عرف مسلسل تنصيب أعضاء المجلس الوطني للصحافة عدة اختلالات، منذ البدء في التحضير لانتخابات ممثلي المهنيين، مرورا بعملية التصويت ووصولا إلى انتخاب رئيس هذه المؤسسة ونائبته، يوم الجمعة المنصرم.. وإذا كانت الرأي العام قد واكب الاختلالات التي شابت هذا المسلسل، في مراحله الأولى، وذلك من خلال احتجاجات حركة "صحافيون من أجل نقابة ديمقراطية"، والتي نقل أصداءها الإعلام الوطني والدولي، فإن عملية انتخاب(أو لنقل تنصيب) يونس مجاهد كرئيس للمجلس وفاطمة الزهراء الورغيلي نائبة له، لم يتم التطرق إلى ما شابها من خروقات للقانون، رغم ما واكب العملية من احتجاجات من خلال الوقفة التي نظمها الصحافيون امام مقر وزارة الإتصال حيث كانت تجري عملية "التنصيب" على قدم وساق، ليتم بذلك دقّ آخر مسمار في نعش المجلس..
الخرق السافر الذي تم ارتكابه يتعلق بإجراء "انتخاب" الرئيس ونائبه في غياب للمجلس الوطني للصحافة، حيث ان من أشرف على العملية إكتفى بحضور 20 عضو من أصل 21 عضوا التي يتكون منها المجلس، طبقا لمقتضيات القانون13-90 المؤسس للمجلس.. وقد تم انتخاب يونس مجاهد بمجموع 12 صوتا من أصل 20، فيما حصلت فاطمة الزهراء الورغيلي عن فئة الناشرين على 11 صوتا.
وتنص الفقرة الرابعة من القانون 13-90 على أن المجلس الوطني للصحافة يتألف من واحد وعشرين (21 )عضوا موزعين على النحو التالي:
أ-سبعة (7 )أعضاء ينتخبهم الصحفيون املهنيون من بينهم ؛ ب- سبعة( 7 )أعضاء ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم ؛ ج- سبعة (7 )أعضاء من بينهم : • ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ؛ •ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ؛ •ممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية ؛ •ممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب ؛ •ممثل عن اتحاد كتاب المغرب ؛ • ناشر سابق تعينه هيأة الناشرين الأكثر تمثيلية ؛ •صحفي شرفي تعينه نقابة الصحفيين الأكثر تمثيلية.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 5 من القانون 13.90، على أن أعضاء المجلس ينتخبون "رئيسا للمجلس ونائبا للرئيس من بين ناشري الصحف والصحفيين المهنيين، على أن يراعى في المنصبين تمثيل كل من فئة الصحفيين المهنيين وفئة ناشري الصحف، ويخضع المنصبان للتناوب كل سنتين بين ممثلي هاتين الفئتين."
من خلال هذه المقتضيات يتضح ان المجلس هو الذي ينتخب الرئيس ونائبه، أي الأعضاء 21، وليس 20 او أقل من ذلك، لأن المجلس يتكون من 21 عضوا، ومادام النص القانوني لم يتطرق إلى حالات غياب احد الأعضاء، كما حصل يوم الجمعة، فإن اللجنة التي أشرفت على عملية التنصيب ومعها وزارة الاتصال باعتبارها القطاع الإداري الوصي، ليس من حقهم تغيير القانون والتشريع مكان البرلمان، لأن المشرع عندما حضّر القانون 13-90 كان يعرف بان المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية لم يتم إعداد النصوص القانونية المؤسسة له، وبالتالي فإن فرضية غياب ممثل عنه خلال تشكيل أعضاء المجلس الوطني للصحافة، كان واردا، بالنظر إلى ما يطرحه من إشكالات القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وارتباطه بالقانون التنظيمي للامازيغية كلغة رسمية..
ثم إن المشرع، وفي استشعار منه بإمكانية تأخر تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، قبل تنصيب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، أفرد المادة 56 من القانون 13.90، لحل هذه الإشكالية، حيث نصت مقتضيات هذه المادة بالحرف أنه "طبقا للفصل 178 من الدستور وفي انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يعين العضو القاضي بالمجلس من لدن املجلس الأعلى للقضاء."
هذا التنصيص، يكشف عن بعض الغموض وربما الخلل الذي يكتنف مواد القانون 13-90 ، إذ ان المشرع كان حريا به ان يفرد مادة حول العضو الممثل للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مادام يعرف منذ البداية صعوبة تنصيب هذا المجلس قبل عملية تنصيب المجلس الوطني للصحافة، خاصة انه افرد مادة مماثلة بالنسبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي لم يتم تنصيبه إلى شهر نونبر 2017..
سكوت المشرع عن هذا الإشكال، وعدم اسكمال لائحة اعضاء المجلس الوطني المكونة من 21 عضوا، وضع اللجنة المشرفة على تنصيب المجلس امام إشكال قانوني، ومعها وزارة الاتصال وقد تم الالتفاف على هذا الإشكال بتجاهله وهو خرق للقانون المؤسس للمجلس، إذ ان مقتضيات هذا الأخير لا تتحدث عن حيثيات التنصيب في أول مرة بل افردت احتمالات عدم اكتمال النصاب القانوني خلال اجتماع المجلس، في المواد 7 و8 من القانون، وهي مقتضيات تتحدث عن المجلس بعد التكوين أي بعد اكتمال تنصيب الرئيس ونائبه واللجان إلخ..