطؤ مع الفساد السياسي في صم آذانها عن الإنصات لصوت الشارع المقهور بآثار التضخم العالمي وتكالب لوبيات الاحتكار والريع. أما من يحاول من الخارج إلصاق مسؤولية غليان الشارع للحموشي ورجاله، فهو يمارس لعبة الحرب الهجينة التي تحاول تقويض الدولة ومكامن القوة بها من خلال ضرب نواتها القوية، وهي اللعبة التي يدرك الجميع أن مصالح الأمن المغربية أصبحت محترفة في التعامل معها وإلحاق الضربات المتوالية بها. فالحموشي ورجال ونساء الأمن قادرون على الرد بحزم على جميع معارك حروب الجيل الخامس والسادس التي تستعمل سلاح الإشاعة الافتراضية والذكاء الاصطناعي في التشكيك في قدرة العقل والذراع الأمني المغربي على خوض معارك حماية أمن الدولة وضمان استقرارها. فمناط وجود القوات العمومية وأجهزة إنفاذ وتطبيق القانون هو حماية الأشخاص والممتلكات، سواء بشكل استباقي من خلال تعميم التغطية الأمنية واستباق الأخطار والتهديدات الإجرامية والتعامل معها، أو من خلال إعمال المقاربات الزجرية القاضية بوقف أي إخلال بمرتكزات النظام العام، وهي بذلك بعيدة كل البعد عن التخطيط وتدبير السياسات العمومية المرتبطة بعيش المواطن وصحته وتعليمه وعيشه عيشا كريما. الوسوم الأمن الوطني الاحتجاجات المغرب