الأمومة و الأبوة، يا له من إحساس فريد و عميق... إحساس يجعل الألم يذوب و التعب يهون ، والسهر يحلو عند طلة على محيا الطفل وهو يغوص في نومة هنية. كم تساوي فرحة الآباء بأول كلمة يتفوه بها الطفل؟ وكم تساوي لهفة الآباء على أول خطوة يخطوها الطفل؟ وبكم تقدر ابتسامة الآباء عند كل تعثر يتعثره الطفل قبل تعلم المشي؟ وكم تزن لحظة عناق بين طفل وأمه أو أبيه؟ّ نكبر و نكبر و نظل صغارا في أعينهم... تضايقنا رقابتهم و مساءلاتهم التي لا تكل و لا تمل... نثور على أنفسنا؛ نحلم بيوم نكسب فيه استقلاليتنا و حريتنا؛ ثم نعود إليهم طائعين، فهم لنا سند ونحن بذلك من المتيقنين... نستشيرهم و نتلذذ بمعاكستهم و نحن مدركون أنهم صائبون و أننا خاطئون. هكذا نحن، أطفال في حضرتهم. زرعوا فينا بذرة الأدب والحياء، ربونا على مكارم الأخلاق واحترام الآخر؛ قيم نبيلة تلك التي غرسوها فينا قبل أن نخرج للمجتمع؛ المجتمع... يا ليته كان امتدادا للأسرة لكنه ليس كذلك و ذاك موضوع آخر... علمونا المثابرة والتحصيل، يفرحون لنجاحنا فنبادلهم الفرح، و يحزنون لفشلنا فنأخذ الأمور ببساطة، ظاهريا، حتى نخفي عنهم إحساسنا بخدلانهم. فمن أصعب لحظات العمر، لحظة مواجهة الآباء بعد فشل ونتائج مخيبة، لحظة التقاء الأعين وما يسبقها من بحث مضن عن كلمات متناثرة تجيب عن أسئلة لا تحتاج إلى أجوبة بقدر ما تعكس إحساسا بخيبة الأمل. هكذا هم الآباء الذين يحيون من أجل أبنائهم و يحلمون برؤيتهم في أعلى المراتب. فباسمي و اسمكم جميعا أقول:" شكرا بابا...شكرا ماما..." عدد حبات الرمل و عدد نجمات السماء و عدد ذرات الكون؛ و لعل هذا غير كاف، فأسأل الله أن يجازيكم خير الجزاء.