«في فصل الصيف الحار، يشكل القفطان المغربي رداء مريحاً وملائماً للنساء اللواتي يفضلن ارتداء الملابس المريحة وغير المكشوفة»، هذا ما تؤكده الباحثة في تاريخ الأزياء فاليري ستيل، مضيفة أن «القفطان يشكل بديلاً مريحاً للثياب الضيقة، وملائماً للنساء، سواء أكن نحيفات أو ممتلئات». وشهد القفطان تغييرات منذ البدء باستعماله في بدايات عهد الإمبراطورية الفارسية، إذ كان يتم ارتداؤه تحت البدلات العسكرية، وكان قماشه الذي كان يحتوي حينها على ألياف من الحرير، يمنع اختراق السيوف إلى أجساد الجنود على أرض المعركة. وتقول نيلو بايدار، المسؤولة في قسم الأقمشة وفنون الموضة في متحف إنديانابوليس للفنون في الولاياتالمتحدة الأميركية، والذي يحتضن إحدى أكبر مجموعات الأقمشة الإسلامية، إن كلمة «قفطان» بحد ذاتها تعني بالفارسية «الزي العسكري للجنود في القتال»، مشيرة إلى أن «القفطان ذُكر في الثقافة والشعر الفارسيين في فترة سبقت ولادة المسيح بحوالي 600 سنة، كما أتى الشاعر الفارسي أبو قاسم الفردوسي على ذكره في كتاب الشاهنامة، أو كتاب الملوك». ولكن كيف وصل القفطان إلى أوروبا؟ انتشر القفطان في شمال أفريقيا كلباس تقليدي أصيل. وخلال فترة الاستعمار، تزايد التواصل الثقافي للقارة الأوروبية مع الشرق، ودخل القفطان ضمن ثقافة الخزانة الأوروبية، إذ بدأ السفراء الأوروبيون في إسطنبول خلال فترة الحكم العثماني بتلقي القفطان كهدية منذ القرن السابع عشر، وكان رواج القفطان حينها جزءاً من «الاستشراق» الذي شهدته الإمبراطوريات الأوروبية في ذلك الوقت. وتقول بايدار إن «الإنكليز بالذات كانوا يحبون أن يظهروا باللباس العثماني، وهنالك عدد من اللوحات لهم تعود إلى ذلك الزمن، يظهرون فيها وهم يرتدون القفطان». وفي وقت لاحق من القرن الثامن عشر، غيرت أوروبا شكل القفطان، ليصبح لباساً مفتوحاً من الأمام عرف وقتها بتسمية «بانيان». وفي القرن العشرين، فتحت أوروبا المجال أمام فنانيها للتبادل الثقافي مع شمال أفريقيا، ليستوحي حينها مصممون فرنسيون، مثل بول بويرت، تصاميمهم من الشكل المغربي والجزائري للقفطان، وذلك لصنع معاطف وفساتين للسهرة للنساء الأوروبيات. وعندما بدأ النجوم الأوروبيون بالسفر إلى المغرب والهند في بداية ستينيات القرن الماضي، أعادوا معهم تقاليد الموضة الشرقية باسم النمط الروحي، لتتبنى دور الأزياء هذا النمط للنخبة فقط في البداية، وينتشر في صفوف عامة الناس من الناس في السبعينيات. واليوم، لا يزال القفطان رمزاً للموضة، ورداء مناسباً لكل جسد وكل موسم وكل عصر، لا سيما في بلاد المغرب التي عرفت كيف تروج له في العالم الغربي.