أعلن البيت الأبيض، أمس الجمعة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيشارك في باريس في 11 نوفمبر في إحياء الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، في جولة ستقوده أيضاً إلى إيرلندا. وفي نهاية نوفمبر سيشارك ترامب في قمة مجموعة العشرين في بوينوس إيرس، في رحلة ستقوده أيضاً إلى كولومبيا. جولة مهمة أم هرب من الأزمة الداخلية؟ توقيت إعلان البيت الأبيض عن الجولة الجديدة التي ستقوده إلى فرنساوإيرلندا والأرجنتين وكولومبيا، والذي يتزامن مع تصاعد الضغوطات عليه في واشنطن إثر فضيحتي “الجنس والمال”، جلعت المراقبين يشبهونها بجولته الخارجية الأولى، التي قادته إلى السعودية وبعض دول الشرق الأوسط. فقد تم اتهامه آنذاك بأن ترتيب تلك الجولة كانت محاولة منه من أجل الهرب من فضيحة إقالة مدير ال FBI آنذاك جيمس كومي، الذي كان يُحقق في التدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية التي فاز بها ترامب. ويرى المراقبون أن ترامب يحاول الفرار من فضيحة الجنس والمال التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا لبقاءه في البيت الأبيض، وأن هذه الجولة ما هي إلا محاولة منه لالتقاط الأنفاس بعد أشهر من العواصف السياسية في واشنطن، ضيقت أنفاس الرئيس ومساعديه إلى حد كبير. فترامب يريد النجاح مؤقتا في تحويل أنظار المراقبين، خصوصا منتقدي سياسته الداخلية، عن الفضائح التي تلاحقه من خلال هذه الجولة الخارجية. ويعيش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسوء أيامه في البيت الأبيض، بعد تراكم فضائحه المالية والقانونية بشكل مهول، في ظرف أقل من أسبوع. إذ بات الرئيس الجمهوري يتحسس رقبته ويشعر للمرة الأولى بأنه قريب من مغادرة منصبه، بعد تطوع الجميع للشهادة ضده، بما فيهم أقرب مقربيه. تضييق الخناق على ترامب دفعه لإطلاق تصريح غريب، خلال المقابلة التي أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز" اليمينية، حيث قال إن "الاقتصاد الأمريكي سينهار في حال عزله، وسيصبح الجميع فقراء جدا". اندلاع الحريق اندلعت النيران داخل محيط ترامب ويبدو أنها تتجه نحوه رويدا رويدا، بعد تورط اثنين من المقربين إليه في جرائم وضعتهما أمام القضاء. المحقق الخاص روبرت مولر، كشف عن فضيحين يوم الثلاثاء الماضي : الأولى : اعتراف محامي ترامب الخاص، مايكل كوهن، بارتكاب انتهاكات تتعلق بتمويل حملته الانتخابية، ودفع مبلغ 150 ألف دولار لامرأتين أقامتا علاقة جنسية مع موكله، من أجل شراء صمتهما. يتعلق الأمر بممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز، وعارضة مجلة "بلاي بوي"، كارين ماكدوغان. الثانية : إدانة محكمة بولاية فرجينيا لبول مانفورت، الرئيس السابق للحملة الانتخابية لترامب، بتهم تتعلق بالاحتيال الضريبي والمصرفي، والتورط في 12 قضية على الأقل. اعترافات مستشاري ترامب أزمت وضع الرئيس الأمريكي، وسادت قناعة في البيت الأبيض بأن هذه "أول مرة تبلغ فيها الأمور هذا السوء"، حسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". ويبدو أن مساعدي ترامب لا يتوفرون على خطة واضحة لتجاوز الأزمة، إذ كررت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز عبارة "الرئيس لم يرتكب خطأ" عدة مرات خلال لقاءاتها الصحفية الأخيرة. تضييق الخناق على الرئيس قرر الادعاء العام الأمريكي منح الحصانة لمسؤولين اعلاميين، من أجل الادلاء بشهادتهما حول تورط ترامب في شراء صمت امرأتين تدعيان إقامة علاقة جنسية معه. وحسب تقارير إعلامية أمريكية، فقد منح المدعي العام الحصانة لمسؤولين في صحيفة "ناشيونال إنكواير" المشهورة بقصص الفضائح، هما ديلان هوارد و ديفيد بيكر، الصديق القديم لترامب. وبإمكان ديلان وديفيد تقديم أدلة للمحكمة تفيد أن ترامب كان على علم بعملية دفع الأموال للمرأتين، رغم أنهما كانا متورطان في العملية بشكل ما، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، إلا أنهما لن يواجها اتهامات جنائية بهذا الخصوص. وما يزيد من تضييق الخناق على دونالد ترامب، فوز الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب، ما سيعطيهم القدرة على "الانتقام" من الرئيس وبدء إجراءات عزله، حال ظهور أدلة دامغة تورطه.