العالم مليء بالكؤوس والبطولات لكن لا كأس يضاهي المونديال سيبقى عام 2010 راسخاً في أذهان الأسبان وتاريخهم إلى الأبد، حيث شهد أول تتويج لمنتخب لاروخا بلقب كأس العالم وبعد طول انتظار. ولن ينسى إيكر كاسياس أبداً لحظة معانقة اللقب في جنوب أفريقيا، بعد مضي سنتين فقط على تتويج الحارس العملاق وقائد لاروخا بكأس أوروبا للأمم، ذلك اللقب الذي استعصى على أبناء شبه الجزيرة الأيبيرية على امتداد سنوات وعقود طويلة، وقد خص ابن التاسعة والعشرين موقع «فيفا كوم عربي» بمقابلة حصرية حلل فيها حصيلة هذا العام الخالد. * كما جرت العادة، اقترب وقت التكريم باقتراب نهاية العام. من برأيك يستحق التتويج بكرة الذهبية؟ - أعتقد أنها يجب أن تكون من نصيب لاعب إسباني. سيكون ذلك في غاية العدل والإنصاف. فقد بات اللاعب الأسباني يشكل مثالاً يقتذى به في السنتين الأخيرتين. لقد جرت العادة دائماً على تتويج اللاعبين بحسب مردودهم في المونديال، وإذا لم تُمنح الجائزة للاعب أسباني هذا العام، فماذا عساي أن أقول. * سبق لك أن كنت ضمن القائمة النهائية، لكنك لم تحصل أبداً على الجائزة، في رأيك لماذا يصعب تتويج حراس المرمى؟ - ستبقى الأمور كما هي عليه دائماً، وسيُتوج لاعبوا الميدان عوض حراس المرمى. أتفهم أن اللمسات الجميلة والتمريرات الرائعة والأهداف الساحرة هي ما ينال الإعجاب في كرة القدم، أما نحن الحراس فأسلوبنا مختلف تماماً ومهمتنا فوق أرضية الملعب مغايرة تماماً عن مهمة أي لاعب آخر. * لكن يكفي النظر إلى سجل أسبانيا هذا العام، إذ تُوج منتخبها بكأس العالم وكان الفريق الذي تلقى أقل عدد من الأهداف في البطولة بكاملها. قد يبدو من خلال ذلك أنك تستحق الجائزة أيضاً، أليس كذلك؟ - لقد أدينا جميعاً ما كان مطلوباً منا. وحتى على المستوى الدفاعي، بطبيعة الحال. من الأهمية بمكان الظهور بصورة قوية وتقليل فرص التهديف لدى الخصم. * هذا صحيح، فرغم أن أسبانيا تحظى بكل المديح والثناء على أداء لاعبيها في خط الوسط والهجوم، لما يمتازون به من تقنيات إبداعية عالية وقدرة هائلة على صنع الفارق، فإن خط الدفاع لم ينل ما نصيبه من الإشادة والتنويه، كيف تفسر ذلك؟ - يضم منتخبنا مدافعين ممتازين، إذ يوجد هناك مزيج بين لاعبين مخضرمين وآخرين في ريعان الشباب، وقد نجحوا في خلق انسجام واضح بينهم. أعتقد أنه من الضروري وجود تكامل بين جميع العناصر. * وماذا عن دافيد فيا، هل أصيب بالخيبة لتفويت فرصة الفوز بالحذاء الذهبي في المونديال؟ - نعم بالطبع، وخاصة بعدما أضاع ضربة الجزاء تلك أمام هندوراس. لكنه لاعب كبير، فقد أعطى الكثير لأسبانيا من خلال تسجيل أهدافه الخمسة. لقد سجل أهدافاً غاية في الأهمية، ولا يسعنا إلا أن نشكره على كل ما قدمه لمنتخبنا. * لم تتوقف تقريباً منذ موسم 2007/2008. فبالإضافة إلى مشاركتك مع ريال مدريد في مختلف المسابقات، كنت حاضراً مع المنتخب في بطولة أمم أوروبا وكأس القارات وكأس العالم. كيف تشعر الآن جسدياً وذهنياً؟ - صحيح أنه من الصعب الحفاظ على نفس النسق طوال كل هذه المدة، فمنذ 2008، لم نحصل إلا على فترات عطلة قصيرة خلال ثلاثة أعوام. لكن بعد التوقف عن اللعب والتمارين خلال 15 يوماً أو 20، أعتقد أن ذلك كافٍ لكي يرتاح البال وتكون جاهزاً للعودة إلى الملاعب. إن مهنتنا ممتعة. صحيح أنها مليئة بالامتيازات أحياناً، لكنها تتطلب تضحيات كبيرة أحياناً أخرى. أعتقد أن الأمور ستكون هادئة العام المقبل. * هل تغير شيء في حياتك بعدما أصبحت بطلاً لأوروبا والعالم؟ - من الطبيعي أن يحصل تغيير في حياتك، لأنك تصبح أكثر شهرة أينما ذهبت. والناس يحيونك بود وتقدير في كل مكان. أنا سعيد لكوني شاركت في تلك الإنجازات التاريخية التي أدخلت الفرحة في قلوب الملايين من الناس. * لا شك أن حمل شارة قيادة هذا المنتخب يترتب عنه شعور لا يقاوم، أليس كذلك؟ - بالفعل، إنه شعور لا يقاوم. إنه لشرف عظيم أن أقود هذا المنتخب الذي يزخر بنجوم كبار ولاعبين من الطراز العالي. إنني فخور بانتمائي إلى هذا الجيل الذي كُتب له أن يعيش لحظة مجيدة كهذه التي نعيشها اليوم. لقد جاء الفرج بعد طول معاناة في مرحلة توالت فيها الخيبات والانتكاسات. تتغير الأحوال أحياناً، وقد جاء الدور علينا لتتغير أحوالنا. * ما هي أبرز الذكريات العالقة في ذهنك بعد نهائيات جنوب أفريقيا 2010؟ - التعايش فيما بيننا، وأجواء البطولة، وروح الفريق، واللحظات العصيبة التي مررنا بها عقب هزيمتنا أمام سويسرا وما ترتب عنها من انتقادات لاذعة بعدما كان يُنظر إلينا كأكبر المرشحين للفوز بالبطولة. لقد التزمنا الصمت، وفضلنا التركيز على مبارياتنا. وشيئاً فشيئاً، بدأنا نشق طريقنا بثبات. العالم مليء بالكؤوس والبطولات، لكن لا كأس يضاهي كأس العالم. * هل خاب أملك بعد الصورة التي ظهر بها منتخب هولندا في النهائي؟ - لا، أبداً. لقد ظهر الهولنديون بمستوى رائع في البطولة، ولعبوا كرة قدم جميلة، لكنهم واجهوا في المباراة النهائية منتخباً أسبانياً يعرف جيداً كيف يتحكم في الكرة ويسيطر على مجريات اللعب، مما اضطرهم إلى البحث عن الطريقة المثلى لإيقافنا، فجربوا تلك الطريقة، لكنها لم تنفعهم في شيء. * بغض النظر عن النجاح الأسباني، ما هو المنتخب الذي أثار إعجابك في تلك النهائيات؟ - ألمانيا أعتقد أنها تملك منتخباً قوياً للغاية. بفضل المواهب الشابة التي يزخر بها والطريقة التي خاض بها البطولة، ناهيك عن الكيفية التي فاز بها على خصوم من العيار الثقيل مثل إنجلترا والأرجنتين. أعتقد أنه سيكون المنتخب الأكثر نجاحاً بعد سنتين من الآن. * وما هو المنتخب الذي خيب ظنك في جنوب أفريقيا؟ - فرنسا، بالنظر إلى الطريقة التي سقطت بها، وحتى إيطاليا التي خرجت من الدور الأول. إن إقصاء طرفي نهائي 2006 بهذا الشكل المبكر يوضح أن الأمور تتغير بسرعة في عالم كرة القدم. وهذا درس مفيد للجميع، إذ يمكن لأي منتخب أن يلقى نفس المصير. * بعدما فزت بكل شيء مع المنتخب وبرفقة النادي، ما هي تحدياتك المستقبلية؟ - أريد أن أواصل الفوز بكل شيء ممكن. إن هدفنا الآن يتركز على العودة إلى بطولة أمم أوروبا والحفاظ على لقبنا القاري. * دعنا ننتقل إلى الحديث عن النادي. فقبل عام ونصف تقريباً، وبالضبط عقب خروج ريال مدريد من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، كنت قد شددت على ضرورة امتلاك لاعبين قادرين على التنافس في المسابقات الأوروبية. هل أصبحتم تملكون هؤلاء اللاعبين؟ - هناك لاعبون قادرون على التنافس، وهم لاعبون في ريعان الشباب وتحذوهم رغبة جامحة في تأدية واجبهم على الوجه الأمثل وبكل تفانٍ وإخلاص. إنهم يستمتعون باللعب في هذا الفريق، والأجواء جيدة داخل المجموعة. سنرى إلى أي نقطة يمكننا أن نصل هذا الموسم، إذ تحذونا رغبة جامحة في الذهاب بعيداً في هذه المسابقة. * لا شك أن رحيل راؤول وغوتي أثر فيك شخصياً. بصفتك خريج أكاديمية ريال مدريد وقائد الفريق الأول، ألك أن تخبرنا عن الطريقة التي مر بها خروج هاذين المخضرمين وكيفية تعامل المجموعة مع الوضعية الجديدة؟ - شخصياً، أحسست بشيء من الحزن لأنهما قدما الشيء الكثير لريال مدريد، وقد لعبت إلى جانبهما أزيد من عشر سنوات. لكنهما اختارا طريقاً آخرا ويجب أن نحترم قرارهما وأن نتمنى لهما حظاً موفقاً. إنهما يعرفان أن ريال مدريد يُعد بيتهما الثاني وستظل أبوابه دائماً مفتوحة في وجهيهما. * هل يُمكن القول إنك أصبحت تمثل رمز ريال مدريد بعد رحيلهما؟ - حسناً، ربما هذا راجع فقط لأني أَقْدَمُ عنصر في صفوف الفريق من ضمن اللاعبين الموجودين حالياً. لقد أمضيت ما يناهز 20 عاماً في خدمة ريال مدريد. إذا فضل أحد أن يعتبرني رمز ريال مدريد، فلا بأس في ذلك، علماً أن الفريق يضم عدداً من اللاعبين الذين بإمكانهم أن يلعبوا نفس الدور. * من خلال تجربتك، ما هو أسوأ شيء يمكن أن يقع في مسيرة لاعب كرة القدم المحترف؟ - ربما ما يشعر به أهلك ومن حولك من إحراج جراء بعض الانتقادات الموجهة إليك. قد لا يؤثر ذلك فيك أنت شخصياً، لكن من شأنه أن يلحق الضرر بمن حولك.