خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    تغيير نظام كأس إفريقيا إلى أربع سنوات    أخنوش: نشاط حزبنا الميداني يأتي تنفيذا لتوجيهات الملك والإصغاء للمواطنين    العلمي: نجاح تواصل "الأحرار" يثير حنق منافسين.. حزب بناء لا مساومة        أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    بوريطة ولقجع وموتسيبي يفتتحون منطقة المشجعين بالرباط    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    إحداث مكاتب قضائية بالملاعب المحتضنة لكأس إفريقيا    الجيش ينشئ 3 مستشفيات ميدانية    حكيمي يطمئن الجماهير المغربية    الركراكي يدعو الجماهير لصنع الفارق: "بغيت المدرجات تهدر"    صحيفة تركية تصفع النظام الجزائري: القبائل لم تكن تاريخيا جزائرية    بابا الفاتيكان يستشير "كرادلة العالم"    سهرة في الرباط قبيل افتتاح "الكان"    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات ميدانية    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين        "جبهة دعم فلسطين" تدعو إلى التظاهر تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية التطبيع    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم السبت إلى الاثنين المقبل    تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المملكة    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    إيداع نزهة مجدي سجن العرجات بسلا    الانهيارات الصخرية والاضطرابات المناخية تجدد مطالب إحداث نفق "تيشكا" بين مراكش وورزازات    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    مطالب بتخفيض عمل أساتذة التعليم الابتدائي إلى 18 ساعة أسبوعيا    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    بريد المغرب يصدر طابعاً بريدياً تذكارياً احتفاء بمئوية مهنة التوثيق بالمغرب    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    كأس السوبر الإيطالية: بولونيا يضرب موعدا مع نابولي في النهائي بعد فوزه على إنتر    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    هاتوا الكأس للمغرب    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    هل تنجح فرنسا في تقنين وصول القاصرين إلى شبكات التواصل الاجتماعي؟    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    البورصة تبدأ التداولات على وقع الأخضر    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلافة البوح
نشر في بيان اليوم يوم 05 - 09 - 2021

عدت، وأعدت صواع البوح إلى قارعة الذكرى، منذ أن جف ريق الغيم في شتائه، ألملم أثوابه، وألبس للنبض رداء الخزامى، ثم أنام تحت ظلال كبريائي، وعجاف سنواتي اتقدت، وسبع شداد ما انتهت.
لترحل كل السفن مني إلي، كأغنية صوفية، والبوح يا "سلافة" كالشوق يتقاطر مع صوت خلخال الحنين، ليتلو قدسية النجوى، ويقول للآماق جودي، بإيقاع موسيقي مستقيم، وبلغة غير مفهومة، أحسها فألتحف قميصي المبتور، ويبقى المرفأ القديم حائلا معتما، يحيطني بظله، فأحس أن عينيي باردتان، وجسدي يرتعش، وسكون موحش ينمو كالبكاء يتساقط مني، وارتعاشات ثوب جوفي كستائر رثة، تواجه العواصف الشديدة.
لكنك لم تأت يا حلم !!
فهل تأتي حقا، ووجهك كدفقة الضوء التي لا تغيب، تبث في اللون الصافى الوجود من العدم.
فتحت لك في القلب نافذة، تطل على معبد الشوق، وبه سهر يقرح لحظ الدجى، عسى مواسم الحروف تأخذني لمعانقته ..
تبا، أخذتني فعلا للبحث عنه، في كل قصيد من البسيط، وفي كل قافية من المتواتر، ولطالما كنت محلقة في عشقي له، كلما تسلق الياسمين عنقي، وارتعش الزنبق بين أصابعي، وغفوت أُلاحق الظل، والطل، وبالكاد أطأ الأرض بأطراف بناني، كي لا أخدش تفاصيل ذكراك، عساني أدون كلمات كثيرا ما كانت محلقة في صلوات العيون.
أشتم عبق رائحته، فيلقي له قلبي فتاتا، كما العصافير حين تغرد على شرفات البوح.
رحيلك كان ظمأي العظيم، تشققت منه أرض الروح، وليست كل مكاتيب الغياب معطرة، فتذبل غصون الذكريات بين أضلعي، وتجف قوافي الشعر بين أناملي، وأنا المنتظرة لغيث هطولك، لأهرب من فجر يوقظني إلى ليل يسككني، ويأوي هذياني وأنيني ..
أركض في كل واد كطفلة تلاحق بالونات في مهب العمر، وأنا أهذي الآن فتتساقط الكلمات ككرات الزبد، ومن وراء آلاف الجبال أرنو إلى نبضي لتتحسس روحي أصابع الوقت، فتنثر على رملها الزجاجي الحلم والتعب.
نفضت عن ظفائري غبار الصمت الذي صار سيدي وعبدي، وأنا المشحونة بانفعالاته، وبهديره المخبأ، بجلجلة الصوت، كقبيلة زنجية تحي عمري بصوت محنوق وهي تبتهل.
أشعر بطواف نبضي حول قلبي، وأسأل روحي دائما أين قادتها الجلاميد، والأشواق، مغردة بين الأضلع معقودة.
فإذا بلغ نصاب الشوق كيف زكاته؟
كزنبقة تتمايل، وبعض حبات من النبض..
مع قطرات النسيم، يغمرني عطرها المتغلغل في شبابيك الفجر، فتشهق في داخلي المواجع، وقصيد بعمر الورد يتساقط كالندى الرطيب، يستريح على عتباتك، وينتهي على شرفاتي، ليتسلق عروق القلب كالنسمة الشاردة.
أطرق على نوافذي الحزينة، وحروفي تسابق السطور، تتكلل بأريج عطرها الأخاذ، فوثبت من مرقدي، لتموت القصائد إذا أثملها طيب شارد..
كثيرا ما وشت دموعي بسرها، حين تظمأ الروح للقياي، والقلب مبتسم فتنم العيون معترفة بليل يؤدلجه الحنين، فأخفي شوقي بجوانحي، عندما يغتال الحنين سبات عيناي، فيدمع العطر أحداق الحرف.
ويحدث في الليل، أن يصير قلبي، بذوراً محمّلة بالتراب، وعقلي مغموسا بالصداع، والروح غريد.
لطالما كان مسائي عاريا منكم، مركبه مثقوب، وأحلامه مرقعة بالأنين، أواري سوءة حنيني إليكم بثوب انتظاري المنهك، فيغص صوتي بالضياع لتخنقني ألف قصيدة، وقصيدة مجروحة الأوزان، ومن عيون الشعر أولد من جديد، كوتر يحن لاحتضان كمان، فضاع لحنه، ليجدل إحساسا مرهفا، وكل الشجن عالق في جذوع الأمنيات.
يا شريك تمردي، أناجيك بنداء يعقبه نداء، أتلو تراتيل أمنيتي الأخيرة، وأعزفها وجعا، وحزنًا، وترنيمة الجراح، كأهزوجة تهز الكون لتعلن الأبدية خلودي.
ويحدث في الليل، أن يصير وجودي مجرّد كلمة، مجوفة في الفراغ، خالية المعنى، لا معنى لها، ويحدث في الليل، أن تعلّق أناي بين أصابعي، مربوطةً بمرآتي ولست وحدي.
فأخاف ممن حولي أخاف الرحيل حين يلازمنى ولم يعد الوقت يسمح لي باجتياز أبواب النهار أو مناجاة كورساكوف فى ليلاه..
كثيرا ما رسمت على وجه الغياب ملامحي وأنا أتكئ على جراحي لأنامَ وفي خافقي لفحة ولوعة زادها طول انتظاري أرقا… ولم أجن إلا جوع صبري ومواسم من حنطة الشوق تهز جذع الغياب وترج قلبي ليندح حزني رطبا، فلا تظل أشجاني نائمة، ويكفيني ما ذهب من عمري وما غفى وكفى..
وأنا الضائعة في مكر الحوافز الشعرية، كأول قصيدة بمنتهى اللغات، وشرارة البوح، كأني منتكسة على شامات الوقت، لأصلح وحدتي وأريح آلتي الموسيقية فوق كل الشطآن..
وفي كل مناسبة أحاول فيها الإمساك بتلابيب قلبي، يكون القلم سبّاقاً ليرسم لي أجمل الصور، والمعاني، أعبد سطوراً مليئة بالفرح، والحزن على حد سواء، وأنا أتأرجح على أغصان اللهفة التي صنعها غياب روحي.
يؤرقني ظلام غيابي، ويضيق بروحي رحب الفضاء، والمدى متجمد الأطراف يتسول الدفء من بسمتي، كي تُكمم ثغر الريح الذي سرى صفيراً في جسدي، وأنا المطّلة على قلبي من جميع الجهات ..
تمشي فوق جسدي الدروب، وتجفّ على شجرة الغياب الطّويل أُغنيتي، ليعود صداها مبحوح الهتاف، من تعب الخيبة.
وحده العمر يوقد فيض انطفائي، يولع في حرائق الأيام اشتياقي، ويغمرني كالضياء ليسرج قناديل الوصل بأريج من عبق الغرام، وعلى شرفات الانتظار، يرتدي ثوب الاشتهاء، ليعانق صحوة ارتعاش الصبح، في أروقة المنى.
أمسك تارة ملامح قلبي، وأصابع محبتي تلك التي خذلها الربيع وخانتها أمنيات قدومه.
وأنا التي لم أغادرني إلا لأبقى كهدير رعد بين غياهب الغيوم كضوء يمر على الأشياء دون أن يلمسها كشمس تدور في فلكي كل نهار لتدفئ برد الشتاء العالق في حنجرتي..
مخنوقة أنا،
وكل أنفاسي تلهث من عبق الياسمين، أصحو كل ليلة بوخز كف ينتشلني بينما كنت في أحلامي أغرق في ظمأ الأمنيات.
قررت مرارا ارتشاف فنجان من الصبر.. لأترك حرفا منه يربت على كتف أنهكه الغياب.. فيفيض فنجانى بأمنيات مني قبل أن تكون لي.. لذلك أرتشف اللذة حينما يكون الطعم بنكهة الغياب .
فأظل أنا وانعكاسي، على صفحة الحياة أصغي إلى صداه بالليل، وضجر من صباي في صباي، وما كان وما فات، وما بقي وما لم يعد، يستغيث والقدر أصمٌ، لا طوق فيه للنجاة، حاضرة غائبة في حياتي، وحياتي تأبى السبات، تناجيني أم تناجي انعكاسي، وأنا في أسوإ حالاتي حين تداهمني نسور الشوق، كأنها تعانقني.
رغم انكسار الضوء على قلبي، ما زلت أرقب بدر وجه الحياة لينير كوني، وما زلت أواري شظايا الفرح، وأمضي أنا وانعكاسي على صفحة الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.