يشكل المسلمون ما يقرب نصف سكان سبتة ومليلية الواقعتين بالأراضي المغربية والمحتلتين من طرف إسبانيا. مؤخرا اندلعت شبه أزمة بين حكومة ومدريد والرباط عقب استدعاء سفيرة المغرب بالعاصمة الاسبانية للاحتجاج على تصريحات رئيس الحكومة المغربية الذي قال أن المغرب بعد الانتهاء من ملف الصحراء سيفتح ملف المدينتين المحتلتين. تصريحات رئيس الحكومة المغربية واستدعاء السفيرة "كريمة بنيعيش" حاول الحزب القومي اليميني "فوكس" الركوب عليه ودغدغة مشاعر الشعب الإسباني والضغط على حكومة مدريد حين خرج زعيمه بتصريح استفزازي ادعى فيه أن سبتة ومليلية إسبانيتين قبل وجود المغرب. المسلمون بسبتة غالبيتهم العظمى من أصول مغربية ولهم امتداد وارتباط بالبلد الأم، بل أن بعضهم جاهر بالولاء للملكية وإمارة المؤمنين بالمغرب مثل المرحوم الحاج" محمد علي حامد" الذي كان يرأس جماعة المسلمين بالمدينة وفيدرالية الجماعات الإسلامية بإسبانيا، وهو الشخصية التي تعرضت لضغوطات من طرف حكومة اليمين بالمدينة وحاولت مرار تقويض مشروعه للحفاظ على هوية المدينة الإسلامية-المغربية ودعمت جمعيات إسلامية أخرى من أجل استقلال قرارها الديني عن المغرب وعدم الدعاء لملك المغرب بصفته أمير المؤمنين بالمساجد. المرحوم الحاج محمد علي حامد وفي إطار الصراع المغربي الإسباني على الحقل الديني، تقوم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتمويل 34 مسجداً في سبتة (من أصل 42 مسجد)، وتدفع رواتب 95 قيما دينيًا في سبتة و 58 آخرين في مليلية، وفقًا البيانات الرسمية للوزارة. وتحاول حكومة مدريد والحكومة المحلية تقويض أي امتداد للمغرب على المستوى الديني بالمدينة لقطع الصلة بين مسلمي المدينة وبين البلد الأم. في سبتةالمحتلة يمارس المسلمون شعائرهم بحرية رغم محاولات التضييق التي يتعرضون إليها وخاصة عندما يتعلق الأمر بشعيرة "عيد الأضحى". كما أن أغلب الطقوس والعادات الدينية متوارثة عن الأجداد بالمغرب، حيث بنزهة صغيرة في شوارع حي "برينسيبي" ذي الغالبية المسلمة تتناول الشاي أو الطاجين أو الكسكس معدة على الطريقة المغربية المتجذرة في الأسواق والمطاعم. - Advertisement - حلوة الثمر والشاي المغربي في مدينة سبتةالمحتلة، يقف مسجد سيدي مبارك الأكبر في المدينة، بمئذنته ذات اللونين الأخضر والأبيض، ويتم فيه إقامة الصلوات الخمس يوميا والحفلات الدينية لذكرى المولد النبوي. وبجانب المسجد توجد المقبرة الإسلامية حيث يدفن المسلمون موتاهم وفق الشعائر الدينية المعروفة. حكومة اليمين بزعامة الحزب الشعبي التي تهيمن على الحقل السياسي بالمدينة، تعي جيدا أن مسلمي المدينة مرتبطون تاريخيا ودينيا بالمغرب، لذلك فهي تحاول جاهدة التصدي لهذا الانتماء عبر دعم الجمعيات الإسلامية التي تتبنى مشروع الاستقلال الديني عن المغرب والارتباط بالتبعية للشرق وتتلقى تمويلات ضخمة ومساعدة من المخابرات الإسبانية في هذا الإطار. وفاة السوري "رياج طاطري" الذي كان يترأس فيدرالية الجماعات الإسلامية والمدعوم من إسبانيا والشرق والموالي لأطروحة العداء الديني للمغرب، خلخل حسابات الدولة الإسبانية والحكومة المحلية بسبتةالمحتلة والتي باتت تتخوف من دخول المغرب سباق تزعم الفيدرالية ودعم مرشحها على غرار المرحوم الحاج "محمد علي حامد". الراحل رياج طاطري يقدم الولاء لملك إسبانيا وعلى الرغم من عداء اليمين بسبتةالمحتلة لكل ما هو إسلامي ومغربي، إلا أن عددا هاما من المسلمون بالمدينة يدينون بالولاء الديني للمغرب ويصرون على مواجهة جميع الإجراءات والمحاولات والقوانين التي تحاول اعتراض هذا الانتماء أو طمس المعالم والهوية والآثار الإسلامية-المغربية بالمدينة.