طلبة الصيدلة يرفضون "السنة البيضاء"    العرض السياحي بإقليم وزان يتعزز بافتتاح وحدة فندقية مصنفة في فئة 4 نجوم    بلطجية نظام الكابرانات.. الأمن الجزائري يقتحم اجتماع "الكاف" مع بعثة نهضة بركان بمطار الهواري بومدين    منتخب "الفوتسال" يطيح بليبيا ويتأهل لنهائي "الكان" ويحجز بطاقة المشاركة في كأس العالم    بالفيديو.. الأمن الجزائري يعنف بعثة بركان والأخيرة تجري حصة تدريبية داخل المطار    الجدارمية د گرسيف حجزوا 800 قرعة ديال الشراب فدار گراب بمنطقة حرشة غراس    الفرقة الوطنية طيحات شبكة كبيرة "للتسويق الهرمي": الضحايا من بين فاس ومراكش وطنجة ووزان    مسؤول بلجيكي : المغرب وبلجيكا يوحدهما ماض وحاضر ومستقبل مشترك    وزير الفلاحة المالي يشيد بتقدم المغرب في تدبير المياه والسدود    طقس غد السبت.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق من المملكة    سفيرة المغرب بإسبانيا تكشف سبب تأخر فتح الجمارك بسبتة ومليلية    صلاح السعدني .. رحيل "عمدة الفن المصري"    المغرب وروسيا يعززان التعاون القضائي بتوقيع مذكرة تفاهم    المنتخب الأنغولي يبلغ نهائي "الفوتسال" في انتظار الفائز بمباراة المغرب وليبيا    النساء الاستقلاليات يكرمن البرلماني نور الدين مضيان بالناظور    وزارة التجهيز والماء تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر بسبب هبوب رياح قوية وتطاير الغبار    نهاية التأشيرة الذهبية أثرت على مبيعات العقارات في البرتغال    الأمثال العامية بتطوان... (577)    تسجيل حالة وفاة و11 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي    دركي يطلق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    مقرب من رئيس مجلس النواب ل"گود": التمثيل النسبي والدستور كيعطي الحق للاتحاد الاشتراكي لرئاسة لجنة العدل والتشريع    المعرض الدولي للكتاب.. بنسعيد: نعمل على ملائمة أسعار الكتاب مع جيوب المغاربة    خاص..الاتحاد ربح الحركة فرئاسة لجن العدل والتشريع وها علاش الاغلبية غاتصوت على باعزيز    ها أول تعليق رسمي ديال إيران على "الهجوم الإسرائيلي"    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"نفس ديمقراطي جديد" الجزء الثاني


الباب الثاني
حزب التقدم والاشتراكية والمسار السياسي
يكرس هذا الباب مجهوده التحليلي لمعالجة تطورات الحياة السياسية من خلال تفاعل الحزب معها، مرورا عبر المسألة الدستورية ومركزية مسألة الوحدة الترابية، ووقوفا عند مسألة المشاركة الحزبية في الحكومة منذ عقدين من الزمن واستحضارا للخريطة السياسية المغربية ولمكوناتها والعلاقات القائمة بينها.
القسم الأول
ضرورة إلقاء نظرة نقدية
على المسارات الحزبية في التعاطي مع الشأن السياسي
يتطرق هذا القسم للتذكير ببعض المفاهيم الأساسية التي اعتاد الحزب التذكير بها بمناسبة صياغة الوثائق السياسية المتتالية لمؤتمراته الأخيرة. ولاسيما وثيقتي المؤتمر الوطني التاسع والمؤتمر الوطني الثامن. ونخص بالذكر في هذا المقام قضايا المسلسل الديمقراطي والحل الوسط التاريخي، والتوافقات والتحالفات وجدلية الاستقرار والإصلاح.
إن المسلسل الديمقراطي مفهوم ناظم ابتكره الحزب في منتصف سبعينات القرن الماضي، لإخراج البلاد من دوامة العنف والتشنج وعدم الاستقرار وتغييب الديمقراطية، ولمعاينه وتحليل حركية سياسية جديدة بالتزامن مع الإجماع الوطني حول استرجاع الصحراء المغربية.
فمصطلح "المسلسل الديمقراطي" يحيل نظريا على منهجية غير تابعة لخط مستقيم، بل يحيل على حركية جدلية معرضة للمد والجزر. بحسب موازين القوى القائمة بين قوى الديمقراطية والتقدم من جهة وقوى المحافظة والرجعية من جهة ثانية. وذلك طابع العمل السياسي في الكنه: صعود وهبوط، تقدم وتقهقر، بعيدا عن الخط المستقيم، وكذلك يبدو بالضبط مسار البناء الديمقراطي الذي يعرف مراحل تطور وأوقات فرملة وردة، حيث تتولد من الردة النجاحات لاحقا. والتاريخ لا يعرف التوقف لأنه بنيان جدلي لانهاية له.
وكذلك الشأن بالنسبة "للحل الوسط التاريخي" و"التوافقات" التي مؤداها البحث عن حلول وسط للخلافات تسمح للفرقاء أن يشتغلوا سوية دون أن يكونوا بالضرورة على اتفاق مطلق. أما التوافقات فهي المنهجية المعتمدة بين الفرقاء الذين قد يكون بينهم اختلاف ما، إلا أنهم يضعون الخلافات جانبا للعمل يدا في يد لمرحلة تاريخية معينة، ويجب التأكيد أن التوافق ليس هو الإجماع الذي يفيد الاتفاق الكلي الذي لا مجال فيه للخلاف.
وهنا تأتي مسألة التحالفات التي يؤكد الحزب مجددا أنها تقوم على مقاربة ديناميكية، وليس جامدة لأنها أمر حتمي في سياق الخريطة السياسية والحزبية المغربية، باعتبار أن السوسيولوجية الانتخابية في بلادنا لا تسمح ببروز حزب يحظى بالأغلبية المطلقة، مما يفرض وجوبا البحث عن تشكيل فريق أغلبي مكون من عدة أحزاب مختلفة (قد يكون الاختلاف نسبيا أو عميقا بحسب الظروف). وذلك ما حصل بالضبط منذ 1998 إلى اليوم.
ومن بين القضايا الأساسية التي تؤطر عمل الحزب مع الشأن السياسي إيمانه بصحة جدلية الاستقرار والإصلاح أي الحاجة التاريخية الملحة إلى الاستقرار الذي لا يستقيم إلا مع منطق الإصلاح الذي يجب أن يطال الممارسة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وبنفس متقدم يؤمن الطمأنينة السياسية والاجتماعية للبلاد، في محيط جهوي مضطرب.
إن كل هذه المفاهيم التأطيرية للفعل السياسي تم تجريبها منذ حوالي 40 سنة وأكد الواقع صحتها، مما يعمق قناعات الحزب الراسخة في هذا الصدد.
القسم الثاني
أين نحن من تفعيل مضامين دستور 2011؟
1 – الدستور وشحنته السياسية
لقد تعامل حزب التقدم والاشتراكية منذ الوهلة الأولى، أي منذ الخطاب الملكي لتاسع مارس 2011، تعاملا إيجابيا مع الإصلاح الدستوري، انطلاقا من مواقفه السابقة الهادفة إلى إصلاح دستور 1996 ودمقرطة وتوسيع الخيار الديمقراطي، ومن النكهة الإصلاحية القوية والأبعاد التحديثية الواعدة التي حملها الخطاب المذكور وما خلص إليه الإصلاح الدستوري العميق الذي جاء القانون الأسمى الجديد للدولة محملا به.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحزب تعامل منهجيا بكيفية إيجابية مع المسألة التصحيحية للمسار الدستوري منذ دستور 1992 (على خلاف باقي مكونات الحركة الديمقراطية والتقدمية المغربية) ودستور 1996 إلى غاية دستور 2011 الذي اعتبره الحزب، نظرا لحمولته التجديدية القوية، بمثابة الدستور الثاني للمملكة (وليس السادس إذا اعتمدنا الترتيب الحسابي الصرف) واعتبره وثيقة سامية تمت صياغتها بعد مشاورات طالت مختلف أطياف المشهد السياسي والنقابي، والمجتمعي المغربي، وأتت بإصلاحات قوية جدا حياها الحزب تحية صادقة في حينه.
إن حزب التقدم والاشتراكية ينظر لدستور 2011 على أنه مكسب ثمين تتم مراكمته ويتعين الاعتزاز به لما أتى به من شحنة إصلاحية تم الشروع في الالتزام العملي بها، إلا أنه يعيش مفارقة كبيرة تتعلق ببطء تفعيل مقتضياته المتطورة نصا وروحا على صعيد جميع الممارسات السياسية والمؤسساتية.
يسجل البطء أولا في التنزيل على صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهذا الشعور يحس به المواطن في معيشه اليومي ويتأسف لكون وعود الدستور الجديد لم ينعكس مردودها على حياته اليومية.
ويسجل البطء ثانيا على مستوى مبادئ ومؤسسات وممارسات الحكامة الجيدة. ذلك أن الدستور جاء بشحنة سميكة من عوامل التجديد في هذا المضمار (مضمار المبادئ والمؤسسات والممارسات). ولا بد من الإقرار هنا أنه بالرغم من الشروع عمليا في التفعيل، فإن العملية التنزيلية تظل مرهونة إلى حد كبير بإكراهات الحقل السياسي المغربي، مما يجعلها تسير بخطى شديدة التأني دون مبرر معقول. هنالك عدة مؤسسات، إما أنها لم تقم أصلا أو لم يتم تجديد هياكلها وهي التي يستحضرها الدستور في بابه الثاني عشر تحت عنوان "مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية".
ويسجل البطء ثالثا على مستوى مبادئ المناصفة والتضامن وممارسة الحريات والحقوق، حيث أن السياسية الإصلاحية والإرادية للدولة في هذه المجالات، والتي تطلبت إقدامها على مراجعات جذرية، مازالت في منتصف طريقها نحو بلوغ لأهداف المثلى.
إن ضعف السرعة التي تم بها تفعيل كل هذه الأوراش يعطي الانطباع بأن هناك نوعا من التلكؤ في تحويل التزامات دستور 2011 إلى سياسات تنفذ فعليا فوق أرض الواقع، علما أن حزب التقدم والاشتراكية غير مقتنع تماما بصحة هذا الطرح فيما يخص أصحاب القرار الاستراتيجي، الذين يؤكد التزامهم الرسمي سيرهم على خطى دولة القانون والمؤسسات.
وعلى هذا الأساس، فإن البلاد في أمس الحاجة اليوم لسعي الدولة مع مختلف فرقاء المشهد السياسي إلى استئناف العملية الإصلاحية بمزيد من الإقدام، بدءا بتفعيل مختلف أحكام الدستور نصا وروحا.
2 – دستور 2011 وجدلية القطيعة والاستمرارية
إن القيمة المضافة لدستور 2011 أنه بفضل المسطرة التوافقية المتبعة في صياغته أفلح في النهوض بالبعد التركيبي الموفق، والذي بفضله، أفضى إلى ذلك التوافق السياسي القوي الذي كان بمثابة أداة ناجعة للخروج بأقل تكلفة من اهتزازات ماسمي "بالربيع العربي".
وقد وفق محرروه في التحكم في جدلية القطيعة والاستمرارية، ذلك أن حمولة الدستور المفاهيمية والمعنوية والثقافية والسياسية والمؤسساتية والقانونية، حمولة غنية جدا استوحت دلالاتها العميقة من ثراء الثقافة السياسية المغربية التي تستطيع استيعاب مكونات ذات مرجعيات مختلفة قادرة على التعايش البناء وتلك بالضبط حكمة الدستور المغربي القادر أحسن من غيره على إنتاج تلك الطاقة السياسية الخلاقة التي تمزج بين مؤهلات الشرعية الملكية والشرعية الديمقراطية وذلك بكل تأكيد ما يجعل حزب التقدم والاشتراكية يضع ثقته في دستور 2011 كمنتوج توافقي متقدم، يوظف الشرعية الملكية المتجددة (الاستمرارية) والشرعية الديمقراطية الانتخابية (القطيعة) في بلورة نموذج سياسي وطني يطور نظاما ديمقراطيا متقدما، قائما على دولة المؤسسات والحقوق الديمقراطية.
3 – الحاجة إلى تأهيل النموذج السياسي المغربي
لمواصلة الإصلاح
إلا أن هذا النموذج السياسي على غرار "النموذج الاقتصادي"، ورغما عن إسهاماته في تثبيت ركائز الاستقرار وقبوله بالشروع في مسارات البناء الديمقراطي، أبان عن تعثرات وأعطاب يتعين الالتفات إليها قصد تصحيح ما يستوجب التصحيح دون تأخر.
إن النموذج السياسي المغربي كتلة مركبة من العوامل الفكرية، والفلسفية والأخلاقية والقانونية والسياسية والمؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والدستورية، تمثل روافد تصب في نهر كبير واحد نسميه النموذج السياسي، وهذا الأخير يحمل بطبيعة الحال بصمات الروافد التي تغذيه وهي كلها محملة بجينات المرحلة التاريخية الحالية، مرحلة الانتقال الديمقراطي غير المكتمل، في سياق انتقال ديمغرافي واجتماعي يؤثر هو الآخر على صورة البلاد في حركيتها غير المتوقفة.
لذلك فإن النموذج السياسي الوطني مطبوع أيضا بمواصفات الواقع الجدلي، المليء بالمتناقضات حيث تتعايش داخله العوامل الإيجابية والسلبية، مما يجعله منفتحا على عدة معطيات ترشحه لتحقيق مزيد من النجاحات، كما تجعله معرضا للتوقف ولو مؤقتا، حيث تكون مهمة القوى السياسية المسؤولة، إثارة الانتباه إلىنقط الضعف، والسعي إلى تجاوزها بجرأة وبسرعة، وذلك في إطار التعاون الإيجابي والبناء بين المؤسسات والفاعلين السياسيين.
إن المقاربة الجدلية هي التي تمنح تحاليل حزب التقدم والاشتراكية حكمتها وموضوعيتها وصلابتها وبعد نظرها.
القسم الثالث
قضية تثبيت واستكمال الوحدة الترابية للمغرب
من خلال تعزيز أسس الإجماع الوطني
وإنعاش دبلوماسية استباقية
تعد قضية تثبيت الوحدة الترابية للمغرب قضية مقدسة أجمعت عليها الأمة من باب الاقتناع الراسخ التي لا تشوبها شائبة، ارتكازا على معطيات التاريخ التي تظل غير قابلة للتزييف، وقد بصمت قضية استرجاع الصحراء المغربية سنة 1975، المسار السياسي للمغرب الذي نصب قضية الصحراء في موقع الصدارة ضمن أجندة البلاد.
وبنفس القناعة الوطنية الراسخة يؤكد حزب التقدم والاشتراكية تشبثه بمغربية مدينتي سبتة ومليلة المحتلتين والجزر المرتبطة بهما، مع السعي لفتح مفاوضات مع اسبانيا حول الموضوع، حيث تظل هاتان المدينتان اللتان يحتلهما الاستعمار الإسباني محط مطالبة وطنية تتسم بالإجماع التام هي كذلك، كما يؤكد الحزب مرة أخرى أن الإجماع الوطني الذي يميز تعامل المغاربة مع هذه المسألة يجب تقويته وتحصينه من خلال دعم الجبهة الداخلية عبر الاستمرار في النهوض بالأوراش التنموية في الأقاليم الصحراوية، وتثمين الثقافة الحسانية.
ويؤكد الحزب أيضا على دعمه التام للمقاربة الديبلوماسية المنفتحة التي تنهجها بلادنا بقيادة ملكية ناجعة كان مؤداها تسجيل العديد من النجاحات في القارة الافريقية التي لطالما عاش المغرب في خصومات معها، حيث ينضاف النجاح الإفريقي إلى النجاح الديبلوماسي الكبير الذي حققه المغرب منذ سنة 2007 عندما عرض مقترح الحكم الذاتي في كنف السيادة المغربية، مما تعامل معه الرأي العام الدولي باستحسان كبير، الأمر الذي عمق ارتباك الخصوم الذين تميل اليوم تصرفاتهم أكثر إلى المواقع الدفاعية بعدما صالوا وجالوا لحقب طويلة في مواقع هجومية سمحت لهم بتحقيق مكتسبات تبدو اليوم هشة للغاية. إذ انتقل المغرب اليوم إلى الهجوم وهو ما يجب تطويره.
ويرى الحزب أنه يجب على السلطات خاصة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإشراك الفعلي لمختلف الفرقاء السياسيين للاستفادة من قوتهم الاقتراحية وانخراط الفاعلين المنتمين إلى العديد من المنابر الوطنية عبر ما أضحى يصطلح عليه بالديبلوماسية الموازية، وذلك عبر إسناد كل المبادرات الهادفة إلى تبليغ الرسالة المغربية في هذا المضمار الأمر يتطلب يقظة دائمة لأن الخصوم ماضون في عدائهم لبلادنا.
ونفس اليقظة يجب أن تظل حاضرة بقوة لدى الوطن والدولة ولدى المجتمع والمؤسسات حيال مستلزمات تحصين الوحدة الترابية والاستقرار والأمن، حيث يستغلها الحزب مناسبة لتجديد الإشادة بالأدوار الهامة التي تقوم بها القوات المسلحة الملكية وعلى رأسها قائدها الأعلى جلالة الملك محمد السادس، في الدفاع عن حوزة الوطن وكذا مختلف المصالح الأمنية في مناهضة الإرهاب واستتباب الأمن والدفاع عن استقرار البلاد.
القسم الرابع
عشرون سنة من مساهمة الحزب في العمل الحكومي
لقد مرت 20 سنة على خوض الحزب تجربة الانخراط في تدبير الشأن العام ضمن حكومات ائتلافية في شكل "التناوب التوافقي" برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي ثم استمرار لها، الحكومة التي ترأسها الأستاذ إدريس جطو التي تلاها فريق حكومي آخر برئاسة الأستاذ عباس الفاسي، إلى مجيئ حزب العدالة والتنمية لرئاسة الحكومة من لدن الأستاذ عبد الاله بنكيران ثم الأستاذ سعد الدين العثماني.
ويحق لنا، أن نسائل ذاتنا حول صحة الموقف المتخذ، بالمشاركة، طيلة هذه العشرين سنة، بكل موضوعية ودقة، بعيدا عن المنطق التبريري أو التبخيسي، لأن كليهما مبتعد عن المنهجية التحليلية الرصينة القائمة على الحكم بناء على المبادئ مدخلا والنتائج مخرجا.
– الحزب والمشاركة في الحكومة
ينطلق الحزب بالأساس في كل الحالات من مرجعية مبدئية هي أن معياره الأول في اتخاذ المواقف يظل هو أن القرار المتخذ يجب أن يكون في صالح الوطن والموطنين، أما مسألة المساهمة في العمل الحكومي فمنطلقها المبدأ هو أن الحزب لا يختار التموقع بصفة إرادية في المعارضة بل تتوفر لديه الشجاعة لتحمل المسؤولية الحكومية متى توفرت شروط المشاركة والفائدة الوطنية في المشاركة.
وتأسيسا على هذه المواقف المبدئية انخرط الحزب في الممارسة الحكومية منذ مارس 1998 إلى اليوم، دون توقف. ويبقى، فوق هذا وذاك، الاحتكام إلى ميزان الربح والخسارة من هذه المشاركة. إن ما ربحه الحزب هو تقديم رصيده النضالي والمعرفي لإغناء البرنامج الحكومي وتطويره إلى جانب إسهامات القوى الأخرى المشاركة، وذلك على وجه الخصوص في قطاعات: التربية الوطنية، الفلاحة، الطفولة، الشؤون الاجتماعية، الاتصال، الإسكان والتعمير، الصحة، الثقافة، الشغل والتكوين المهني، الماء،
لقد أبرز حزب التقدم والاشتراكية أثناء هذين العقدين أنه حزب مسلح بالمبادئ السامية والقيم المثلى التي لا يستقيم أي عمل حكومي في غيابها، إضافة إلى أنه يضم خزانا جيدا من الكفاءات، كما يجب القول في هذا المقام أن مساهمة حزب التقدم والاشتراكية ضمن الفريق التنفيذي أكسبت صورة المغرب قيمة مضافة معتبرة بصفته مؤهلا كديمقراطية ناشئة، لإنجاح التناوب على تدبير الشأن العام، بما يسهم في تكريس أسس الاستقرار. والحزب يعبر عن اعتزازه بكونه قدم نصيبه لوطنه في هذا السياق.
لكن لا مجال مع ذلك لوضع الواقع كله في لوحة وردية، ذلك أن الحقيقة تستلزم الوقوف أيضا عند ضعفنا كعائلة فكرية وسياسية أمام البطء الذي يعرفه مسار بناء الديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية، وهما ورشان تتداخل فيهما إرادات سياسية أخرى مختلفة عن إرادات ومرجعية الحزب.
علاوة على ذلك،فإن تموقع الحزب في الخانة الحكومية طيلة هذين العقدين، قد كرس لدى الرأي العام الوطني عامة وبعض القوى الاجتماعية المرتبطة عادة بالحزب صورة نمطية مختزلة مؤداها أن الحزب تخلى عن نضالاته أثناء تواجده في المعارضة، حيث لم يحسن الحزب سياسته التواصلية بالتأكيد على أن المشاركة في الحكومة إنما هي واجهة نضالية أخرى ليس إلا، محكومة ككل الواجهات النضالية بالإنجازات والتعثرات، دون أن يعفينا ذلك من ضرورة الاعتراف بأن الحزب، عبر هياكله وآلياته، لم يقم بالقدر الكافي بواجب التأطير للنضالات الجماهيرية بمختلف تعبيراتها.
– في ظل واقع سياسي مركب كان قرار المشاركة قرارا صائبا
الحقيقة تفرض القول إن الواقع السياسي المغربي واقع مركب، تهيمن عليه خريطة سياسية شديدة التعقيد، ميزتها الأساسية أنها تأوي أحزابا من طينات متنوعة في ظل نزوع الفصائل اليسارية (ومن ضمنها حزبنا) نحو التقهقر وفقدان عدة مواقع فكرية وتنظيمية وانتخابية، وفي ظل ظاهرة تنامي مواقع فصائل الإسلام السياسي، وفي ظل بروز أدوار جديدة لدى الأحزاب التي نشأت في الحضن الإداري.
إن هذه الخريطة السياسية هي التي تفرض واقعها على المسألة الحكومية، وهي التي تفرض علينا التذكير بأن مباشرة السياسة تعني التعامل مع الواقع كما هو وليس كما نريده أن يكون. بطبيعة الحال، شريطة أن يظل الهدف الأسمى هو تغيير هذا الواقع في أفق تحسين الأوضاع.
إن هذه المبادئ والمعايير هي التي اعتمدها الحزب في اتخاذ قرار المشاركة التي كانت في بعض الحالات أصعب من قرار الارتكان إلى المعارضة، ونخص بالذكر هنا المشاركة في حكومة بنكيران.
القسم الخامس
الوضع السياسي والفاعلون فيه
1- واقع معقد بترسانة قانونية تتطور وممارسة ديمقراطية تتراجع
إن إلقاء نظرة كاشفة، متوازنة على الواقع المغربي لا يمكنها إلا أن تلغي الأحكام المطلقة التي تنطلق من الإشهاد بالطابع المتقدم للترسانة القانونية، لإنكار الهفوات والتعثرات التي قد تحصل أثناء المسير، كما يجب رفض الانطلاق من التراجعات الحاصلة هنا أو هناك لإنكار التوجه العام الذي يبقى إيجابيا.
إن القيمة المضافة لتحليلنا هي التي تقف عند الظاهرتين المتلازمتين بكيفية منهجية. فسواء على صعيد الوثيقة الدستورية أو القوانين التنظيمية المكملة للدستور تبرز إرادة استكمال بناء نظام حداثي يمزج بين التراكمات الحضارية واقتباس معايير الحداثة.
بيد أن هناك حاجة ملحة للتشديد على أن المرحلة التاريخية الحالية تستوجب التقيد الصارم بمقتضيات إنجاح الانتقال الديمقراطي، مما يشترط التشبث بالتزامات الدولة الديمقراطية على صعيد كل ممارسي السلطة مركزيا وترابيا، ولاسيما أثناء المحطات الانتخابية التي أضحت اليوم تنفر من كل أشكال التأثير المباشر أو غير المباشر. إن هذا شرط أساسي لبعث الروح في المشاركة الديمقراطية التي تعاني أصلا من ظاهرة العزوف التي لا تبشر بخير.
2- مشهد حزبي في حاجة إلى ترشيد استقلالية القرار السياسي
من الركائز الأساسية للتنظيم الدستوري المغربي، إقراره منذ سنة 1962، بنظام التعددية الحزبية، وما رافق ذلك الإقرار، من اعتراف بالأدوار الدستورية والسياسية والمؤسساتية والاجتماعية للأحزاب بمناسبة الإصلاح الدستوري لسنة 2011. ويستتبع هذا الاعتراف المبدئي توفير كل الشروط المواتية كي تتمكن كل الأحزاب السياسية من القيام بكافة أدوارها في جو من المبادرة والحرية والاستقلالية طالما أنها تتقيد بكل صرامة، بالضوابط الدستورية للمملكة، وفي ذلك ربح للأحزاب أولا وللمسار الدستوري ثانيا ولإنضاج الممارسة الديمقراطية ثالثا.
إن الخط الأحمر الوحيد الذي يحظر تجاوزه هو ثوابت الأمة التي انتقل عددها من ثلاثة إلى أربعة في النص الدستوري الأخير حيث انضاف ثابت رابع هو الخيار الديمقراطي إلى الثلاثة الأوائل (الدين الإسلامي، الوحدة الترابية، النظام الملكي).
معنى هذا أن الحياة الحزبية ستكون مكملة وداعمة للحياة المؤسساتية التي ستغتني بما ستجلبه إليها الأحزاب، على اختلاف مشاربها، من أفكار وطاقات وخبرات وكفاءات، وإذا أخطأت فإن المغرب هو دولة مؤسسات تتوفر على ما يلزم من وسائل التصحيح التي تزخر بها الترسانة الدستورية والقانونية.
أما إذا فقدت الأحزاب شخصيتها المتفردة فإنها لن تصلح لشيء، لا على صعيد ممارسة العمل المؤسساتي ولا على صعيد الاضطلاع بأدوار الوساطة في أفق الإسهام في تسوية المشاكل عند حدوثها.
3 – مظاهر الاحتقان الاجتماعي في ملتقى الطرق بين السياسي والاقتصادي
تتسم الديمقراطية المغربية الناشئة بكونها مؤهلة لاحتضان كل أشكال التوتر الاجتماعي التي يعبر المواطنون من خلالها عن قلقهم أو مطالبهم في نطاق ممارسة حرية التعبير والتظاهر السلمي اللتين يقر بهما الدستور.
فالمغرب يتميز على العديد من الدول في نفس مستواه السياسي، بكونه يشار له كمثل في هذا الباب، إلا أن مظاهر الاحتقان الاجتماعي التي كثرت في الآونة الأخيرة، باتت تعالج في بعض الأحيان بشيء من النرفزة التي تكون مفتوحة على تطورات غير محمودة. وهذه ظواهر يتعين لفت الانتباه إليها بقصد وضع حد لها طالما أن المطالب الاجتماعية تستوجب معالجة اجتماعية حتى لا يدخل على الخط أصحاب الأجندات غير الاجتماعية المشبوهة.
إن المغرب في حاجة إلى منطق تفاعلي جديد في التعامل مع مسألة التظاهر السلمي. هذا المنطق يفرض على الدولة التقيد الصارم بالمقتضيات الدستورية والقانونية ذات الصلة، دون تشنج، ويفرض على المتظاهرين التقيد المطلق بمستلزمات التظاهر السلمي البعيدة عن العنف اللفظي وعن أي أعمال استفزازية لا تؤدي سوى للاحتقان غير المجدي باعتبار أن التظاهر ليس نهاية أو غاية في حد ذاته وإنما هو أسلوب جماهيري لتبليغ رسائل معينة ومدخل للحوار الذي هو آلية من آليات الممارسة الديمقراطية الناضجة.
4 – هيئات التأطير المجتمعي في حاجة إلى نَفَس جديد لإنعاش النموذج المغربي
الدولة العصرية يؤطرها نوعان من المؤسسات، مؤسسات تدبير السلطة ومؤسسات تأطير المجتمع التي لا تقل أهمية عن الأولى. وحزب التقدم والاشتراكية يعتبر أن مؤسسات تأطير المجتمع، نظرا للدور الهام الذي تلعبه في الساحة المجتمعية المغربية يجب أن تحظى بموقع متميز للنهوض بالحياة الاجتماعية والسياسية الديمقراطية، وخاصة الأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية التي يزخر بها المجتمع المدني، وهي بالنظر لما تقدمه لمؤسسات الحكامة من دينامية وتجديد، تستحق عناية أكبر من لدن السلطات العمومية كي تباشر أدوارها باستقلالية ومسؤولية ونجاعة من خلال بث نَفَس جديد فيها لإنعاش النموذج السياسي والاقتصادي المغربي.
كذلك يبرز الفضاء النقابي معانيا من نفس التعثرات التي تخيم على كل هيئات التأطير الاجتماعي، ومرد ذلك التراجع يعود إلى محاربة العمل النقابي في أفق التأطير وإلى التشتت الذي تعاني منه المركزيات النقابية وكذا إلى بروز ظاهرة جديدة هي "التنسيقيات" التي تزاحم العمل النقابي العادي، مما يفرض على حزب التقدم والاشتراكية واجب التأكيد مجددا على وحدة الصف النقابي في أفق توحيد عمله وترشيد أدواره.
5 – ضرورة بناء الثقة بين المؤسسات لتقعيد الفعل السياسي على مرتكزات متينة
تقوم مبدئيا الحياة الديمقراطية في الدول التي طورت هذا النموذج السياسي الراقي، على اقتسام السلطة بين الفاعلين الأساسيين، ذلك أن الأخلاق الديمقراطية تعني القبول بالأخر، والقبول بشرعيته، والقبول بجواز الاختلاف، والقبول بقواعد اللعب المشتركة (بالمعنى السامي لمصطلح " اللعب") والقبول بالتعايش في رقعة واحدة خدمة للمصلحة العامة، هذه هي الركائز الأخلاقية للديمقراطية التي لا تختزل في مجرد مباشرة التصويت مهما كان أساسيا.
أما في المغرب فإن "تنازع الشرعيات" منذ بدايات عهد الاستقلال في منتصف خمسينيات القرن الماضي، أفضى إلى سوء فهم تاريخي كبير بين الشرعية الملكية الضاربة في عمق التاريخ والشرعية الحزبية المكتسبة في النضال ضد الاستعمار ( حتى وإن كان هذا المعطى مقتسما مع الدور الوطني الذي لعبته المؤسسة الملكية).
هذا التنازع أدى إلى هدر زمن ثمين في مطلع الاستقلال وضيع فرصا ثمينة على البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إلى أن فتحت آفاق واعدة في منتصف السبعينيات بمناسبة معركة الوحدة الترابية في سياق ماسميناه "المسلسل الديمقراطي" الذي طور العملية السياسية المغربية في اتجاه بناء الجسور بين الشرعية الملكية والشرعية الحزبية والشرعية التحديثية الديمقراطية، حيث كان الهدف آنذاك هو تقعيد هذه الجسور على بناء الثقة كي تمارس السياسة دون خلفيات غير معلنة.
اليوم، وهذا هو بيت القصيد، المطلوب هو الاقتناع المشترك بأن الشرعية الحزبية ليست في تنافس مع الشرعية الملكية، بل هي في حاجة إلى هذه الأخيرة، كما أن الشرعية الملكية ليست في تنافس مضاد مع الشرعية الحزبية لأن الجميع مقتنع بأن كلا الشرعيتين تعانقان بعضهما البعض ضمانا للاستقرار الذي أضحى في المنطقة عملة نادرة يتعين تحصينه بما يلزم من الذكاء السياسي والانفتاح.
فقناعة الحزب الراسخة أن هذا هو المسلك الناجع لبناء التوافقات الحيوية الفاتحة للآفاق أمام مستقبل المغرب والمغاربة لأن النموذج السياسي والتنموي البديل يجب أن يكون توافقيا، مبنيا على الثقة أو لن يكون. لذا فإن حزب التقدم والاشتراكية عازم على بذل كل الجهود اللازمة للإسهام من موقعه السياسي في بلورة تلك التوافقات الخلاقة، المبنية على الثقة.
القسم السادس
ما العمل؟ في أي أفق؟ ومع من؟؛ مستلزمات استكمال تشييد الدولة الوطنية الديمقراطية
– الأفق الاستراتيجي لحزب التقدم والاشتراكية، بناء توافقات متقدمة في خدمة الوطن والمواطنين
حزب التقدم والاشتراكية يهيكل سياسته حول أفق استراتيجي مضبوط ولا يكتفي بصياغة مواقف تكتيكية تجيب على ظرفية عابرة، لأن عدم إدراج الفعل السياسي في بعده الاستراتيجي طويل الأمد يفقده كل معنى ويحوله إلى مجرد تحرك ميكانيكي منعدم الدلالة والنجاعة. هكذا فإنه حزب يروم البعد الديمقراطي مقاربةً سياسية، والبعد الإنساني مقاربةً اجتماعية والبعد التنموي مقاربةً اقتصادية ويعتمد المنهجية التوافقية مدخلا لنجاعة السياسات العمومية.
ويركز الحزب في هذا الصدد على آلية التوافق المتقدم لأنه آلية تقوم على استدماج الذكاء الجماعي للأمة، إيمانا منه بأنه لا مستقبل لمقاربة سياسية لا تحظى بالقبول من لدن فئات واسعة من الرأي العام، هذا مع العلم أن التوافق لا يعني الإجماع بقدر ما يعني الموافقة العامة على الإطار العام، بحيث ينخرط الجميع في التعامل الإيجابي مع المتوافق حوله مع احتفاظ كل الأطراف بحق التحفظ والاختلاف، بل والانتقاد، لأن التوافق لا يعني إلغاء الجدل الديمقراطي بل يمنحه جرعة من الوجاهة والنضج ويبعده عن التشنجات الزائدة.
ويعتقد حزب التقدم والاشتراكية جازما بأن هذه المقاربة المنهجية القادرة وحدها على فسح المجال رحبا أمام بناء موفق للدولة الوطنية لديمقراطية التي توسع إطار ممارسة الحقوق والحريات وتنشئ آليات الحكامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجيدة، من خلال توظيف خلاق لجدلية الإصلاح والاستقرار التي يتوفر المغرب على كافة المؤهلات للنجاح فيها، هي مقاربة توفر على المغرب المشاحنات السطحية العقيمة وتؤمن له النجاح في امتحان الانتقال الديمقراطي الذي يتغذى بتلك الجدلية التي يشدد عليها الحزب بقوة ويناشد مختلف القوى السياسية لاعتناقها.
– حزب التقدم والاشتراكية يمد يده لجميع القوى الوطنية الصادقة التي تشاطره هذه القناعات
بعيدا عن كل انغلاق، يمد الحزب يده لجميع القوى الوطنية الصادقة التي تقاسمه إيمانه بمستلزمات ثنائية الإصلاح في كنف الاستقرار، لتطوير منظومة الحكامة وبناء مجتمع العدالة الاجتماعية الديمقراطي الحداثي.
هذا موقف مؤداه أن الشرط الأول لبناء جسور العمل المشترك هو الاقتناع بثنائية الإصلاح والاستقرار التي تستبعد بطبيعة الحال كل الذين يكون الاستقرار المؤسساتي والسياسي خارج مرجعيتهم، كما أنه موقف يستبعد العمل المشترك مع من يشتغل خارج ثوابت الوطن التي يمنحها الدستور قوتها المرجعية وصلابتها القانونية، ويستبعد هذا الموقف الحزبي أيضا العمل مع من ليست له رغبة في تطوير منظومة الحكامة ومن ليست العدالة الاجتماعية ضمن اهتماماته.
إنها ضوابط مبدئية يستنير الحزب بها في الجواب عن سؤال"ما العمل؟"
كل هذا لأن الحاجة قد برزت بقوة، إلى نَفَس سياسي جديد بإصلاحات ديمقراطية متقدمة تفرض نفسها بقوة، نَفَس يكون قادرا على بعث دينامية سياسية جديدة في الفعل السياسي، ويطمئن لها الرأي العام ويسترجع بها حماسته التي فتحت له آفاق التفاؤل قبل حوالي عشرين سنة.
ولن يتأتى ذلك إلا باستئناف أوراش الإصلاحات لبناء النموذج السياسي المغربي.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.